إسرائيل تعترف بوضع شروط تعجيزية على المبادرة الأميركية للسلام

وزيرة الخارجية قالت إنه لا يمكن لأي قائد فلسطيني أن يقبلها

TT

إسرائيل تعترف بوضع شروط تعجيزية على المبادرة الأميركية للسلام

أعلنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي حوتوبيلي أن حكومتها وضعت شروطاً للتسوية السياسية في الشرق الأوسط «لا يمكن لأي قائد فلسطيني أن يقبلها».
وفصلت حوتوبيلي، وهي نائبة من حزب الليكود الحاكم، هذه الشروط بقولها «لدينا ثلاثة مبادئ أساسية أبلغنا واشنطن بها، وقلنا بوضوح إنه لا يمكننا التنازل عنها، وهي رفض وجود أي سيادة على المنطقة الممتدة ما بين البحر المتوسط ونهر الأردن سوى السيادة الإسرائيلية، ورفض أي إخلاء لأي مستوطنة، والإبقاء على القدس موحدة وعاصمة وحيدة لإسرائيل»، ثم أضافت شرطاً رابعاً هو رفض عودة اللاجئين حتى إلى المناطق الفلسطينية.
وعندما سُئلت إن كان هناك قائد فلسطيني يمكن أن يوافق على هذه الشروط، أجابت بنبرة متهكمة «المجتمع الفلسطيني لا يتمتع بإرادة السلام. وهكذا هم قادته، لذلك لن نجد قائداً فلسطينياً مستعداً لقبول شروطنا... المجتمع الفلسطيني يحتاج إلى ثقافة السلام. وهم ليسوا ناضجين لصنع السلام ولا لإدارة دولة مستقلة. وما حصل في قطاع غزة يعلمنا أنهم ينتخبون (تنظيمات الإرهاب) لقيادتهم».
وأعربت حوتوبيلي عن أملها في أن يتفهم الأميركيون شروط إسرائيل بقولها «إنهم يتفهمون موقفنا بأن الاستيطان هو ليس العقبة أمام عملية السلام. لدينا رئيس يضع قضية إيران على رأس جدول الاهتمام، ويرفض أن يحتل مكانه الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وعلى عكس الإدارة السابقة، فالرئيس دونالد ترمب يرفض إملاء تسوية على الأطراف. وعلينا أن نعتاد على العيش من دون تسوية مع الفلسطينيين».
من جهة ثانية، كشفت «سلطة تطوير القدس» في الحكومة الإسرائيلية، ووزارة شؤون القدس والميراث، ووزارة السياحة وبلدية القدس الغربية، عن تسريع خطة لبناء القطار الهوائي الذي سيصل إلى البلدة القديمة المحتلة، ويتوقع أن يمر بجانب مواقع حساسة مثل الحرم القدسي، وأن يثير معارضة قوية من قبل الفلسطينيين والمجتمع الدولي.
وفجرت في الأسابيع الأخيرة لقاءات مع السكان المقيمين بجانب المواقع التي ستقام فيها محطات القطار، وتم إنشاء مركز إعلامي حول المشروع، الذي سيتم عرضه بعد ثلاثة أسابيع أمام اللجنة الوطنية للبنى التحتية.
وتقدر هيئة تطوير القدس أنه في حال عدم حدوث إخفاقات، فسيكون من الممكن البدء بتفعيل القطار الهوائي بحلول عام 2021، لكن المعارضة لهذا المشروع تتزايد في الوقت الحالي.
وتعرض سلطة تطوير القدس مشروع القطار الهوائي على أنه مشروع يهدف إلى حل مشكلة السير في محيط البلدة القديمة. وحسب الخطة، سيشمل في المرحلة الأولى إنشاء ثلاث محطات: الأولى بالقرب من مسرح الخان، والثانية بالقرب من موقف جبل صهيون، والثالثة على سطح مركز الزوار «كيدم» الذي يخطط لإقامته بجانب باب المغاربة وحائط المبكى.
ومن أجل إنشاء المشروع ستكون هناك حاجة لبناء أعمدة إسمنتية ضخمة يصل ارتفاع أعلاها إلى 26 متراً. وحسب المخططين فإن هذا القطار سيتمكن من نقل نحو 3000 مسافر في ساعات الذروة، ما يعني أنه يمكنه حل قسم كبير من مشاكل الوصول والاكتظاظ حول البلدة القديمة، وتوفير مئات حافلات الركاب التي تنقل السياح وحافلات المواصلات العامة يومياً.
وتعمل على تخطيط المشروع شركة دولية خبيرة في مشاريع مشابهة. لكن سلطة تطوير القدس لا تسارع إلى كشف اسم الشركة. فقبل عدة سنوات انسحبت شركة فرنسية من المشروع بضغط من الحكومة الفرنسية، بسبب حساسيته السياسية. وبالإضافة إلى المشاكل السياسية التي من المتوقع أن يثيرها المشروع، من المتوقع أيضاً أن يواجه المعارضة بسبب الأضرار التي ستلحق بقيم المحافظة على المناظر الطبيعية للمدينة القديمة. كما أن هناك من يقول إن المقصود هو تحويل القدس القديمة إلى «ديزني لاند»، وإن هدف القطار الهوائي جذب السياح وليس النقل العام.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.