مونديال 2018... روسيا «تتكلم عربي»

إنجاز غير مسبوق بمشاركة السعودية ومصر والمغرب وتونس

نواف العابد يحتفل بأنتصار السعودية على اليابان (رويترز)
نواف العابد يحتفل بأنتصار السعودية على اليابان (رويترز)
TT

مونديال 2018... روسيا «تتكلم عربي»

نواف العابد يحتفل بأنتصار السعودية على اليابان (رويترز)
نواف العابد يحتفل بأنتصار السعودية على اليابان (رويترز)

العرب يزحفون إلى روسيا... هذا هو المنتظَر بعدما باتت الجماهير العربية على موعد مع إنجاز غير مسبوق يتمثل في مشاركة أربعة منتخبات عربية في كأس العالم 2018 للمرة الأولى في التاريخ. وتأهّلَت منتخبات السعودية ومصر والمغرب وتونس إلى مونديال روسيا 2018.
ولم يسبق أن تأهلت أربعة منتخبات عربية إلى كأس العالم على مدار تاريخ البطولة الذي بدأ عام 1930، حيث كان أقصى عدد ثلاثة فرق، وحدث ذلك مرتين في نسختي 1986 و1998. وسجل المنتخب المصري بداية المشاركة العربية في المونديال وذلك في نسخة 1934، ولكن المنتخبات العربية غابت عن المونديال 36 عاماً وتحديداً حتى نسخة 1970 التي تأهل لها المنتخب المغربي. ومثل المنتخب التونسي العرب في نسخة 1978 ثم صعد منتخبا الجزائر والكويت لمونديال 1982 قبل أن تصعد ثلاثة منتخبات لنسخة 1986، وهي العراق والجزائر والمغرب.
تأهل منتخبا مصر والإمارات إلى مونديال 1990 ثم المغرب والسعودية في نسخة 1994، كما صعدت المغرب والسعودية أيضاً لنسخة 1998 جنبا إلى جنب مع منتخب تونس.
ومثّل منتخبا السعودية وتونس العرب في المونديال في نسختي 2002 و2006، بينما كان المنتخب الجزائري هو الممثل الوحيد للعرب في نسختي 2010 و2014.
وعبر هذه السنوات اصطدم العرب ببعضهم مرتين، وكان المنتخب السعودي طرفاً في المرتين؛ الأولى في مونديال 1994 بالولايات المتحدة الأميركية مع نظيره المغربي وخرج فائزاً بهدفين مقابل هدف في مرحلة المجموعات، وفي الثانية واجَه المنتخب التونسي بالدور الأول لمونديال ألمانيا 2006 وانتهت بالتعادل الإيجابي 2/ 2.

