لا أعرف كم واحداً منكم يتذكر مقولة حسني البورظان الشهيرة في مسلسل «صح النوم»: «إذا أردنا أن نعرف ما الذي يجري في إيطاليا فعلينا أن نعرف ما الذي يجري في البرازيل؟».
والمشكلة أن حسني انتقل إلى رحمة الله وانتهى المسلسل ولم نعرف لا الذي يجري في إيطاليا ولا الذي يجري في البرازيل ولا علاقة هذا بذاك.
ورغم أن عمر المقولة يزيد عن الأربعين عاماً تقريباً، فإنها تصلح لليوم، تحديداً بعد فشل إيطاليا في التأهل لنهائيات كأس العالم في روسيا 2018 للمرة الأولى في ستين عاماً... نعم إيطاليا بطلة العالم عام 2006 تفشل في التأهل مثلما فشلت قبلها هولندا وصيفة 2010 ومثلما كادت الأرجنتين أن تخرج لولا منقذها ميسي، وهي كانت فعلاً مهددة بعدم التأهل.
هنا يبرز السؤال الأكبر: ما الذي يجري في عالم كرة القدم؟ ولماذا تتساقط أسماء تاريخية هي في عرف هذه اللعبة من القوى العظمى، فإيطاليا استضافت كأس العالم عام 1934 وحافظت عليها علم 1938 ثم انتظرت حتى عام 1982 لتتوج بها للمرة الثالثة قبل أن تحرز لقب 2006 بقيادة كانافارو وليبي، ومن يومها وهي من جرف لدحديرة والمواهب فيها تتناقص بعد أن كانت عامرة بالأسماء الكبيرة مثل مالديني ودينوزوف وباولو روسي وفييري ودل بييرو وغاتوزو وباريزي ودونادوني وباجيو وآلتوبيلي وإنزاغي وريفا قبل أن تبدأ الأسماء بالاضمحلال مع اقتراب نهاية توتي وبيرلو وبوفون الذي توج فقط قبل أسابيع أفضل حارس في العالم ولكنه ذرف الدموع يوم الاثنين بعدما فشل في إنهاء حياته في محفل مثل كأس العالم إثر التعادل مع السويد سلبياً في الملحق الأوروبي.
نعم الخسارة مزدوجة؛ فهي خسارة لإيطاليا وخسارة لكأس للعالم دون إيطاليا وخسارة لمحبي هذا الاسم، ولكن يجب أن يكون عدم تأهل إيطاليا وهولندا وأميركا، وتأهل بنما وكوستاريكا جرس إنذار لكل من يعتقد أن تاريخه وبطولاته تشفع له في لعبة تعطي من يعطيها ولا تعرف لا كبيراً ولا صغيراً ولا تهتم بالأحجام أو الجغرافيا.
وربما في هذه الجزئية تكمن حلاوة كرة القدم التي أتمنى أن يتم إنقاذها من وحش التكنولوجيا الذي سيفصل في شرعية أهدافها، لأننا أحببناها بأخطاء حكامها ومشكلاتهم، ولا نريدها أن تتحول للعبة إلكترونية، بل يجب أن تبقى بشرية مائة في المائة و«بعجرها وبجرها» كما يقولون في الأمثال الشامية.
كأس العالم الروسية ستكون تاريخية بالنسبة للعرب بمشاركة أربعة منتخبات تأهل ثلاثة منها خمس مرات، وبالتالي فهم أصحاب خبرة وانتصارات يضاف إليهم التأهل الثالث لمصر المسلحة بمحمد صلاح والنني والتي نتوقع منها أداء لا يشبه أبداً أداء إيطاليا 1990 يوم سجلت هدفاً يتيماً بقي حديث صاحبه الصديق مجدي عبد الغني 27 سنة بالتمام والكمال.
ما بين إيطاليا والبرازيل
ما بين إيطاليا والبرازيل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة