لوحة لدافينشي تحقق 450 مليون دولار في مزاد

آخر عمل لفنان عصر النهضة لا يملكه متحف

اللوحة بيعت بـ400 مليون دولار بالإضافة إلى 50 مليون دولار عمولة للدار (أ.ف.ب)
اللوحة بيعت بـ400 مليون دولار بالإضافة إلى 50 مليون دولار عمولة للدار (أ.ف.ب)
TT

لوحة لدافينشي تحقق 450 مليون دولار في مزاد

اللوحة بيعت بـ400 مليون دولار بالإضافة إلى 50 مليون دولار عمولة للدار (أ.ف.ب)
اللوحة بيعت بـ400 مليون دولار بالإضافة إلى 50 مليون دولار عمولة للدار (أ.ف.ب)

بيعت لوحة رسمها الفنان ليوناردو دافينشي وتصور رجلاً يرفع يده اليُمنى وفي يده اليُسرى كرة زجاجية بمبلغ قياسي قدره 450.3 مليون دولار في مزاد أقامته دار {كريستيز} في نيويورك الأربعاء. ويزيد هذا المبلغ على مثلي السعر القياسي السابق لأي عمل فني في مزاد.
وأُعيد اكتشاف اللوحة أخيراً، وهي آخر عمل لدافينشي مملوك ملكية خاصة، وبيعت في مزاد بأكثر من أربعة أمثال تقدير {كريستيز}، وهو نحو 100 مليون دولار.
وتخطى مبلغ البيع رقماً قياسياً سجلته لوحة {نساء الجزائر} للفنان بابلو بيكاسو حين بيعت مقابل 179.4 مليون دولار في مايو (أيار) 2015.
وبيعت لوحة دافنشي لمشتر لم تعلن دار {كريستيز} هويته، شارك عبر الهاتف في المزاد الذي استغرق نحو 20 دقيقة. ووصف أليكس روتر رئيس قسم فن ما بعد الحرب والفن المعاصر بالدار مزاج مقدم العرض أثناء حديثه في المزاد، قائلاً إنه «هادئ جداً». وأضاف أن «المشتري كان هادئاً أكثر من اللازم وهو يعرض هذا القدر من المال».
وأضاف روتر: «يشعر بالرضا جداً لتحقيق هذا السعر. هذا أمر جيد بالنسبة إلينا. هذا أمر جيد للجميع. لكنه أمر رائع لأنه يبرر أن دافينشي كان سيد جميع الأساتذة وهو الآن يحمل السعر القياسي للمزاد». واللوحة واحدة من أقل من 20 رسماً لدافينشي من المعروف أنها لا تزال موجودة.
وكانت اللوحة قد سجلت ضمن ممتلكات الملك تشارلز الأول الخاصة ثم عرضت في مزاد عام 1763 قبل أن تختفي حتى عام 1900. وفي تلك الأثناء أُعيد طلاء الوجه والشعر في تقليد يقول آلان وينترميوت كبير المتخصصين في أعمال الفنانين القدامى بدار كريستيز إنه كان «شائعاً جداً».
وبيعت لوحة فنان عصر النهضة لمشترٍ أميركي عام 1958 مقابل 45 جنيهاً فقط ثم بيعت عام 2005 بعد إعادة طلاء النسخة الأصلية.
وبدأ المالك الجديد عملية ترميم، وبعد بحثٍ وتقصٍ داما نحو ست سنوات تم إقرارها على أنها عمل دافينشي الأصلي وعرضت في {المعرض الوطني} بلندن عام 2011، حيث سلطت عليها الأضواء بقوة.
أما عن المشتري الأخير، فقد اكتفت دار المزادات بقول إنه أوروبي اشترى اللوحة بعد إعادة اكتشافها عام 2005 وبعد عملية الترميم الطويلة.
وذكرت وسائل إعلام أنه الملياردير الروسي ديمتري ريبولوفليف وأنه دفع 127.5 مليون دولار ثمناً للوحة عام 2013.
ومن بين المعروضات أيضاً في مزاد أمس عمل الفنان آندي وارهول {سكستي لاست سابرز} أو {60 عشاء أخيراً}، وجلب 60.9 مليون دولار، وهو ما تجاوز المتوقع.
وبيع في المزاد أيضاً عملان للفنان الأميركي سي تومبلي جلب أحدهما 46.4 مليون دولار والثاني 27.3 مليون دولار، متجاوزين التوقعات أيضاً.



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.