الضغوط الدولية تزداد على زعيمة ميانمار في قمة آسيان

زعماء العالم يطالبونها بتنفيذ وعود عودة الروهينغا والتحقيق المستقل بحملة «التطهير العرقي»

سو تشي التقت في مانيلا الأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الأميركي (رويترز)
سو تشي التقت في مانيلا الأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الأميركي (رويترز)
TT

الضغوط الدولية تزداد على زعيمة ميانمار في قمة آسيان

سو تشي التقت في مانيلا الأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الأميركي (رويترز)
سو تشي التقت في مانيلا الأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الأميركي (رويترز)

ازدادت الضغوط الدولية أمس على الزعيمة أونغ سان سو تشي مستشارة الدولة في ميانمار، وذلك خلال حضورها قمة رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في العاصمة الفلبينية مانيلا، تطالبها بالسماح لأبناء الروهينغا بالرجوع إلى قراهم في ميانمار والسماح للمنظمات الدولية بإجراء تحقيق في المجازر التي ارتكبت ضدهم وأدت إلى تهجير أكثر من نصف مليون منهم إلى بنغلاديش.
والتقت الرئيسة الفعلية للبلاد سو تشي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ورئيس الحكومة الكندي جاستن ترودو، بعد يوم من إصدار جيش ميانمار تقريرا ينفي فيه مزاعم قيام قوات الأمن بأعمال اغتصاب وقتل بعد أيام من تغيير الجنرال المسؤول عن ولاية راخين التي دفعت عملية عسكرية فيها مسلمي الروهينغا للفرار إلى بنغلاديش. وسخرت منظمة العفو الدولية من نتائج تحقيق جيش ميانمار عن المجازر ووصفته بأنه محاولة «لتبرئة الساحة»، ودعت للسماح لمحققين من الأمم المتحدة ومحققين مستقلين بدخول البلاد.
وقال جيش ميانمار إن تحقيقا داخليا لم يعثر على أي دليل على حدوث حالات اغتصاب جماعي والضرب والقتل خارج نطاق القضاء أو تدمير ممتلكات على أيدي قوات الأمن ضد أقلية الروهينغا المسلمة في ولاية راخين. ويؤكد جيش ميانمار باستمرار على براءته ونشر أول من أمس الاثنين نتائج تحقيق داخلي على صفحة «فيسبوك» الخاصة بقائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ. وقال التقرير إن التحقيق توصل إلى أن الجنود لم يطلقوا النار على «قرويين أبرياء» ولم يغتصبوا أي نساء ولم يعذبوا الأسرى. ونفى أن تكون قوات الأمن قد أحرقت قرى الروهينغا أو استخدمت «العنف المفرط».
وقال جيمس جوميز المدير الإقليمي للمنظمة العفو الدولية المختص بدول جنوب شرقي آسيا والمحيط الهادي في بيان: «مرة أخرى يحاول جيش ميانمار إخفاء انتهاكات جسيمة ضد الروهينغا». وقالت المنظمة: «هناك أدلة ساحقة على أن الجيش قتل واغتصب الروهينغا وأحرق قراهم وسواها بالأرض. بعد تسجيل أعداد لا تحصى من روايات الرعب واستخدام تحليلات الأقمار الصناعية لرصد الدمار المتنامي لا يمكننا سوى الوصول إلى نتيجة واحدة: هذه الهجمات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية». ورفضت المنظمة الدولية نتائج التحقيق ودعت إلى حرية دخول كاملة لمحققين من الأمم المتحدة ومحققين مستقلين لولاية راخين. ووجه مسؤول كبير آخر بالأمم المتحدة اتهامات أخرى لجيش ميانمار يوم الأحد بعد أن قام بجولة في مخيمات اللاجئين في بنغلاديش بارتكاب عمليات اغتصاب ممنهجة وجرائم أخرى ضد الإنسانية.
وقالت الأمم المتحدة في بيان إن «الأمين العام أكد أن الجهود المعززة لضمان وصول المساعدات الإنسانية والعودة الآمنة والكريمة والطوعية والمستدامة، فضلا عن المصالحة الحقيقية بين المجتمعات المحلية، ستكون ضرورية». وقال غوتيريش للزعيمة الحائزة على جائزة نوبل للسلام إنه يجب أن يسمح بعودة مئات الآلاف من النازحين المسلمين الذين فروا إلى بنغلاديش لبيوتهم.
