أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس (الجمعة)، سحب عناصر القوات التركية المشاركة في مناورات لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، بالنرويج، على خلفية استخدام اسمه وصورة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في تدريب «لوحات التصويب الناري» خلال المناورات، في أحدث فصل للتوتر بين أنقرة و«الناتو»، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا منتصف يوليو (تموز)، العام الماضي، حيث واجه الحلف انتقادات حادة من جانب المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم إردوغان لـ«عدم دعمه لتركيا».
وقال إردوغان أمام اجتماع عُقِد في العاصمة أنقرة، أمس، لرؤساء فروع حزب العدالة والتنمية الحاكم بالولايات التركية: «استخدموا لوحة تصويب في النرويج، وضعوا عليها اسمي وصورة مصطفى كمال أتاتورك... عرفتُ بالأمر من رئيس أركان الجيش خلوصي أكار ووزير شؤون الاتحاد الأوروبي، عمر تشيليك، وأخبروني أنهم سيسحبون قواتنا التي قوامها 40 جندياً من هناك... قلت لهم: افعلوا ذلك على الفور، لا يمكن أن يكون هناك تحالف كهذا».
وهاجم إردوغان الحلف مرارا لـ«تخاذله»، من وجهة نظره، عن دعم تركيا في محاولة الانقلاب الفاشلة، وكذلك عندما اعترض على توقيع تركيا أخيراً عقد صفقة منظومة صواريخ «إس - 400» مع روسيا بسبب عدم توافقها مع أنظمة الحلف.
في سياق قريب، أطلقت قوات الشرطة التركية، أمس، عملية لاعتقال 42 أكاديمياً وموظفاً في جامعة مرمرة بإسطنبول للاشتباه في صلتهم بمحاولة الانقلاب، العام الماضي.
وقالت مصادر أمنية إنه تم القبض على 22 شخصاً من المطلوبين بموجب أمر من النيابة العامة، فيما يجري ملاحقة العشرين الآخرين للاشتباه في صلتهم بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب، فيما ينفي غولن أي صلة له بها.
وكانت الشرطة التركية واصلت، أمس، حملتها للقبض على 108 من المسؤولين الأمنيين السابقين صدرت أوامر باعتقالهم في عملية موسعة تشمل العاصمة أنقرة وأكثر من 30 ولاية أخرى في أنحاء البلاد.
ومنذ محاولة الانقلاب التي فرضت على أثرها حالة الطوارئ، احتجزت السلطات التركية أكثر من 60 ألف شخص وفصلت أو أوقفت عن العمل أكثر من 160 ألفاً آخرين، بينهم مسؤولون أمنيون وعسكريون وموظفون في مختلف هيئات الدولة والقطاع الخاص.
وتثير الحملة الموسعة المستمرة حتى الآن قلق حلفاء تركيا الغربيين ومنظمات حقوق الإنسان الدولية التي تقول إن الرئيس رجب طيب إردوغان يستخدم الانقلاب ذريعة لإسكات المعارضة، فيما تقول الحكومة إن الإجراءات التي اتخذت بموجب حالة الطوارئ ضرورية للتصدي للتهديدات الأمنية التي تواجه البلاد.
ونفى غولن مراراً أي علاقة له بالمحاولة الانقلابية، بينما تواصل أنقرة ملاحقته ولا تكف عن مطالبة الولايات المتحدة التي يقيم فيها منذ عام 1999 بتسليمه.
واتهم رئيس الوزراء التركي بن على يلدريم حركة غولن باستخدام طرق حديثة لإنجاح محاولتها الانقلابية بعد فشلها في عام 2016، ولكن لا أحد يستطيع تركيع تركيا.
وقال يلدريم إن عناصر حركة غولن يعتقدون أن ترويج شائعات عن الاقتصاد التركي سيمكنهم من استكمال الطريقة التي اتخذوها في عام 2016، والتي باءت بالفشل.
