الأسواق تتخطى كبوة «التعثر الألماني»

الثقة في أقوى اقتصاد أوروبي أكبر من خشية المخاطر

متعاملون أثناء التداول في بورصة فرانكفورت.(رويترز)
متعاملون أثناء التداول في بورصة فرانكفورت.(رويترز)
TT

الأسواق تتخطى كبوة «التعثر الألماني»

متعاملون أثناء التداول في بورصة فرانكفورت.(رويترز)
متعاملون أثناء التداول في بورصة فرانكفورت.(رويترز)

تسبب فشل مفاوضات تشكيل ما تعرف بـ«حكومة جامايكا» الائتلافية في ألمانيا، في ارتباك بالأسواق أمس، نتيجة الغموض الذي يسود وضع أكبر اقتصاد أوروبي. ودفعت التطورات السندات الألمانية ذات أجل 10 سنوات، التي توصف بأنها أحد آمن الأصول على مستوى العالم، إلى أدنى مستوياتها في 10 أيام بفقدان 1.5 نقطة أساس، لكن أسواق الأسهم والعملة الأوروبية الموحدة عادتا سريعا إلى التعافي بعد هبوط وخسائر أولية صباح أمس، مع تجاهل المستثمرين المخاطر المترتبة على الأوضاع السياسية المتأزمة في ألمانيا، والأمل في التوصل إلى حل للأزمة السياسية.
وتعقيبا على الارتباك البادي في الأسواق الأوروبية أمس عقب الإعلان عن فشل مفاوضات تشكيل الحكومة الألمانية، قال راينر غنترمان، خبير الاستراتيجيات في «كومرتسبانك»، لـ«رويترز»: «الأمر كان مفاجأة، وهناك القليل من الوضوح حول ما ستؤول إليه الأمور».
ويرى بعض المراقبين أن الوضع في ألمانيا غاية في الغموض، والاحتمالات مفتوحة على مصراعيها؛ إذ إن الوضع الاقتصادي القوي للبلاد ونتائجها القوية خلال السنوات والأشهر الماضية يؤكدان على رسوخ أقوى اقتصاد أوروبي، والرابع عالميا من حيث الناتج الإجمالي المحلي... إلا أن بقاء المستشارة أنجيلا ميركل على رأس السلطة يبقى أمرا مهماً لطمأنة الاقتصاد في ألمانيا وأوروبا على حد سواء؛ خصوصا في ظل عدم وجود بديل واضح يتولى محلها، مما يجعل هذا البلد المهم اقتصاديا في قبضة «الشلل السياسي» وبالتالي قد يعوق من قوتها الاقتصادية.
ويرى هذا الجانب من المراقبين أن خروج بريطانيا من الساحة الأوروبية، وانشغال فرنسا المبرر اقتصاديا بأوضاعها الداخلية، يجعل من ألمانيا «عمودا» وحيدا قويا يستند إليه اقتصاد أوروبا ككل، وأن أي اضطراب داخلي سينعكس حتما على القارة الأوروبية... لكن الثقة الغالبة بأن القادة في ألمانيا لن يسمحوا بالانزلاق إلى الهاوية، غلبت على المخاوف في رأي كثيرين.
وفي الأسبوع الماضي، دفع النمو في إجمالي الناتج المحلي المتحقق في ألمانيا بالربع الثالث، وبأكثر من التوقعات، إلى تسارع نمو اقتصاد منطقة اليورو ككل؛ حيث نشر مكتب إحصاءات «يوروستات» الأوروبي نتائج فصلية أشارت إلى نمو ألماني يقدر بنحو 0.8 في المائة، فيما تسارع نمو اقتصاد منطقة اليورو خلال الربع الثالث من العام الحالي على أساس سنوي بنسبة 2.5 في المائة، مقارنة بنمو قدره 2.3 في المائة خلال الربع السابق له. وكان المحللون يتوقعون نمو اقتصاد ألمانيا في تلك الفترة بمعدل 0.6 في المائة فقط، رغم تباطؤ حركة التجارة والناتج الصناعي.
