{توزر} التونسية تقدم فسيفساء لأصوات وتجارب شعرية عالمية

تنظم المهرجان الدولي للشعر بحضور 70 شاعراً من 30 دولة

الشاعرة التونسية سنية المدوري الفائزة بجائزة المهرجان
الشاعرة التونسية سنية المدوري الفائزة بجائزة المهرجان
TT

{توزر} التونسية تقدم فسيفساء لأصوات وتجارب شعرية عالمية

الشاعرة التونسية سنية المدوري الفائزة بجائزة المهرجان
الشاعرة التونسية سنية المدوري الفائزة بجائزة المهرجان

تحولت منطقة توزر المطلة على الصحراء التونسية إلى فضاء لقرض الشعر بعدد هائل من لغات العالم، بحضور نحو 70 شاعرا من 30 دولة، من بينها سوريا والعراق والإمارات وسلطنة عمان ومصر وموريتانيا والجزائر واليابان والهند وفرنسا وإيطاليا ورومانيا وتركيا وكوبا وبولندا وآيرلندا ورومانيا وبورتوريكو، حضروا إلى تونس بهدف المشاركة في المهرجان الدولي للشعر الذي يمتد حتى 26نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
وتتوزع برمجة المهرجان إلى أربع أمسيات شعرية كبرى تحتضنها فضاءات ثقافية وسياحية متنوعة، من بينها الفضاء الساحر بالواحات الجبلية بمنطقة تمغزة، وقراءات مسائية يخصصها المهرجان للتجارب الشابة تصاحبها فرقة موسيقية من مدينة توزر.
وفي هذا الشأن، وصف عادل بوعقة، مدير المهرجان الدولي للشعر، الفعالية بأنها «فسيفساء لأصوات وتجارب شعرية مختلفة ومن مدارس متنوعة». وأكد حضور شعراء يمثلون قامات شعرية مهمة في بلدانهم وعلى المستوى العالمي من بينهم التركية هلال كاهان، ولوز ماري لوبيز من بورتوريكو، والإيطالي جون كارلو بروتشيني، وداريوس باكاك من بولندا.
وحول ما يتعلق بشعار المهرجان «الشعر والغموض»، قال بوعقة إن الاختيار مرتبط بتوجه اعتمده الشعر التونسي في مرحلة زمنية معينة، لتناول قضايا سياسية واجتماعية، وهو توجه تميز بتنوع صوره الشعرية والتجديد على مستوى الخطاب الشعري والتخفي وراء الغموض لإيصال مواقف سياسية ممنوع تناولها بوضوح.
وعلى مستوى المشاركة العربية، يشهد المهرجان الدولي للشعر حضور الشاعر الموريتاني دياكيتي الشيخ ساك، والشاعر حارب الظاهري من الإمارات، ومحمد قراطاس، وسعد الدين شاهين من فلسطين، وصلاح الكبيسي من العراق، وقاسم لوباي من المغرب، وخديجة بوعلي، وسميرة عبيد من قطر، وعائشة المغربي ونيفين الهوني من ليبيا، هذا إضافة إلى الشعراء يوسف بديدة، وجلال خشاب وبن زرقة من الجزائر، وأحلام غانم من سوريا.
وعلى مستوى الندوات العلمية، يقدم الكاتب التونسي عثمان بن طالب دراسة حول «الشعرية والغموض في الشعر التونسي»، وتتناول التونسية منية العبيدي في مداخلة موضوع «الطين بين وضوح التشكل وغموض المعنى».
ويتوج المهرجان مختلف فعالياته بمنح الشاعرة التونسية سنيا المدوري جائزة مسابقة الدورة السابعة والثلاثين للمهرجان عن مجموعتها الشعرية «القادم الوردي لي».



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.