مؤتمر عن «الأقليات الدينية» يثير جدلاً كبيراً في المغرب

نائب من «العدالة والتنمية» طالب بمنعه... وعده اختراقاً سياسياً

TT

مؤتمر عن «الأقليات الدينية» يثير جدلاً كبيراً في المغرب

ينظم اليوم في الرباط مؤتمر حول وضعية «الأقليات الدينية» في المغرب، دعت إليه حركة «تنوير»، وقرر المنظمون عقد مؤتمرهم داخل مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعدما تدخلت السلطات لمنع تنظيمه في مقر «مؤسسة شرق غرب»، التي تعنى بقضايا المهاجرين واللاجئين.
وصاحب الإعلان عن موعد تنظيم المؤتمر جدل كبير بسبب توجس البعض من المؤتمر ودوافعه، لا سيما أنه لا يوجد اعتراف رسمي بطوائف دينية ينتمي إليها المغاربة الذين غيروا دينهم.
وقالت «اللجنة المغربية للأقليات الدينية» في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن المؤتمر ينظم تحت شعار «حرية الضمير والمعتقد بين جدال الاعتراف وسؤال التعايش»، ويأتي «في سياق يتطلب مواجهة تهميش وإقصاء الأقليات الدينية بتعميق النظر في عدد من القضايا المرتبطة بهم، وبمشاركة نخبة من كبار المفكرين والحقوقيين».
وحسب اللجنة سيحضر المؤتمر مغاربة من الذين اعتنقوا الديانة الأحمدية، والمسيحية، واليهودية، وممثلون عن الشيعة. وقال جواد الحامدي، منسق اللجنة الوطنية للأقليات الدينية لـ«الشرق الأوسط»، إن المؤتمر سيطالب بالحماية القانونية والدستورية للأقليات الدينية بالمغرب، كما ستعلن هذه الأقليات عن مطالبها الحقوقية، ومنها عدم دفنهم في مقابر إسلامية، وألا يكون زواجهم زواجا دينيا بل يكون مدنيا، وألا يخضعوا لتقاليد المسلمين.
وردا على سؤال بشأن الموقف الرسمي الذي لا يعترف بوجود أقليات دينية، قال الحامدي إن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سبق لها أن نظمت في مراكش مؤتمرا عن الأقليات الدينية، وعده مبادرة إيجابية، مضيفا أن المؤتمر خرج برسالة واضحة تدعو إلى حماية هذه الأقليات، لكن على مستوى التطبيق لا ينفذ ما جاء به المؤتمر، حسب رأيه.
يذكر أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومنتدى تعزيز السلم بالمجتمعات الإسلامية، نظما أواخر يناير (كانون الثاني) من العام الماضي في مراكش، مؤتمرا بعنوان «الأقليات الدينية في الديار الإسلامية: الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة»، وأصدر المؤتمر إعلانا يؤكد فيه أنه «لا يجوز توظيف الدين في تبرير أي نيل من حقوق الأقليات الدينية في البلدان الإسلامية». وكان الغرض من المؤتمر حسب وثائقه التنبيه إلى الانتهاكات التي تعرض لها المسيحيون والطائفة الزيدية في العراق وسوريا على أيدي تنظيم داعش الإرهابي.
وحول ما إذا كانت اللجنة قد حصلت على ترخيص بعقد المؤتمر، قال الحامدي إنه لا حاجة لإصدار ترخيص لعقد تجمعات عامة، لأن القانون لا يلزمهم سوى بإعلام السلطات، مشيرا إلى أن السلطات ضغطت على صاحب مؤسسة «شرق غرب» للتراجع عن احتضان المؤتمر بدعوى أنه ممنوع، لافتا إلى أن الدولة تزيد احتكار هذا المجال وضبطه ولا تسمح للمستقلين بتنظيم مؤتمر من هذا النوع.
وأوضح الحامدي أن اللجنة قررت تنظيم المؤتمر بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لأنه «فضاء آمن»، وأيضا لتعذر عقده في قاعات عمومية أو في فنادق، وتحسبا أيضا لصدور أي قرار بمنع المؤتمر في آخر لحظة.
وكان خالد بوقرعي، النائب البرلماني المنتمي لحزب العدالة والتنمية، قد طالب بمنع تنظيم هذا المؤتمر لأن الغاية منه هو «اختراق المغرب سياسيا عن طريق ملف الأقليات الدينية»، واعتبر أن «الأمر ليس مرتبطا بحرية المعتقد، بل بوضع سياسي، حيث إن هناك من يريد استخدام هذا الملف في أجندات أجنبية دولية»، حسب رأيه.
ووجه المنظمون الدعوة لأعضاء من الحزب لحضور المؤتمر، إلا أنهم اعتذروا.
ومن المقرر حسب المنظمين أن يناقش المؤتمر قضايا الأقليات وحوار الثقافات، والمواثيق الدولية والحريات الدينية في ثلاث جلسات دعي إليها باحثون ومثقفون، من بينهم عز الدين العلام، ومحمد ظريف، وإدريس هاني، ورشيد أيلال، مؤلف كتاب «صحيح البخاري نهاية أسطورة»، وسعيد ناشيد، وعبد الجبار شكري، أستاذ باحث في علم النفس الاجتماعي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.