الحضري... أسطورة حمت عرين مصر أكثر من 30 عاماً

اللاعب المخضرم البالغ 44 عاماً سيصبح أكبر حارس مرمى يشارك في بطولات كأس العالم

TT

الحضري... أسطورة حمت عرين مصر أكثر من 30 عاماً

احتشد جمع عند التقاء «25 أفنيو» و«ستينواي ستريت» في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة، ووقفوا يغنون ويرقصون ويصرخون، ملوحين بأعلام، بينما وقفت قوات الشرطة تراقب في هدوء. ولم تكن تلك أعمال شغب، وإنما كانت مظاهر احتفال بتأهل مصر لبطولة كأس العالم للمرة الأولى منذ عام 1990، وداخل ما تعرف باسم «مصر المصغرة داخل نيويورك»، بدا هذا سبباً كافياً للغاية للاحتفال.
في الواقع، دائماً ما تبدو اللحظة خاصة عندما تعود دولة ما إلى البطولة الأولى عالمياً على صعيد كرة القدم بعد فترة غياب طويلة. وتوحد هذه المناسبة صفوف أبناء الوطن الواحد داخله وخارجه، وذلك ما حدث منذ شهر عندما أكد محمد صلاح على مشاركة مصر في بطولة كأس العالم بإسهامه في الفوز على الكونغو بنتيجة 2 - 1 عبر ركلة جزاء نجح صلاح في تسديدها بهدوء داخل مرمى الخصم. واختتمت مصر مباريات التأهل لبطولة كأس العالم خلال عطلة نهاية الأسبوع بمواجهة غانا، وانتهى اللقاء بالتعادل الإيجابي 1 - 1 في غانا، لكن هدف الفوز الذي أحرزه صلاح في الدقيقة 92 كان اللحظة التي لطالما انتظرتها الجماهير المصرية.
يذكر أن مصر لم تشارك في بطولة كأس العالم طيلة 27 عاماً، لكن هذا لم يكن دوماً بسبب افتقارها إلى المهارات المتألقة. في الواقع، نجح المنتخب المصري في حصد بطولة كأس الأمم الأفريقية 4 مرات منذ آخر مشاركة له في كأس العالم. وأحد الأسباب وراء غياب مصر عن البطولة الكروية العالمية يعود إلى الاضطرابات السياسية التي عصفت بالبلاد.
يذكر أنه جرى إلغاء موسمين كرويين محليين في البلاد بين عامي 2011 و2013 في أعقاب كارثة استاد بورسعيد، علاوة على أن الأحداث التي شهدتها البلاد عام 2013 وأسقطت النظام، لم تسهم في استقرار الأوضاع على صعيد كرة القدم.
المؤكد أن المنتخب المصري يعد الفريق الأكثر نجاحاً في تاريخ بطولة كأس الأمم الأفريقية، التي اقتنصها 3 مرات متتالية، 2006 و2008 و2010، لكن أحداث «الربيع العربي» غيرت كل شيء لدرجة أن المنتخب عجز حتى عن التأهل للبطولات الثلاث التي أعقبت اندلاع الثورة في مصر. وبطبيعة الحال، بدا من الصعب الحفاظ على تماسك كرة القدم المصرية في وقت كانت تتداعى فيه الأمة بأكملها.
على امتداد تلك السنوات التي شهدت انتصارات وكوارث، لم تشهد كرة القدم المصرية ثباتاً واستقراراً إلا في عدد محدود للغاية من العناصر، فقد تعاقب المدربون باستمرار، وكذلك المواسم التي كان يجري إنجاز بعضها بينما يتوقف بعضها الآخر، وخاضت مصر مسابقات فازت في بعضها وخسرت في البعض الآخر، وأحياناً لم تكن تشارك من الأساس... ومع هذا، ظل ثمة رجل واحد يقف في قلب الميدان مرتدياً قفازيه الشهيرين وعلى أهبة الاستعداد لخوض التحدي المقبل؛ هذا الرجل هو حارس المرمى عصام الحضري البالغ 44 عاماً.
كانت أول مباراة دولية للحضري عام 1996، في وقت لم يكن فيه بعض زملائه الحاليين في المنتخب قد ولدوا بعد. وكان مشاركاً في الفترة التي هيمنت بلاده خلالها على القارة الأفريقية في العقد الأول من القرن الـ21، وكذلك عندما تراجعت قدرتها على بناء فريق ناجح بعد سنوات قليلة لاحقة. ويبلغ إجمالي مشاركات الحضري في المباريات الدولية 156، وفاز ببطولة كأس الأمم الأفريقية 4 مرات، ووقع عليه الاختيار أحسن حارس مرمى بالبطولة أعوام 2006 و2008 و2010، وفي وقت سابق من هذا العام، تحديداً بعد يومين من عيد ميلاده الـ44، أصبح الحضري أكبر لاعب يشارك في بطولة كأس الأمم الأفريقية.
