10 أسباب لتفسير معضلة التضخم الملجوم

البنوك المركزية في حيرة حقيقية من أمرها... والعالم قد يحتاج لمعادلات جديدة

يجمع الخبراء على أن البنوك المركزية بذلت جهوداً جبارة خلال السنوات العشر الماضية لإخراج الاقتصادات من أزمة التضخم (رويترز)
يجمع الخبراء على أن البنوك المركزية بذلت جهوداً جبارة خلال السنوات العشر الماضية لإخراج الاقتصادات من أزمة التضخم (رويترز)
TT

10 أسباب لتفسير معضلة التضخم الملجوم

يجمع الخبراء على أن البنوك المركزية بذلت جهوداً جبارة خلال السنوات العشر الماضية لإخراج الاقتصادات من أزمة التضخم (رويترز)
يجمع الخبراء على أن البنوك المركزية بذلت جهوداً جبارة خلال السنوات العشر الماضية لإخراج الاقتصادات من أزمة التضخم (رويترز)

ارتفعت وتيرة اجتهادات الاقتصاديين حول العالم لتفسير ظاهرة عدم ارتفاع التضخم بما يكفي ويسمح للبنوك المركزية - لا سيما في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي واليابان - برفع معدلات الفوائد حتى لا تتشكل فقاعات في الأصول المالية والعقارية.
ويجمع الخبراء على أن البنوك المركزية بذلت جهوداً جبارة خلال السنوات العشر الماضية لإخراج الاقتصادات من الأزمة.. إذ خفضت الفوائد إلى مستويات تاريخية، وأطلقت برامج لإنقاذ الأسواق من الغرق، وأبدعت في طرح حلول لإنعاش القطاعات المأزومة.. كل ذلك أدى إلى انطلاق النمو من جديد، الذي بدوره أسهم في تراجع معدلات البطالة.
مع ذلك، ومنذ أشهر طويلة، يبدو أن البنوك المركزية بدأت تشك في معادلاتها، لأن ركناً في تلك المعادلات غائب، ألا وهو التضخم الذي لا يرتفع.
فلقد سجل مؤشر الأسعار بين أعوام 1980 و1990 ارتفاعاً بمعدل سنوي متوسطه 16.6 في المائة عالمياً، و6.4 في المائة في الدول الصناعية المتقدمة بحسب إحصاءات صندوق النقد الدولي. وبين 1990 و2007 تراجع ذلك المتوسط إلى 12.9 في المائة و2.5 في المائة على التوالي (عالمياً وفي الدول الصناعية). وبين 2007 و2016 تراجع ذلك المتوسط إلى 3.8 في المائة و1.5 في المائة. وإذا استثنينا أسعار الطاقة وأسعار المواد الأولية، سنجد أن معدل التضخم في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي لا يتجاوز 1 في المائة حالياً.
فرغم المحفزات الكثيفة، لا سيما النقدية والمالية منها، يتراجع التضخم حتى بلغ مستويات متدنية جداً وعلى نحو غير طبيعي، وغير مألوف أيضاً، خصوصاً في الدول الصناعية، ولا أحد يعرف الأسباب بدقة رغم بعض الاجتهادات التفسيرية من هنا وهناك.
وتجتهد البنوك المركزية للوصول إلى نسبة تضخم 2 في المائة، لأن ذلك يعني أن النمو الاقتصادي صلب بقياسات لطالما كانت معتمدة منذ سنوات طويلة، ولطالما كانت صحيحة لجس نبض الاقتصاد. فالأسعار المستقرة أو شبه المستقرة تعني أن المصانع تدور ببطء فترتفع البطالة ويحبط الاستهلاك. وفي هذه الحالة كانت البنوك المركزية تخفض الفوائد لإعادة العجلة إلى الدوران. وإذا عادت الأسعار إلى الارتفاع بقوة نتيجة ارتفاع العرض والطلب وانخفاض البطالة، فيعني ذلك أن الاقتصاد يسخن؛ فتعمد البنوك المركزية إلى رفع الفوائد لتخفيف السخونة.
أما الآن، فيبدو أن ذلك الميزان مصاب بالخلل، ويسعى الاقتصاديون إلى ذكر الأسباب الممكنة كالآتي:
أولاً، أن الاقتصادات تستمر في معاناتها من تداعيات أزمة 2008، فالدول ترزح تحب أعباء ديون ثقيلة، وبالتالي لا تستثمر كما يجب، خصوصاً في أوروبا.
ثانياً، الائتمان ينمو بمعدل أقل من نمو المداخيل والعوائد، ويشكل ذلك عامل ضغط إضافياً باتجاه تضخم أقل.
ثالثاً، أسعار النفط الآن منخفضة، لكن حتى لو استثنينا هذا العامل سيبقى التضخم منخفضاً لأسباب أخرى أكثر تأثيراً من السابق، مثل كثافة استخدام التكنولوجيا الموفرة للكلفة.
