البعثات الدراسية بين معضلتي الاعتياد على القوانين وإتقان اللغة

مطالبات ببرامج تهيئة للطلاب قبل مرحلة الابتعاث

مبتعثون سعوديون يحتفلون باليوم الوطني في ولاية كونيتيكت الأميركية ({الشرق الأوسط})
مبتعثون سعوديون يحتفلون باليوم الوطني في ولاية كونيتيكت الأميركية ({الشرق الأوسط})
TT

البعثات الدراسية بين معضلتي الاعتياد على القوانين وإتقان اللغة

مبتعثون سعوديون يحتفلون باليوم الوطني في ولاية كونيتيكت الأميركية ({الشرق الأوسط})
مبتعثون سعوديون يحتفلون باليوم الوطني في ولاية كونيتيكت الأميركية ({الشرق الأوسط})

يصادف كثير من المبتعثين للدراسة خارج دولهم عقبات تتعلق بخلفياتهم الثقافية، واختلافات المجتمعات واللغات، فيواجه الطالب معضلات أولية عند الانخراط في بيئات مختلفة كثيرا عما عايشه في موطنه.
وكمثيلهم من المبتعثين، يعاني الطلاب السعوديون من مشكلات متعلقة بالالتزام بقوانين صارمة في الحرم الجامعي وخارجه، والتعود على استخدام المواصلات العامة في التنقل، فضلا عن مشكلات متعلقة بصعوبة التواصل أحيانا لعدم إتقان اللغة الإنجليزية. يقول فهد آل خضران، المبتعث بولاية كونيتيكت الأميركية: «يصعب التأقلم مع القوانين، بحكم أنها تختلف جذريا عما تعودنا عليه فيه بلادنا، ولكن يجب على أي شخص يرغب في التوجه إلى أي بلد جديد عليه أن يتعرف على حضارته وأساسيات لغة سكانه على الأقل، لكي يسهل عليه إدارة أموره»، بينما أشار زميلاه عمر الحربي ومحمد الخميس إلى أنهما أخذا وقتا ليتأقلما مع الثقافة الجديدة وغير المعهودة عليهما، لا سيما في المواصلات العامة، مؤيدين لدراسة اللغة الإنجليزية وأساسياتها قبل الابتعاث، حتى يختصر المبتعث وقت إنهاء الدراسة ولا يواجه عقبات خلال حياته الدراسية.
ونظرا لكبر حجم المدينة التي يقطن فيها محمد المرشود، المبتعث بولاية تكساس بأميركا، فقد أدى عدم إتقانه للغة الإنجليزية رغم تعلمه لأساسياتها قبل الابتعاث، لتعرضه للضياع في الطرق لصعوبة استخدام حافلات النقل العام، وعدم اعتياده على نظامها في بداية رحلته الدراسية. وعقب محمد اليامي، من بنسلفانيا، بأن أهم المشكلات التي واجهها في بادئ الأمر هي العثور على شخص مقيم بذات الولاية لمساعدته على الاستقرار في السكن.
ويعتبر سعد المدرع أن الإعداد الدراسي والنفسي عبر «أرامكو السعودية» ساعده على أن يكون في أتم جاهزية للابتعاث، لا سيما في اللغة، حتى يسهل على الطالب استيعاب المعلومات خلال سنوات الدراسة، ولا تصبح عائقا نفسيا في تعامله وتواصله مع المجتمع، عبر برنامج دراسي متكامل لجميع الدروس والمواد بشكل مشابه للجامعات الأجنبية. ومن الناحية النفسية، خصص للطلاب ما قبل الابتعاث برنامج تتراوح مدته بين ثلاثة إلى خمسة أيام، يتم فيه تعريف الطلبة المبتعثين عن طريق الشركة بأساسيات المعيشة، بالإضافة إلى برامج توعوية وأخلاقية عن كيفية التعامل مع الجهات الرسمية كالشرطة، لتسهل عملية التأقلم النفسي. ويتمنى سعد تطبيق فكرة البرنامج في باقي الجهات التي ترسل البعثات الدراسية، لتقليل نسبة فشل الطلاب، حيث إن كثير من المبتعثين لا يكملون أكثر من سنة في بلد الابتعاث للضغوطات التي يواجهونها خلال فترة الابتعاث.
وبادر إبراهيم نياز، بعد تجربة شخصية عند دراسة الماجستير في الولايات المتحدة الأميركية، لعرض بعض الحلول لمساعدة الطلاب المبتعثين عبر برنامج «مهارة» على شبكة «يوتيوب»، بعد أن واجه عقبات عدة خلال فترة دراسته. ويهدف نياز عبر برنامجه إلى إيصال بعض المهارات الشخصية التي ترفع من مستوى التحصيل العلمي، وبالإضافة إلى ذلك يناقش البرنامج مهارات عامة ومتعددة كاختيار التخصص الجامعي، وإدارة الوقت، إعداد العروض التقديمية، والإلقاء، وإدارة الأولويات بالنسبة للطالب المبتعث.
يقول إبراهيم في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أغلب المشكلات التي تواجه الطلاب، تلك المتعلقة بالإعداد للمذاكرة والقراءة والتواصل.. فالكثير منهم يصلون إلى بلد الابتعاث دون تهيئة في اللغة الإنجليزية، ويعانون من صعوبة الانخراط في المجتمع خارج السعودية - وبالتحديد في أميركا - مما يترك في نفس الفرد آثارا نفسية سيئة».
ويضيف: «الدراسة ليست صعبة، ولكنها تتطلب مجهودا أكبر في تكثيف القراءة والبحث، ولعل هذا الجانب يأخذنا لمشكلة جهل بعض الطلاب لتنصيص الاقتباسات من الكتب الأخرى، ومما يوقع الطالب في مشكلات قضائية تتعلق بانتهاك حقوق الملكية الفكرية».
وأوضح إبراهيم نياز أن اللقاءات التعريفية التي أصبحت تقام مؤخرا من وزارة التعليم العالي للطلاب ساهمت نوعا ما في تثقيف الطلاب المبتعثين في الدفعات الجديدة، إلا أنهم يحتاجون إلى تزويدهم ببعض المهارات لتحسين مستوى المخرجات الدراسية.
ويختم نياز لقاءه بتحفيز إثراء المحتوى العربي على الإنترنت قائلا: «توجد إحصائية أميركية تشير إلى أنه في الدقيقة الواحدة يجري تحديث أكثر من 48 ساعة على شبكة (يوتيوب) وأكثر من 28 ألف مدونة يتم كتابتها، وهذا مؤشر إلى وجود حلول رقمية تساعد أي شخص على إثراء المحتوى العلمي والمعرفي العربي، من خلال التدوين المرئي بالفيديو أو عبر الأثير بتقنية (البودكاست)، وهي المدونات الصوتية المسجلة أو الكتابة».



حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح
TT

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

اللهجات المختلفة تشير أحياناً إلى منشأ المتحدث بها، أو درجة تعليمه، أو وسطه الاجتماعي. وفي بعض الأحيان، تقف اللهجات عائقاً أمام التعلم والفهم، كما أنها في بعض الأحيان تقف عقبة أمام التقدم المهني ونظرة المجتمع للمتحدث. ولهذا يتطلع كثيرون إلى التخلص من لهجتهم، واستبدالها بلغة «راقية» أو محايدة تمنحهم فرصاً عملية للترقي، وتحول دون التفرقة ضدهم بناء على لهجة متوارثة لا ذنب لهم فيها.
هذه الفوارق بين اللهجات موجودة في كل اللغات، ومنها اللغة العربية التي يحاول فيها أهل القرى اكتساب لهجات أهل المدن، ويتحدث فيها المثقفون إعلامياً بلغة فصحى حديثة هي الآن اللغة السائدة في إعلام الدول العربية. ولكن من أجل معالجة وسائل التعامل مع اللهجات واللكنات، سوف يكون القياس على اللغة الإنجليزية التي تعد الآن اللغة العالمية في التعامل.
هناك بالطبع كثير من اللهجات الإنجليزية التي تستخدم في أميركا وبريطانيا وأستراليا ودول أخرى، ولكن معاناة البعض تأتي من اللهجات الفرعية داخل كل دولة على حدة. وفي بريطانيا، ينظر البعض إلى لهجة أهل شرق لندن، التي تسمى «كوكني»، على أنها لهجة شعبية يستخدمها غير المتعلمين، وتشير إلى طبقة عاملة فقيرة. وعلى النقيض، هناك لهجات راقية تستخدم فيها «لغة الملكة»، وتشير إلى الطبقات العليا الثرية، وهذه أيضاً لها سلبياتها في التعامل مع الجماهير، حيث ينظر إليها البعض على أنها لغة متعالية، ولا تعبر عن نبض الشارع. وفي كلا الحالتين، يلجأ أصحاب هذه اللهجات إلى معالجة الموقف عن طريق إعادة تعلم النطق الصحيح، وتخفيف حدة اللهجة الدارجة لديهم.
الأجانب أيضاً يعانون من اللكنة غير المحلية التي تعلموا بها اللغة الإنجليزية، ويمكن التعرف فوراً على اللكنات الهندية والأفريقية والعربية عند نطق اللغة الإنجليزية. ويحتاج الأجانب إلى جهد أكبر من أجل التخلص من اللكنة الأجنبية، والاقتراب أكثر من النطق المحايد للغة، كما يسمعونها من أهلها.
وفي كل هذه الحالات، يكون الحل هو اللجوء إلى المعاهد الخاصة أو خبراء اللغة لتلقي دروس خاصة في تحسين النطق، وهو أسلوب تعلم يطلق عليه (Elocution) «إلوكيوشن»، وله أستاذته المتخصصون. ويمكن تلقي الدروس في مجموعات ضمن دورات تستمر من يوم واحد في حصة تستمر عدة ساعات إلى دورات تجري على 3 أشهر على نحو أسبوعي. كما يوفر بعض الأساتذة دورات شخصية مفصلة وفق حاجات الطالب أو الطالبة، تعالج الجوانب التي يريد الطالب تحسينها.
ومن نماذج الأساتذة الخصوصيين ماثيو بيكوك، الذي يقوم بتدريب نحو 20 طالباً أسبوعياً في لندن على تحسين نطقهم، حيث يتعامل مع حالة طبيب في مستشفى لندني يعاني من لهجته الكوكني، ويريد التخلص منها حتى يكتسب مصداقية أكبر في عمله كطبيب. ويقول الطبيب إنه يكره الفرضيات حول لهجته من المرضى والمجتمع الذي يتعامل معه.