السعودية تحصد أول بطاقة عربية
كانت السعودية في الخامس من سبتمبر (أيلول) الماضي، أول المتأهلين العرب إلى النهائيات، وذلك للمرة الخامسة في تاريخها والأولى منذ 2006، بعد فوزها على اليابان 1 - صفر في الجولة الأخيرة من الدور الثالث الحاسم للتصفيات الآسيوية.
وحلت السعودية برصيد 19 نقطة، ثانية خلف اليابان في المجموعة الآسيوية الثانية التي ضمت أيضاً أستراليا والإمارات العربية المتحدة والعراق وتايلاند. وتمكنت المملكة العربية السعودية من تحقيق ستة انتصارات من عشر مباريات، مقابل تعادل وثلاث خسارات.
ويظل الإنجاز السعودي في تجربتها الأولى بالمونديال عام 1994 بالولايات المتحدة، هو الأفضل، حيث نجح المنتخب في العبور إلى دور الـ16 وتسجيل النجم سعيد العويران هدفاً ما زال يُعدّ من أفضل ما سُجِّل في تاريخ النهائيات على الإطلاق. وتتطلع السعودية في مونديال روسيا لتقديم ما هو أفضل من مشاركتها في كأس العالم 1998 (فرنسا)، و2002 (كوريا الجنوبية واليابان) و2006 (ألمانيا)، حين خرجت في المرات الثلاث من الدور الأول.
ويعول المنتخب السعودي على جيل واعد من المواهب الشابة أبرزهم نواف العابد (نادي الهلال) وسلمان الفرج (الهلال) وفهد المولد (الاتحاد) وأسامة هوساوي (الهلال).
ويأمل المنتخب السعودي أن يصل إلى موعد المونديال وهو في كامل الإعداد البدني والفني خصوصاً أنه بدأ يعاني خلال المباريات التجريبية التي أعقبت تأهله تحت قيادة مدربه الجديد الأرجنتيني إدغاردو باوزا.
وكان الاتحاد السعودي قد فك ارتباطه بالمدرب الهولندي بيرت فان مارفيك، الذي قاد المنتخب إلى النهائيات بعد انتهاء آخر مباراة في التصفيات الآسيوية أمام اليابان بساعات.
وتردد أن فان مارفيك رفض الوجود في السعودية بشكل دائم، وفضل أن يكون حضوره متوافقاً مع المعسكرات والمباريات فقط، وهو الأمر الذي رآه الاتحاد السعودي لا يتناسب مع خطط وطموح الفريق المقبلة، لا سيما أن الدولة تنتظر ظهوراً مشرفاً في مونديال روسيا.
لكن بعد شهرين من التعاقد مع باوزا أصبح المدرب الأرجنتيني تحت ضغط كبير وخصوصاً إثر خسارته مرتين الأسبوع الماضي (1/ صفر أمام بلغاريا و3/ صفر أمام البرتغال).
وعلق تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العام للرياضة في السعودية على عروض المنتخب الأخيرة قائلاً: «في حسابه الشخصي على «تويتر»: «لا توجد هوية فنية والنتائج غير مرضية... باوزا تحت المجهر».
لكن مع بقاء 8 أشهر حتى موعد المونديال لا يزال أمام المنتخب السعودي الوقت لتصحيح المسار سواء استمر باوزا أو جرى استقدام جهاز فني جديد.

مصر تعود بعد غياب 27 عاماً
كان المنتخب المصري صاحب البطاقة العربية الثانية إلى مونديال روسيا، بعدما حقق إنجازاً طال انتظاره لنحو ثلاثة عقود.
وضمن المنتخب المصري التأهل إلى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى منذ عام 1990 بفوزه على ضيفه الكونغو 2 - 1، بفضل ركلة جزاء في الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع للاعب ليفربول الإنجليزي محمد صلاح، ولتكتسي البلاد باللون الأحمر (لون قميص الفريق) احتفالاً ببلوغ المونديال للمرة الثالثة بعد 1934 و1990، علماً بأن المنتخب خرج في المرتين من الدور الأول.
ومنذ عام 1990، تعرض منتخب مصر لعدة إخفاقات درامية، لكنه عاد للظهور في الحدث الأكبر في العالم بطريقة تنبأ بها فيلم سينمائي، وبجيل لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن يكون هو سبب الفرحة.
لكن لو أراد المصريون توجيه الشكر إلى شخص واحد فبالتأكيد هو محمد صلاح، الذي سجل هدف الانتصار في وقت بدا أن كل شيء سينهار، بعدما تعادلت الكونغو قبل ثلاث دقائق من النهاية.
وجاءت ركلة الجزاء المصرية في الوقت المحتسَب بدل الضائع نفذها صلاح بنجاح ليعود الفراعنة إلى كأس العالم بسيناريو حبس أنفاس أكثر من 100 مليون مصري وعوض إخفاقات 27 عاماً.
وفي يوليو (تموز) 2009 عُرض فيلم حول قصة لاعب مصري شاب ينتقل إلى فالينسيا الإسباني لكنه يتعرض لإصابة كادت تنهي مسيرته لكن يعود ويحرز هدفاً في الوقت المحتسب بدل الضائع في آخر مباراة بالتصفيات ليقود مصر لكأس العالم.
وبعد ثمانية أعوام نفذ صلاح سيناريو مشابهاً فانتقل لاعب المقاولون العرب وعمره 20 عاماً إلى بازل السويسري، ومنه إلى تشيلسي قبل انتقاله إلى إيطاليا للحصول على فرصة لعب أكبر.
وفي الدوري الإيطالي صنع صلاح اسماً كبيراً مع فيورنتينا وروما قبل انتقاله هذا الصيف إلى ليفربول في صفقة ضخمة ويقود مصر لكأس العالم ليصبح من أبرز المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب أفريقي هذا العام.
وعندما شاركت مصر في كأس العالم للمرة الأخيرة عام 1990، لم يكن محمد صلاح ورمضان صبحي وأحمد حجازي قد وُلِدوا، وبعد نحو ثلاثة عقود، بات هؤلاء ركيزة جيل شاب أعاد «الفراعنة» إلى المونديال.
ويُعدّ صلاح المنتقل هذا الصيف من روما الإيطالي إلى ليفربول في صفقة قدرت بـ38 مليون جنيه إسترليني، أبرز لاعب في التشكيلة المصرية الحالية، ويحقق أداءً لافتاً في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، جعله من أفضل اللاعبين في مركزه.

المغرب إلى النهائيات لمرة خامسة
نجح مدرب المنتخب المغربي، الفرنسي هيرفيه رينار، في رهانه، وحقق حلماً انتظره المغاربة لعقدين، كونه وضع التأهل لكأس العالم هدفاً في عَقده لدى تعيينه مكان بادو الزاكي. وهي المرة الأولى التي ينجح فيها رينار في قيادة منتخب إلى نهائيات كأس العالم في مسيرته التدريبية المتوجة بلقبين في كأس الأمم الأفريقية مع زامبيا عام 2012 وساحل العاج عام 2015. وحسم المنتخب المغربي تأهله بالفوز 2/ صفر على ساحل العاج في الجولة الأخيرة من التصفيات الأفريقية، ما أتاح لـ«أسود الأطلس» العودة إلى المونديال للمرة الأولى منذ 1998.
واستفاد المنتخب المغربي جيداً من خبرة رينار ومعرفته الجيدة بساحل العاج التي أشرف على تدريبها قبل 3 أعوام، وقادها إلى اللقب القاري الثاني في تاريخها، قبل أن يتركها للإشراف على نادي ليل الفرنسي حيث أقيل من منصبه ليتسلم الإدارة الفنية لـ«أسود الأطلس».
وسبق للمغرب بلوغ المونديال أعوام 1970، 1986، 1994 و1998.
وما زالت الاحتفالات تسيطر على الأجواء في المغرب منذ عودة المنتخب الأسبوع الماضي من أبيدجان ببطاقة التأهل.
وظهر المنتخب المغربي تحت قيادة رينار صلباً ومتماسكاً، حيث لم يتعرض لأي خسارة خلال التصفيات التي أنهاها في صدارة المجموعة برصيد 12 نقطة بفارق 4 نقاط أمام ساحل العاج التي فشلت في التأهل للمونديال الرابع على التوالي.
ووجد رينار الصيغة الملائمة لتوليف مجموعة المحترفين مع المحليين والظهور كفريق متكامل، وهذا أمر واعد بالنسبة إلى كأس العالم، حيث يأمل الفريق في تحقيق نتائج جيدة أقلها عبور الدور الأول كما فعل عام 1986.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس هو أول المهنئين للاعبيه بالتأهل، معرباً عن أمله في أن تكون هذه الخطوة بمثابة صفحة جديدة في سجل كرة القدم المغربية.
ويعول المنتخب المغربي على مجموعة متميزة محترفة للظهور بشكل مشرف في روسيا، وأبرزها منير المحمدي، ونبيل درار، وغانم سايس، والمهدي بنعطية، وأشرف حكيمي، وكريم الأحمدي، ومبارك بوصوفة، وحكيم زياش، ويونس بلهندة، نور الدين أمرابط، وخالد بوطيب.

