«حزب الله»... دولة داخل لبنان تدار من إيران

أوجدته طهران لتنفيذ أجندتها بزعزعة استقرار الدول العربية

عناصر من ميليشيا حزب الله أثناء رفع رايتهم - أرشيف (رويترز)
عناصر من ميليشيا حزب الله أثناء رفع رايتهم - أرشيف (رويترز)
TT
20

«حزب الله»... دولة داخل لبنان تدار من إيران

عناصر من ميليشيا حزب الله أثناء رفع رايتهم - أرشيف (رويترز)
عناصر من ميليشيا حزب الله أثناء رفع رايتهم - أرشيف (رويترز)

تحكم إيران قبضتها على لبنان عبر ذراعها حزب الله، الذي يسعى الى تنفيذ كل ما تطلبه طهران، بعيداً عن مصالح البلاد، ورغم الدعوات المتكررة للحزب بتغليب المصلحة العامة، إلا أنها بائت جميعها بالفشل، الأمر الذي أدى الى تقديم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من رئاسة الحكومة، معللاً ذلك بتغليبه مصلحة البلاد.
وحذر الحريري في كلمة له أمس (الاحد)، من التدخل الإيراني الذي يدمر العلاقات مع الدول العربية الأخرى، وقال ان "ما يجري إقليمياً خطر على لبنان، ونرى اليوم التدخلات في شؤون الدول العربية من قبل إيران"، مشدداً على أن إيران يجب أن تكف يدها عن التدخل بالدول العربية، وأن تأخذ لبنان إلى محور ضد الدول العربية.
وبخصوص حزب الله، ذكر الحريري أن حزب الله يثقل على اللبنانيين الوزن الذي يتحملوه، وأضاف "أنا مع التسوية ولست متوجهاً ضدّ أي فريق لا سيما حزب الله ولكن لا يحق له أن (يخرب) البلد".
واعتبر الحريري أن الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون من اليمن واستهدف الرياض "ليس شيئا عاديا". وقال: "هناك فريق لبناني يعمل في اليمن". وأضاف: "أنا لست ضد حزب الله كحزب سياسي ولكن ضد أن يخرب لبنان". وانتقد الحريري موقف حزب الله من السعودية والتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية اللبنانية، لكنه رأى في الوقت نفسه أن السعودية "لم تتدخل في لبنان".
ومنذ تأسيس حزب الله في لبنان عام 1982م، ودخوله المعترك السياسي عام 1985م. الذي ولد من رحم حركة أمل اللبنانية المدعومة من إيران، سعت طهران في ذلك الوقت إلى تأسيس حركة جديدة تُسمّى (حزب الله) على يد محمد حسين فضل الله والملقب بـ (خميني لبنان)، وصبحي الطفيلي، وحسن نصر الله وإبراهيم الأمين وعباس موسوي ونعيم قاسم وزهير كنج ومحمد يزبك وراغب حرب. وسرعان ما تفجر الوضع بين هؤلاء بسبب محاولة كل طرف بسط نفوذه على مناطق الشيعة في لبنان؛ فاقتتل الطرفان حركة (أمل) و(حزب الله) قتالاً شرساً، حتى تمكَّن (حزب الله) من بسط نفوذه على أغلب مناطق الجنوب.
لم ينتظر الحزب طويلاً حتى بدأ بتنفيذ الأجندة التي وجد من أجلها، ففي عام 1985 جرت محاولة لاغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح بتفجير سيارة مفخخة، وتمكنت السلطات الكويتية من إلقاء القبض على 17 متهماً، بينهم لبناني عضو في حزب الله، يتخذ اسماً حركياً، الياس صعب، وهو اسم غير حقيقي، وحاول حزب الله إطلاق سراح هؤلاء الـ 17 ، من السجن عن طريق خطف الطائرة الكويتية من قبل عماد مغنية مقابل تحرير رهائن الطائرة وتركها، وعندما رفضت الكويت هذه المقايضة بدأ مغنية بقتل الرهائن فقتل منهم اثنين.
واستمرت إيران بمحاولة زعزعة استقرار دول الخليج عن طريق ذراعها "حزب الله". فقد استفاق السعوديون في الثالث عشر من نوفمبر(تشرين الثاني) 1995، على وقع تفجير ارهابي في مدينة الخبر شرق السعودية، أسفر عن مقتل 19 جنديا أميركيا وجرح نحو 500 شخص.
وأظهرت التحقيقات أن المهاجمين قاموا بتهريب المتفجرات إلى السعودية من لبنان، وتمكنت قوات الأمن السعودية من إلقاء القبض على المشتبه به الرئيسي أحمد ابراهيم المغسل، بعد 20 عاماً من عملية التفجير، إثر ورود معلومات تؤكد وجود أحمد المغسل في العاصمة اللبنانية بيروت.
ولم تسلم البحرين من إرهاب حزب الله، فقد سعى الحزب إلى زعزعة استقرار المنامة، ففي فبراير(شباط) 2011،، أحبط الأمن البحريني شحنة من الذخائر والمتفجرات والأسلحة قبالة السواحل البحرينية، وهو التاريخ الذي شهدت فيه البحرين اضطرابات أمنية خطيرة، وضبطت المنامة خلية إرهابية تبين انها مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، حيث ظهرت جلياً أنشطة ايران السرية في البحرين، ومحاولاتها زعزعة الاستقرار في البلاد.
وفي الثالث عشر من أغسطس (آب) من العام 2015 كشفت السلطات الكويتية عن «خلية العبدلي» بعدما ضبطت قوى الأمن مخزناً للأسلحة والمتفجرات في مزرعة بمنطقة «العبدلي» الحدودية. ودلت التحقيقات على أسلحة ومعدات وأجهزة اتصال في 3 مواقع أخرى بينها مخبأ محصن بالإسمنت المسلح تحت بيت أحد المتهمين. وقدرت وزارة الداخلية في بيان وقتها كمية الأسلحة بعشرين طناً تقريباً.
وأكدت السعودية والحكومة اليمنية في نهاية فبراير الماضي ضلوع حزب الله اللبناني مباشرة في الحرب بين الحكومة الشرعية والانقلابيين من ميليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، والتخطيط لشن عمليات داخل الأراضي السعودية.
وفي الرابع من نوفمبر الحالي، اعترضت قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي، صاروخاً باليستياً أُطلق من داخل الأراضي اليمنية باتجاه العاصمة السعودية الرياض، لتتناثر الشظايا في منطقة غير مأهولة، دون أن يوقع أي إصابات.
وأوضح العقيد الركن تركي المالكي، المتحدث باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، أن الصاروخ اتجه صوب العاصمة الرياض وتم إطلاقه بطريقة عشوائية وعبثية، لاستهداف المناطق المدنية والآهلة بالسكان، واعترضته سرايا «البيتريوت»، مضيفاً أن اعتراض الصاروخ أدى إلى تناثر الشظايا في منطقة غير مأهولة بشرق مطار الملك خالد الدولي ولم تكن هناك أي إصابات.
وفي هذا الجانب أكد وزير الخارجية عادل الجبير أن ميليشيات حزب الله اختطفت الدولة اللبنانية ووضعت الحواجز أمام كل مبادرة لرئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري، وفوق كل هذا تصر على الاحتفاظ بالسلاح، مما يتعارض مع احترام سيادة المؤسسات الرسمية. وأضاف في مقابلة مع قناة «سي إن بي سي» الأميركية أن «الحزب ينشر نفوذا خبيثا في الشرق الأوسط»، وعدد من الدول ترغب في صده. وحول اتخاذ إجراء مباشر ضد الحزب قال «صنفنا حزب الله منظمة إرهابية، وعلى العالم اتخاذ إجراءات للحد من أنشطته، ولا يمكننا أن نسمح بأن يكون لبنان منصة ينطلق منها الأذى للسعودية، الشعب اللبناني بريء ويخضع لسيطرة الحزب وعلينا مساعدته للخروج من قبضة الحزب». وأضاف أن سلوك ايران ودعمها للإرهاب وبرنامجها الصاروخي الباليستي، كلها انتهاك للقرارات الدولية، ولذلك نود أن نرى عقوبات على إيران لدعمها للإرهاب، والعقوبات المفروضة على إيران لانتهاكها قرارات الأمم المتحدة للصواريخ الباليستية.
من جانبه، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، يوم أمس، إن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي في ظل التهديدات التي تمثلها إيران على استقرار المنطقة.
وفي كلمته الافتتاحية في ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الرابع، أكد قرقاش أن «الدور الإيراني يزداد سوءا في دعم التوتر الطائفي ودعم الحرب بالوكالة في عدد من الدول»، بحسب مركز الإمارات للسياسات الذي ينظم الملتقى بالتعاون مع وزارة الخارجية الإماراتية.
بدوره، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان اليوم (الاثنين)، تمسك بلاده بوحدة لبنان واستقلاله. وشدد على أن "عدم تدخل إيران في شؤون لبنان شرط مهم لاستقرار المنطقة".



مصر ترفض «حكومة موازية» في السودان... وتستعد لـ«إعادة الإعمار»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT
20

مصر ترفض «حكومة موازية» في السودان... وتستعد لـ«إعادة الإعمار»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)

في أول موقف مصري رسمي من تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد، رفض بلاده لأي دعوات تشكيل أطر موازية، للإطار القائم حالياً في السودان، فيما أعلن الاتفاق مع نظيره السوداني علي يوسف، على تشكيل فريق عمل مشترك للتركيز على إعادة الإعمار في السودان بمساهمة من الشركات المصرية.

وجاءت تأكيدات عبد العاطي، عقب جولة مشاورات سياسية جمعته مع نظيره السوداني، علي يوسف الشريف، في القاهرة، شدد خلالها على أن السلامة الإقليمية للسودان «خط أحمر» بالنسبة لبلاده، لا يمكن التهاون فيه.

ووفق تقارير إعلامية، وقعت «قوات الدعم السريع»، وتحالف مؤلف من جماعات سياسية ومسلحة، في العاصمة الكينية نيروبي، «وثيقة إعلان سياسي ودستور مؤقت، لتشكيل حكومة موازية، في مناطق سيطرة (قوات الدعم السريع)»، في مواجهة الحكومة السودانية التي تتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها حالياً.