ومع أنه لم يعد هناك وقت طويل متبق أمام الحضري داخل الملاعب، فإنه يعي جيداً ما يرغب في تحقيقه خلال الفترة القصيرة المتبقية. وعن ذلك قال في وقت سابق من العام: «لقد فعلت تقريباً كل شيء على امتداد مسيرتي الكروية. لقد حصدت 37 بطولة واستمتعت بلحظات لا تنسى، مثل فوزنا على المنتخب الإيطالي في بطولة كأس القارات عام 2009. أما الأمر الوحيد الذي ينقصني فهو المشاركة في كأس العالم». والآن، ضمن الحضري تحقيق ذلك.
يذكر أن الحضري كان يتولى حراسة المرمى عندما سجل صلاح هدف الفوز على استاد برج العرب، الشهر الماضي. وإذا ما نجح في تجنب الإصابة واحتفظ بمكانه داخل المنتخب، فإنه سيصبح بذلك أكبر لاعب سناً يشارك في بطولة كأس العالم على امتداد تاريخها، ليحطم بذلك الرقم القياسي المسجل في الوقت الحالي باسم حارس المرمى الكولومبي فارياد موندراغون عام 2014. ويبدو الحضري عاقداً العزم على تحطيم هذا الرقم القياسي.
في الحقيقة الحضري ليس مجرد أيقونة من الماضي يجري الاستعانة بها لاعتبارات عاطفية، أو لأنه لاعب مخضرم يقدم أداءً جيداً داخل غرفة تبديل الملابس وحول الفندق الذي يقيم فيه المنتخب. لقد شارك الحضري في التشكيل الأساسي وارتدى شارة القائد على امتداد مباريات التأهل التي خاضتها مصر، ولم يتنح جانبا سوى خلال المباراة الأخيرة بعد أن ضمن المنتخب مكانه في روسيا. ولا ينتظر الحضري ليشارك على نحو شرفي في بطولة كأس العالم المقبلة، ثم يعلن اعتزاله، وإنما ينوي الاستمرار في اللعب حتى الخمسينات من عمره.
يعود تاريخ نجاحات الحضري مع المنتخب المصري إلى عام 1998، عندما شارك في الفريق الذي فاز ببطولة كأس الأمم. كما شارك على مقعد البدلاء عام 2000، لكنه كان على أتم الاستعداد للمشاركة داخل الملعب. خلال أول بطولة كأس للأمم الأفريقية يشارك في التشكيل الأساسي بها، عام 2002، تعرضت مصر للهزيمة بصعوبة في دور الثمانية من جانب الكاميرون التي توجت بطلا للبطولة. ومع هذا، تمكن الحضري أخيراً من حمل ميدالية الفوز عام 2006 مثلما فعل لاحقاً عامي 2008 و2010.
ومع قدوم كأس العالم إلى أفريقيا للمرة الأولى عام 2010، كان ينبغي أن تكون مصر بين الفرق المنافسة، لكن بعد وصولها إلى الجولة الثالثة في التصفيات وجدت نفسها محصورة في مواجهة الجزائر، واضطر البلدان لخوض مواجهة حاسمة في السودان. وخسرت مصر بنتيجة 1 - 0 رغم شنها هجوماً كاسحا في أعقاب الهدف الوحيد بالمباراة الذي جاء في وقت مبكر.
أما السنوات القليلة التالية فكانت صعبة بالنسبة لمصر والحضري. أكمل الحضري عامه الـ40 عام 2013 وبدا أنه بدأ في الابتعاد عن صفوف المنتخب. وعندما بدأت مباريات التأهل لكأس العالم الحالية، كان الحضري قد شارك في 5 مباريات دولية فقط على امتداد 3 سنوات، لكنه ظل يعمل ويناضل حتى وقع الاختيار عليه في أول مباريتي تأهل خاضتهما مصر أواخر عام 2016، وفازت مصر في كلتا المباراتين ونجح الحضري في الاحتفاظ بمكانه على امتداد الجزء المتبقي من التصفيات؛ وبطولة كأس الأمم في وقت سابق من العام التي نجح خلالها في تقديم مزيد من الأداء البطولي.
مع خوضه البطولة، كانت شباك الحضري لم تهتز في مباريات كأس الأمم الأفريقية منذ عام 2010، واستمرت هذه الحال خلال دور المجموعات، وحتى دور الثمانية ونصف النهائي أمام بوركينا فاسو عندما نجح أريستيد بانسي في هز شباكه في الدقيقة 73، ليضع نهاية لـ653 دقيقة ظلت شباك الحضري خلالها آمنة على مدار 7 سنوات من المنافسات الأفريقية. إلا أنه لم تحن له فرصة العودة إلى إنجازه السابق، فقد وصلت المباراة إلى ركلات الترجيح، ومع اقتراب مصر من الخسارة وجد الحضري نفسه مضطراً لفعل أي شيء لإنقاذ الموقف. وتمكن الحضري من فعل ما أوكل إليه، وتصدى لركلتين على التوالي ليضمن صعود مصر للنهائي. وفي النهائي هزمت مصر أمام الكاميرون، لكنها لم تخسر كل شيء، فلا يزال أمامها بطولة كأس العالم التي يأمل الحضري في أن يحطم خلالها رقماً قياسياً أو اثنين.