تونس وطموح عبور الدور الأول
مع حصد تونس بطاقة التأهل العربية الرابعة، ارتفع سقف الطموح من مجرد الاحتفال بالوصول إلى كأس العالم إلى عبور الدور الأول على أقل تقدير.
ونجح المنتخب التونسي في إعادة البسمة لجمهوره التواق للظهور في النهائيات لأول مرة منذ 2006، خصوصاً بعد موسم مخيِّب للأندية في المسابقات الأفريقية.
وكان تعادل تونس دون أهداف على أرضها أمام ليبيا، الأسبوع الماضي، كافياً للمنتخب لضمان الظهور في مونديال روسيا، العام المقبل، حيث تصدرت مجموعتها برصيد 14 نقطة متقدمةً على جمهور الكونغو الديمقراطية (13 نقطة)، فيما خرجت ليبيا وغينيا من السباق مبكراً.
ويملك المنتخب التونسي مجموعة جيدة من اللاعبين أصحاب الخبرة سواء المحترفين في أوروبا أو المحليين، وحول ذلك علق نجم أنيس بوجلبان لاعب تونس السابق بأن الإنجاز «جاء في وقته وأعاد الكرة التونسية إلى وضعها الصحيح بعد فترة من الإخفاقات».
وأضاف لاعب الصفاقسي والأهلي المصري سابقاً: «حققنا هدفاً منشوداً بالعودة إلى المحفل العالمي، والآن نتمنى تقديم مستوى مشرف في النهائيات في روسيا».
وكان منتخب تونس قد عانى خلال السنوات الأخيرة، ولم يتخطَّ حاجز دور الثمانية لكأس الأمم الأفريقية منذ تتويجه باللقب على أرضه في 2004، إضافة للفشل في الوصول لنهائيات كأس العالم في 2010 و2014.
ونجح المدير الفني الوطني علي معلول في إعادة الروح للفريق منذ أن تولى منصبه قبل 7 أشهر تقريباً، وحافظ على مسيرة خالية من الهزائم منذ تولى القيادة خلفاً للبولندي هنري كاسبرزاك.
وفازت تونس ست مرات وتعادلت مرتين في ثماني مباريات بالتصفيات، وسجلت 15 هدفاً في هذه الفترة.
ويرى المراقبون أن المنتخب التونسي يملك إمكانات جيدة ويضم لاعبين ممتازين قادرين على التألق في كأس العالم، لكن يجب قبل ذلك معالجة بعض النقائص، من بينها تراجع الصلابة الدفاعية المعهودة.
وأعلن القائمون على الاتحاد التونسي أنهم في انتظار ما ستسفر عنه القرعة لمعرفة المنافسين وبعد ذلك سيتم وضع برنامج تحضيري منظم. ولم يسبق لتونس أن اجتازت الدور الأول في أربع مشاركات سابقة في نهائيات 1978 و1998 و2002 و2006.



ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

TT

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

روبيو
روبيو

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل فريق سياسة خارجية وأمن قومي «متجانس»، لا يكرّر الأخطاء والصدامات التي خاضها في ولايته الأولى؛ إذ على مدى السنوات الثماني الماضية، جمع ترمب ما يكفي من الموالين، لتعيين مسؤولين من ذوي التفكير المماثل؛ لضمان ألا تواجهه أي مقاومة منهم. ومع سيطرة الحزب الجمهوري - الذي أعاد ترمب تشكيله «على صورته» - على مجلسي الشيوخ والنواب والسلطة القضائية العليا، ستكون الضوابط على سياساته أضعف بكثير، وأكثر ودية مع حركة «ماغا»، مما كانت عليه عام 2017. وهذا يشير إلى أن واشنطن ستتكلّم عن سياستها الخارجية بصوت واحد خلال السنوات الأربع المقبلة، هو صوت ترمب نفسه. لكن وعلى الرغم من أن قدرته على قيادة آلية السياسة الخارجية ستتعزّز، فإن قدرته على تحسين مكانة الولايات المتحدة في العالم مسألة أخرى.

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، السيناتور ماركو روبيو، مرشحاً لمنصب وزير الخارجية، بعد قطع الأخير شوطاً كبيراً في تقديم الولاء له. للعلم، علاقة الرجلين التي بدأت منذ عام 2016، وانتهت بشكل تصادمي بعد هزيمة روبيو في الانتخابات الرئاسية التمهيدية للحزب الجمهوري، تحولت إلى علاقة تحالفية إثر دعم روبيو كل ما قاله وفعله ترمب تقريباً إبّان فترة رئاسته الأولى.

