مسرحية «سورية» فسحة من الأمل في زمن الحرب

تشكلت نتيجة ورشة عمل مكثفة مع لاجئات

مشهد يجمع عدداً من اللاجئات السوريات يروين فيه حكايات من بلادهن
مشهد يجمع عدداً من اللاجئات السوريات يروين فيه حكايات من بلادهن
TT

مسرحية «سورية» فسحة من الأمل في زمن الحرب

مشهد يجمع عدداً من اللاجئات السوريات يروين فيه حكايات من بلادهن
مشهد يجمع عدداً من اللاجئات السوريات يروين فيه حكايات من بلادهن

ثمانية أسابيع من التمرينات والتحضيرات استغرقتها المخرجة فرح ورداني، لتنفيذ مسرحية «سورية»، تشارك فيها 9 نساء من اللاجئات السوريات ما بين عمر 16 و42 سنة. ويأتي هذا العمل نتيجة ورشة عمل مكثفة قامت بها منظمة «نساء اليوم» بالتعاون مع مؤسسة «سيناريو»، شملت نساء وفتيات سوريات عشن الموت والأمل والسجن والنجاح في زمن الحروب. «لقد أردناه عملاً موجهاً لجميع الفئات من الناس ليشاركوا تلك النسوة همومهنّ ويتعرفون إلى هواجسهن وطموحاتهن».
تقول نقية إبراهيم المسؤولة في مؤسسة «سيناريو» وتتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إنّها مسرحية تنقل قصصاً واقعية عاشتها تلك النسوة بحلوها ومرّها، فكانت بمثابة فرصة للبوح بها وعلى طريقتهن»... موضوعات مختلفة تتناولها المسرحية النابعة من واقع حياة عاشته 9 نساء لاجئات منذ اندلاع الحرب في بلادهن مروراً بعملية هروبهن من نيرانها ووصولاً إلى المخيمات التي استضافتهن في لبنان.
وعلى الرغم من أن بعضهن تردّد قبيل المشاركة في هذا العمل كونهن ينتمين إلى بيئة محافظة ترفض دخولهن مجال الفن، فإنهن وافقن فيما بعد على القيام بهذه التجربة بعد أن اقتنعن بالإيجابيات التي ستحملها لهن... «لقد أجرت التمرينات والتحضيرات لهذه المسرحية تغييرات كثيرة على النساء المشاركات فيها وقد لوحظ عليهن ذلك بشكل مباشر».
تقول مخرجة المسرحية فرح ورداني في سياق حديثها وتضيف: «حتى إنّ أفراد المنظمة (النساء الآن) التي تعاونا معها في هذا الصدد، لاحظن هذا الأمر، فصرن يتمتعن بشخصية قوية ويعبرن من دون خوف عن مكنوناتهن وشعورهن وآرائهن في أمور مختلفة كنّ في الماضي يرفضن التحدث عنها».
9 نساء من أعمار مختلفة أصغرهن تولين (16 سنة) ولدت بينهن الألفة والمودة بعدما كنّ شبه غريبات في علاقاتهن مع بعضهن. «لقد حصل تقارب بينهن وصرن يتبادلن الأحاديث معاً، حتى إنّ بينهن من أخذت على عاتقها رواية قصة الأخرى التي لم تستطع التعبير عنها». توضح فرح لـ«الشرق الأوسط».