ويقول بيكوك إن الطلب على دروس تحسين اللهجات في ارتفاع دائم في السنوات الأخيرة. كما زاد الطلب على الدروس بنسبة الربع في بريطانيا بعد استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي في العام الماضي. وكان معظم الطلب من الأوروبيين المقيمين في بريطانيا الذين يريدون التخلص من لكنتهم الأوروبية حتى يمكنهم الاختلاط بسهولة في بريطانيا، وتجنب التفرقة ضدهم من الشعب البريطاني.
ويقدم أحد فروع الأكاديمية الملكية للفنون الدرامية في لندن دروساً شخصية في الإلقاء وتحسين اللهجة. ويقول كيفن تشابمان، مدير فرع الأعمال في الأكاديمية، إن الإقبال في العام الأخير على هذه الدروس زاد من 3 إلى 4 أضعاف. ويتلقى الطلبة دروساً فردية للتخلص من لهجات قروية، ولكن مع تقدم الدروس، يكتشف المدرس أن الطالب يحتاج أيضاً إلى معالجة أمور أخرى غير اللهجة، مثل الاضطراب والضغوط النفسية عند الحديث مع الإعلام وكيفية الإلقاء الصحيح.
وتجرى بعض هذه الدروس عن بعد، عن طريق برامج فيديو مثل «سكايب» يمكن للطالب أن يستمع إلى إلقائه عبر الفيديو من أجل تحسين لهجته. وترتبط دروس تحسين اللهجات في معظم الأحوال بتحسين أساليب التواصل والإلقاء عبر الوسائل الإلكترونية، وهي مقدرة يحتاجها أصحاب الأعمال في توصيل أفكارهم بوضوح وبساطة إلى زبائن الشركة والموردين الذين يتعاملون معهم، خصوصاً أن التعامل في عالم الأعمال الحديث يكون في مناخ دولي من جميع أنحاء العالم.
وبخلاف أصحاب الأعمال، يقبل على دروس تحسين اللهجة والحديث العام شرائح مجتمعية أخرى، مثل المدرسين والمحامين. وتقول فيليستي غودمان، مدربة الصوت التي تعمل في مدينة مانشستر، إنها فوجئت بأن بعض طلبتها اعترفوا بأنهم فشلوا في مقابلات عمل بسبب اللهجة، وهي تعتقد أن أصحاب الأعمال قد يقصدون القدرة اللغوية أو كيفية النطق، بدلاً من اللهجة، عند رفض المتقدمين لوظائف معينة.
ومن شركة متخصصة في تدريب الموظفين الذين يعملون في مجال السلع والخدمات الفاخرة، اسمها «لندن لكشري أكاديمي»، يقول مديرها العام بول راسيل، المتخصص في علم النفس، إن التفرقة ضد بعض اللهجات موجودة فعلاً. وهو يقوم بتدريب موظفي الشركات على التعامل بلهجات واضحة مع كبار الزبائن الأجانب. ويقول إن العامة تحكم على الأشخاص من لهجتهم رغماً عنهم، خصوصاً في بعض المجالات، حيث لا يمكن أن ينجح أي شخص بلهجة قوية في التواصل مع المجتمع المخملي في أي مكان.
ولمن يريد تحسين لهجته أو لغته بوجه عام، مع جوانب كيفية لفظ الكلمات والإلقاء العام، عليه بدورات تدريبية متخصصة، أو بدروس خصوصية من مدرب خاص. وتتراوح التكاليف بين 30 و40 جنيهاً إسترلينياً (40 و52 دولاراً) في الساعة الواحدة. ويحتاج الطالب في المتوسط إلى دورة من 10 دروس.
