تذبذب أسعار النفط يثير الجدل حول فرضيات موازنة تونس الجديدة

مخاوف من ارتفاع جديد في سعر الدولار واليورو

TT

تذبذب أسعار النفط يثير الجدل حول فرضيات موازنة تونس الجديدة

تسبب التذبذب الحالي في أسعار النفط في الأسواق العالمية في إثارة نقاش واسع في البرلمان التونسي حول التوقعات المالية التي سيتم إدراجها في موازنة 2018.
وخلال النقاشات الدائرة حاليا في البرلمان التونسي حول ميزانية2018، احتار الخبراء في ضبط أسعار النفط في الأسواق العالمية، فقد اعتمدت وزارة المالية التونسية سعر برميل النفط في حدود 54 دولارا أميركيا، في حين أن سعر البرميل كان في حدود 53 دولارا عند إيداع مشروع ميزانية الدولة في البرلمان، وهو ما يعني أن كل الحسابات قد سقطت منذ الوهلة الأولى، وأن ثغرة هامة ستظهر في موازنة الدولة بعد أشهر قليلة من انطلاق السنة المالية الجديدة.
وكل زيادة بدولار واحد على مستوى سعر برميل النفط تنعكس بنحو 100 مليون دينار تونسي إضافية (نحو 40 مليون دولار) على خزينة الدولة.
وبلغت أسعار النفط خلال الفترة الماضية نحو 57 دولارا أميركيا ووصلت في بعض الطلبات لنحو 60 دولارا أميركيا، وارتفعت في جلسات سابقة إلى حدود 63 دولارا.
وبالتوازي مع تذبذب أسعار النفط في الأسواق العالمية، فإن أسعار تداول العملات الأجنبية بدورها متجهة نحو الارتفاع وهو ما سيؤثر على تكاليف الواردات التونسية، حيث ارتفع سعر الدولار منذ بداية السنة الحالية بنحو 10 في المائة مقابل الدينار التونسي، وهو حاليا في حدود 2.489 دينار تونسي.
كما أن سعر صرف اليورو مقابل الدولار ارتفع بشكل ملحوظ، وهو الآن في حدود 2.926 دينار تونسي، وقد يصل إلى مستوى الثلاثة دنانير تونسية لليورو الواحد.
وفي هذا الشأن، قال سعد بومخلة، أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية، إن الدوائر المالية التونسية مطالبة بضبط موازنات مالية قريبة من الواقع وعليها أن تقرأ جيدا التوجهات المالية والاقتصادية في العالم حتى لا تجد نفسها في وضع يفرض عليها كل سنة تقريبا إقرار قانون مالية تكميلي (اعتماد إضافي للموازنة). واعتبر أن مواصلة التقديرات الاقتصادية الخاطئة مضرة بسمعة الاقتصاد التونسي ولا تساعد على جلب الاستثمارات الخارجية ولا توحي باستقرار مناخ الأعمال والاستثمار على حد تقديره.
وخلال نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أقرت الحكومة التونسية مشروع قانون مالية تكميليا، مع حاجة تونس لنحو 739 مليون دولار إضافية لاستعادة توازنها المفقود وتدبير نفقات الموازنة.
واعتمدت وزارة المالية التونسية في تقديرها لميزانية 2017 سعر برميل النفط لكامل السنة بخمسين دولارا للبرميل، كما اعتمدت سعر صرف للدولار الأميركي بـ2.250 دينار تونسي، واليورو بـ2.520 دينار، وهي الفرضيات التي تم تجاوزها في الواقع خلال هذا العام.
ولا يستبعد خبراء في الاقتصاد والمالية أن تعاد الكرة مرة أخرى خلال السنة المقبلة نتيجة تكرار نفس التوقعات البعيدة عن الواقع، في تقديرهم.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).