مشاورات سياسية برئاسة وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)
مشاورات سياسية برئاسة وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)

واستضافت القاهرة آلية التشاور السياسي بين مصر والسودان، برئاسة وزيري خارجية البلدين، الأحد، وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكدت المشاورات «أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة السودان، واستقلاله، واحترام سيادته وكل مؤسساته الوطنية، بما في ذلك الجيش السوداني»، على وقع الحرب الداخلية في السودان.

ويشهد السودان حرباً داخلية اندلعت منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، وتسببت في نزوح آلاف السودانيين داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون و200 ألف إلى مصر، حسب إحصاءات رسمية.

وشدد البيان المشترك لآلية المشاورات السياسية، على «رفض التدخل في الشأن الداخلي السوداني تحت أي ذريعة»، إلى جانب «رفض أي خطوات من شأنها المساس بسيادة السودان»، وأشار البيان إلى أن «حل أزمة الحرب الداخلية حق أصيل للشعب السوداني، دون إملاءات خارجية».

وفي مؤتمر صحافي مشترك، أعقب المشاورات، أكد وزير الخارجية المصري على أن «بلاده ترفض أي دعاوى لتشكيل أطر موازية للإطار القائم حالياً في السودان»، وأن «السلامة الإقليمية للسودان خط أحمر لمصر».

بدوره، شدد وزير الخارجية السوداني على أن «بلاده لا تقبل قيام أي دولة أخرى بإقامة حكومة موازية للسودان»، وقال إن «الحرب ستنتهي في بلاده بانتصار الجيش والمقاومة الشعبية على ميليشيا (الدعم السريع)»، ودعا إلى «ضرورة تقديم كل الدعم للجيش للحفاظ على وحدة ووضع السودان».

واستعاد الجيش السوداني، أخيراً، عدداً من المناطق الرئيسية كانت تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، خصوصاً في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، غير أن هذا التقدم تزامن مع تحركات تشكيل «حكومة موازية» جديدة.

ويأتي الموقف المصري الرافض لأي تحركات لتشكيل حكومة موازية بالسودان، دعماً لوحدة واستقرار السودان الداخلي، وفق رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد العرابي، مشيراً إلى أن «موقف القاهرة ثابت ويستهدف الحفاظ على السيادة السودانية».

وباعتقاد العرابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، تحركات بعض الأطراف لتشكيل حكومة موازية، «ستزيد من حالة الانقسام السياسي الداخلي، وتعمق الخلاف بين الأطراف المختلفة»، مشيراً إلى أن «الحل السياسي يجب أن يصدر من الشعب السوداني نفسه، وأن يكون موقفاً سودانياً خالصاً دون إملاءات من أطراف خارجية».

وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني (الخارجية المصرية)

وفي تقدير مدير وحدة العلاقات الدولية بالمركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية، مكي المغربي، فإن تحركات تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، «لم تنجح، بفضل الرفض الإقليمي والدولي لها»، مشيراً إلى أن «مساعي القوى والأطراف السودانية الساعية لتشكيل هذه السلطة لن تتعدى مرحلة توقيع ميثاق سياسي مشترك».

ولم تحظ تحركات تشكيل حكومة موازية في السودان بأي تفاعل إقليمي أو دولي. وأوضح المغربي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشاورات المصرية السودانية متواصلة ولا تنقطع طوال فترة الحرب، بحكم ارتباط الأمن القومي للبلدين»، منوهاً إلى أن «خطوة تشكيل فريق مشترك لبحث ملف إعادة الإعمار، تأتي ضمن مسار التكامل بين البلدين»، عادا الشركات المصرية «الأقرب للعمل داخل السودان».

وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن «بلاده على ثقة كاملة في أن السودان سيتعافى، وسيكون لمصر دور رئيسي ومباشر للمساهمة في بناء السودان الجديد»، وقال إنه «تم الاتفاق على تشكيل فريق مشترك من البلدين لدراسة عملية إعادة الإعمار، مع وضع التصور للبدء في عملية إعادة الإعمار والجدول الزمني».

وعلى صعيد الأمن المائي، أكدت مصر والسودان «العمل المشترك لحماية حقوقهما المائية كاملة»، وحسب البيان المشترك لآلية التشاور السياسي، شدد البلدان على «رفض التحركات الأحادية بدول حوض النيل»، كما أكدا «ضرورة استعادة التوافق وإعادة مبادرة حوض النيل، والحفاظ عليها باعتبارها آلية التعاون الشاملة الوحيدة التي تضم جميع دول الحوض، وتمثل ركيزة التعاون المائي لجميع الدول».وأكد المغربي «أهمية التنسيق المشترك بين البلدين فيما يتعلق بملف الأمن المائي»، وقال إن «القاهرة والخرطوم، لن تقبلا بأي إجراءات تضر بمصالحهما المائية».

وكشف وزير الخارجية المصري عن انعقاد اجتماع «2+2» لوزراء الخارجية والري في البلدين بالقاهرة، الاثنين، بهدف «تعميق التنسيق بين البلدين».