ولا يلجأ مدرسي النطق الصحيح للغات إلى الإعلان عن أنفسهم لأنهم يكتفون بمواقع على الإنترنت والسمعة بين طلبتهم من أجل الحصول على ما يكفيهم من دفعات الطلبة الجدد الراغبين في التعلم. ويقول روبن وودريدج، من مدرسة برمنغهام، إن تكاليف التعلم اللغوي الصحيح تعادل تكاليف تعلم الموسيقى، وهو يقوم بتعليم ما بين 40 و50 طالباً شهرياً.
ويضيف وودريدج أن سبب الإقبال على دروسه من رجال الأعمال والأكاديميين هو رغبتهم في تجنب الافتراضات المرتبطة بلهجتهم. فعلى رغم جهود التجانس والتعايش الاجتماعي، فإن التفرقة ضد اللهجات ما زالت منتشرة على نطاق واسع في مجتمع مثل المجتمع البريطاني.
وعلى الرغم من أن أكاديمية لندن للموسيقى والفنون الدرامية تقول في شروط اختباراتها إن اللهجات الإقليمية مقبولة، فإن وودريدج يؤكد أن معظم طلبة مدرسة برمنغهام للنطق الصحيح يأتون من مدارس خاصة، ولا يريد ذووهم أن تكون لهجة برمنغهام ذات تأثير سلبي على مستقبلهم.
ويقول أساتذة تعليم النطق اللغوي إن الفرد يحتاج إلى كثير من الشجاعة من أجل الاعتراف بأن لهجته تقف عقبة في سبيل نجاحه، ولذلك يلجأ إلى تغيير هذه اللهجة. ويشير بعض الأساتذة إلى حساسية التعامل مع مسألة اللهجات، والحاجة إلى الخبرة في التعامل مع كيفية تغييرها، ويعتقد أنه في بريطانيا، على الأقل، ما بقيت التفرقة ضد اللهجات، واستمر النظام الطبقي في البلاد، فإن الإقبال على خدمات تحسين اللهجات سوف يستمر في الزيادة لسنوات طويلة.
- كيف تتخلص من لكنتك الأجنبية في لندن؟
> هناك كثير من المعاهد والجامعات والكليات والمدارس الخاصة، بالإضافة إلى المعلمين الذين يمكن اللجوء إليهم في دورات تدريبية، في لندن لتحسين النطق باللغة الإنجليزية، أو التخلص من اللكنة الأجنبية. والنموذج التالي هو لمدرسة خاصة في لندن، اسمها «لندن سبيتش وركشوب»، تقدم دورات خاصة في تعليم النطق الصحيح، وتساعد الطلبة على التخلص من اللكنة الأجنبية في الحديث.
وتقول نشرة المدرسة إنه من المهم الشعور بالثقة عند الحديث، وإن الدورة التدريبية سوف تساهم في وضوح الكلمات، وتخفف من اللكنات، وتلغي الحديث المبهم. وترى المدرسة أن هناك كثيراً من العوامل، بالإضافة إلى اللهجة أو اللكنة الأجنبية، تمنع وضوح الحديث باللغة الإنجليزية، وهي تعالج كل الجوانب ولا تكتفي بجانب واحد.
وتقدم المدرسة فرصة الاستفادة من درس نموذجي واحد أولاً، قبل أن يلتزم الطالب بالدورة التدريبية التي تمتد إلى 10 حصص على 3 أشهر. كما يمكن للطالب اختيار حل وسط بدورة سريعة تمتد لـ5 حصص فقط. وتصل تكلفة الدورة المكونة من 10 حصص إلى 1295 جنيهاً (1685 دولاراً)، ويحصل الطالب بالإضافة إلى الحصص على دليل مكتوب في مائة صفحة للتدريب اللغوي، وخطة عمل مخصصة له، بالإضافة إلى واجبات دراسية أسبوعية. وللمدرسة فرعان في لندن: أحدهما في حي مايفير، والآخر في جي السيتي، شرق لندن بالقرب من بنك إنجلترا.