باحث إيطالي يشكك في قصة «حصان طروادة»

يقول إن الإغريق أخفوا الجنود داخل سفينة

موكب «حصان طروادة» احتفالاً بالألعاب الرومانية في جنوب فرنسا عام 2012 (أ.ف.ب)
موكب «حصان طروادة» احتفالاً بالألعاب الرومانية في جنوب فرنسا عام 2012 (أ.ف.ب)
TT

باحث إيطالي يشكك في قصة «حصان طروادة»

موكب «حصان طروادة» احتفالاً بالألعاب الرومانية في جنوب فرنسا عام 2012 (أ.ف.ب)
موكب «حصان طروادة» احتفالاً بالألعاب الرومانية في جنوب فرنسا عام 2012 (أ.ف.ب)

من منا لا يتذكر مصطلح «حصان طروادة» عندما يتعلق الأمر برواية الشاعر الملحمي الإغريقي القديم هوميروس، حول كيفية فتح اليونانيين القدماء لمدينة طروادة، عن طريق حشد مجموعة من الجنود داخل حصان خشبي وتقديمه هدية لأبناء المدينة.
وكتب هوميروس وهو يصف مسرح الأحداث في ذلك الوقت يقول إن «المدينة كتب عليها الهلاك عندما جلبت هذا الحصان إلى داخل أسوارها، وكان بداخله أشجع فرسان الإغريق كامنين وينتظرون لجلب الموت والدمار لأبناء طروادة».
ويزعم باحث إيطالي في الآثار البحرية أنه تحقق من أن ثمة خطأ في الترجمة ظهر بعد حرب طروادة بقرون، أدى إلى اختلاق أسطورة زائفة.
ويجادل الباحث فرانشيسكو تيبوني في كتاب من تأليفه صدر أخيراً في إيطاليا، بأن الحصان الشهير في الأسطورة كان في الحقيقة سفينة تجارية تحمل اسم «هيبوس» باللغة اليونانية القديمة، وكان يعلو مقدمتها تمثال كبير لرأس حصان كعلامة لها. وتعني كلمة «هيبوس» أيضاً «حصاناً».
وقال تيبوني لوكالة الأنباء الألمانية: «على مدار التاريخ طرح كثير من الأكاديميين ترجمة الكلمة هيبوس على أنها تعني سفينة».
وأضاف: «غير أنه كان هناك شيء مفقود على الدوام، واستطعت باعتباري عالماً في مجال الآثار البحرية وضع المعلومات المتفرقة جنباً إلى جنب لتكتمل الصورة».
ووفقاً للأسطورة، قام الإغريق الذين يحاصرون مدينة طروادة - التي كانت تقع فيما يعرف اليوم بالمنطقة الشمالية الغربية من تركيا - بالتظاهر بأنهم ينسحبون من ميدان المعركة، تاركين خلفهم حصاناً خشبياً ضخماً تختفي بداخله مجموعة من الجنود.
وقبل مواطنو طروادة الحصان باعتباره هدية ونقلوه داخل أسوار المدينة، ما عرضهم لهجوم من الغزاة الماكرين الذين كانوا كامنين بداخله.
وظهرت هذه القصة لأول مرة في ملحمة الإلياذة التي أبدعها هوميروس في الفترة بين القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد.
ويرى إرنست بيرنيكا وهو بروفسور أجرى أبحاثاً في الموقع الأثري عند مدينة طروادة، أن «قصة حصان طروادة خدعة عسكرية تعتبر بسيطة ويسهل تذكرها، وكل الناس سمعوها على الأقل مرة واحدة في حياتهم».
وأوضح تيبوني أنه في القرن الثاني قبل الميلاد، كتب عالم الجغرافيا اليوناني باوسانياس أن فكرة استخدام الإغريق حصاناً «لا تحمل مصداقية، حتى لو تم استخدام شكل الحصان ليمثل هذه الأسطورة».
ويقسم تيبوني وقته بين أبحاث الاستكشافات تحت سطح الماء حول حطام السفن القديمة في البحر المتوسط، ودراسة النصوص وصور الأيقونات القديمة، وهو ممارس محترف للغطس إلى جانب كونه باحثاً بجامعة إيكس مارسيليا الفرنسية.
وقال تيبوني إنه أكثر توافقاً مع المنطق التفكير في هدية الإغريق الغادرة لأهالي طروادة على أنها سفينة وليست حصاناً، لأنه كان من المعتاد استخدام السفن التجارية في حمل الإتاوات، مثل المعادن الثمينة إلى الأعداء المنتصرين في المعارك.
كما أن تجويف السفينة يمكن أن يتيح مكاناً أفضل لإخفاء الجنود مقارنة ببطن حصان، ومن ناحية أخرى، فإن الإشارة التي جاءت في القصيدة الملحمية للشاعر الروماني القديم والشهير فرجيل بعنوان «الإلياذة» بدعوة أهالي طروادة إلى إغراق هدية الإغريق، تبدو خارجة عن السياق إذا استبعدنا تفسير السفينة.
وكتب الباحث تيبوني عام 2016 في الدورية الأكاديمية «أرشيولوجيا مارتيما ميدترانيان»، أي الأبحاث الأثرية بالمتوسط، يقول إن «كثيراً من جوانب الأحداث التي حكاها المؤلفون القدماء تبدو أكثر وضوحاً، مقارنة بالتفسيرات المتداولة في الوقت الحالي، إذا استخدمنا كلمة هيبوس بمعنى سفينة».
وبينما نشر المؤرخ الفني أندريا شيونشي هذه الاكتشافات في صحيفة «لاستامبا» الإيطالية، قال تيبوني إن «زملاءه الباحثين في الدراسات الكلاسيكية يواجهون وقتاً عصيباً في تقبل أن أسطورة راجت طوال قرون قد تكون زائفة».
وأضاف: «لكن هدفي هو عدم رفض قصة سقوط طروادة على الإطلاق، ولكن جعلها أكثر مصداقية، وإذا نسينا الخطأ الذي وقع في الترجمة بشأن الحصان الخشبي، فإننا نمنح مزيداً من التقدير لدهاء الإغريق».
ومع ذلك، قالت إليني ستيليانو وهي باحثة في مجال الآثار بأثينا، إنه «من المتعذر فصل الحقائق عن الخيال عندما نتعامل مع أسطورة تستند إلى قصيدة ملحمية عمرها 3 آلاف عام تقريباً، وتكون أصالتها أيضاً محل جدل أكاديمي».
وأضافت: «نحن نتعامل هنا مع ما نسبته 50 في المائة من الأساطير و50 في المائة من التاريخ، ومن هنا بوسع أي فرد أن يصدر التفسيرات التي تحلو له، ومن المحتمل ألا نتوصل على الإطلاق إلى حقيقة ما حدث، والملاحم البطولية تعد منجم ذهب بالنسبة للمترجمين وسلسلة أفلام إنديانا جونز ذات المغامرات الخيالية».



