وزير يطمئن عائلات 260 مغربياً عالقين في ليبيا... ويعد بإرجاعهم للوطن

انطلاق المنتدى الثاني للمحامين المغاربة في المهجر بأغادير

صورة تذكارية لوزيري العدل والجالية المغربية بالخارج وشؤون الهجرة مع المحامين المغاربة المشاركين في المنتدى الذين قدموا من داخل المغرب وخارجه («الشرق الأوسط»)
صورة تذكارية لوزيري العدل والجالية المغربية بالخارج وشؤون الهجرة مع المحامين المغاربة المشاركين في المنتدى الذين قدموا من داخل المغرب وخارجه («الشرق الأوسط»)
TT

وزير يطمئن عائلات 260 مغربياً عالقين في ليبيا... ويعد بإرجاعهم للوطن

صورة تذكارية لوزيري العدل والجالية المغربية بالخارج وشؤون الهجرة مع المحامين المغاربة المشاركين في المنتدى الذين قدموا من داخل المغرب وخارجه («الشرق الأوسط»)
صورة تذكارية لوزيري العدل والجالية المغربية بالخارج وشؤون الهجرة مع المحامين المغاربة المشاركين في المنتدى الذين قدموا من داخل المغرب وخارجه («الشرق الأوسط»)

قال عبد الكريم بن عتيق، الوزير المنتدب المكلف الجالية المغربية في الخارج وشؤون الهجرة، إن الوزارة تعمل بصمت منذ شهر مع قطاعات أخرى من أجل عودة 260 مغربيا عالقا في ليبيا إلى وطنهم.
ووصف بن عتيق في كلمة مرتجلة ألقاها بأغادير أمس خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الثاني للمحامين المغاربة بالخارج، الأخبار الرائحة حول موقف وزارته إزاء المغاربة العالقين في ليبيا بأنها «زائفة وبعيدة عن الحقيقة».
وكانت بعض وسائل الإعلام قد عابت على الوزارة عدم اهتمامها بالموضوع، وهو ما عده الوزير بن عتيق مجانبا للحقيقة.
وطمأن بن عتيق أهالي وعائلات العالقين في ليبيا، ووعدهم بحل هذه المشكلة في أقرب الآجال، دون أن يذكر تاريخا محددا لذلك، مشيرا إلى وجود اهتمام حكومي بهذا الملف الذي قال إنه يعتبر ضمن الأولويات.
وتعيش أسر المغاربة العالقين في ليبيا على وقع الصدمة والخوف من مصير أبنائهم المُعتقلين في السجون الليبية في ظروف قاسية، واحتمال عرضهم للبيع في مزادات الرقيق، إلى جانب انعدام الأمن واحتمال تعرضهم للأذى.
وذكر بن عتيق بتنظيم عملية عودة 200 مغربي كانوا عالقين في ليبيا قبل أشهر، مشيرا إلى أن الوزارة تحملت مسؤوليتها في كل المراحل اللوجيستية وغير اللوجيستية، وعاد العالقون في ليبيا آنذاك إلى بلدهم في ظروف حفظت لهم فيها كرامتهم.
من جهة أخرى، قال بن عتيق إن الوزارة المنتدبة المكلفة المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة تحاول العمل بمقاربة جديدة، وبلورة تصور جديد في التعاطي مع مغاربة العالم، مشيرا إلى أنها تعتبر أن هناك شرائح عريضة في بلدان الاستقبال وصلت إلى مواقع مهمة على مستوى التدبير وصناعة القرار والتأثير فيه، لذلك يقول بن عتيق «آن الأوان لنفكر جميعا في كيفية توحيد هذه الطاقات حتى لا تظل مشتتة، وتكون فاعلة في مشروع كبير يقوده الملك محمد السادس من أجل تطوير المغرب وتنميته واستقراره»، موضحا أن هدف الوزارة «خلق نواة أساسية نؤكد من خلالها للعالم أن أبناءنا نجحوا في بلدان الاستقبال، ونجاحهم هو نجاحنا، ونجاح للوطن، ليكونوا أكثر فاعلية للدفاع عن قضايا الوطن، وأهمها قضية وحدة التراب».