وأضاف يلدريم في منتدى عقد في أنقرة، الليلة قبل الماضية، أن لا أحد في العالم يستطيع تنفيذ مخططاته الإرهابية في تركيا، وذلك بسبب التفاف الشعب حول دولته وحكومته.
في سياق موازٍ، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن سفارة بلاده في واشنطن تلقت رداً من وزارتي العدل والخارجية الأميركيتين، بخصوص وضع رجل الأعمال التركي من أصل إيراني رضا ضراب الموقوف في أميركا منذ مارس (آذار) من العام الماضي لاتهامات تتعلق بانتهاك العقوبات على إيران وقالتا: «إن وضعه الصحي جيد، وهو في مأمن».
وأوضح جاويش أوغلو في رد على سؤال من أحد النواب في البرلمان حول مذكرة الاحتجاج التي سلمتها تركيا، الأربعاء، للولايات المتحدة بخصوص وضع ضراب، وذلك خلال مناقشة موازنة وزارة الخارجية لعام 2018، أن تركيا سلمت سابقا مذكرة احتجاج، وعندما لم تتلقّ الرد سلمتهم مذكرة أخرى. وأضاف: «وزارتا العدل والخارجية الأميركيتان قدمتا لنا جواباً عاماً، حيث قالتا إنه في مكان آخر، ووضعه الصحي جيد، وبمأمن».
وكانت وزارة الخارجية التركية ذكرت في بيان لها، أول من أمس، أنها طلبت بشكل رسمي معلومات من السلطات الأميركية حول وضع ضراب.
ووجهت السلطات الأميركية الاتهام إلى رضا ضراب، والمدير التنفيذي لبنك خلق التركي محمد هاكان أتيلا (47 عاماً)، ومحمد ضراب (39 عاماً)، وكاميليا جامشيدي (31 عاماً)، وحسين نجف زاده (67 عاماً)، في مارس 2016، بالقيام بصفقات بمئات ملايين الدولارات لحساب إيران ومنظمات إيرانية.
كما فتحت تحقيقاً بحق وزير الاقتصاد الأسبق ظافر تشاغليان في القضية نفسها.
وأعاد توقيف ضراب والمتهمين الآخرين في أميركا إلى الواجهة من جديد أكبر فضيحة فساد ورشوة في تاريخ تركيا جرت التحقيقات فيها في الفترة ما بين 17 و25 ديسمبر (كانون الأول) 2013، واعتبرها إردوغان، الذي كان رئيساً للوزراء في ذلك الوقت، مؤامرة من جانب حركة الخدمة بزعامة فتح الله غولن.
واعتقل ضراب، الذي سبق التحقيق معه في تركيا في 2013 على أنه المتهم الأول في وقائع الفساد والرشوة التي طالت وزراء ومسؤولين في حكومة إردوغان إلى جانب رجال أعمال مقربين من الحكومة، في أميركا في مارس 2016، كما تم اتهام المدير التنفيذي لبنك خلق في القضية ذاتها في مارس من العام الحالي (2017).
ويقود اتهام وزير الاقتصاد التركي الأسبق، الذي كان استقال من منصبه مع 3 وزراء آخرين وردت أسماؤهم في التحقيقات وتم توقيف أبنائهم لفترة، إلى توسيع الاتهام في نطاق قضية مرفوعة ضد تاجر الذهب الإيراني التركي رضا ضراب بتهمة انتهاك العقوبات، وهي القضية التي أدت إلى تصاعد التوتر بين أنقرة وواشنطن.
تركيا تسحب قواتها من مناورات «الناتو» بسبب الإساءة لإردوغان وأتاتورك
استمرار الحملات على مشتبهين بالصلة بغولن... وأنقرة تطمئن على مواطنها ضراب
تركيا تسحب قواتها من مناورات «الناتو» بسبب الإساءة لإردوغان وأتاتورك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة