السيسي يؤكد دعم مصر لجهود توحيد شطري الجزيرة القبرصية

اعتبر اكتشافات الطاقة في البحر المتوسط عاملاً مهماً لتحقيق السلام

TT

السيسي يؤكد دعم مصر لجهود توحيد شطري الجزيرة القبرصية

أبدى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، دعم بلاده لتوحيد الجزيرة القبرصية وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، في إطار نظام فيدرالي يجمع شَطْرَي الجزيرة في سلام دون أي تدخلات خارجية، مشيداً باكتشافات الطاقة الجديدة في البحر المتوسط، والتي تأتي في إطار التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان، معتبراً إياها «عاملاً مهماً لتحقيق الاستقرار والسلام لدول وشعوب المنطقة».
وأجرى الرئيس المصري مباحثات رسمية في نيقوسيا أمس مع نظيره القبرصي نيكوس أنستاسياديس، تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وعددا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك؛ كما شهدت توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجال التعاون الأمني الأعمال والاتصالات والصحة.
وبدأ السيسي أمس زيارة إلى قبرص، تستمر لمدة يومين، يشارك خلالها في فعاليات القمة الثلاثية الخامسة بين «مصر وقبرص واليونان»، في إطار آلية التعاون الثلاثي التي انطلقت بالقاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014.
وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره القبرصي، أكد الرئيس السيسي أن العلاقات بين البلدين تاريخية وقائمة على روابط ممتدة من الصداقة بين القيادات وشعبي البلدين، مثمناً الجهود القبرصية الدائمة لدعم مصر خلال السنوات الماضية، والمساندة للتحولات الاقتصادية في مصر، وخطط الحكومة للإصلاح الاقتصادي.
وقال السيسي: «لقد حان الوقت لكي تجني شعوبنا ثمار تلك العلاقات، من خلال تعزيز التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات».
وأشار السيسي إلى أن «إقامة منتدى رجال الأعمال المصري القبرصي للمرة الأولى على هامش هذه الزيارة، ستسهم بلا شك في تعزيز الحوار وتفعيل قنوات الاتصال بين المستثمرين من الجانبين، مضيفا أن مشاركته ورئيس قبرص في افتتاح أعمال المنتدى تعكس اهتمام قيادتي البلدين بتطوير علاقات التعاون الاقتصادي، والالتزام بالعمل على إزالة أي معوقات في هذا الصدد».
وتابع: «اكتشافات الطاقة في منطقة شرق المتوسط يمكن أن تكون عاملاً مهماً لتحقيق الاستقرار والسلام، بما يعود بالنفع على دول وشعوب المنطقة»، مضيفا: «تلك الاكتشافات يمكن أن تسهم في تلبية احتياجات القارة الأوروبية لتنويع مصادرها من الطاقة، بما سيساعد على تحقيق أمن الطاقة، خاصة في ضوء الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به كل من مصر وقبرص، والذي يؤهلهما للقيام بدور مهم وحيوي في سياسات الطاقة في المنطقة».
وأكد موقف مصر «الداعم لحقوق قبرص الشرعية في استغلال ثرواتها الطبيعية في منطقتها الاقتصادية الخالصة، وفقاً للقانون الدولي للبحار واتفاقيات تعيين الحدود التي وقعتها قبرص مع دول الجوار ومن بينها مصر».
ودعم الرئيس المصري توحيد الجزيرة القبرصية قائلا، إن «مواقفكم النبيلة والجهود التي تبذلونها من أجل التوصل إلى تسوية للقضية القبرصية هي محل تقدير واحترام من المجتمع الدولي، وأود في هذا الصدد أن أجدد لكم ثبات مواقف مصر الداعمة للجهود التي تبذلونها من أجل إعادة توحيد الجزيرة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والقانون الدولي، في إطار نظام فيدرالي يجمع شَطْرَي الجزيرة في سلام دون أي تدخلات خارجية». وأضاف السيسي: «حالة عدم الاستقرار التي تشهدها مجموعة من دول المنطقة ساهمت في توفير الأرض الخصبة لتنامي التيارات المتشددة وتزايد أنشطة الجماعات الإرهابية... واتفقت مع الرئيس القبرصي على استمرار التنسيق والتعاون بين الجانبين في إطار التصدي لهذا الخطر».
من جهته، قال الرئيس القبرصي إن «الزيارة التاريخية لرئيس مصر، وانعقاد مؤتمر القمة الثلاثي الخامس بين قبرص واليونان ومصر، يعدان دليلا بالغا لإصرارنا على تعميق مستوى العلاقات... وقد أكدنا على العلاقات الثنائية بين البلدين، والتعاون على عدة مستويات فيما يتعلق برخاء شعوبنا، ويتوسع هذا التعاون في الجهود المشتركة داخل المنظمات الدولية».
وأوضح الرئيس القبرصي أن «العلاقات الثنائية تتطور بمعدل جيد في كل المجالات، كالمجال السياسي والطاقة والاقتصاد والدفاع والصحة والبيئة والسياحة»، وأنه تم توقيع مذكرات تعاون تضاف إلى 35 اتفاقية قائمة بالفعل في مجالات الأعمال والاقتصاد والأمن وغيرها.
وأعلن أنستاسياديس «إنشاء آلية لعقد لقاءات دورية سنوية للحكومتين بهدف متابعة تنفيذ ما يتم التخطيط له والقيام بأنشطة مشتركة لصالح المنطقة». وأضاف أن «التعاون في مجال الأمن والدفاع سوف يسهم بشكل جوهري في جهودنا المشتركة لدعم الأمن الإقليمي والاستقرار».
وفي ختام المباحثات، تبادل الرئيسان الأوسمة، حيث منح الرئيس القبرصي الرئيس السيسي قلادة «مكاريوس الثالث» أرفع وسام في قبرص يمنح لرؤساء الدول، في حين منح الرئيس السيسي نظيره القبرصي «قلادة النيل».
وضمن فعاليات زيارة السيسي الأولى إلى نيقوسيا، ألقى كلمة أمام البرلمان القبرصي، أكد فيها حرصه على تواجده بين أعضاء البرلمان ومساندة مصر لجهود الوصول إلى الحل الذي يتطلع إليه الشعب القبرصي فيما يتعلق بإعادة توحيد الجزيرة القبرصية، وقال إنه «يشعر باعتزاز وهو ينقل رسالة تقدير من الشعب المصري على مواقف شعب قبرص النبيلة في دعم التطورات السياسية المهمة التي شهدتها مصر خلال السنوات القليلة الماضية بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) عام 2013».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم