رئيس «هامات» العقارية: السعودية تحتاج إلى خمسة ملايين متر مربع لبناء مراكز تجارية

خالد السحيباني قال إن الشركة تستحوذ على 40 في المائة من مجمعات التسوق في المملكة

رئيس «هامات» العقارية: السعودية تحتاج إلى خمسة ملايين متر مربع لبناء مراكز تجارية
TT

رئيس «هامات» العقارية: السعودية تحتاج إلى خمسة ملايين متر مربع لبناء مراكز تجارية

رئيس «هامات» العقارية: السعودية تحتاج إلى خمسة ملايين متر مربع لبناء مراكز تجارية

كشف خالد السحيباني مدير عام شركة «هامات العقارية» أن السوق السعودية بحاجة إلى أكثر من خمسة ملايين متر مربع على مختلف المدن الكبيرة في السعودية، لبناء مراكز تجارية تخدم مواقع استراتيجية، مشيرا إلى أن شركته ولدت من خلال تحالف ضم شركة «محمد الحبيب العقارية» وشركة «الأندلس العقارية» وشركة «جرير للاستثمارات».
وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن الشركة تستحوذ على نحو 40 في المائة من المراكز التجارية؛ حيث تمكنت «هامات» من رفع قدرتها على تطبيق قواعد الإدارة الحديثة، وتوسيع قدرتها التنافسية، بالإضافة إلى تنويع قاعدتها الإنتاجية، فضلا عن قدرتها على الانتشار والتوسع وتغطية أسواق جديدة محليا ودوليا.
وأكد خالد السحيباني أن الشركة تسعى، من خلال إدارتها للمراكز التجارية في مختلف مناطق السعودية، إلى إيجاد مفهوم يؤكد ضرورة الحفاظ على أحد أهم الاستثمارات والمقومات الاقتصادية في البلاد، إضافة إلى جلب المستثمرين من خارج المنطقة لأشهر العلامات التجارية العالمية.
* ما الاستراتيجية التي تعمل بها «هامات» العقارية للمرحلة المقبلة؟
- تتطلع شركة (هامات) العقارية من خلال إدارتها للمراكز التجارية إلى الريادة على مستوى الشرق الأوسط؛ حيث تستحوذ على 40 في المائة من مخرجات المراكز التجارية الكبيرة في السعودية، ونظرا للخبرة الواسعة في المجال العقاري الذي يتجاوز الأربعين عاما، فقد سعت إلى تطوير كل المخرجات التي لديها وصقلها في قالب خاص يدير من خلالها المراكز التجارية في مختلف مناطق السعودية، فهي تدير أكثر من 19 مركزا تجاريا بمختلف مناطق السعودية وهي الأشهر، وتتعامل مع أكثر من ثلاثة آلاف مستأجر، وهي في طور الوصول إلى خمسة آلاف مستأجر في عام 2016، بعد أن أشرفت على وضع أسس إنشاء خمسة مراكز تجارية تديرها شركة «هامات العقارية» في عدد من المناطق، منها: الرياض، جدة، تبوك، الطائف، وصبيا، والباحة، والدمام، وحائل.
* ما أبرز الخدمات التي تقدمها «هامات» من خلال إدارتها للمراكز التجارية؟
- هي إدارة شاملة لكل محتويات المركز، تبدأ من خلال تقديم الخدمات الاستشارية وهي تقديم الدراسات اللازمة لتحقيق الاستثمار الأفضل للأراضي والمنشآت والمراكز التجارية، وإعداد المخططات العامة للمشروعات وتحديد المساحات الاستثمارية، كما نقوم بتوزيع الأنشطة التجارية والخدمية والتسويقية في المشروع، إضافة إلى إعداد دراسات الجدوى التأجيرية، وجميع الدراسات الخاصة بالمراكز التجارية، وتقديم خدمات التقييم والتثمين العقاري.
كما توجد هناك خدمات إدارية تشتمل على إدارة عملية التوظيف والاستقدام نيابة عن المالك بما فيها تعيين مدراء المراكز التجارية، ووضع الهيكل التنظيمي ولائحة الأنظمة الداخلية والصلاحيات للمركز التجاري، ونقوم بوضع سياسات التوظيف وتقييم الأداء والحوافز والتعليمات الإدارية للمراكز التجارية.
ثم تأتي عملية التأجير للمواقع المختلفة في المركز، وإعداد مزيج من المستأجرين حسب حاجة المركز، وإدارة علاقات المستأجرين والعملاء في المراكز التجارية.
ونحرص من خلال إدارة المراكز التجارية على تقديم خدمات الصيانة والأمن والنظافة وكل الخدمات التشغيلية للمراكز التجارية بمهنية عالية، وإبرام وصياغة العقود مع المستأجرين والموردين والمقاولين، وتقديم خدمات مراقبة وضبط الجودة.
إعداد وتقديم دليل المستأجرين، ودليل التشغيل، ودليل عمل المركز التجاري، والإشراف على أعمال تجهيز المحلات ومراجعة واعتماد المخططات.
تنظيم وتنفيذ الحملات الدعائية والترويجية والمهرجانات والفعاليات داخل المراكز التجارية وفقا لآلية عمل يجري وضعها حسب المعطيات العامة للمركز التجاري والشرائح المستهدفة، إضافة إلى تصميم وتنفيذ وتدشين الهوية التجارية للمراكز التجارية بما في ذلك المطبوعات والوسائل الدعائية والترويجية المتنوعة التي تشمل جميع الملصقات الدعائية واللافتات واللوحات والكتيبات التعريفية وحسابات التواصل الاجتماعي وإدارتها ومتابعتها، كما نحرص على تنظيم المعارض والمؤتمرات والمشاركات الداخلية والخارجية بغية التعريف بالمراكز التجارية.
* ما النقاط الاستثمارية التي يبحث عنها المستأجر في المراكز التجارية؟
- عادة يبحث المستثمر عن الشريحة التي يستهدفها، فهو ينظر لموقع المركز التجاري في البداية، ثم على الشكل العام من إبداعات التصاميم الخارجية والداخلية، ومن ثم يتوجه إلى الخدمات التي يقدمها المركز لرواده، على مستوى مواقف السيارات والمرافق الداخلية.
ويحرص عادة المستأجر على الخدمات الإدارية المقدمة من صيانة ونظافة وأمن، إضافة إلى خدمات العملاء، وهي عادة ما تحكم عملية التأجير لما فيها من مقومات الديمومة في البقاء لسنوات مع نفس المركز؛ بحيث ترتبط كثير من أسماء ماركات ومحلات المركز بالمركز نفسه.
* في السعودية كثير من المجمعات التجارية الكبيرة.. ما الذي يميز مركزا تجاريا عن آخر؟
- يتطلع كثير من زوار الأسواق التجارية (المولات المغلقة) بشكل خاص إلى ما يقدمه المركز من خدمات للمتسوق؛ بحيث يتطلع رواد الأسواق من الزبائن إلى ما يلبي رغباتهم، وتقوم «هامات» بدراسة موقع المركز التجاري ومتطلبات المنطقة التي يقبع بها المركز؛ بحيث تكمن مخرجات التسويق التي تبنى على أساسها عملية جذب المتسوقين.
اختلاف مواقع المراكز التجارية على مستوى المنطقة أو حتى في المدينة الواحدة من حي لآخر، يحتاج إلى تغيير في طريقة التسويق سواء للمحلات التجارية التي يحتاج إليها المركز أم حتى على مستوى الخدمات ومراكز الترفيه.
فمن خلال إدارتنا للمراكز التجارية نحرص بأن يكون هناك تغيير في معطيات المركز؛ بحيث نتحكم في عملية اختيار المستأجرين الراغبين في مشاركتنا النجاح داخل هذه المراكز، ودعمهم بدراسات تؤكد احتياج المتسوق لبعض من هذه الخدمات والمنتجات المختلفة حسب الدراسة.
كما نحرص في المراكز التجارية على مجال الترفيه والمطاعم التي عادة ما تجذب المتسوقين من العوائل بشكل كبير، فدائما نحرص على وجود طابق خاص يحتضن ألعاب الأطفال والمطاعم بمختلف أشكالها؛ حيث تقدم «هامات» دراسات خاصة في كيفية وضع المطاعم وتنسيقها، واختيار شركة متخصصة في مجال الترفيه العائلي والبعد عن التكرار.
* كيف تقيمون إدارة المراكز التجارية في السعودية؟ وماذا ينقصها؟
- تعتبر إدارة المراكز التجارية في السعودية في طور النشء؛ حيث ما زالت السوق متعطشة إلى وجود شركات تدير هذه المراكز باحترافية عالية، وما نراه في كثير من المراكز التجارية الناشئة أنها تكون في بدايتها جاذبة للزبائن، ثم ما يلبث أن تجدها بعد السنة الأولى أو أقل من ذلك باتت على وشك الخروج عن المنافسة؛ من حيث عدد روادها، ويعود السبب في المقام الأول إلى المالك، ومن ثم في الشركات غير المتخصصة التي يجري اختيارها لقيادة السوق وإدارتها.
حيث يختلف مفهوم الإدارة من جهة إلى أخرى، فإدارة مبنى سكني أو مكتبي، يختلف تماما عن إدارة المراكز التجارية؛ حيث تعتمد هذه المراكز في المقام الأول على عدد الزوار والخدمات التي يقدمها المركز، سواء على مستوى النظافة والأمن والصيانة، أو حتى على مستوى المحلات الموجودة داخل المركز، إضافة إلى كثير من الاعتبارات التي يتطلع لها المتسوق من سهولة في التسوق وغيرها.
وبات من المقرر على أصحاب المراكز التجارية في الآونة الأخيرة اللجوء إلى عدد من الشركات الموجودة داخل السوق السعودية لإدارة المركز، ووضع خطط تحافظ على ديمومة السوق تصل بعضها إلى 20 عاما.
وينقصنا في السوق السعودية الشركات المتخصصة في إدارة المراكز التجارية، بالإضافة إلى الكوادر المدربة التي تعتمد عليها شركات إدارة المنشآت بشكل عام.
وتعد شركة «هامات العقارية» من أوائل الشركات السعودية المشاركة في «مجلس الشرق الأوسط للمراكز التجارية» من عام 2007؛ حيث يترتب على المشاركة حضور كثير من الدورات التدريبية في مجال إدارة المراكز التجارية، التي حرصنا من خلالها إلى إرسال كثير من موظفي الشركة للمشاركة في هذه الدورات، بالإضافة إلى رعاية كل ما يخدم مجال الإدارة في المنشآت المختلفة. ومن هنا استطعنا أن نطور من أنفسنا وموظفينا ولنكون الأميز.
* ما مدى احتياج السوق العقارية للمراكز التجارية؟
- تعتبر السعودية من أكثر المناطق في الشرق الأوسط أهمية من ناحية القوى الشرائية لمختلف المنتجات الاستهلاكية، لعدة اعتبارات؛ منها الاقتصادية، وأيضا النمو السكاني في السعودية بشكل كبير، إضافة إلى اتساع العمل على البنية التحتية في مختلف مناطقها الحيوية، وعليه فإن غالبية المتسوقين يقومون بالذهاب إلى المراكز التجارية المغلقة التي يفضلها الكثيرون نظرا لنوعية الأجواء المناخية التي يغلب عليها درجات الحرارة المرتفعة طوال السنة.
فالحاجة إلى مثل هذه المراكز التجارية ما زالت قائمة نظرا لهذه المقومات التي أصبحت تشجع كثيرا من المستثمرين على الدخول إلى السوق السعودية، وعرض منتجاتهم، إضافة إلى المناطق السكانية الجديدة التي يزداد حجمها سنويا في المنطقة، ولكن المهم في ذلك هو دراسة احتياجات السوق من هذه المراكز من ناحية اختيار الموقع، والمساحة التي سيقام عليها المركز، وعدد السكان في الأحياء المجاورة، وغيرها من الاعتبارات التي تخدم المالك والمستأجر.
السوق بحاجة إلى أكثر من خمسة ملايين متر مربع على مختلف المدن الكبيرة في السعودية لبناء مراكز تجارية تخدم مواقع استراتيجية، فبعض الأحياء ترى أن المراكز التجارية أخذت حيزا من الاكتفاء في معظم مواقعها إلا أننا نجد من يقوم بعملية إنشاء مركز تجاري دون اللجوء إلى شركات متخصصة في دراسة السوق لمعرفة الاحتياجات والمخاطر التي من الممكن أن تحدث في حال إنشاء مركز تجاري، وبعدها يكون المركز قد وصل إلى مرحلة انتكاسة من جميع النواحي سواء على مستوى تأجير المحلات أم حتى في رواده من المستهلكين.
* يتذمر كثير من المستأجرين من سوء الخدمات التي تقدمها المراكز التجارية بعد التأجير مما ينعكس على مبيعاتهم.. كيف تتداركون مثل هذه الإشكاليات؟
- إن من أحد أهم أسباب فشل بعض المراكز التجارية العودة إلى نقطة الخدمات التي يقدمها المركز، وهذا يعود إلى عدد من الأسباب؛ إما أن يكون المالك هو نفسه الذي يدير المركز، وهذا قد يتسبب في عطل بنظام المصلحة العامة التي تهم المستأجرين؛ من حيث توحد الرأي، والعاطفة الإدارية، وأحيانا تأخر التفاعل الإداري من قبل المالك في حل المشكلة، إما لأسباب مادية أو إدارية.
والسبب الآخر يعود إلى إغفال المالك إعطاء الشركات المتخصصة في مجال إدارة المراكز التجارية تقديم خطة واضحة، لكي تعطي النتائج المتفق عليها مسبقا، وضعف هذا الجانب يعود بالمنشأة إلى العد التنازلي وما ينتج عنه من فقدان المركز للمستأجرين ورواده.
يأتي هنا عامل الخبرة والمقومات لدى شركات إدارة المراكز؛ حيث إنها تختلف تماما عن إدارة أملاك خاصة أو حتى الأملاك التي تعتمد على صيانة ونظافة فقط، فهي تركز على مبدأ التسويق لمنتج كامل يحتوي على كثير من المقومات التي تعتبر المحال التجارية جزءا منه، ومبدأ الحفاظ على العميل من خلال تقديم الخدمات التي تساعده على البقاء، وهذا يترتب على زيادة في الحركة التجارية وزيادة في عدد المتسوقين.
* ما أبرز التحديات التي تواجهها شركات إدارة المراكز التجارية؟
- يفتقر السوق السعودي إلى الدراسات الخاصة بإقامة المراكز التجارية وإدارتها بالطريقة الصحيحة، فمعظم الملاك والمستثمرين من العقد السابق اعتمدوا على مجهوداتهم الشخصية، إضافة إلى استشارات داخلية وربما لغير المختصين، ورغم المجهودات التي تبذلها شركات إدارة الأملاك والمراكز التجارية العقارية إلا أننا لا نزال في المشكلة نفسها.
فقد حرصنا في شركة «هامات»، ومن خلال الخبرة الواسعة للشركاء على مدى 40 عاما في مجال التطوير العقاري وإدارة المنشآت المختلفة، على أن نكون السباقين في بناء دراسات للسوق السعودي واحتياجاته من المراكز التجارية بمختلف أشكالها وأحجامها، وعملت على تعيين واستقطاب المتخصصين في هذا المجال؛ مما ساعد في أن تكون الدراسات التي تقدمها «هامات» لسوق المراكز التجارية من أبرز ما يميزها عن غيرها في اعتماد كبار المستثمرين على ما تقدمه لتحقيق أهداف واضحة لخطة استراتيجية ملموسة عبر إدارتها لكثير من المراكز على مستوى السعودية.
* ما الدور الذي تلعبه «هامات» في تنظيم المهرجانات داخل المراكز التجارية؟
- تستعرض عادة إدارة المركز الخطة السنوية لكل مركز تجاري على حدة، وتتضمن هذه الخطة تنظيم المهرجانات المختلفة لجميع شرائح المجتمع على حسب نشاط المركز التجاري، ونركز في عملنا لهذه المهرجانات على عامل التوقيت الذي يلعب دورا مهما في جذب الزوار للمركز، حيث يجري استغلال الإجازات، مثل الأعياد والإجازات الدراسية القصيرة، إضافة إلى الإجازة الصيفية، وبعض المناسبات الوطنية.
وتقوم إدارة المركز بعمل كل الاستعدادات بدءا من عملية التسويق للمهرجان من خلال وسائل التواصل المتاحة، والتنسيق مع المحلات التي داخل المركز، كما يجري التنسيق مع بعض الجهات التي سوف تقوم بفقرات للمهرجان، والقيام بعملية التنظيم بشكل كامل، إضافة إلى جلب رعاة من خلال إعطائهم مساحات للتعريف بمنشأتهم.
* هل تؤيد تصنيف المراكز التجارية من حيث المنتج؟
- نحن نركز في إدارتنا على أن يكون توجه المركز التجاري للأسرة بأكملها؛ بحيث تجري تلبية جميع الرغبات للأسرة كاملة، إضافة إلى متعة التسوق مع أفراد الأسرة، فوجود الأسرة في مكان واحد يقدم لهم 70 في المائة من متطلباتهم؛ مما يساعدهم على قضاء الوقت دون الشعور بأي تعب أو حتى الملل، كما أننا نحرص على أن تكون جميع المراكز التجارية بداخلها أحد المتاجر الغذائية الكبيرة والمعروفة ليكتمل مفهوم التسوق لديهم.
* تعد المسؤولية الاجتماعية من أبرز الخدمات التي تقدمها المراكز التجارية.. ما مدى ارتباطكم بها؟
- المسؤولية الاجتماعية بالنسبة لنا واجب وطني قبل كل شيء، وهي أحد أهم الأنشطة التي تحرص إدارة المركز على تفعيلها، فقد تفهمت «هامات» للدور الذي يقوم به «المركز التجاري» من إيصال الرسائل المباشرة للأسرة بأكملها، ولكثير من زواره.
فكان لـ«هامات» من خلال إدارتها للمراكز التجارية دور في خلق تعاون مع كثير من الجهات الحكومية والجمعيات الخيرية والعيادات الطبية، ومساعدتهم في تحقيق أهدافهم التي من خلالها ننمي فكر المجتمع وتوعيته.
وتسعى «هامات» إلى تقديم كل هذه الخدمات مجانا، بالإضافة إلى مواقع الفعالية، وتسخير طاقم مختص في الشركة لإدارة مثل هذه الفعاليات التي تبرز أهمية المراكز التجارية لخدمة المجتمع من منطلق تفعيل واجبها نحو المسؤولية الاجتماعية.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».