ضغط كبير وعزوف مستمر وقرارات حكومية متتالية تهدف إلى السيطرة على أسعار العقار في السعودية، جميعها اتحدت ودفعت بالحركة العقارية إلى الضمور رغم عدم تأثيرها بشكل مؤثر على الأسعار، إلا أن هناك حركة انخفاض بدأت تحدث على مستوى الأراضي البيضاء، التي حققت حتى الآن أكثر الأفرع العقارية انخفاضا في القيمة العامة، حيث لامست الـ10 في المائة بحسب تأكيدات مهتمين، أشاروا إلى أن الركود الحاد وضغط مشروعات الإسكان، وأهمها خيار الوزارة تمويل القرض بوجود الأرض، وفتح البنوك خيار تمويل المشروعات السكنية «بحسب مخطط العميل» وليس شراء المنازل الجاهزة، وهي النوعية التي بدأت في الخفوت، دفعت بفرع الأراضي إلى ترؤس الحركة العقارية المحلية عبر تحقيق أعلى الصفقات.
الأمر ذاته أصاب معظم الأسواق العقارية الموازية لكن بمستويات طفيفة لم تتجاوز الـ5 في المائة، إلا أنها تعطي إشارة عن عهد جديد من الطفرة العقارية، بعد أن أعاق ارتفاع الأسعار السوق عن تحقيق أرباح كبيرة، رغم الحاجة الكبيرة لتملك المساكن في السعودية.
وسجلت الأراضي الواقعة على أطراف المدن الرئيسية، خصوصا الأحياء الشمالية منها، النسبة الأكبر في عمليات البيع والشراء عن سائر المناطق الأخرى، خصوصا أن معظم المطورين العقاريين يذهبون بمشروعاتهم شمالا لتحقيق الرغبة الكبرى لطلبات السكن.
راشد الهزاني الشريك العقاري لمؤسسة الغد العالمية، أكد أن مستويات الانخفاض ليست بالمستوى الكبير الذي توقعه البعض، إلا أن النسبة البسيطة التي تحدث الآن هي عبارة عن مؤشر هام للمستقبل الذي سيكون عليه القطاع العقاري، خصوصا أن المؤشرات العقارية ثابتة ومن الصعب جدا أن تتحرك إلا في مجال الارتفاع مما يعني أن الانخفاض كان من السيناريوهات شبه المستحيلة، إلا أن الواقع الجديد سيجبر الشركات على التعاطي مع الحالة الجديدة وهي الانخفاض الذي سيدفع بالسوق نحو تحقيق الأرباح عبر كميات كبيرة من حركات البيع والشراء بأرباح قليلة وليس الاعتماد على فائدة كبيرة من بيع قطع صغيرة من الأراضي، وهو النوع الأكثر انتشارا الآن.
وأضاف: «رغم ذلك فإن القطاع لا يخلو من حركة متزايدة في نشاطه، إلا أنها ليست بالمستوى الذي يجب أن تكون عليه السوق السعودية ذات القوائم الاقتصادية الضخمة، نظرا للحاجة الكبيرة في المساكن في ظل العرض المتوقف، الذي لم يجد إلا مشترين قلة، ممن تمكنهم إمكانياتهم المادية من القدرة على تملك منزل العمر».
ولفت إلى أن التسهيلات والتمويلات العقارية ربما سيكون لها تأثير بشكل ملموس أكثر في المستقبل متى ما ازدهرت الحركة، وهو سيناريو ممكن الحدوث، وهو الأمر الذي انعكس على حدوث انخفاض بدأ يطفو على السطح في الوقت الحالي، إلا أنه لم يصل إلى المستوى الذي يطمح إليه المستهلك، وهو انهيار السوق، وهو أمر مستبعد للغاية، إلا أن الأسعار ستشهد انخفاضا لا محالة في ظل تجمد السوق وتحقيقها أرقاما أقل بكثير من حجمها الطبيعي، وهو ما يدفعها عنوة إلى الانخفاض في ظل دخول الحكومة كمنافس للشركات العقارية.
وكان المهندس محمد الزميع، المشرف على الدراسات والتخطيط في وزارة الإسكان، قد أكد أن الوزارة أقرت آلية توزيع الأراضي والمساكن؛ سعيا منها لراحة المواطن وضمان رفاهيته، مشيرا إلى أن الدراسة تتضمن أربعة خيارات.
الخيار الأول المطروح، يتمثل في بناء الأراضي بشكل كامل وإعطائها جاهزة للمواطن، أما الخيار الثاني فيتمثل في تطوير البنية التحتية للأراضي وتوزيعها مع القروض، في حين أن الخيار الثالث هو تقديم أراض مطورة من خلال مطورين عقاريين، والرابع تقديم قرض لمن يمتلك الأرض من أجل بنائها.
