مؤتمر الرياض يشكل قيادة جديدة للمعارضة السورية

TT

مؤتمر الرياض يشكل قيادة جديدة للمعارضة السورية

انعقد مؤتمر المعارضة السورية، في الرياض أمس، في غياب رياض حجاب بعد استقالته، التي يرى البعض أنها جاءت في غير وقتها وغير منسجمة مع أنظمة الهيئة المتفق عليها، غير أن قافلة الهيئة الجديدة تسير في ظل غياب حجاب وتكهنات بأسباب الاستقالة.
وعن استقالة رياض حجاب، قال أنس العبدة، الرئيس السابق للائتلاف السوري: «كنت آمل أن يحضر رياض هذا المؤتمر، ويقدم تقريرا عن الهيئة العليا خلال العامين الماضيين باعتبار أنه كان المنسق العام للهيئة، وكنا سنستفيد من الدروس والخبرة التي في التقرير الذي كان سيقدمه».
وأضاف: «من المؤسف أن يستقيل حجاب في هذا التوقيت قبل يوم أو يومين من المؤتمر، ولكن على كلٍ؛ المهم أن المكونات الأساسية لهذه الهيئة شاركت بشكل رسمي بالمؤتمر، وستكون هناك إعادة هيكلة للهيئة العالية التفاوضية، وآمل أن تكون أكثر إيجابية وفعالية لتحقيق ما يصبو إليه السوريون».
وعن تفسيره أسباب استقالة حجاب، قال العبدة: «لا أجد تفسيرا رسميا لهذه الاستقالة، ولكن ربما الهيئة العليا كانت لها رؤية وتصور معيّنان للمؤتمر، فهذا التصور لم يكن، ربما، لمكونات هذه الهيئة، وحتى من الدول الصديقة، وهذا ربما كان له رد فعل بأن صار هناك امتعاض لدى بعض أعضاء الهيئة؛ وتحديدا لدى المنسق العام، باعتبار أنها بالنسبة له تجاوز لمقترح الهيئة فيما يتعلق بالمؤتمر، وأعتقد أنه السبب الأساسي للاستقالة».
وعن رأيه في تعليق الجانب الروسي بأن استقالة رياض حجاب في مصلحة سير المفاوضات، قال العبدة: «أعتقد أن الجانب الروسي يجب ألا يتدخل فيما يتعلق بملفات المعارضة السورية، فليست لدينا قضية صقور وحمائم، إنما لدينا مرجعية للعملية التفاوضية، ولدينا مطالب للشعب السوري، ولا يمكن لأحد أن يتخلى عنها، وبالتالي محاولة دق إسفين؛ مكشوفة، ولن تنجح، ولا يمكن البناء عليها بشكل إيجابي».
وتابع العبدة: «كل ما نسعى إليه النظر إلى الجانب الممتلئ من الكأس بإيجابية، ونسعى من خلال هذا المؤتمر إلى الجانب الإيجابي، بمعنى إعادة هيكلة وبناء لهيئة عليا ووفد موحد له أن يحقق ما لم نستطع إنجازه خلال العامين الماضيين».
من جهته، قال حواس خليل، ممثل عن «الائتلاف» وممثل عام «المجلس الوطني الكردي» لـ«الشرق الأوسط»: «استقالة رياض حجاب غير موفقة، حيث كان ممثلا عن (الائتلاف الوطني)، ووجوده في الهيئة العليا لم يكن بصفته الشخصية، كما بقية الممثلين الآخرين، وبالتالي، فإن (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة) اختار مكانه... له كوتة في هذا المؤتمر ممثلة في 22 شخصا زائدا رئيس (الائتلاف) الذي يترأس وفد (الائتلاف)، حيث تم انتخاب هؤلاء من خلال اللجنة السياسية بالائتلاف».
وأضاف خليل: «كنا نطمح إلى أن يكون رياض حجاب موجودا معنا في هذا المؤتمر، ولكن للأسف هذا الأمر يعود له شخصيا، وتقديم الاستقالة وفق الأصول التنظيمية، وكان عليه تبيان إن كانت لديه أي رغبة في الاستقالة. كان عليه تقديم استقالته لدى الجسم الذي يمثله وهو (الائتلاف)، قبل الإعلان عن هذا المؤتمر والدعوة له».
وتابع خليل: «الاستقالة في غير مكانها، وغير متبعة للنظم والأصول المتبعة، وتقديمها للمؤسسة التي مثلها... هو تمثيل سياسي لجسم سياسي هو الائتلاف، وليس لشخصه، وهو الآن غير موجود، ولكن ستظل قافلة الهيئة ماضية قدما في تحقيق تطلعات الشعب السوري بشكل أفضل مما كانت عليه على المسارين التفاوضي والسياسي».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.