العاهل المغربي والرئيس التونسي يدعمان الحوار في ليبيا

الرباط تدحض مزاعم حول خلاف بين الملك والمرزوقي

العاهل المغربي لدى استقباله باجي قائد السبسي امس ( ماب)
العاهل المغربي لدى استقباله باجي قائد السبسي امس ( ماب)
TT

العاهل المغربي والرئيس التونسي يدعمان الحوار في ليبيا

العاهل المغربي لدى استقباله باجي قائد السبسي امس ( ماب)
العاهل المغربي لدى استقباله باجي قائد السبسي امس ( ماب)

أعرب العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس التونسي المنصف المرزوقي عن انشغالهما البالغ بالأحداث الأخيرة التي تعرفها ليبيا، وتداعياتها على أمنها واستقرارها ودول الجوار، وأكدا على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية يحقن دماء الأشقاء الليبيين.
وأعرب العاهل المغربي والرئيس التونسي، في بيان مشترك، صدر أمس، عقب انتهاء الزيارة الرسمية لملك المغرب إلى تونس، عن دعمهما لإجراء حوار وطني يجمع مختلف الأطياف السياسية الليبية من أجل إيجاد حل سياسي توافقي للأزمة في ليبيا، كما جددا استعداد بلديهما لتقديم كل أوجه المساعدة والدعم لليبيا «من أجل التوصل إلى معالجة التحديات التي تفرضها المرحلة الانتقالية في ليبيا، حفاظا على الوحدة الترابية والسيادة الوطنية لهذا البلد المغاربي الشقيق وضمانا لأمنه واستقراره».
كما أعربا عن استعداد البلدين لوضع خبراتهما في كل المجالات رهن إشارة ليبيا لمساعدتها على بناء المؤسسات والقدرات وتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، حتى يتمكن الشعب الليبي الشقيق من تحقيق تطلعاته.
ووعيا بأهمية الجوار الأفريقي لدول اتحاد المغرب العربي، لا سيما منطقة الساحل والصحراء، وبالنظر إلى جسامة التحديات الأمنية التي تواجه دول المنطقتين، أكد العاهل المغربي والرئيس التونسي على أهمية المساهمة في إرساء مقومات التنمية المستدامة في منطقة الساحل والصحراء لتحقيق الأمن والاستقرار بها. ودعيا إلى المزيد من التنسيق لتطويق أنشطة الجماعات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة.
وذكر البيان المشترك أنه، وعيا من قائدي البلدين بجسامة التحديات الأمنية الراهنة، ومختلف المخاطر التي تحدق بالمنطقة، في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والهجرة غير الشرعية، أكد الملك محمد السادس والرئيس المرزوقي على أهمية تكثيف التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات بين الأجهزة المعنية بالبلدين ومواصلة الجهود المبذولة، ثنائيا ومغاربيا وإقليميا، من أجل تطويق تداعيات هذه الظواهر الخطيرة، والعمل على توفير الشروط الكفيلة بضمان الأمن والاستقرار بالمنطقة المغاربية.
وتجسيدا لحرصهما على تعزيز وتوطيد البناء المغاربي، أكد الملك محمد السادس والرئيس المرزوقي تمسكهما باتحاد المغرب العربي كخيار استراتيجي، وجددا عزمهما على العمل مع بقية الدول المغاربية الشقيقة من أجل عقد القمة المغاربية بتونس، قبل نهاية سنة 2014. وفقا لما جرى إقراره في الدورة 32 لمجلس وزراء خارجية دول الاتحاد المنعقدة بالرباط في التاسع من مايو (أيار) 2014، وشددا على ضرورة الإعداد الجيد لهذه القمة حتى تكون محطة فارقة للدفع بمسيرة الاندماج المغاربي نحو مزيد من التكامل والتضامن بين دول المنطقة، وذلك من خلال إصلاح المنظومة الاتحادية، بما يتيح إقامة تكتل إقليمي متضامن، قوي وفاعل في محيطه العربي والأفريقي والمتوسطي والدولي، ويحقق طموحات الشعوب المغاربية في الأمن والازدهار والعيش الكريم.
من جهة أخرى، نفت المملكة المغربية نفيا قاطعا ما تداولته بعض الصحف، التي وصفتها بأنها «ذات النوايا المبيتة»، بشأن خلاف مزعوم بين الملك محمد السادس والرئيس التونسي.