هذا الواقع قد يعزّز تثبيت روبيو في مجلس الشيوخ - الذي يمضي فيه الآن فترته الثالثة - من دون عقبات جدية، في ظل دوره وتاريخه في المجلس، منذ أن فاز بمقعد فيه عام 2010. وحقاً، لاقى اختيار روبيو استحساناً حتى من بعض الديمقراطيين، منهم السيناتور الديمقراطي جون فيترمان، الذي قال إنه سيصوّت للمصادقة على تعيينه. كذلك أشاد السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، رئيس لجنة الاستخبارات الحالي، في بيان، بروبيو ووصفه بأنه ذكي وموهوب.

ملف الخارجية للرئيس

روبيو، من جهته، لم يترك شكاً حيال مَن يقرر السياسة الخارجية للولايات المتحدة، عندما قال إن من يحددها، ليس وزير الخارجية، بل الرئيس. وبالتالي فإن مهمة مَن سيشغل المنصب ستكون تنفيذ سياسات هذا الرئيس، وهي تهدف إلى تأمين «السلام من خلال القوة»، ووضع مصالح «أميركا في المقام الأول».

وحقاً، يلخص روبيو رؤيته لأميركا بالقول: «هي أعظم دولة عرفها العالم على الإطلاق، لكن لدينا مشاكل خطيرة في الداخل وتحدّيات خطيرة في الخارج». وأردف: «نحن بحاجة إلى إعادة التوازن لاقتصادنا المحلي، وإعادة الصناعات الحيوية إلى أميركا، وإعادة بناء قوتنا العاملة من خلال تعليم وتدريب أفضل». واستطرد: «لا شيء من هذا سهل، لكن لا يمكننا أن نتحمل الفشل. هذا هو السبب في أنني ملتزم ببناء تحالف متعدّد الأعراق من الطبقة العاملة على استعداد للقتال من أجل هذا البلد والدخول في قرن أميركي جديد».

ولكن من هو ماركو روبيو؟ وما أبرز مواقفه الداخلية والخارجية؟ وكيف أدت استداراته السياسية إلى تحوّله واحداً من أبرز المرشحين للعب دور في إدارة ترمب، بل كاد يكون نائبه بدلاً من جي دي فانس؟

سجل شخصي

ولد ماركو روبيو قبل 53 سنة في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، التي يعدّها موطنه. كان والده يعمل نادلاً ووالدته عاملة في أحد الفنادق. وفي حملته الأولى لمجلس الشيوخ، حرص دائماً على تذكير الناخبين بخلفيته من الطبقة العاملة، التي كانت تشير إلى التحوّلات الطبقية التي طرأت على قاعدة الحزب الجمهوري، وتحوّلت إلى علامة انتخابية، مع شعار «فقط في أميركا»، بوصفه ابناً لمهاجرَين كوبيّين... أصبح عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي.

عندما كان في الثامنة من عمره، انتقلت الأسرة إلى مدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا، حيث أمضى نحو 6 سنوات من طفولته، بعدما وجد والداه وظائف في صناعة الفنادق المتنامية فيها. وفي سن الرابعة عشرة من عمره، عاد مع عائلته إلى ميامي. ومع أنه كاثوليكي، فإنه تعمّد في إحدى كنائس لطائفة المورمون في لاس فيغاس، غير أنه في فلوريدا كان يحضر القداديس في إحدى الكنائس الكاثوليكية بضاحية كورال غايبلز، وإن كان قد شارك الصلوات سابقاً في كنيسة «كرايست فيلوشيب»، وهي كنيسة إنجيلية جنوبية في ويست كيندال بولاية فلوريدا.