مقالات ذات صلة

إمام عاشور في مرمى «الانتقادات» بسبب «احتفال البالونة»

رياضة عربية احتفال عاشور المثير للجدل (النادي الأهلي المصري)

إمام عاشور في مرمى «الانتقادات» بسبب «احتفال البالونة»

أثار تصرف عاشور موجة واسعة من الهجوم الحاد عليه؛ إذ رأى الكثير من المتابعين والصحافيين أن احتفال اللاعب بهدفه في «سموحة» تضمن «إساءة بالغة».

رشا أحمد (القاهرة )
رياضة عربية اللاعب المصري أحمد رفعت (فيسبوك)

مودرن المصري: سندفع قيمة تعاقد الراحل أحمد رفعت لورثته

أكد نادي مودرن سبورت المصري لكرة القدم التزامه الكامل بدفع كل بنود تعاقد اللاعب الراحل أحمد رفعت لورثته الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية يحيى عطية الله بعد إصابته في مواجهة الأهلي وسموحة (النادي الأهلي)

اشتباه بكسر في عظام وجه عطية الله لاعب الأهلي المصري

أعلن الأهلي، متصدر الدوري المصري الممتاز، الثلاثاء، احتجاز لاعبه يحيى عطية الله في أحد مستشفيات القاهرة للاشتباه في «إصابته بكسر في عظام الوجه».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية إمام عاشور يحتفل بهدفه الثاني في مرمى سموحة (النادي الأهلي)

«الدوري المصري»: الأهلي إلى القمة بثنائية في سموحة

انفرد الأهلي حامل اللقب بصدارة الدوري المصري الممتاز لكرة القدم بفوزه 2 - صفر على ضيفه سموحة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية السويسري مارسيل كولر المدير الفني لفريق الأهلي المصري (إ.ب.أ)

وعكة صحية تغيّب كولر عن مران الأهلي

غاب السويسري مارسيل كولر، المدير الفني لفريق الأهلي المصري، عن مران فريقه الختامي استعداداً لمواجهة سموحة الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.