ورغم قوة الاقتصاد الألماني، مع بلوغ ثقة المستثمرين أوجها خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واستقرار معدل البطالة عند مستواه المنخفض تاريخيا، فإن تباطؤ وتيرة نمو الطلب الصناعي وتراجع الصادرات في سبتمبر (أيلول) الماضي، يشكلان عاملي ضغط لا يستهان بهما، في دولة صناعية بحجم ألمانيا.
وعلى مستوى الأسواق، نجحت أغلب الأسواق في امتصاص الصدمة سريعا، وبعد هبوط أولي، عادت إلى الصعود. وقال أنطوني بوفيت، محلل الأسواق لدى «ميزوهو» لـ«رويترز»: «رد فعل الأسواق لم يكن دراميا... في النهاية، الدعوة لانتخابات جديدة في ألمانيا ليس بالأمر الهين، وهناك آمال باقية في الوصول إلى حلول وحكومة أقلية».
ونزل مؤشر «داكس» الألماني في التعاملات الصباحية، لكنه عاد إلى الصعود بنسبة 0.3 في المائة عصرا. كما أن مكاسب سهم شركة «روش» للأدوية ذي الثقل بعد أنباء إيجابية عن تجارب أدوية، فضلا عن تكهنات بشأن صفقات في قطاع المرافق، ساهمت معا في استقرار مؤشر «ستوكس 600» للأسهم الأوروبية.
وصعد سهم «روش» 4.1 في المائة بعد أن أعلنت شركة الأدوية السويسرية عن تجارب ناجحة لعقارين. ومن أكبر الرابحين على مؤشر «ستوكس» أمس سهم شركة المرافق «آر دبليو إي»، الذي زاد 3.1 في المائة بعدما نقلت «رويترز» عن مصادر القول إن شركة المرافق الألمانية تدرس سبل خفض حصتها في شركة «إنوجي» في خطوة قد تشمل صفقة مع «إنيل» الإيطالية. وتقدر قيمة الحصة عند 16.8 مليار يورو.
والمؤشر الأوروبي متراجع 2.8 في المائة منذ بداية الشهر الحالي مع اتجاه مستثمرين لجني أرباح بعد مكاسب قوية منذ بداية العام. وبعد هبوط أولي أمس، ارتفع مؤشر كل من «فايننشيال تايمز 100» البريطاني 0.2 في المائة، و«كاك 40» الفرنسي 0.3 في المائة.
بدورها، تعافت العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، سريعا من الصدمة الألمانية التي وضعتها صباح أمس في أدنى مستوى في شهرين مقابل الين، وذلك مع ما بدا كأنه تجاهل المستثمرين المخاطر السياسية المترتبة على فشل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في تشكيل حكومة ائتلافية.
وبعد موجة بيع حادة في المعاملات الآسيوية المبكرة، انخفض خلالها اليورو 0.8 في المائة مقابل العملة اليابانية إلى 131.16 ين، مسجلا أدنى مستوى منذ 15 سبتمبر (أيلول) الماضي، تعافت العملة الأوروبية الموحدة بنحو واحد في المائة، ليجري تداولها عند 132.33 ين بزيادة طفيفة على مستواها أول من أمس.
كما نزل الدولار مقابل الين، الذي يزيد الإقبال عليه عادة في أوقات الضبابية، خلال المعاملات الآسيوية، لينخفض إلى أقل مستوى في شهر. لكن العملة الأميركية سجلت ارتفاعا طفيفا مقابل الين في المعاملات الأوروبية لتصل إلى 112.05 ين.
وهبط اليورو 0.5 في المائة مقابل الدولار في المعاملات الآسيوية إلى 1.722 دولار، مبتعدا عن أعلى مستوى في شهر عند 1.1862 دولار الذي سجله يوم الأربعاء الماضي، لكنه تعافى ليجري تداوله بارتفاع 0.1 في المائة عن اليوم السابق، مسجلا 1.1802 دولار في تعاملات لندن.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.