يعرف عن روبيو أنه من مشجعي كرة القدم الأميركية، وكان يحلم بالوصول إلى دوري كرة القدم الأميركي عندما لعب في المدرسة الثانوية، إلا أنه لم يتلق سوى عرضين من كليتين جامعيتين. وبدايةً اختار كلية تاركيو غير المعروفة، التي تقع في بلدة يقل عدد سكانها عن 2000 شخص في المنطقة الشمالية الغربية الريفية من ولاية ميسوري. ولكن عندما واجهت الكلية الإفلاس وتعرّض للإصابة، تخلى روبيو عن كرة القدم وانتقل إلى فلوريدا، ليتخرّج ببكالوريوس في العلوم السياسية في جامعة فلوريدا، ثم في كلية الحقوق بجامعة ميامي.

في عام 1998، تزوّج روبيو من جانيت دوسديبيس، وهي أمينة صندوق سابقة في أحد المصارف، ومشجعة لنادي ميامي دولفينز لكرة القدم الأميركية، وأنجبا أربعة أطفال، وهو يعيش الآن وعائلته في ويست ميامي بولاية فلوريدا. ووفق موقع «أوبن سيكريت. أورغ»، بدءاً من عام 2018، كان صافي ثروة روبيو سلبياً؛ إذ تجاوزت ديونه 1.8 مليون دولار أميركي.

مسيرته السياسية الطموحة

يوم 13 سبتمبر (أيلول) 2005، في سن 34 سنة انتخب روبيو عضواً في مجلس النواب في فلوريدا، وأصبح رئيساً له عام 2006، بعد انسحاب منافسيه دينيس باكسلي وجيف كوتكامب ودينيس روس، ليغدو أول أميركي من أصل كوبي يتولى هذا المنصب، حتى عام 2008.

عام 2010، كان روبيو يُعد مرشحاً ضعيفاً ضد الحاكم (آنذاك) تشارلي كريست لترشيح الحزب الجمهوري لمجلس الشيوخ. وبالفعل، تعرّض لضغوط من قادة الحزب للانسحاب من السباق والترشح بدلاً من ذلك لمنصب المدعي العام، مع وعود من الحزب بإخلاء الميدان له. ويومذاك كتب في مذكراته «ابن أميركي»، قائلاً: «لقد أقنعت نفسي تقريباً بالانسحاب». غير أنه عاد وتمسك بموقفه، وكتب في تلك المرحلة أنه شعر بأنه لا يستطيع التراجع عن كلمته. وبقي في السباق، وفاز بأول فترة له في مجلس الشيوخ، حيث أعيد انتخابه في عام 2016، ثم مرة أخرى في عام 2022.

وعام 2016، دخل روبيو السباق الرئاسي منافساً مجموعة كبيرة من الجمهوريين، منهم دونالد ترمب، وفاز في لاية مينيسوتا، بينما حل السيناتور تيد كروز (من تكساس) ثانياً، وترمب ثالثاً. بعدها كانت انتصاراته الأخرى الوحيدة في واشنطن العاصمة وبورتوريكو. ومن ثم، انسحب بعدما هزمه ترمب في ولايته فلوريدا جامعاً 46 في المائة من الأصوات بينما جاء روبيو ثانياً بنسبة 27 في المائة. وخلال ذلك السباق، تبادل الرجلان الإهانات؛ إذ لقّبه ترمب بـ«ماركو الصغير»، وردّ روبيو بإهانة ترمب ووصفه بأنه «محتال» و«مبتذل». ولكن عندما أعادت قناة «آيه بي سي نيوز» في وقت سابق من هذا العام بث بعض تعليقاته عن ترمب عام 2016، قلل روبيو من أهميتها، بالقول: «كانت حملة». وفعلاً، بعد تولّي ترمب الرئاسة عام 2017، تحسنت علاقاتهما وظل على مقربة منه، حتى بعدما اختار ترمب السيناتور الشاب جي دي فانس (من أوهايو) لمنصب نائب الرئيس. بل سافر روبيو مع ترمب خلال المرحلة الأخيرة من سباق 2024، وألقى خطابات باللغتين الإنجليزية والإسبانية في العديد من التجمعات في اليوم الأخير من الحملة.