من جهته، أكد ناصر التويم، الذي يمتلك شركة عقارية خاصة، أن منطقة شمال الرياض هي المسيطر حاليا على نشاط الأراضي المفردة، تليها الأحياء الجديدة القائمة حديثا في شرق العاصمة، أما البقية البسيطة فقد نشطت في الجنوب والغرب، وذلك نتيجة وجود الوزارات والدوائر الحكومية المهمة والشوارع الرئيسية بالقرب منها، فكلما ابتعدت عنها قل النشاط الحاصل فيها.
ولفت إلى أن انخفاض أسعار الأراضي هو المؤشر الأول لقرب نزول العقار بشكل عام، خصوصا أن ارتفاع قيمة الأراضي هو المتسبب الرئيسي في ارتفاع العقار بشكل عام.
وعن النسبة المتوقعة لهذا الحراك، قدر التويم أن النسبة لا تقل عن الـ15 في المائة، عما كانت عليه خلال السنة الأخيرة، إذا ما حسبت النسبة منذ بداية العام الجاري، موضحا أن الإقبال الحالي للسوق سيرتفع لأكثر مما هو عليه بسبب التحركات القوية التي ستحدث في القطاع خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
ولفت إلى أن المنطق يتحدث بأن الوضع لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه، لأن الأسعار تفوق قدرات معظم الراغبين في الشراء بمراحل كبيرة، مضيفا أن انتعاش السوق مربوط بمزيد من الانخفاض، الذي سيمكن الجميع من التملك، مما سيعكس ازدهارا في الحركة العقارية، سيستفيد منه الجميع، في ظل فتح الحكومة بالتعاون مع البنوك القنوات التمويلية التي ستضخ كميات هائلة من السيولة.
يشار إلى أن السعودية موعودة بعهد جديد من فرص التملك والبناء، مما أهلها لاحتلال مكانة متقدمة من بين الدول، من حيث تزايد المشروعات العقارية الإنشائية، خصوصا أن الحكومة تسعى جاهدة لتسهيل عملية تملك المواطنين للمساكن، مما ينبئ بمشروعات إضافية ضخمة وطفرة عمرانية مرتقبة ستعيد إلى السوق توازنها وتضعها في وضعها الطبيعي.
من جانبه، كشف ياسر المريشد، الخبير العقاري، أن قطاع الأراضي المفردة في المخططات الجديدة بدأ يعيش تذبذبا في تحديد الأسعار، وأن هناك انخفاضا واقعيا يلامس الـ10 في المائة كحد أعلى، الأمر ذاته أصاب معظم الأسواق العقارية الموازية، لكن بمستويات طفيفة لم تتجاوز الـ5 في المائة، إلا أنها تعطي إشارة عن عهد جديد من الطفرة العقارية، بعد أن أعاق ارتفاع الأسعار السوق عن تحقيق أرباح كبيرة، خصوصا في الأراضي الواقعة على حدود الرياض من جهتيه الشرقية والشمالية.
ولفت إلى أن هناك تخوفا يسود بعض المستثمرين في القطاع بأن هناك انخفاضا حقيقيا سيحدث مفاجأة كبيرة وسيهبط اضطراريا بالأسعار، وهو أمر يرونه كارثيا، وأن التنازل عن بعض المكسب خير من فقد مكاسب أكبر قد يفرضها الواقع في القريب العاجل.
يشار إلى أن الحكومة السعودية تسعى بكل قدراتها لإيجاد حلول حقيقية لأزمة الإسكان، التي تترأس أكثر الهموم والمعضلات التي يعيش تفاصيلها المواطن العادي، مما دفع الدولة ممثلة بوزارة الإسكان إلى غربلة القطاع عبر الإعلان عن المشروعات وعقد الاتفاقيات مع الكثير من الجهات ذات الصلة، مثل شركات التطوير العقاري والبنوك التمويلية التي ستمد المواطنين بالمال، وهو الأمر الذي بدأ يؤتي ثماره بانخفاض طفيف في أسعار الأراضي التي تعد اللبنة الأولى في الارتفاع، وهي أساس تحديد أسعار العقار بشكل عام.
الضغط الحكومي على العقار السعودي يثمر عن انخفاض أسعار الأراضي عشرة في المائة
عقاريون: الأراضي أساس ارتفاع أسعاره ونزولها مؤشر لسقوط القطاع
الضغط الحكومي على العقار السعودي يثمر عن انخفاض أسعار الأراضي عشرة في المائة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة