رفع لبنان صفة «اللاجئ» عن السوريين قد يمنعهم من المشاركة في انتخابات الرئاسة

نائب عن حزب البعث يصف القرار بأنه «لا أخلاقي» ويحمل سلام المسؤولية

لاجئون سوريون في مدينة طرابلس اللبنانية يتظاهرون احتجاجا  على الانتخابات الرئاسية السورية المقررة غدا (رويترز)
لاجئون سوريون في مدينة طرابلس اللبنانية يتظاهرون احتجاجا على الانتخابات الرئاسية السورية المقررة غدا (رويترز)
TT

رفع لبنان صفة «اللاجئ» عن السوريين قد يمنعهم من المشاركة في انتخابات الرئاسة

لاجئون سوريون في مدينة طرابلس اللبنانية يتظاهرون احتجاجا  على الانتخابات الرئاسية السورية المقررة غدا (رويترز)
لاجئون سوريون في مدينة طرابلس اللبنانية يتظاهرون احتجاجا على الانتخابات الرئاسية السورية المقررة غدا (رويترز)

فسر مراقبون قرار الحكومة اللبنانية برفع صفة «اللاجئ» عن السوريين الذين يغادرون الأراضي اللبنانية، بأنه يمنع آلاف اللاجئين من الإدلاء بأصواتهم في المناطق الحدودية، في المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية السورية المقررة يوم غد (الثلاثاء).
وبينما أثار القرار حفيظة بعض الشخصيات والأحزاب الحليفة للنظام السوري في لبنان، جزم وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، أمس، بأنه «لا مراكز اقتراع بلبنان في يوم الانتخابات السورية في الثالث من الشهر الحالي (غدا)»، علما بأن متحدثا باسم حزب «البعث العربي الاشتراكي» أبلغ «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي بأن أربعة مراكز على الأقل ستقام في مناطق حدودية سورية كالمصنع والعبودية والعريضة لتأمين انتخاب اللاجئين الذين لم يتمكنوا من النزول إلى بيروت، الأسبوع الماضي.
وكانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وجهت أمس رسائل نصية إلى مليون و90 ألف لاجئ سوري مسجلين لديها في لبنان، أعلمتهم بموجبها بقرار وزارة الداخلية اللبنانية نزع صفة لاجئ عمن يتوجه إلى سوريا بعد الأول من الشهر الحالي، أي بدءا من يوم أمس، بموازاة اتخاذ الأمن العام اللبناني إجراءات أمنية استثنائية عند المعابر الحدودية لضبط عملية دخول وخروج السوريين.
وجاءت رسالة مفوضية شؤون اللاجئين، أمس، بعد إعلان وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، أول من أمس، قرارا يقضي بنزع صفة «النازح» عن اللاجئين السوريين في لبنان الذين يدخلون الأراضي السورية، واضعا الإجراء في إطار «الحرص على الأمن في لبنان وعلى علاقة النازحين السوريين بالمواطنين اللبنانيين في المناطق المضيفة»، وذلك على خلفية تداعيات مشاركة آلاف السوريين في الانتخابات الرئاسية السورية في مقر السفارة ببيروت منتصف الأسبوع الماضي، وما سببته من إشكالات أمنية وحرق خيام نازحين، واستفزازات بين مؤيدي النظام السوري ومعارضيه.
وفي حين باشر الأمن العام اللبناني إجراءات خاصة على النقاط الحدودية بدءا من أمس، أوضح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، في مقابلة تلفزيونية، أمس، أن «سجلات النازحين السوريين موجودة، وهم معروفون بكل تفاصيلهم وببصمة عينهم».
ولفت إلى أن «مشاورات عدة جرت لوضع معايير لوجود ودخول النازحين السوريين إلى لبنان»، مؤكدا «القبول بصفة النازح وفق معايير أمنية فقط أي، إذا كان يأتي من مناطق غير آمنة».
ورأى درباس أن «لبنان لن ينزلق إلى الموضوع العنصري مع السوريين، وعليه، فما يحصل الآن هو مفتعل وليس أصيلا، وبعد احتراق خيام النازحين يجب علينا أن نحل موضوع المخيمات العشوائية للنازحين التي وصلت إلى 1250 مخيما عشوائيا».
وأثار قرار «الداخلية» اللبنانية امتعاض حلفاء النظام السوري في لبنان. ووصف النائب عن حزب البعث العربي الاشتراكي عاصم قانصو لـ«الشرق الأوسط» القرار بأنه عبارة عن «ردات فعل حاقدة، فيها نوع من الفاشستية والعنصرية والحقد على السوريين»، منتقدا كيف أنه «بعد الإقبال الكبير على الانتخابات، يصدر رد فعل رسمي مماثل في لبنان».
وسأل قانصو، الذي أوكلت السفارة السورية في بيروت حزبه الإعداد للعملية الانتخابية وإعداد قوائم الناخبين: «هل السوريون موظفون لدى المشنوق، أم هم سعيدون بإقامتهم في لبنان؟»، لافتا إلى أنه «لولا أن هناك حربا في بلدهم لما جاءوا إلى لبنان، وأبسط قواعد المعاملة الإنسانية تفرض علينا التعاطي باحترام مماثل لذلك الذي قابلونا به في عام 2006».
وحمل المسؤولية لرئيس الحكومة تمام سلام، لموافقته على قرار يؤثر سلبا على سمعة لبنان ويمنع الناس من ممارسة حقوق طبيعية لهم. وأكد أن «القرار لن يغير من نتائج الانتخابات، ويعكس عنصرية من قبل المشنوق يندى لها الجبين».
ومن جانبه، عدّ المدير السابق للأمن العام اللبناني جميل السيد، أمس، قرار وزارة الداخلية بأنه «قرار سياسي يقع ضمن صلاحية مجلس الوزراء مجتمعا ويخالف القوانين اللبنانية والدولية»، موضحا أن «النازح ليس سجينا ولا محكوما بالمنع من السفر، خصوصا إذا ما كان يرغب في تفقد عائلته أو أرزاقه في سوريا، ريثما تسمح الظروف الأمنية بعودته إليها أو إلى منزله بصورة نهائية».
وقال، في بيان، إن «الخلفية السياسية لهذا القرار تأتي انتقاما لظاهرة الحشود السورية التي اقترعت في لبنان من جهة، ولمنع الذين لم يستطيعوا الاقتراع من ممارسة حقهم في سوريا، علما بأن هذا القرار السطحي من وزارة الداخلية لن يؤثر في مجرى الأحداث، ولا في مسار الانتخابات الرئاسية السورية».
وأثارت مشاركة آلاف اللاجئين السوريين في المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، في السفارة السورية في بيروت، سلسلة من الإشكالات الأمنية وردود الفعل الانتقامية، أبرزها إقدام عدد من السوريين على حرق مخيم في بلدة جديتا البقاعية شرق لبنان، يقطنه نحو مائتي شخص.
وبعد توجيه القاطنين في أحد مخيمات اللاجئين السوريين في بلدة خريبة الجندي في منطقة عكار، شمال لبنان، دعوة، مساء السبت الماضي، للمشاركة، ظهر أمس، في تحرك احتجاجي رفضا للانتخابات السورية، عثر، قبل ظهر أمس، على أربع قنابل يدوية مربوطة بشريط بالقرب من المخيم المجاور لأحد مراكز تيار المستقبل.
وحضرت الأجهزة الأمنية، وعملت على تفكيك القنابل، قبل أن تنطلق مظاهرة شارك فيها العشرات من اللاجئين، حاملين أعلام «الثورة» السورية، ومرددين هتافات مناوئة للنظام السوري.
من جهة أخرى، وفي بلدة عرسال البقاعية، خطف عدد من الشبان اللبنانيين والسوريين، تردد أنهم من «جبهة النصرة»، ثلاثة شبان سوريين لا تتجاوز أعمارهم 16 عاما، واحتجزوهم في جرد عرسال من التاسعة مساء حتى الرابعة من فجر أمس. وأكدت مصادر محلية في البلدة لـ«الشرق الأوسط» تعرض الشبان الثلاثة للتعذيب وكسر أطراف أصابعهم بتهمة سرقة دراجة نارية. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، إن الشبان نقلوا إلى المستشفى الميداني في عرسال للمعالجة.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.