وخاطب بن عتيق المحامين المغاربة في الخارج الذين حضروا المنتدى (87 محاميا) بالقول: «عندما تنتظمون سيكون لكم وزن في بلدان الاستقبال، وستكونون أكثر فاعلية في التنسيق بين قطاعات متعددة وواعدة يعرفها المغرب حاليا... وحضورنا اليوم يروم أيضا التعبئة، لذلك يجب أن نفكر في خلاصات نعتبرها أساسية، ومن بينها كيف نستطيع غدا خلق آليات لتنظيم حضوركم في الخارج؟».
وتحدث بن عتيق عن موضوع الهجرة الشائك، وقال إن المغرب وبفضل توجيهات الملك محمد السادس تبنى سنة 2013 سياسة جديدة للهجرة، مبنية على مقاربة ذات بعد إنساني أولا، في أفق الإدماج لأنه يُؤْمِن بأن التعدد الثقافي هو قوة وليس عائقا أمام تطور المجتمع.
وأوضح الوزير المغربي أن مهنة المحاماة متأثرة بالعولمة على مستوى مرجعيات وقضايا جديدة ومقاربات أخرى مخالفة، وبالتالي، هناك من يطالب بإعادة النظر في التكوين على مستوى المحاماة، وهو مجال أصبحت فيه مجموعة من الآليات والمراجع متجاوزة.
من جهته، قال محمد أوجار، وزير العدل المغربي، في كلمة ألقاها بالمنتدى، إن الملك محمد السادس يحمل مشروعا طموحا لبناء دولة المؤسسات ودولة الحق والقانون، مشيرا إلى أن المغرب عرف وما زال إصلاحا عميقا وشاملا لمنظومة العدالة، توج في مرحلته الأولى بالمصادقة على القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبالنظام الأساسي للقضاة، إضافة إلى تنصيب العاهل المغربي لأعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية في السادس من أبريل (نيسان) الماضي.
في غضون ذلك، أعلن أوجار عن تنظيم المؤتمر الدولي الأول لتدارس ما تم تحقيقه بالمغرب، والذي سينظم تحت رعاية الملك محمد السادس ما بين 2 و6 أبريل المقبل. وخاطب أوجار المحامين المقيمين في المهجر بالقول: «في مسار هذا الإصلاح اختار المغرب نموذجا متقدما على عدد من الأنظمة القضائية لدول إقامتكم، تم بموجبه استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، وبذلك فالمغرب اليوم يشهد استقلالا تاما للسلطة القضائية والنيابة العامة عن باقي السلط».
وأضاف وزير العدل المغربي موضحا «كمرحلة ثانية لهذا الإصلاح باشرنا إصلاح القوانين الأساسية كالقانون الجنائي، وقانون المسطرة الجنائية، وقانون المسطرة المدنية وغيرهما من القوانين. كما أنجزنا قانونا تنظيميا سيحدث ثورة حقوقية، ستمكن من تطهير القوانين المغربية، وجعلها محترمة للحقوق والحريات المنصوص عليها دستوريا والمتعارف عليها دوليا. ويتعلق الأمر بقانون تنظيمي للدفع بعدم دستورية القوانين».
وزاد أوجار قائلا: «نحن اليوم مقبلون بتنسيق تام وتشاور دائم مع شركائنا في منظومة العدالة لإصلاح قانون المهن، وعلى رأسها مهنة المحاماة».
يذكر أن المنتدى ينظم بشراكة بين الوزارة المنتدبة المكلفة المغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، ويتواصل حتى يوم غد الأحد.
ويروم المنتدى تعزيز شبكة المحامين المغاربة المقيمين بالخارج، وتدارس مجموعة من الموضوعات.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.