«بضع ساعات في يوم ما» يعيد النصّ الروائي إلى السينما المصرية

أبطال الفيلم في المشهد الأخير (الشركة المنتجة)
أبطال الفيلم في المشهد الأخير (الشركة المنتجة)
TT

«بضع ساعات في يوم ما» يعيد النصّ الروائي إلى السينما المصرية

أبطال الفيلم في المشهد الأخير (الشركة المنتجة)
أبطال الفيلم في المشهد الأخير (الشركة المنتجة)

يضع فيلم «بضع ساعات في يوم ما» أبطاله بداخل قصص حبّ تُواجه عواصف قد تطيح بها إنْ لم يحدُث التجاوز عن الأخطاء، مُعتمداً البطولة الجماعية لعدد من نجوم السينما، ومُستنداً إلى نصّ أدبي يُعيد الأعمال الروائية التي تطلّ بخجل إلى السينما المصرية.

يُعدُّ الفيلم الذي انطلق عرضه 25 ديسمبر (كانون الأول)، آخرَ ما طُرح في 2024؛ وقد حقَّق خلال 3 أيام إيرادات تقارب 4 ملايين جنيه (الدولار يوازي 50.87 جنيه مصري)، محتلاً المركز الثاني في شباك التذاكر، وهو مأخوذ عن رواية بالعنوان عينه للروائي محمد صادق الذي كتب السيناريو أيضاً، ومن إخراج عثمان أبو لبن، وإنتاج أحمد السبكي.

يطرح العمل 5 حكايات تدور أحداثها خلال 8 ساعات، وفي كل ساعة يظهر على الشاشة عدّاد يعلن فصلاً جديداً يتطرّق إلى علاقات حبّ وزواج تتبدّل فيها مشاعر الأبطال.

مايان السيد في لقطة من الفيلم بعد إصابتها بحادث سيارة (الشركة المنتجة)

فهناك حكاية أمنية (مي عمر) التي ضاقت بحياتها المُعلَنة عبر مواقع التواصل بسبب زوجها «اليوتيوبر» (أحمد السعدني) الذي يحوّل عيد زواجهما احتفالاً ينقله لمتابعيه، ويفاجئها بحجز مسرح لتُقدّم رقصة باليه بعد اعتزالها لسنوات، لكنها تنتهي بسقوطها، فيكون هذا السقوط بداية النهاية لعلاقتهما؛ في حين لا تستطيع صديقتها أمل (أسماء جلال)، رغم خِطبتها من ابن خالها (محمد الشرنوبي)، التخلُّص من مشاعرها تجاه علاقة حبّ سابقة، فتفسخ هذه الخطوبة.

