عندما أشار المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا منذ وقت ليس ببعيد إلى أنه بإمكان الأندية الإنجليزية الفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا، سُئل عما إذا كان يعتقد أن قوة وشراسة الدوري الإنجليزي الممتاز تمثل مشكلة في هذا الصدد، ورد قائلاً: «لا، أنا لا أعتقد ذلك. أعتقد أن الفريق الأفضل سوف يفوز، ولا علاقة لهذا بقوة الدوري الإنجليزي الممتاز».
وفي الحقيقة، دائماً ما يؤكد غوارديولا على وجهة نظره هذه منذ قدومه للعمل في إنجلترا قبل 18 شهراً. لكن إذا أردت أن ترد على ذلك وتطرح وجهة النظر المعارضة له في مؤتمر صحافي فعليك أن تسأله عما إذا كان خروج مانشستر سيتي خالي الوفاض الموسم الماضي لا يعد دليلاً على أن الفوز بالبطولات والألقاب في إنجلترا أصعب منه في إسبانيا أو ألمانيا.
ودائماً ما يؤكد غوارديولا على أن البطولات الكبرى في أوروبا تتسم جميعها بنفس القوة والشراسة، لكن يمكن الرد على ذلك أيضاً بأن أربعة أو خمسة فرق تتنافس بقوة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز كل عام، وربما يرتفع هذا العدد إلى ست فرق إذا ما أضفنا إليها آرسنال. ولا ينطبق هذا على الدوري الإسباني أو الألماني أو الإيطالي في معظم المواسم، وهو ما يثبت أن الدوري الإنجليزي أكثر قوة وشراسة من باقي الدوريات الأوروبية.
قد يكون هذا صحيحاً تماماً، لكن لو نظرت إلى جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز في الوقت الحالي، فهل تعتقد أن الشكل الحالي يمكن أن يخيف الكثير من البطولات الأخرى في جميع أنحاء أوروبا؟ وإذا كان الدوري الإنجليزي الممتاز قوياً للغاية، فكيف يمكن لناديين من الأندية الصاعدة الموسم الماضي، والتي لم يسبق لها أن لعبت في الدوري الإنجليزي الممتاز من قبل، أن تكون في النصف الأول من جدول الترتيب؟
كان الجميع يتوقع قبل انطلاق الموسم الجديد أن برايتون وهيدرسفيلد سوف يهبطان إلى دوري الدرجة الأولى في نهاية الموسم. ورغم أنه لا يزال هناك متسع من الوقت يمكن خلاله أن يتغير جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، فإنه يمكن القول إن كلا الناديين قد قدم مستويات لم يكن يحلم بها حتى جمهور الناديين.
وينطبق الأمر نفسه على نادي نيوكاسل يونايتد، الصاعد هو الآخر حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، والذي كان يوجد في النصف الأول من جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز حتى وقت قريب، لكنه الآن يحتل المركز الحادي عشر بـ14 نقطة، بفارق نقطة واحدة خلف برايتون وهيدرسفيلد.
لقد لعب كل فريق 11 مباراة حتى الآن، وهو ما يعني أن أكثر من 25 في المائة من الموسم قد انتهى بالفعل، وبعد بضع مباريات قليلة سيكون ثلث المباريات قد اكتمل. وخلال الموسم الماضي، هبط هال سيتي إلى دوري الدرجة الأولى بعدما احتل المركز الثامن عشر برصيد 34 نقطة، وهو ما يعني أن الحد الأدنى من النقاط اللازم للبقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز هو 35 نقطة. وقد حصل كل فريق من الفرق الثلاثة الصاعدة حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز على نصف هذه النقاط تقريباً.
أما نادي بيرنلي، الذي يقدم نتائج تذكرنا بما كان يقدمه إيفرتون الموسم الماضي من حيث اقترابه من المراكز الستة الأولى للمسابقة، فقد تجاوز بالفعل نصف هذا العدد من النقاط. وحتى لو كان الحد الأدنى لتجنب الهبوط هو 40 نقطة، فقد حقق بيرنلي نتائج ممتازة بقيادة مديره الفني شون دايك ونجح في حصد 19 نقطة من 11 مباراة.
وعلى النقيض من ذلك، نجد الأندية التي لم تكن تجد صعوبة في البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز، مثل وست بروميتش ألبيون ووستهام، هي التي تعاني بعدما حصلت على عدد قليل من النقاط بمعدل أقل من نقطة واحدة في كل مباراة. وكان من الممكن أن يكون إيفرتون في الموقف نفسه لولا الفوز الذي حققه بشكل يشبه المعجزة على واتفورد الأحد الماضي، وحصوله على ثلاث نقاط غالية كان في أشد الحاجة إليها، في حين حصد ستوك سيتي 12 نقطة من 11 مباراة.
وحصل بيرنلي على نفس عدد النقاط التي حصل عليها آرسنال وليفربول، ولم يبتعد عن المراكز الستة الأولى سوى بفارق الأهداف فقط، وهو ما يعكس – في ضوء التفاوت الكبير في الإمكانات – براعة فائقة من جانب دايك، أو قصور كبير من جانب المدير الفني لليفربول يورغن كلوب، والمدير الفني لآرسنال آرسين فينغر.
وإذا ما نظرنا إلى جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز لوجدنا أن الأندية التي تحتل المراكز الستة الأولى هي الأندية التي توقعها الجميع تقريباً في بداية الموسم، ورغم أنه سيكون من الرائع أن نرى بيرنلي أو واتفورد يرتقي للمراكز الستة الأولى، فإن القوام القوي للأندية الكبرى والفوارق المادية الهائلة التي تصب في صالحها تجعل من الصعب تغيير الترتيب الحالي فيما يتعلق بالمراكز الستة الأولى بنهاية الموسم.
لكن من يتحرك بشكل كبير نحو القمة هم المديرون الفنيون، مثل دايك وماركو سيلفا اللذين جذبا الأنظار بقوة هذا الموسم، لكن صعود هؤلاء المديرين الفنيين في هذه الحالة لا يعني بالضرورة إيجاد فرصة في نادٍ من الأندية التي تشارك في دوري أبطال أوروبا؛ وذلك لأن عجلة انتقال المدربين من الأندية الصغيرة إلى الكبيرة تسير ببطء شديد، ولذا فإن مكافأة تحقيق نتائج إعجازية مع بيرنلي أو واتفورد تعني أنه من المرجح أن ينتقل المديرون الفنيون لهذه الفرق إلى أندية مثل إيفرتون أو وستهام يونايتد. ويبدو من المرجح أن يستمر دايك وسيلفا مع أنديتهما في الوقت الحالي، ولا يوجد هناك أي خطأ في ولائهما لأنديتهما وعدم الرحيل في منتصف الموسم، لكن الوجه الآخر للمعادلة يعني اضطرار وستهام وإيفرتون إلى التفاوض مع مدربين مثل ديفيد مويز وسام ألاردايس ببساطة لأنهم متاحون!
ويبدو أن إيفرتون يفضل التعاقد مع ألاردايس في الوقت الحالي، رغم التقارير التي تشير إلى رغبة النادي في التعاقد مع المدير الفني لنادي أتلتيكو مدريد الإسباني دييغو سيميوني في منتصف الموسم. لقد حدث شيء في وقت مبكر من هذا الأسبوع يلخص حالة اليأس من الوضع الحالي، حيث توقف جمهور إيفرتون فجأة عن التعاطف مع جمهور وستهام يونايتد فيما يتعلق باختيار المدير الفني الجديد للفريق عندما اتضح أن إيفرتون قد يفكر في التعاقد مع واحد من أسوأ المديرين الفنيين السابقين لوستهام يونايتد (ألاردايس)!
