محاكمة صحافي جزائري بتهمة «التخابر مع جهة أجنبية»

TT

محاكمة صحافي جزائري بتهمة «التخابر مع جهة أجنبية»

أعلن محامو صحافي جزائري يواجه السجن مدى الحياة، أن محكمة الاستئناف في العاصمة قررت إحالة قضيته إلى محكمة الجنايات. وعجز المحامون عن إسقاط تهمة «التخابر لمصلحة جهة أجنبية» عن الصحافي المعروف بتعاونه مع وسائل إعلام أجنبية بارزة.
وقال خالد بورايو، محامي الصحافي السعيد شيتور، لـ«الشرق الأوسط»: «إن غرفة الاتهام في محكمة الاستئناف عقدت اجتماعاً مساء أول من أمس، للنظر في طعن رفعه الدفاع إليها يخص الإفراج عن الصحافي مؤقتاً في انتظار تحديد تاريخ المحاكمة، على أساس أن ذلك يوفّر كل الضمانات التي تتيح للنيابة استدعاءه في أي وقت. ورفض قاضي التحقيق في العاصمة، في وقت سابق، الموافقة على هذا الطلب، وسارت غرفة الاتهام في الاتجاه نفسه».
وذكر بورايو، أن «جهة عسكرية هي من حرّكت الدعوى العمومية ضد شيتور، وورد في ملفه أنه سلَم وثائق تتضمن أسراراً مرتبطة بالدفاع». وتحفظ المحامي عن تقديم تفاصيل القضية بحجة «سرية التحقيق». وقال مصدر قضائي مطلع على الملف: إن هناك شبهة بأن الصحافي سلَم مستندات لدبلوماسيين نرويجيين عاملين في الجزائر، وإن وزارة الدفاع الجزائرية قدّرت أنها تحوي «أسراراً تمس بالأمن القومي». ولا يعرف بالضبط ما تتضمنه هذه الوثائق. وبينما تبدو نقابات الصحافيين غير مهتمة كثيراً بالقضية، يشكو الكثير من زملاء شيتور من أنهم لا يملكون معطيات عنها.
ويواجه الصحافي الموجود حالياً في سجن الحراش، في الضاحية الشرقية للعاصمة، عقوبة السجن المؤبد في حال ثبّتت محكمة الجنايات التهمة ضده، وهي جناية بحسب المادة 65 من قانون العقوبات. وتتمثل التهمة في «جمع معلومات أو أشياء أو وثائق أو تصميمات، بغرض تسليمها إلى دولة أجنبية، والذي يؤدي جمعها واستغلالها إلى الإضرار بمصالح الدفاع الوطني والاقتصاد الوطني». والمثير في قضية شيتور، أنه لا وجود لجهة شاكية في الملف، بحسب المحامي، ويرجح بأن وزارة الدفاع أوعزت للنيابة فحركت الدعوى العمومية ضده.
ويشار إلى أن شيتور يعمل متعاوناً مع وسائل إعلام عالمية، بينها «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) وصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية. وقد اعتقل في يونيو (حزيران) الماضي في مطار الجزائر عندما كان عائداً من سفر في أوروبا. وأطلقت منظمة «محققون بلا حدود» عريضة لجمع توقيعات صحافيين من كل بلدان العالم، للمطالبة بإطلاق سراحه.
في سياق ذي صلة، بدأت أمس حدَة حزام مديرة صحيفة «الفجر»، المستقلة عن الحكومة، إضراباً عن الطعام احتجاجاً على وقف الإعلانات الحكومية عن مؤسستها الإعلامية منذ ثلاثة أشهر. وصرّحت حزام، وهي كاتبة صحافية، بأنها «تعرف أنها معركة خاسرة منذ البداية؛ لأن هناك من قرر تنظيف الساحة الإعلامية من كل الأصوات النشاز، ومن قرر معاقبتي شخصياً، لا أدري إن كانوا استضعفوني لكوني امرأة، لكن في الإعلام هناك المواقف وهناك الأقلام بغض النظر عن الجنس».
وبحسب مديرة الصحيفة، أوقفت الحكومة إمدادها بالإشهار بسبب انتقادها سياسات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لدى استضافتها في فضائية فرنسية. وأفادت حدة بخصوص إضرابها: «منذ ثلاثة أشهر و(الفجر) محرومة من الإشهار العمومي؛ لأن الإشهار الخاص على قلته جبان مثل رأس المال، وأول سؤال يطرح علينا: كيف علاقتكم مع السلطة؟ وقد سبق لـ(الفجر) أن حُرمت من الإعلان العمومي الذي كان شحيحاً معنا منذ إنشاء الصحيفة، لأننا لا ننتمي إلى أي جهة، ولم نتودد لأي طرف في السلطة. تعرضنا لعقوبة فاقت السنتين بسبب مقال ضد الوزير الأول نشرناه سنة 2004، لكننا لم نتأثر لأن القطاع الخاص لم يكن عرضة للمساومة والتخويف»، في إشارة إلى ضغوط يتعرض لها المعلنون الخواص، الذين ينشرون إعلاناتهم في وسائل إعلام مصنفة «معادية للحكومة».
وأضافت حزام: «رغم محاولاتنا الاتصال بالكثير من الأطراف لإيجاد مخرج للأزمة، ورغم الوساطات ومراسلة كل من رئيس الجمهورية والوزير الأول، لم نجد أي حل، ويبدو أن موقف من اتخذ القرار يريد للصحيفة أن تختفي، فبرمج موتاً بطيئاً لها، ولأننا نفتقر للإمكانات المادية، تعذر علينا دفع رواتب الصحافيين، واضطررت إلى الاستدانة مرتين لدفع الرواتب؛ لأن أسراً كثيرة بأطفالها لا دخل لها غير راتبها من (الفجر)».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.