تركيا تنفي تحويل مهام «خلق بنك» إلى مصرف حكومي آخر

بسبب تحقيقات أميركية حول ضلوعه في انتهاك العقوبات على إيران

TT

تركيا تنفي تحويل مهام «خلق بنك» إلى مصرف حكومي آخر

نفت الحكومة التركية مزاعم بشأن تحويل مهام «خلق بنك» الحكومي إلى مصرف آخر مملوك للدولة بسبب ما تردد عن احتمال فرض السلطات الأميركية عقوبات بالمليارات على البنك لتورطه في انتهاك العقوبات الأميركية على إيران بسبب ملفها النووي.
ورفض نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية محمد شيمشيك هذه المزاعم، وأكد في تصريحات في أنقرة أمس أنه لا يوجد شيء من هذا القبيل، قائلا إن وكالة التنظيم والرقابة المصرفية التركية ستقدم التوضيح اللازم في هذا الشأن.
وجاءت أنباء نقل مهام «خلق بنك» إلى بنك آخر تابع للدولة وسط تحقيقات أميركية بشأن عمليات احتيال تورط فيها تاجر الذهب التركي من أصل إيراني رضا ضراب، الذي قبض عليه في مطار ميامي في أميركا في مارس (آذار) من العام الماضي لاتهامه بالتحايل في عمليات تهريب للذهب من إيران إلى تركيا وتحويل أموال عبر «خلق بنك» بطريقة غير شرعية لخرق العقوبات على إيران.
وفي إطار القضية نفسها، ألقي القبض على محمد أتيلا، نائب رئيس «خلق بنك» مديره التنفيذي، في مارس الماضي بأميركا، إضافة إلى عدد آخر من الإيرانيين يحاكمون الآن بالولايات المتحدة.
وفي 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، نشرت الجريدة الرسمية التركية لوائح جديدة تتعلق بالاندماج والتقسيم ونقل الأصول وتبادل الأسهم المصرفية، وادعى موقع «أودا تي في» التركي أن التغيير كان لتوخي الحذر لحماية «خلق بنك» في حال بقي دون مهام بسبب التحقيقات الأميركية.
وقال رئيس وكالة التنظيم والرقابة المصرفية التركية محمد علي أكبن، ردا على هذه المزاعم، إنه «ليست هناك أي أعمال لتحويل مهام (خلق بنك) إلى بنك آخر»، وإن التعديلات الجديدة وضعت من أجل تحقيق التوافق مع قانون التجارة الجديد.
ونفت الحكومة التركية الأسبوع الماضي مزاعم بشأن تحقيقات أميركية حول نشاط عدد من البنوك في تركيا لانتهاكها العقوبات المفروضة على إيران بسبب ملفها النووي.
وقال نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية محمد شيمشيك إن السلطات الأميركية كان لها «بعض الأسئلة» تتعلق ببنك واحد فقط، وأشار إلى أنه ليس هناك أي تحقيق مع أي بنك تركي، وأن «عددا من الأسئلة طرح حول بنك تركي واحد فقط، وبخلاف ذلك لا توجد عملية تتعلق بالنظام المصرفي التركي. ولسوء الحظ، فإن مثل هذه الإشاعات السيئة ضد تركيا تؤثر على الليرة التركية».
وواصلت أسهم البنوك والليرة التركية التراجع منذ تردد أنباء في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن عقوبات أميركية محتملة على 6 بنوك تركية بسبب انتهاكها العقوبات على إيران. ولم تفلح تعليقات وكالة التنظيم والرقابة المصرفية التركية في تبديد مخاوف المستثمرين بعد أن طالبت بعدم الاستماع إلى الإشاعات بشأن المصارف التركية، مؤكدة أنها تعمل وفقا للمعايير القانونية، وأنها لم تتلق ما يشير إلى فرض غرامات مالية بالمليارات على أي من المصارف التركية.
وسجلت العملة التركية أكبر تراجع لها أمام الدولار الأميركي أمس ليسجل الدولار 3.95 ليرة.
وكانت صحف تركية قالت، نقلا عن «مصادر مصرفية رفيعة»، إن السلطات الأميركية قد تفرض غرامات تصل إلى مليارات الدولارات على 6 بنوك تركية، ولم تذكر أسماء البنوك، لكنها قالت إن أحدها يواجه عقوبة تزيد على 5 مليارات دولار، يرجح أنه «خلق بنك»، لكن الغرامات الأخرى ستكون أقل من ذلك.
وقالت الوكالة في بيان: «نلفت نظر الجمهور إلى أن هذه الروايات، وهي إشاعات في طبيعتها بشأن بنوكنا، لا تستند إلى وثائق أو حقائق ويجب عدم الاهتمام بها... والبنوك في تركيا تمارس عملها كما ينبغي».
وردا على طلب للتعقيب، قال متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية المسؤولة عن أنظمة العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة: «(الخزانة) لا ترسل برقيات عن نوايا أو إجراءات محتملة».
وأكد مسؤولون أتراك أن تركيا لم تتسلم أي إخطار من الولايات المتحدة بشأن مثل هذه العقوبات.
وقال شيمشيك إن مثل هذه الإشاعات ضربت سعر الصرف الأجنبي في تركيا، داعيا المستثمرين إلى الحفاظ على ثقتهم في الاقتصاد التركي، الذي قال إنه «يتمتع بصمود شديد تجاه الصدمات». وأضاف أن تركيا تخوض حربا جدية ضد الإرهاب، وأن اقتصادها أثبت قدرته على الصمود أمام الصدمات، وأن تركيا ستزيد من قدرتها على الصمود ضد الصدمات من خلال إصلاحات جديدة تستهدف تشجيع الأموال الأجنبية على البقاء داخل البلاد لفترة أطول، مشيرا إلى أن الاقتصاد التركي سيصبح أقوى من خلال حل المشكلات التي يواجهها في الداخل والخارج.
على صعيد آخر، أعلن بلال أكشي، المدير العام لـ«الخطوط الجوية التركية»، أن الشركة حصلت على المرتبة الثالثة في مجال الشحن الجوي على مستوى دول الخليج.
وقال أكشي عبر موقع التواصل «تويتر»، إن «الخطوط الجوية التركية» بدأت تتفوق في مجال الشحن الجوي، وحققت المرتبة الثانية في هذا المجال بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وكثفت «الخطوط الجوية التركية» من رحلاتها من وإلى الدول الخليجية؛ منها ما هو مباشر بين الدول الخليجية وبعض الولايات التركية، كما هي الحال في الرحلات التي أطلقت خلال الفترة الماضية بين قطر وولاية أضنة جنوب تركيا على البحر المتوسط، وبين المملكة العربية السعودية وولاية طرابزون شمال شرقي تركيا على البحر الأسود.
من ناحية أخرى، أسست شركة «الخطوط الجوية التركية» شركة للاستثمار العقاري تم تسجيلها في مدينة إسطنبول. وأعلنت الشركة الأسبوع الماضي عن تحقيقها أعلى أرباح في تاريخها خلال الربع الثالث من العام الحالي 2017؛ إذ بلغت نحو 939 مليون دولار.
وتهدف «الخطوط الجوية التركية» إلى أن تكون ضمن أكبر 5 شركات طيران حول العالم، بحلول عام 2023. كما تهدف إلى مضاعفة عدد ركابها. وأعلنت مؤخراً أن أسطولها بات يضم 500 طائرة.
وتأسست «الخطوط الجوية التركية»، وهي الناقل الوطني لتركيا وأفضل ناقل في أوروبا للعام السادس على التوالي، في عام 1933، بأسطول مؤلف من 5 طائرات فقط.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».