رابعاً، يرتفع التضخم عندما تلامس البطالة حدودها الدنيا، لأن نقص اليد العاملة يدفع باتجاه رفع الأجور، وبالتالي زيادة الطلب وارتفاع الأسعار. وهذه القاعدة عملت بامتياز منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، لكنها لا تعمل الآن خصوصاً في أميركا وألمانيا حيث البطالة عند مستويات متدنية، عند 4.2 و5.4 في المائة على التوالي. وفي التفسيرات هناك أن الأجور تتحرك ببطء شديد في هذين البلدين، كما في بريطانيا التي ارتفع فيها التضخم قليلاً متأثراً بهبوط قيمة الجنيه الإسترليني لكن الأجور لم ترتفع.
خامساً، لا ترتفع الأجور لأن جزءاً من البطالة لا يظهر في الأرقام بعدما خرج عاطلون يائسون من التسجيل في سوق العمل. كما أن الأجور لا ترتفع لأن قطاع الخدمات الذي يتوسع نطاقه تضعف فيه النقابات، وهو مفعم بالوظائف الدنيا التي يشغلها من لا قدرة تفاوضية له لجهة رفع راتبه.
سادساً، يزداد عدد العمال غير المستقرين في عقود طويلة، ويزداد عدد العمال والموظفين المستقلين، وهؤلاء أيضاً ليسوا في موقع قوة ليطالبوا بزيادة رواتبهم، وهم تحت ضغط أو تهديد العمالة الرخيصة في دول أخرى تغري شركات ومصانع غربية للانتقال إليها والإنتاج فيها.
سابعاً، في حالة اليابان هناك عامل الشيخوخة الذي يعقد المسألة، خصوصاً مع تناقص عدد السكان، لذا لا تتوسع المصانع ولا تزيد الاستثمارات المولدة للفرص الوظيفية. ومن يخرج في اليابان إلى التقاعد يحل محله من هو أقل سعراً في سوق العمل، وهذا بدوره يضغط على الاستهلاك والأسعار.. فلا يرتفع التضخم.
ثامناً، بين المتهمين أيضاً نجد التقنيات الحديثة والتجارة الإلكترونية التي تسمح للمستهلكين بمقارنة الأسعار والحصول على الأرخص. فشركة أمازون خفضت أسعار عدد كبير من السلع، وهذا جيد للمستهلك لكنه ليس كذلك بالنسبة للمنتجين والشركات التي - وإن واجهت تحدي نقص العمالة - نجدها لا ترفع الأجور بل تحاول تقليص هوامش أرباحها لتحافظ على حصتها السوقية.
تاسعاً، هل مات التضخم؟ الجواب أنه تحول من مكان إلى آخر. هجر أسعار الاستهلاك، التي تراقبها البنوك المركزية، إلى الأصول المالية (الأسهم) في البورصات، وإلى العقار وبعض سندات الشركات. فالبورصات الأميركية تسجل حالياً مستويات قمم تاريخية، كما تسجل أسعار العقار في عدد من المدن الكبيرة أسعاراً عالية جداً.
عاشرا، تباطؤ التضخم يدفع البنوك المركزية إلى الانتظار قبل رفع الفائدة، واستمرار الفائدة منخفضة يدفع المستثمرين والصناديق الباحثة عن عوائد إلى البحث عن فرص في أصول أكثر مخاطرة، لكنها تعطي عوائد مرتفعة مثل الأسهم. بيد أن الإقبال الكثيف على الأصول المالية والعقارية يرفع أسعارها حتى تتحول إلى فقاعة كما حصل في عامي 2000 و2007، وهذا التحول في التضخم من أسعار الاستهلاك إلى أسعار الأصول يعد نقطة تحول مفصلي في تاريخ الرأسمالية بحسب كثير من الاقتصاديين.
وبين الأسئلة التي تطرح، هل المستهلك مستفيد من عدم صعود أسعار الاستهلاك؟ الجواب بالإيجاب للوهلة الأولى، لكن على المدى القصير فقط، لأن التضخم الملجوم يلجم معه زيادة الرواتب. ومن التداعيات الأخرى أن ارتفاع الأصول المالية والعقارية يجذب مدخرات الميسورين إلى تلك الأصول، ما يعمق من اللامساواة في الدخل والثروة بين شرائح المجتمعات الغربية.
وعندما تنفجر الفقاعات، سيتضرر العمال والموظفون لأنهم أول من سيفقد وظائفهم، لا سيما في القطاعات الهشة.
ويؤرق التضخم المنخفض البنوك المركزية الراغبة برفع الفوائد حتى لا تتفاقم الفقاعات في أسعار الأسهم والعقار. في المقابل تخشى تلك البنوك من تأثير رفع الفائدة على النمو الاقتصادي الذي إذا تأثر سلباً سيسرع في انفجار الفقاعات.. تلك هي الحلقة المفرغة التي لا حل لمعضلتها بعد.
ثم إن رفع الفائدة سيزيد أعباء كلفة الدين على كاهل الدول التي لم تعالج بعد كل تداعيات الأزمة.
والسؤال الأخير هو هل يجب دمج أسعار الأسهم والعقار في حساب التضخم؟ يجيب اقتصاديون بأن دمجاً كهذا سيجعل التضخم متذبذباً أو متقلباً بقوة، وبالتالي ستفقد البنوك المركزية القدرة على استعماله كأداة من أدوات السياسة النقدية. وما عليها الآن إلا الانتظار لعل التضخم يطل برأسه مجدداً، وإلا فإن العالم يكون قد تغير فعلاً ويحتاج إلى معادلات اقتصادية جديدة كلياً.



مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
TT

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

قال مجلس الوزراء المصري، في بيان، السبت، إن مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية وقعتا اتفاقين باستثمارات إجمالية 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

يأتي توقيع هذين الاتفاقين اللذين حصلا بحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، في إطار الجهود المستمرة لتعزيز قدرات مصر في مجال الطاقة المتجددة؛ حيث يهدف المشروع إلى دعم استراتيجية مصر الوطنية للطاقة المتجددة، التي تستهدف تحقيق 42 في المائة من مزيج الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وفق البيان.

ويُعد هذا المشروع إضافة نوعية لقطاع الطاقة في مصر؛ حيث من المقرر أن يُسهم في تعزيز إنتاج الكهرباء النظيفة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير فرص عمل جديدة.

وعقب التوقيع، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن الاستراتيجية الوطنية المصرية في قطاع الطاقة ترتكز على ضرورة العمل على زيادة حجم اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة إسهاماتها في مزيج الطاقة الكهربائية؛ حيث تنظر مصر إلى تطوير قطاع الطاقة المتجددة بها على أنه أولوية في أجندة العمل، خصوصاً مع ما يتوفر في مصر من إمكانات واعدة، وثروات طبيعية في هذا المجال.

وأشار وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الدكتور محمود عصمت، إلى أن هذا المشروع يأتي ضمن خطة موسعة لدعم مشروعات الطاقة المتجددة، بما يعكس التزام الدولة المصرية في توفير بيئة استثمارية مشجعة، وجذب الشركات العالمية للاستثمار في قطاعاتها الحيوية، بما يُعزز مكانتها بصفتها مركزاً إقليمياً للطاقة.

وأشاد ممثلو وزارة الكهرباء والشركة الإماراتية بالمشروع، بوصفه خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الاستراتيجي بين مصر والإمارات في مجالات التنمية المستدامة والطاقة النظيفة.