وقال ممثل عن الأمم المتحدة في إفادة قصيرة عن الاجتماع: «الأمين العام أكد على أن الجهود المبذولة لضمان وصول المساعدات والعودة الآمنة الطوعية والدائمة للاجئين فضلا عن مصالحة حقيقية بين الطوائف ستكون ضرورية».
ولم يعلن عن سبب لنقل الميجور جنرال ماونغ ماونغ سو من منصب قائد القيادة الغربية في راخين في أغسطس (آب) الماضي عندما قام الجيش بعمليات حرق ضد قرى الروهينغا. وقال الميجور جنرال إي لوين نائب مدير الشؤون المعنوية والعلاقات العامة بوزارة الدفاع لـ«رويترز»: «لا أعلم سبب نقله» مضيفا أنه «لم ينقل إلى أي منصب في الوقت الحالي. أحيل إلى الاحتياط». وقال إي لوين إن أمر النقل صدر يوم الجمعة وإن البريغادير جنرال سو تينت ناينغ عُيّن قائدا جديدا للقيادة الغربية. والقيادة الغربية مؤلفة من ثلاثة أقسام وخاضعة لإشراف مكتب العمليات الخاصة الذي يتبع مباشرة مكتب قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ.
وقالت كاتينا آدامز المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة على علم بتقارير استبدال الجنرال. وأضافت: «لا نزال قلقين للغاية من استمرار ورود تقارير عن العنف وانتهاكات حقوق الإنسان من جانب قوات الأمن في ميانمار والحراس. المسؤولون عن الانتهاكات يجب أن يخضعوا للمحاسبة».
وتأتي هذه الخطوة قبيل زيارة يوم الأربعاء يقوم بها وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، حيث من المتوقع أن يوجه رسالة صارمة لجنرالات ميانمار الذين لا تملك أونغ سان سو تشي نفوذا عليهم، كما يعتقد، لكنها تعرضت لانتقادات في الغرب لفشلها في وقف الأعمال الوحشية. ويضغط أعضاء مجلس الشيوخ في واشنطن من أجل الموافقة على تشريع يفرض عقوبات اقتصادية وقيودا على السفر تستهدف الجيش ومصالحه الاقتصادية. ويقول مؤيدو سو تشي إنها مضطرة لتحقيق توازن بين مطالب الخارج والشعور الشعبي في البلد ذي الغالبية البوذية الذي يعتقد معظم سكانه بأن الروهينغا دخلاء. وخلال التقاط صور في بداية لقائها مع تيلرسون، تجاهلت سو تشي صحافيا سألها ما إذا كان الروهينغا مواطنين بورميين. وتعتبر الحكومة في ميانمار التي تقطنها أغلبية بوذية الروهينغا مهاجرين غير شرعيين من بنغلاديش.
وفر أكثر من 600 ألف مسلم من مسلمي الروهينغا إلى بنغلاديش منذ أواخر أغسطس هربا من عملية تطهير في ولاية راخين وصفها مسؤول كبير بالأمم المتحدة بأنها حالة واضحة من حالات «التطهير العرقي».
وفي حين يضغط أعضاء مجلس الشيوخ في واشنطن من أجل الموافقة على تشريع يفرض عقوبات اقتصادية وقيودا على السفر تستهدف جيش ميانمار ومصالحه الاقتصادية، من المتوقع أن يوجه تيلرسون رسالة صارمة لجنرالات ميانمار مع التأكيد في الوقت نفسه على دعم الانتقال للديمقراطية، عندما يزور ميانمار اليوم الأربعاء. وقالت كاتينا آدامز المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية: «لا نزال قلقين للغاية من استمرار ورود تقارير عن العنف وانتهاكات حقوق الإنسان من جانب قوات الأمن في ميانمار ومسلحي اللجان الأهلية. يجب محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات».
وعقب تفقدها لمخيمات اللاجئين في بنغلاديش، اتهمت براميلا باتين ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة الخاصة للعنف الجنسي في الصراعات أمس الأحد جيش ميانمار بارتكاب وقائع اغتصاب جماعية على نحو منتظم وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية. وأضافت: «عندما أعود إلى نيويورك سأثير القضية مع مدعي ورئيس المحكمة الجنائية الدولية بشأن ما إذا كان يمكن تحميل (جيش ميانمار) المسؤولية عن هذه الفظائع».



إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.