المعارضة السودانية تطالب الحكومة بحل الميليشيات العسكرية

مصدر في التحالف: لن ندخل في حوار مع النظام لا يقود إلى تفكيكه

المعارضة السودانية تطالب الحكومة بحل الميليشيات العسكرية
TT

المعارضة السودانية تطالب الحكومة بحل الميليشيات العسكرية

المعارضة السودانية تطالب الحكومة بحل الميليشيات العسكرية

طالب تحالف قوى الإجماع المعارض في السودان حزب المؤتمر الوطني (الحاكم) بحل الميليشيات التي تدعمها الحكومة وتجريدها من السلاح، كونها أصبحت أكبر مهدد للأمن. وشدد التحالف، الذي يضم عددا من أحزاب المعارضة، على أنه لن يشارك في أي حوار لا يؤدي إلى تفكيك النظام الحاكم الذي قاربت سنوات حكمه على ربع قرن، متهما الحزب الحاكم بإشعال الحروب والفتن والنعرات الدينية والعنصرية في البلاد طوال فترة حكمه.

وقال رئيس لجنة الإعلام في قوى الإجماع الوطني، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، صديق يوسف لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة السودانية هي المسؤولة عن تسليح الميليشيات التي تعمل معها في مناطق الحرب، وأضاف: «على الحكومة إيقاف تسليح الميليشيات وحلها ونزع السلاح منها، وهذه من سلطات الرئيس عمر البشير».

وأشار يوسف إلى أن ما يعرف بقوات «الدعم السريع» جرى تجهيزها بشكل كامل من أجل الحرب، وقال: إن «إحضار الحكومة لقوات الدعم السريع إلى الخرطوم يعني أن لديها معلومة أن جهة ما تريد مهاجمة العاصمة، وللمفارقة أن النظام يوميا يقول إنه دحر المتمردين. وبإدخال هذه القوات إلى الخرطوم يريد النظام أن يهاجم المواطنين إذا خرجوا في مظاهرات، مثل التي حدثت في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين». وعد أن الحكومة تسعى لنقل الحرب إلى داخل العاصمة، مثلما هو حادث في سوريا، وقال: إن «سلاح هذه الميليشيات يجري توجيهه كل يوم نحو صدور الآمنين في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، والآن الخرطوم». وجرى اعتقال الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة المعارض، بسبب نقده لهذه القوات والجرائم التي ارتكبتها في دارفور وجنوب كردفان، وأصبح وجود هذه القوات في الخرطوم يواجه بسخط شعبي كبير.

وشدد يوسف على رفض الدخول في أي حوار مع الحزب الحاكم لا يؤدي إلى تفكيك النظام الحالي ويقود إلى التحول الديمقراطي، وقال: «لن نصبح كالكومبارس، نزين جلسات المؤتمر الوطني لكي يستمر في السلطة ويزيد من تدمير البلاد.. نحن في المعارضة نملك رؤية كاملة لحل الأزمة في البلاد، والتي تتطلب وقف الحرب وإلغاء القوانين المقيدة للحريات وإطلاق سراح المعتقلين. ومستعدون للتعاون وتقديم الحلول حولها»، مشيرا إلى أن موضوعات الحوار هي قضايا تلبي الحاجات الأساسية للإنسان السوداني وكيفية الحكم وطريقته وشكل الدولة.

وأوضح يوسف أن قيادات الجبهة الثورية التي تقود العمل المسلح متمسكة بالحل الشامل لإنهاء أزمات البلاد، وأنها تطالب بفتح المسارات لإدخال المساعدات الإنسانية للنازحين والمتأثرين في مناطق الحرب، وأن قيادات الجبهة الثورية هم الأكثر تمسكا بوقف الحرب، وهم مستعدون لوضع السلاح، لكن الحكومة هي التي ترفض وقف إطلاق النار ولا تريد تمرير الإغاثة. وأضاف أن «الحوار يحتاج إلى تهيئة المناخ، وهذه هي مطالب كل السودانيين، لكن البشير ونظامه لا يريدون تنفيذ مطالب الشعب ويسعون إلى حوار ناقص يعمل على استمرار النظام. وهذا لن ندخل فيه. واعتقال المهدي يؤكد عدم جدية النظام في موضوع الحوار، رغم أن حزب الأمة كان أكثر الأحزاب المعارضة التي ناضلت من أجل الحوار».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.