ولكن هل تأتي هذه المسرحية من ضمن عناصر «علاج بالدراما» (دراما تيرابي) الذي سبق واعتمدت مع سجناء رومية من قبل زينة دكاش؟ ترد فرح: «لا نحن هنا لسنا بصدد علاج مرض ما، بل عملنا على حالات معينة لتحسين (الأنا) فيها بعدما كانت شبه ملغاة لدى هؤلاء النساء».
50 دقيقة من المونولوغ وبعض الحركات التعبيرية، إضافة إلى الغناء، تؤلف مجتمعات أحداث هذه المسرحية، التي سيبدأ عرضها في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، و1 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في الجامعة الأميركية ببيروت.
«صرتُ اليوم أعرف تماماً ماذا حصل معنا منذ هروبنا من بلادنا حتى وصولنا إلى هنا، إذ كنت في الماضي أرفض مقاربة هذا الموضوع ولو من بعيد»، تقول ليلى إحدى النساء المشاركات في المسرحية، التي تروي فيها تجربة هروبها من سوريا مع أهلها وأنواع الشجر التي مررنا بها إضافة إلى الغربة التي عاشتها في لبنان بداية. أما ولاء فهي تروي قصة غرض عزيز عليها تركته في بلدها سوريا وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أثرت فيّ كثيراً مشاركتي في هذه المسرحية فتصالحتُ مع نفسي بعدما كنت معزولة عن الآخرين أرفض الاحتكاك باللبنانيين معتبرة مجتمعهم لا يشبه مجتمعنا السوري بتاتاً، أمّا اليوم فاختلف الأمر كلياً وصرتُ أحب التحدث مع هذا الشعب المضياف والمنفتح في آن».
هناك واحدة من الفتيات المشاركات في المسرحية تعرضت لموقف محرج وخطير أثناء نزوحها من بلادها، استطاعت بعد مشاركتها في هذا العمل التحدث عن تفاصيله من دون حرج أو كآبة، فاختفت آثار الشعور بالذنب التي كانت تتحكم بها. تروي فرح التي لاقت صعوبة كبيرة في تنفيذ هذا العمل نظراً للوقت القصير الذي سُمح لها به لتمرين النساء المشاركات فيه. وأوضحت فرح: «لقد واجهتُ أيضاً صعوبة تفاوت المستوى العلمي بينهن، فسادت الحساسية بينهن، خصوصاً أنّ بعضهن لا فكرة لديهن مثلاً عن الصراعات السياسية الحاصلة في بلادهن».
قصص واقعية ممزوجة بمشاهد دمى متحركة وحركات جسمانية ومهارات وتقنيات كثيرة، سيستمتع مشاهدها بمتابعتها في هذا العمل الذي يسوده الترابط في هيكليته وليس في القصص والنصوص التي تحتويها. وتقول اللاجئة السورية عبير إحدى المشاركات في المسرحية: «في الماضي لم يكن لدي سوى قلمي ودفتري أعبر من خلالهما عن مكنوناتي في الخفاء، أمّا اليوم فصرتُ أعرف كيف أوصل صوتي للآخر ضمن مساحة آمنة عرّفتني عليها مشاركتي في (سورية)، وبفضل مخرجة العمل فرح».



مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
TT

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)

اختتم مهرجان «العلمين الجديدة» نسخته الثانية بحفل غنائي للمطرب المصري الشاب ويجز، الجمعة، بعد فعاليات متنوعة استمرت 50 يوماً، ما بين حفلات غنائية وموسيقية وعروض مسرحية، بالإضافة إلى أنشطة فنية ورياضية متعددة.

وشهدت النسخة الثانية تعاوناً بين إدارة المهرجان والهيئة العامة للترفيه، ممثلة في إدارة «موسم الرياض»، بتقديم عروض مسرحية في العلمين قادمة من «موسم الرياض»، من بينها مسرحيات «السندباد» لكريم عبد العزيز، ونيللي كريم، و«التلفزيون» لحسن الرداد، وإيمي سمير غانم، إلى جانب حفلات غنائية منها حفل الفنان العراقي كاظم الساهر.

ومنحت الشراكة بين «موسم الرياض» و«العلمين الجديدة»، زخماً كبيراً للفعاليات، حسب الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: إن «تقديم العروض المسرحية يُعدّ من أهم الإضافات التي شهدها المهرجان في نسخته الثانية العام الحالي، خصوصاً مع وجود نجوم كبار شاركوا في هذه العروض».

عمر خيرت مع إسعاد يونس ضمن فعاليات المهرجان (إدارة المهرجان)

وأضاف عبد الرحمن أن «من بين الأمور المميزة في العروض التي تضمّنها المهرجان عدم اقتصار المسرحيات على النجوم، ولكن أيضاً على الشباب، على غرار مسرحيتي (الشهرة)، و(عريس البحر)، وهما العرضان اللذان لاقيا استحسان الجمهور، ما انعكس في نفاد تذاكر المسرحيات خلال ليالي العرض».

يدعم هذا الرأي الناقد الفني خالد محمود، الذي يشير إلى أهمية التعاون بين الجانبين بما ينعكس إيجاباً على المحتوى الفني المقدم للجمهور، مشيراً إلى أن «في النسخة الثانية من مهرجان (العلمين الجديدة) تحقق جزء كبير من الأحلام والطموحات التي جرى الحديث عنها بعد انتهاء الدورة الأولى، عبر مشاركة نجوم عرب في الحفلات على غرار ماجدة الرومي، وكاظم الساهر، بعد غياب لفترة طويلة».

وأشار محمود إلى «تنوع الحفلات الغنائية والفعاليات المصاحبة للمهرجان، خصوصاً فيما يتعلّق بالاستعانة بفرق الفنون الشعبية من مختلف المدن المصرية لتقديم عروضها في المهرجان بحفلات متنوعة»، لافتاً إلى أن «غياب البث المباشر للحفلات كان بمثابة نقطة ضعف لا بدّ من تجاوزها في النسخة المقبلة».

وتضمن المهرجان، الذي افتتح حفلاته الغنائية محمد منير في يوليو (تموز) الماضي، فعاليات جماهيرية كثيرة، منها الاحتفال بأبطال مصر الحاصلين على ميداليات في دورة الألعاب الأوليمبية، بالإضافة إلى إطلاق فعاليات مهرجان «نبتة»، الذي قدم أنشطة فنية وترفيهية للأطفال بمشاركة فنانين، من بينهم أحمد أمين وهشام ماجد.

محمد منير خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

ومن بين الحفلات الفنية الكبرى التي شهدها المهرجان، حفلات عمرو دياب، وتامر حسني، وعمر خيرت، وفريق «كايروكي»، بجانب تصوير عشرات الحلقات التلفزيونية مع نجوم الفن من مصر والعالم العربي الذين شاركوا في المهرجان.

وشهدت سماء مدينة العلمين الجديدة عروضاً جوية بالطائرات في الأيام الأخيرة للمهرجان، فيما قدمت فرق متعددة من جهات وأقاليم مختلفة عروضاً مجانية لمسرح الشارع.

إحدى فرق الفنون الشعبية ضمن فعاليات المهرجان (إدارة المهرجان)

وأعلنت «اللجنة العليا» للمهرجان، في بيان، السبت، انتهاء الفعاليات بعد تحقيقه «خدمة توعوية وتثقيفية وسياسية وتنموية ومجتمعية للدولة المصرية وأبنائها بتنفيذ عدد غير مسبوق من الفعاليات الشاملة، ومشاركة جميع أطياف المجتمع المصري وفئاته العمرية والصحية والاقتصادية والتعليمية، واستقبال زوار من 104 جنسيات لدول أجنبية، وكذلك عدد كبير من المسؤولين والدبلوماسيين العرب والأجانب».

ويتوقف محمد عبد الرحمن عند إعلان المهرجان تخصيص 60 في المائة من الأرباح لدعم فلسطين للتأكيد على أن «تأثير المهرجان ليس فنياً ترفيهياً فقط، بل يحمل رسالة مجتمعية مهمة».

ويشير خالد محمود إلى «ضرورة استفادة المهرجان مما تحقّق على مدار عامين بترسيخ مكانته بين المهرجانات العربية المهمة، الأمر الذي يتطلّب مزيداً من التوسع في النُّسخ المقبلة التي تتضمن التخطيط للاستعانة بنجوم عالميين لإحياء حفلات ضمن فعالياته».