لم يترك روبيو شكاً حيال مَن يقرر سياسة واشنطن الخارجية

عندما قال إن من يحددها هو الرئيس... لا وزير الخارجية

سياسات روبيو المحافظة

بدءاً من أوائل عام 2015، حصل روبيو على تصنيف بنسبة 98.67 في المائة من قبل «اتحاد المحافظين الأميركيين»، بناء على سجلّه التصويتي مدى الحياة في مجلس الشيوخ. وعام 2013 كان روبيو السيناتور السابع عشر الأكثر محافظة. ويصنّف مركز سن القوانين الفعالة روبيو باستمرار بين أعضاء مجلس الشيوخ الثلاثة الأكثر فاعلية في الكونغرس.

يُذكر أن روبيو دخل مجلس الشيوخ بدعم قوي من جماعة «حفلة الشاي» التي كانت تمثل اليمين الأكثر محافظة في الحزب الجمهوري. لكن دعمه في عام 2013 لتشريع الإصلاح الشامل للهجرة بهدف توفير مسار للحصول على الجنسية لـ11 مليون مهاجر غير موثق في أثناء تنفيذ تدابير مختلفة لتعزيز الحدود الأميركية، أدى إلى انخفاض دعمهم له. وللعلم، رغم تمرير ذلك المشروع في مجلس الشيوخ، أسقطه المتشددون في مجلس النواب.

ثم، بمرور الوقت، نأى روبيو بنفسه عن جهوده السابقة للتوصل إلى «حل وسط» بشأن الهجرة؛ كالعديد من مواقفه الداخلية والخارجية التي عُدّت سبباً رئيساً لتغير علاقة ترمب به؛ إذ اعتمد مواقف أكثر تشدداً بشأن الهجرة، ورفض مساعي الحزب الديمقراطي إزاء ملف الهجرة منذ عام 2018 وحتى 2024.

في مارس (آذار) 2016، عارض روبيو ترشيح الرئيس باراك أوباما للقاضي ميريك غارلاند للمحكمة العليا، متذرعاً «لا أعتقد أنه يجوز لنا المضي قدماً بمرشح في العام الأخير من ولاية هذا الرئيس. أقول هذا، حتى لو كان الرئيس جمهورياً». لكنه في سبتمبر (أيلول) 2020، إثر وفاة القاضية الليبرالية روث بايدر غينزبيرغ، أشاد روبيو بترشيح ترمب للقاضية المحافظة إيمي باريت للمحكمة، وصوّت لتثبيتها في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، قبل 86 يوماً من انتهاء ولاية ترمب الرئاسية.

أيضاً في مارس 2018، دافع روبيو عن قرار إدارة ترمب بإضافة سؤال الجنسية إلى تعداد عام 2020. ورجح الخبراء يومها أن يؤدي إدراج هذا السؤال إلى نقص حاد في تعداد السكان وبيانات خاطئة؛ إذ سيكون المهاجرون غير المسجلين أقل استعداداً للاستجابة للتعداد.

وحول الميزانية الفيدرالية، يدعم روبيو مع إعطاء الأولوية للإنفاق الدفاعي، ويرفض الإجماع العلمي بشأن تغير المناخ، الذي ينص على أن تغير المناخ حقيقي ومتقدم وضار وينجم في المقام الأول عن البشر. كذلك يعارض روبيو قانون الرعاية الميسرة (أوباما كير) وقد صوّت لإلغائه رغم فشل المحاولة. وهو معارض صريح للإجهاض، وقال إنه سيحظره حتى في حالات الاغتصاب وزنا المحارم، مع استثناءات إذا كانت حياة الأم في خطر.وأخيراً، يدعم روبيو تحديد ضرائب الشركات بنسبة 25 في المائة، وتعديل قانون الضرائب، ووضع حد أقصى للتنظيمات الاقتصادية، ويقترح زيادة سن التقاعد للضمان الاجتماعي بناءً على متوسط العمر المتوقع الأطول. ويعارض المعايير الفيدرالية الأساسية المشتركة للتعليم، كما يدعو إلى إغلاق وزارة التعليم الفيدرالية.