وقال بيان صدر أمس عن الديوان الملكي المغربي إن المملكة المغربية «تنفي نفيا قاطعا الخبر السخيف، والذي لا أساس له من الصحة، الذي تداولته صحافة ذات نية مبيتة، بشأن خلاف مزعوم بين الملك محمد السادس، والرئيس التونسي، منصف المرزوقي».
وكانت مواقع إلكترونية عدت غياب الرئيس المرزوقي عن الجلسة التي خصصها المجلس التأسيسي (البرلمان) للعاهل المغربي، الذي ألقى فيه خطابا، بأنه راجع إلى حدوث خلاف بين الملك محمد السادس والمرزوقي.
وعدت مصادر مغربية لـ«الشرق الأوسط» أن الأمر مجرد تشويش يقوم به من أزعجتهم زيارة الملك محمد السادس الحالية إلى تونس، وذلك في إشارة ضمنية إلى الجزائر.
وأضاف البيان: «لقد تجاهل أصحاب هذا الافتراء، عن قصد، أن بروتوكول الجمهورية التونسية، وعلى غرار عدد من البلدان، لا يتضمن حضور رئيس الجمهورية إلى المجلس في مثل هذه المناسبة، وهو الادعاء الذي كذبته الرئاسة التونسية رسميا».
وأوضح البيان أن «المملكة المغربية، ووعيا منها تمام الوعي بأن أعداء التقارب بين الشعوب ومناوئي بناء الصرح المغاربي، لن يشعروا بالارتياح لنجاح هذه الزيارة ولجودة العلاقات المغربية - التونسية، لا يمكنها إلا أن تعرب عن الأسف لهذا المستوى من الدناءة الذي نزلت إليه هذه الأطراف».
وكان الرئيس التونسي أقام الليلة قبل الماضية في قرطاج الرئاسي بتونس، مأدبة عشاء رسمية على شرف الملك محمد السادس، الذي كان مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأمير مولاي رشيد.
ووشح الملك محمد السادس الرئيس التونسي بقلادة الوسام المحمدي. ومن جانبه، وشح الرئيس التونسي العاهل المغربي بالقلادة المخصصة من وسام الجمهورية.
إثر ذلك، وشح الرئيس المرزوقي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بالحمالة الكبرى الخاصة بالجمهورية. كما وشح رئيس الجمهورية التونسية الأمير مولاي رشيد، بالحمالة الكبرى الخاصة بالجمهورية.
بعد ذلك، تقدم للسلام على الملك محمد السادس ممثلو جمعية الطلبة المغاربة بالمونستير، ورجال أعمال مغاربة بسوسة.
واستقبل الملك محمد السادس، أمس بمقر إقامته في تونس، الباجي قائد السبسي، رئيس حزب «نداء تونس».
وذكر بيان للديوان الملكي أنه جرى، خلال هذا الاستقبال، التطرق للتحولات التي تعرفها تونس على درب توطيد دولة القانون والمؤسسات، وخاصة انخراط كل مكونات الشعب التونسي في استكمال الانتقال الديمقراطي، في إطار الوحدة الوطنية والتنمية والاستقرار.
كما جرت الإشادة (كما أضاف البيان) «بالدينامية التي تعرفها علاقات الأخوة والتضامن والتعاون التي تجمع بين البلدين، وحرصهما على الارتقاء بها إلى شراكة مثمرة، في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح العليا للشعبين الشقيقين، ولكافة الشعوب المغاربية».
واستقبل الملك محمد السادس أمس أيضا السيدة أم الخير حشاد، أرملة المناضل والنقابي التونسي فرحات حشاد، ونجلها نور الدين حشاد، رئيس مؤسسة فرحات حشاد، التي تعنى بالدراسات والأبحاث التاريخية.
وذكر بيان للديوان الملكي أنه جرى خلال الاستقبال استحضار الأواصر الأخوية التي كانت تربط الراحل حشاد بالمغرب، وبرجالات الحركة الوطنية المغربية، وفي مقدمتهم الملك الراحل محمد الخامس، مشيرا إلى أن اغتيال هذا المقاوم المغاربي الكبير سنة 1952 خلف موجة من الاحتجاجات والأحداث الدامية بمدينة الدار البيضاء.
وكان الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، وشقيقه الأمير مولاي رشيد، قام أمس، بزيارة إلى روضة (مقبرة) الشهداء في منطقة السيجومي قرب تونس العاصمة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.