كما يعيش ياسين المصري (هشام ماجد) حياة عادية يبحث فيها عن عمل، وحبّ يملأ حياته، حتى يلتقي مصادفة بفتاة ثرية وبريئة (هنا الزاهد)، في حين تقع يسرا (هدى المفتي) في خلافات مع خطيبها (محمد سلام) المشغول بـ«التريند» وعدد المتابعين، بينما تتعرّض شخصية مايان السيد لحادث سيارة، فتنقذها شخصية خالد أنور الذي يكتشف تعرّضها لتحرش زوج والدتها ومعاناتها مرضاً نادراً.

تتوالى الأحداث عبر مونتاج متوازٍ بين أبطال قصص الحبّ الـ5 الذين لا يجتمعون إلا بمشهد واحد في النهاية. ويطلّ الفنان كريم فهمي ضيفَ شرف في آخر مَشاهد الفيلم، كما تظهر ناهد السباعي ومحمد مهران ضيفَي شرف بمشهد واحد أيضاً.

هنا الزاهد ومي عمر مع أحمد السعدني في أحد مَشاهد الفيلم (الشركة المنتجة)

حقَّقت أغنية الفيلم، «انصاص مشاوير» للفنان ماجد المهندس، نجاحاً لافتاً، وطُرحت عبر المنصات قبل عرضه بأيام؛ وهي تعكس أحوال أبطاله؛ إذ تقول في مقدمتها: «حبيت كتير وفارقت كتير أنا عمري كله انصاص مشاوير، وإزاي هفكر قبل ما أحب والحب أسرع من التفكير».

وبعد 12 عاماً من صدور روايته «بضع ساعات في يوم ما»، كتب المؤلّف محمد صادق سيناريو الفيلم في أول تجربة له، بعدما كتب وائل حمدي سيناريو رواية «هيبتا» لصادق. وعن هذه التجربة يقول الأخير لـ«الشرق الأوسط»: «أحبُّ هذا الوسيط السينمائي ودرستُه، ولم تواجهني صعوبة في كتابة السيناريو».

وعن تأخُّر تحوُّل الرواية إلى فيلم، يتابع صادق: «حدّثني منتجون عن رغبتهم في تقديمها سينمائياً، ولكن حين وجدت منتجاً كبيراً مثل أحمد السبكي مهتماً بالرواية، ومتحمّساً لها، جرى الاتفاق بيننا وأبصر الفيلم النور».

ضمن الأحداث، تعاني مايان السيد مرضَ «متلازمة توريت»، فيكشف المؤلّف عن أنه استعان بمرضى يعانونه أفادوا الفيلم كثيراً.

المخرج عثمان أبو لبن يؤيّد البطولة الجماعية (الشركة المنتجة)

ووفق المخرج المصري عثمان أبو لبن، فإنّ البطولة الجماعية التي استند إليها العمل لم يواجَه بأي صعوبات، ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «الأمر يتوقّف على السيناريو والقصة الجيّدة، فيتحمّس الممثلون ويقدّمون أفضل ما لديهم».

ويؤكد أنّ القصة الإنسانية جذبته لأنها تعبّر عن قضايا اجتماعية ترتبط بالزمن الحالي: «أحببتُ التطرُّق إلى عالم مواقع التواصل بشكل جديد».

ملصق الفيلم يعبِّر عن العلاقات الثنائية بين أبطاله وبطلاته (الشركة المنتجة)

من جهته، يصف الناقد المصري طارق الشناوي الفيلم بأنه «جيّد الصنع، وتجربة تستحقّ الاحترام إنتاجياً وسينمائياً»، مشيراً إلى أنّ أحمد السبكي «أنشط منتج مصري في السنوات الأخيرة لحرصه على تقديم أفكار جديدة؛ إذ يضع أمام عينيه هدفاً سينمائياً يتعلّق بتقييد الزمن عبر أفلامه، ما يسمح بمشاركة أكبر عدد من الممثلين الذين يقدّمون بطولة جماعية».

ويرى أنّ «فكرة الفيلم عميقة في ظلّ وجود شخصيات تتفاعل خلال 8 ساعات، فيدخل خلالها العمل مناطق حساسة في التكوين البشري، عبر مونولوغات درامية تحاكي الحبّ والخيانة والصداقة، وتغيُّر المشاعر التي يناقشها بتويعات متعدّدة».

وختم أنّ «السيناريو ينقصه عمق درامي يتعلّق بتفاصيل الشخصيات، وعمق إخراجي يحقّق قدراً من الانسيابية في الانتقال من حالة إلى أخرى».