الحمد الله: من دون الأمن عملنا في غزة غير مجدٍ

قال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله إن المعيار الأساسي لعمل حكومة الوفاق في قطاع غزة، وإنجاح توصيات اللجان الثلاث التي شكلناها لمراجعة القضايا العالقة، مشروط بحل قضية الأمن، وأضاف: «من دون تسلم المهام الأمنية كاملة، سيبقى عملنا منقوصاً، بل وغير مجدٍ أيضاً».
وتابع الحمد الله، خلال كلمة ألقاها في افتتاح مؤتمر العدالة الانتقالية والتسامح وحقوق الإنسان، في جامعة النجاح الوطنية: «إن التمكين الشامل للحكومة سيعطي عملنا الزخم والقوة، وسيمكننا من استكمال إعمار غزة، ونجدة شعبنا فيها، وإحداث تغيير ملموس في حياته».
وأكد الحمد الله أن حكومته عاقدة العزم على تجسيد المصالحة والوحدة في كل المجالات، بما يفضي إلى سلطة واحدة بقانون واحد وسلاح شرعي واحد، وبسط القانون والنظام العام وإحلال الاستقرار، كمدخل لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وإعادة التوازن للنظام السياسي، وبناء الوطن على أسس من الشرعية، وفي ظل التعددية الثقافية والسياسية.
وشدد الحمد الله على أن بسط الأمن غير قابل للنقاش، وقال: «لا أحد فوق القانون، ولأحكامه يخضع الجميع، وهذا الموضوع غير قابل للجدال أو التساؤل، وإذا كانت هناك أخطاء سنقوم بمعالجتها».
واستطرد: «إن المصالحة الوطنية، وإيجاد السبل لتجاوز الانقسام وتبعاته، هي الوسيلة لبسط العدالة والإنصاف، وتكريس السلم والتسامح المجتمعي، وصون هويتنا الوطنية، فهي ليست شعاراً سياسياً، بل عمل متواصل لتفكيك العقبات، والوفاء لتضحيات أهلنا في غزة، وتفويت الفرصة على إسرائيل للاستثمار في الانفصال، وإضعاف قضيتنا».
وجاء حديث الحمد الله في وقت يشهد جدلاً متصاعداً حول شكل التمكين الأمني في قطاع غزة.
وتقول السلطة الفلسطينية إنها لن تقبل بأي سلاح آخر غير سلاحها في قطاع غزة، وذهب مسؤولون أمنيون إلى دعوة حماس لنزع سلاحها، وهو الأمر الذي ردت عليه الحركة بالقول إن نزع السلاح خط أحمر غير قابل للنقاش.
وتصاعد الجدل حول الملف الأمني، على الرغم من أن حركتي فتح وحماس لم يناقشاه في جلسات القاهرة السابقة، وأرجأتاه إلى الحوارات المرتقبة في 21 من الشهر الحالي، التي تحضرها الفصائل الفلسطينية الأخرى.
وانتقدت حماس، أمس، تصريحات الحمد الله حول الأمن، وعدتها تلكآت واشتراطات.
ودعا سامي أبو زهري، المسؤول في حماس، الحمد الله لاحترام بنود اتفاق المصالحة دون انتقائية، والتوقف عن لغة الاشتراطات أو اختراع بنود جديدة خارجة عن الاتفاق، ودعاه إلى إنهاء حالة التلكؤ في رفع العقوبات عن غزة.
كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أعلن عن إجراءات ضد قطاع غزة قبل أشهر، شملت تخفيض رواتب وقطع أخرى، والتوقف عن دفع أثمان الكهرباء والوقود، وإلغاء الإعفاءات الضريبية وفرض أخرى، في محاولة لإجبار حماس على تسليم قطاع غزة، قبل أن تعلن الحركة الإسلامية حل اللجنة الإدارية التي كانت تحكم القطاع، وتذهب إلى مصالحة مع حركة فتح. وهاجم قيادي في حماس، أمس، استمرار هذه العقوبات. ونقلت وسائل إعلام تابعة للحركة، وأخرى محسوبة عليها، تصريحات للقيادي في الحركة يحيى العبادسة، قال فيها إنه من «الواضح أن الشعب لا يلحظ أي خطوة إيجابية تجاه إثبات جدية الرئيس محمود عباس (أبو مازن) في الذهاب نحو المصالحة»، مضيفاً: «إننا فعلياً أمام حب من طرف واحد».
ووصف العبادسة الحديث عن تمكين الحكومة بأنه «كلام فارغ»، موضحاً: «إن مصطلحات كالتمكين والتمكين الفعال وتخفيف الإجراءات، وغيرها من المصطلحات الأخرى، تُقرأ سياسياً على أنه لا نية ولا جدية من قبل الرئيس عباس في اتجاه التخفيف عن الشعب».
وعملياً، تنتظر الحكومة قراراً من عباس بهذا الشأن. وتوجد أمام الحكومة مهمات صعبة في قطاع غزة، تتعلق بإدارة المعابر، وفرض الأمن، وخلق تنمية اقتصادية، وإعادة إعمار القطاع، وفك الحصار عن القطاع أو تخفيفه.
وقال الحمد الله: «إن حكومته عملت في ظل تحديات جمة، وأوكلت لها مهام وطنية كبرى، أهمها معالجة آثار الانقسام، وتوحيد المؤسسات، والتحضير للانتخابات».
وبعد تأكيده على أن السيطرة الأمنية هي مفتاح النجاح في إدارة المعابر وحكم القطاع، تحدث الحمد الله عن إنجازات تتعلق بإعادة الإعمار، وأضاف: «لقد عملنا على تلبية احتياجات قطاع غزة الطارئة والأساسية، لا سيما التعليمية والصحية، وتركزت جهودنا على إعادة إعماره، ورغم الصعوبات التي حاصرت عملنا المؤسسي فيه، وتباطؤ إيفاء المانحين بالتزاماتهم المعلنة في مؤتمر القاهرة، التي وصلنا منها نحو 37 في المائة فقط، تمكنا من تنفيذ مشاريع الكهرباء والمياه والبنية التحتية والتعليم، ورممنا ووفرنا التمويل اللازم لنحو 76 في المائة من البيوت المهدمة كلياً، وتم إصلاح نحو 63 في المائة من العدد الكلي للمنازل التي تأثرت جزئياً من العدوان الإسرائيلي الغاشم».
وتتطلع الحكومة إلى إنجاز ملف الإعمار كاملاً بعد تسلمها قطاع غزة، وكان هذا أحد اشتراطات الدول المانحة التي لم تدفع سوى 1.596 مليون دولار، أي ما يعادل 31.4 في المائة من إجمالي التعهدات الكلية للمانحين.
ووصلت تعهدات المانحين في مؤتمر القاهرة، في أكتوبر (تشرين الأول) 2014، إلى 5.082 مليار دولار، كإجمالي تعهدات المؤتمر، خُصص منها 3.507 مليار لإعمار القطاع. وبحسب ما أظهره المكتب الوطني للإعمار، فإن 28 دولة التزمت بتعهداتها كاملة، من أصل 53 دولة.