بعد 37 سنة من الانتظار... زيمبابوي تطوي صفحة موغابي

الرئيس الجديد أدى اليمين وشخصيته تثير القلق لأنه كان موالياً للنظام السابق ونفذ بعض المهام القمعية

رئيس زيمبابوي الجديد إيمرسون منانغاغوا خلال حفل أداء اليمين في العاصمة هراري أمس (أ.ف.ب)
رئيس زيمبابوي الجديد إيمرسون منانغاغوا خلال حفل أداء اليمين في العاصمة هراري أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد 37 سنة من الانتظار... زيمبابوي تطوي صفحة موغابي

رئيس زيمبابوي الجديد إيمرسون منانغاغوا خلال حفل أداء اليمين في العاصمة هراري أمس (أ.ف.ب)
رئيس زيمبابوي الجديد إيمرسون منانغاغوا خلال حفل أداء اليمين في العاصمة هراري أمس (أ.ف.ب)

طوى إيمرسون منانغاغوا أمس، صفحة 37 عاماً من حكم روبرت موغابي الاستبدادي بشكل نهائي في زيمبابوي، بعد أدائه اليمين أمام عشرات الآلاف من أنصاره المتطلعين إلى مستقبل أفضل، وتعهده بإنعاش الاقتصاد المدمر ومكافحة الفساد.
وأقسم منانغاغوا اليمين في ملعب اكتظ بالحشود في إحدى ضواحي هراري، وذلك بحضور رؤساء موزمبيق وبوتسوانا وزامبيا وناميبيا. لكن رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما لم يتمكن من السفر بسبب زيارة نظيره الأنغولي جواو لورنشو.
وتولى منانغاغوا (75 عاماً) السلطة في بلد مدمر، بعد ثلاثة أيام على الاستقالة التاريخية لموغابي (93 عاماً)، الذي كان أكبر رؤساء الدول سناً في العالم، والذي دفعه الجيش وحزبه والشارع إلى الاستقالة.
وتجمع عشرات الآلاف من سكان العاصمة منذ الفجر أمام أبواب الملعب الرياضي الوطني ليحيوا رئيس الدولة الجديد. وقالت شارون موياكوفا (23 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن متحمسون جداً، وننتظر الكثير من منانغاغوا... لقد عشنا في ظل حكم ديكتاتوري منذ فترة طويلة جداً». فيما قال بريسكا سيابيندا (52 عاماً)، وهو موظف متقاعد: «نريد وظائف لأبنائنا وأدوية لمستشفياتنا وكتباً لمدارسنا... ونأمل في انطلاقة جديدة».
ويدرك الرئيس الجديد الملقب بـ«التمساح» بسبب قسوته، حجم المهمة التي تنتظره، ولذلك انتهز فرصة أول خطاب له ليطلق الوعود، وفي مقدمتها إيجاد وظائف للعاطلين و«خفض الفقر»، وقال بلغة حازمة «سنوجد وظائف لشبابنا، ونخفض الفقر في كل مجتمعاتنا»، مشدداً على أن «أعمال الفساد يجب أن تتوقف على الفور».
وأشاد الرئيس الجديد بروبرت موغابي قائلاً في خطاب ألقاه بعد أدائه اليمين: «لنقبل ونعترف بمساهمته الكبرى في بناء أمتنا»، وقطع وعداً رمزياً بدفع تعويضات للمزارعين البيض، الذين صودرت ممتلكاتهم مطلع الألفية الجديدة، وقال إن حكومته «تتعهد بالتعويض على هؤلاء المزارعين الذين صودرت ممتلكاتهم»، لكنه رأى في الوقت نفسه أن الإصلاحات التي جرت حينذاك «كان لا بد منها». كما وعد الرئيس الجديد في خطابه بـ«حماية كل الاستثمارات الأجنبية في زيمبابوي». وكان هذا المسؤول الموجود في النظام منذ استقلال زيمبابوي سنة 1980 قد أقيل بأمر من السيدة الأولى السابقة غريس موغابي، التي كانت تنافسه على الرئاسة خلفاً لزوجها الذي تراجع وضعه الصحي. وبعدما قاوم ضغوط العسكريين وحزبه «الاتحاد الوطني الأفريقي لزيمبابوي - الجبهة الوطنية» وضغط الشارع، انتهى الأمر باستقالة «الرفيق بوب» تحت التهديد بعزله في البرلمان.
وعشية توليه مهامه، أجرى منانغاغوا محادثات مع موغابي، ووعده بأن يؤمن له ولعائلته «أفضل ظروف الأمن والرخاء»، كما ذكرت صحيفة «ذي هيرالد» الحكومية.
لكن بعد ثلاثة أيام على سقوط النظام، ما زال مصير الرئيس وزوجته، وخصوصاً أمام القضاء، مجهولاً. وفي هذا السياق قال أحد وزرائه سوبا ماديوانزيرا «لا أعرف ما جرى التفاوض بشأنه، لكن أستطيع أن أقول إنه ليس هناك أي مواطن في زيمبابوي يريد أن يلاحق موغابي في القضاء، أو يشنق، أو يضرب... الناس يريدون طي الصفحة».
من جهته، نفى الناطق باسم الرئيس السابق جورج سارامبا بشكل قاطع حصول موغابي على حصانة، كما ذكرت عدد من وسائل الإعلام، وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا سبب لمنحه الحصانة، والمسألة لم تناقش خلال المحادثات».
وكان أفيد أن موغابي سيحضر مراسم تنصيب خلفه، لكنه لم يفعل. وقال شارامبا «إنه ليس في حالة تسمح له بالحضور».
ويرى محللون سياسيون أن موغابي ترك اقتصاداً مدمراً في بلد يعاني من نقص الأموال وشبح التضخم المفرط. فبينما تبلغ نسبة البطالة 90 في المائة، يعتاش سكان البلاد من أشغال صغيرة في الاقتصاد الموازي، فيما هاجر آخرون إلى جنوب أفريقيا، لذلك يعلق سكان زيمبابوي آمالاً هائلة على هذا التغيير في السلطة.
تقول أليس موانجيا (57 عاماً)، وهي أم لستة أولاد حضرت مراسم التنصيب: «نريد إصلاح اقتصادنا، نريد أن نجد أموالاً في المصارف، لا يمكننا مواصلة البحث في حاويات القمامة». ومن جهته، أكد الشاب أرشيفورد غوانديزيفا العاطل عن العمل: «آمل في التغيير وفي أن نستعيد حرية التعبير التي فقدناها في عهد موغابي عندما كان يتم توقيفنا من أول انتقاد للحكومة».
لكن سيرة وشخصية الرئيس الجديد تثيران بعض القلق. فإيمرسون منانغاغوا كان أحد الموالين للنظام، وهو قريب من الأجهزة الأمنية، ومعروف بأنه نفذ بعض المهام القمعية بأمر الرئيس السابق. وفي مسعى إلى طمأنة السكان، قدم منانغاغوا نفسه على أنه «خادم» البلاد، وناشد «كل الوطنيين في البلاد إلى العمل معاً».
لكن حركة التغيير الديمقراطي، أكبر أحزاب المعارضة، دعت إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية حتى الانتخابات المقررة في 2018.
وقال زعيم الحزب مورغان تشانجيراي «آمل أن يبرهن الرئيس منانغاغوا على أن قيادة الأمة تغيرت. آمل ألا يستسلم لإغراء التفرد بالسلطة».



7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.