وربما تكون النقطة الواضحة من كل هذا – والتي لم يتطرق إليها غوارديولا لأنه مهذب للغاية – هو أنه بعيداً عن المراكز الستة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز تتنافس باقي الفرق فيما بينها من أجل البقاء في المسابقة وتجنب الهبوط لدوري الدرجة الأولى، لا أكثر ولا أقل. ونتيجة لذلك، سيكون ألاردايس دائماً مطلوباً من قبل عدد كبير من الأندية لأنه متمرس ولديه خبرات كبيرة في مساعدة الفرق على تجنب الهبوط. وتكمن المشكلة الوحيدة في استعانة نادٍ طموح مثل إيفرتون بخدمات ألاردايس في أن هذا يعد بمثابة رسالة واضحة للغاية على أن النادي يعاني من مشكلات كبيرة.
ولم يكن النادي يرغب في الوصول إلى هذا الموقف بالطبع عندما تعاقد مع المدير الفني الهولندي رونالد كومان مقابل 6 ملايين جنيه إسترليني في العام بهدف الارتقاء إلى المراكز الستة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز. وعلى الجانب الآخر، أصبحت أوراق اعتماد مويز أقل قوة بعد الفترة الكارثية التي قضاها مع سندرلاند، حيث ساهم ببعض أقواله وأفعاله في زيادة مشكلات النادي، لكنه على الأقل سيكون قادراً على تحسين دفاع وستهام المهلهل ووقف نزيف النقاط. كما يواجه توني بوليس المشكلة نفسها مع وست بروميتش ألبيون.
وخلاصة القول، هو أن وستهام قد عيّن للتو مديراً فنياً يعرف جيداً كيف يساعد النادي على تجنب الهبوط، كما هو الحال مع ليستر سيتي، في حين يبدو أن إيفرتون لا يزال يفكر فيما إذا كان في حاجة إلى مدير فني يساعده على البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز أو مدير فني يساعده على احتلال مركز متقدم عن المركز السابع.
وكما هو واضح من التجربة غير السعيدة التي مر بها النادي مع كومان، لا يمكن الافتراض بأن رجلاً واحداً سيكون قادراً على القيام بالأمرين معاً، وفي الحقيقة ربما لا يكون قادراً على القيام بأي منهما.
وفي الوقت نفسه، ولدرجة تثير السخرية، نجد أن مديرين فنيين مثل والش وسيلفا وكريس هوتون وديفيد فاغنر قد أظهروا قدرات رائعة مع أصغر الأندية في المسابقة، وهذا هو الجانب الذي شهد تقدماً في حقيقة الأمر. ونتيجة لذلك، يمكن القول إن أي شخص لديه طموح حقيقي يتعين عليه أن يختار أياً من هؤلاء المديرين الفنيين، ويدفع الشرط الجزائي في عقده ويمنحه فرصة قيادة فريق كبير بإمكانات أكبر. وبدلاً من ذلك، ولأنه لا يوجد طموح حقيقي أكبر من مجرد البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز بالنسبة لمعظم الأندية في الثلثين الأخيرين من جدول الترتيب، تستمر الأندية في الدائرة المغلقة نفسها من أسماء معينة من المديرين الفنيين ونواصل نحن مشاهدة الكرة التقليدية نفسها من دون أي إبداع.
وبالتالي، فإن السؤال الذي يجب أن نسأله الآن هو: أين هي القوة والشراسة التي يتحدثون عنها في الدوري الإنجليزي الممتاز؟
هل النتائج الإيجابية للفرق الصغرى هي التي تعبر عن قوة الدوري الإنجليزي؟
برايتون وهيدرسفيلد ونيوكاسل تحقق نتائج تفوق التوقعات... والأندية الكبرى عاجزة عن حصد دوري الأبطال
هل النتائج الإيجابية للفرق الصغرى هي التي تعبر عن قوة الدوري الإنجليزي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة