رئيس «هامات» العقارية: السعودية تحتاج إلى خمسة ملايين متر مربع لبناء مراكز تجارية

خالد السحيباني قال إن الشركة تستحوذ على 40 في المائة من مجمعات التسوق في المملكة

رئيس «هامات» العقارية: السعودية تحتاج إلى خمسة ملايين متر مربع لبناء مراكز تجارية
TT

رئيس «هامات» العقارية: السعودية تحتاج إلى خمسة ملايين متر مربع لبناء مراكز تجارية

رئيس «هامات» العقارية: السعودية تحتاج إلى خمسة ملايين متر مربع لبناء مراكز تجارية

كشف خالد السحيباني مدير عام شركة «هامات العقارية» أن السوق السعودية بحاجة إلى أكثر من خمسة ملايين متر مربع على مختلف المدن الكبيرة في السعودية، لبناء مراكز تجارية تخدم مواقع استراتيجية، مشيرا إلى أن شركته ولدت من خلال تحالف ضم شركة «محمد الحبيب العقارية» وشركة «الأندلس العقارية» وشركة «جرير للاستثمارات».
وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن الشركة تستحوذ على نحو 40 في المائة من المراكز التجارية؛ حيث تمكنت «هامات» من رفع قدرتها على تطبيق قواعد الإدارة الحديثة، وتوسيع قدرتها التنافسية، بالإضافة إلى تنويع قاعدتها الإنتاجية، فضلا عن قدرتها على الانتشار والتوسع وتغطية أسواق جديدة محليا ودوليا.
وأكد خالد السحيباني أن الشركة تسعى، من خلال إدارتها للمراكز التجارية في مختلف مناطق السعودية، إلى إيجاد مفهوم يؤكد ضرورة الحفاظ على أحد أهم الاستثمارات والمقومات الاقتصادية في البلاد، إضافة إلى جلب المستثمرين من خارج المنطقة لأشهر العلامات التجارية العالمية.
* ما الاستراتيجية التي تعمل بها «هامات» العقارية للمرحلة المقبلة؟
- تتطلع شركة (هامات) العقارية من خلال إدارتها للمراكز التجارية إلى الريادة على مستوى الشرق الأوسط؛ حيث تستحوذ على 40 في المائة من مخرجات المراكز التجارية الكبيرة في السعودية، ونظرا للخبرة الواسعة في المجال العقاري الذي يتجاوز الأربعين عاما، فقد سعت إلى تطوير كل المخرجات التي لديها وصقلها في قالب خاص يدير من خلالها المراكز التجارية في مختلف مناطق السعودية، فهي تدير أكثر من 19 مركزا تجاريا بمختلف مناطق السعودية وهي الأشهر، وتتعامل مع أكثر من ثلاثة آلاف مستأجر، وهي في طور الوصول إلى خمسة آلاف مستأجر في عام 2016، بعد أن أشرفت على وضع أسس إنشاء خمسة مراكز تجارية تديرها شركة «هامات العقارية» في عدد من المناطق، منها: الرياض، جدة، تبوك، الطائف، وصبيا، والباحة، والدمام، وحائل.
* ما أبرز الخدمات التي تقدمها «هامات» من خلال إدارتها للمراكز التجارية؟
- هي إدارة شاملة لكل محتويات المركز، تبدأ من خلال تقديم الخدمات الاستشارية وهي تقديم الدراسات اللازمة لتحقيق الاستثمار الأفضل للأراضي والمنشآت والمراكز التجارية، وإعداد المخططات العامة للمشروعات وتحديد المساحات الاستثمارية، كما نقوم بتوزيع الأنشطة التجارية والخدمية والتسويقية في المشروع، إضافة إلى إعداد دراسات الجدوى التأجيرية، وجميع الدراسات الخاصة بالمراكز التجارية، وتقديم خدمات التقييم والتثمين العقاري.
كما توجد هناك خدمات إدارية تشتمل على إدارة عملية التوظيف والاستقدام نيابة عن المالك بما فيها تعيين مدراء المراكز التجارية، ووضع الهيكل التنظيمي ولائحة الأنظمة الداخلية والصلاحيات للمركز التجاري، ونقوم بوضع سياسات التوظيف وتقييم الأداء والحوافز والتعليمات الإدارية للمراكز التجارية.
ثم تأتي عملية التأجير للمواقع المختلفة في المركز، وإعداد مزيج من المستأجرين حسب حاجة المركز، وإدارة علاقات المستأجرين والعملاء في المراكز التجارية.
ونحرص من خلال إدارة المراكز التجارية على تقديم خدمات الصيانة والأمن والنظافة وكل الخدمات التشغيلية للمراكز التجارية بمهنية عالية، وإبرام وصياغة العقود مع المستأجرين والموردين والمقاولين، وتقديم خدمات مراقبة وضبط الجودة.
إعداد وتقديم دليل المستأجرين، ودليل التشغيل، ودليل عمل المركز التجاري، والإشراف على أعمال تجهيز المحلات ومراجعة واعتماد المخططات.
تنظيم وتنفيذ الحملات الدعائية والترويجية والمهرجانات والفعاليات داخل المراكز التجارية وفقا لآلية عمل يجري وضعها حسب المعطيات العامة للمركز التجاري والشرائح المستهدفة، إضافة إلى تصميم وتنفيذ وتدشين الهوية التجارية للمراكز التجارية بما في ذلك المطبوعات والوسائل الدعائية والترويجية المتنوعة التي تشمل جميع الملصقات الدعائية واللافتات واللوحات والكتيبات التعريفية وحسابات التواصل الاجتماعي وإدارتها ومتابعتها، كما نحرص على تنظيم المعارض والمؤتمرات والمشاركات الداخلية والخارجية بغية التعريف بالمراكز التجارية.
* ما النقاط الاستثمارية التي يبحث عنها المستأجر في المراكز التجارية؟
- عادة يبحث المستثمر عن الشريحة التي يستهدفها، فهو ينظر لموقع المركز التجاري في البداية، ثم على الشكل العام من إبداعات التصاميم الخارجية والداخلية، ومن ثم يتوجه إلى الخدمات التي يقدمها المركز لرواده، على مستوى مواقف السيارات والمرافق الداخلية.
ويحرص عادة المستأجر على الخدمات الإدارية المقدمة من صيانة ونظافة وأمن، إضافة إلى خدمات العملاء، وهي عادة ما تحكم عملية التأجير لما فيها من مقومات الديمومة في البقاء لسنوات مع نفس المركز؛ بحيث ترتبط كثير من أسماء ماركات ومحلات المركز بالمركز نفسه.
* في السعودية كثير من المجمعات التجارية الكبيرة.. ما الذي يميز مركزا تجاريا عن آخر؟
- يتطلع كثير من زوار الأسواق التجارية (المولات المغلقة) بشكل خاص إلى ما يقدمه المركز من خدمات للمتسوق؛ بحيث يتطلع رواد الأسواق من الزبائن إلى ما يلبي رغباتهم، وتقوم «هامات» بدراسة موقع المركز التجاري ومتطلبات المنطقة التي يقبع بها المركز؛ بحيث تكمن مخرجات التسويق التي تبنى على أساسها عملية جذب المتسوقين.
اختلاف مواقع المراكز التجارية على مستوى المنطقة أو حتى في المدينة الواحدة من حي لآخر، يحتاج إلى تغيير في طريقة التسويق سواء للمحلات التجارية التي يحتاج إليها المركز أم حتى على مستوى الخدمات ومراكز الترفيه.
فمن خلال إدارتنا للمراكز التجارية نحرص بأن يكون هناك تغيير في معطيات المركز؛ بحيث نتحكم في عملية اختيار المستأجرين الراغبين في مشاركتنا النجاح داخل هذه المراكز، ودعمهم بدراسات تؤكد احتياج المتسوق لبعض من هذه الخدمات والمنتجات المختلفة حسب الدراسة.
كما نحرص في المراكز التجارية على مجال الترفيه والمطاعم التي عادة ما تجذب المتسوقين من العوائل بشكل كبير، فدائما نحرص على وجود طابق خاص يحتضن ألعاب الأطفال والمطاعم بمختلف أشكالها؛ حيث تقدم «هامات» دراسات خاصة في كيفية وضع المطاعم وتنسيقها، واختيار شركة متخصصة في مجال الترفيه العائلي والبعد عن التكرار.
* كيف تقيمون إدارة المراكز التجارية في السعودية؟ وماذا ينقصها؟
- تعتبر إدارة المراكز التجارية في السعودية في طور النشء؛ حيث ما زالت السوق متعطشة إلى وجود شركات تدير هذه المراكز باحترافية عالية، وما نراه في كثير من المراكز التجارية الناشئة أنها تكون في بدايتها جاذبة للزبائن، ثم ما يلبث أن تجدها بعد السنة الأولى أو أقل من ذلك باتت على وشك الخروج عن المنافسة؛ من حيث عدد روادها، ويعود السبب في المقام الأول إلى المالك، ومن ثم في الشركات غير المتخصصة التي يجري اختيارها لقيادة السوق وإدارتها.
حيث يختلف مفهوم الإدارة من جهة إلى أخرى، فإدارة مبنى سكني أو مكتبي، يختلف تماما عن إدارة المراكز التجارية؛ حيث تعتمد هذه المراكز في المقام الأول على عدد الزوار والخدمات التي يقدمها المركز، سواء على مستوى النظافة والأمن والصيانة، أو حتى على مستوى المحلات الموجودة داخل المركز، إضافة إلى كثير من الاعتبارات التي يتطلع لها المتسوق من سهولة في التسوق وغيرها.
وبات من المقرر على أصحاب المراكز التجارية في الآونة الأخيرة اللجوء إلى عدد من الشركات الموجودة داخل السوق السعودية لإدارة المركز، ووضع خطط تحافظ على ديمومة السوق تصل بعضها إلى 20 عاما.
وينقصنا في السوق السعودية الشركات المتخصصة في إدارة المراكز التجارية، بالإضافة إلى الكوادر المدربة التي تعتمد عليها شركات إدارة المنشآت بشكل عام.
وتعد شركة «هامات العقارية» من أوائل الشركات السعودية المشاركة في «مجلس الشرق الأوسط للمراكز التجارية» من عام 2007؛ حيث يترتب على المشاركة حضور كثير من الدورات التدريبية في مجال إدارة المراكز التجارية، التي حرصنا من خلالها إلى إرسال كثير من موظفي الشركة للمشاركة في هذه الدورات، بالإضافة إلى رعاية كل ما يخدم مجال الإدارة في المنشآت المختلفة. ومن هنا استطعنا أن نطور من أنفسنا وموظفينا ولنكون الأميز.
* ما مدى احتياج السوق العقارية للمراكز التجارية؟
- تعتبر السعودية من أكثر المناطق في الشرق الأوسط أهمية من ناحية القوى الشرائية لمختلف المنتجات الاستهلاكية، لعدة اعتبارات؛ منها الاقتصادية، وأيضا النمو السكاني في السعودية بشكل كبير، إضافة إلى اتساع العمل على البنية التحتية في مختلف مناطقها الحيوية، وعليه فإن غالبية المتسوقين يقومون بالذهاب إلى المراكز التجارية المغلقة التي يفضلها الكثيرون نظرا لنوعية الأجواء المناخية التي يغلب عليها درجات الحرارة المرتفعة طوال السنة.
فالحاجة إلى مثل هذه المراكز التجارية ما زالت قائمة نظرا لهذه المقومات التي أصبحت تشجع كثيرا من المستثمرين على الدخول إلى السوق السعودية، وعرض منتجاتهم، إضافة إلى المناطق السكانية الجديدة التي يزداد حجمها سنويا في المنطقة، ولكن المهم في ذلك هو دراسة احتياجات السوق من هذه المراكز من ناحية اختيار الموقع، والمساحة التي سيقام عليها المركز، وعدد السكان في الأحياء المجاورة، وغيرها من الاعتبارات التي تخدم المالك والمستأجر.
السوق بحاجة إلى أكثر من خمسة ملايين متر مربع على مختلف المدن الكبيرة في السعودية لبناء مراكز تجارية تخدم مواقع استراتيجية، فبعض الأحياء ترى أن المراكز التجارية أخذت حيزا من الاكتفاء في معظم مواقعها إلا أننا نجد من يقوم بعملية إنشاء مركز تجاري دون اللجوء إلى شركات متخصصة في دراسة السوق لمعرفة الاحتياجات والمخاطر التي من الممكن أن تحدث في حال إنشاء مركز تجاري، وبعدها يكون المركز قد وصل إلى مرحلة انتكاسة من جميع النواحي سواء على مستوى تأجير المحلات أم حتى في رواده من المستهلكين.
* يتذمر كثير من المستأجرين من سوء الخدمات التي تقدمها المراكز التجارية بعد التأجير مما ينعكس على مبيعاتهم.. كيف تتداركون مثل هذه الإشكاليات؟
- إن من أحد أهم أسباب فشل بعض المراكز التجارية العودة إلى نقطة الخدمات التي يقدمها المركز، وهذا يعود إلى عدد من الأسباب؛ إما أن يكون المالك هو نفسه الذي يدير المركز، وهذا قد يتسبب في عطل بنظام المصلحة العامة التي تهم المستأجرين؛ من حيث توحد الرأي، والعاطفة الإدارية، وأحيانا تأخر التفاعل الإداري من قبل المالك في حل المشكلة، إما لأسباب مادية أو إدارية.
والسبب الآخر يعود إلى إغفال المالك إعطاء الشركات المتخصصة في مجال إدارة المراكز التجارية تقديم خطة واضحة، لكي تعطي النتائج المتفق عليها مسبقا، وضعف هذا الجانب يعود بالمنشأة إلى العد التنازلي وما ينتج عنه من فقدان المركز للمستأجرين ورواده.
يأتي هنا عامل الخبرة والمقومات لدى شركات إدارة المراكز؛ حيث إنها تختلف تماما عن إدارة أملاك خاصة أو حتى الأملاك التي تعتمد على صيانة ونظافة فقط، فهي تركز على مبدأ التسويق لمنتج كامل يحتوي على كثير من المقومات التي تعتبر المحال التجارية جزءا منه، ومبدأ الحفاظ على العميل من خلال تقديم الخدمات التي تساعده على البقاء، وهذا يترتب على زيادة في الحركة التجارية وزيادة في عدد المتسوقين.
* ما أبرز التحديات التي تواجهها شركات إدارة المراكز التجارية؟
- يفتقر السوق السعودي إلى الدراسات الخاصة بإقامة المراكز التجارية وإدارتها بالطريقة الصحيحة، فمعظم الملاك والمستثمرين من العقد السابق اعتمدوا على مجهوداتهم الشخصية، إضافة إلى استشارات داخلية وربما لغير المختصين، ورغم المجهودات التي تبذلها شركات إدارة الأملاك والمراكز التجارية العقارية إلا أننا لا نزال في المشكلة نفسها.
فقد حرصنا في شركة «هامات»، ومن خلال الخبرة الواسعة للشركاء على مدى 40 عاما في مجال التطوير العقاري وإدارة المنشآت المختلفة، على أن نكون السباقين في بناء دراسات للسوق السعودي واحتياجاته من المراكز التجارية بمختلف أشكالها وأحجامها، وعملت على تعيين واستقطاب المتخصصين في هذا المجال؛ مما ساعد في أن تكون الدراسات التي تقدمها «هامات» لسوق المراكز التجارية من أبرز ما يميزها عن غيرها في اعتماد كبار المستثمرين على ما تقدمه لتحقيق أهداف واضحة لخطة استراتيجية ملموسة عبر إدارتها لكثير من المراكز على مستوى السعودية.
* ما الدور الذي تلعبه «هامات» في تنظيم المهرجانات داخل المراكز التجارية؟
- تستعرض عادة إدارة المركز الخطة السنوية لكل مركز تجاري على حدة، وتتضمن هذه الخطة تنظيم المهرجانات المختلفة لجميع شرائح المجتمع على حسب نشاط المركز التجاري، ونركز في عملنا لهذه المهرجانات على عامل التوقيت الذي يلعب دورا مهما في جذب الزوار للمركز، حيث يجري استغلال الإجازات، مثل الأعياد والإجازات الدراسية القصيرة، إضافة إلى الإجازة الصيفية، وبعض المناسبات الوطنية.
وتقوم إدارة المركز بعمل كل الاستعدادات بدءا من عملية التسويق للمهرجان من خلال وسائل التواصل المتاحة، والتنسيق مع المحلات التي داخل المركز، كما يجري التنسيق مع بعض الجهات التي سوف تقوم بفقرات للمهرجان، والقيام بعملية التنظيم بشكل كامل، إضافة إلى جلب رعاة من خلال إعطائهم مساحات للتعريف بمنشأتهم.
* هل تؤيد تصنيف المراكز التجارية من حيث المنتج؟
- نحن نركز في إدارتنا على أن يكون توجه المركز التجاري للأسرة بأكملها؛ بحيث تجري تلبية جميع الرغبات للأسرة كاملة، إضافة إلى متعة التسوق مع أفراد الأسرة، فوجود الأسرة في مكان واحد يقدم لهم 70 في المائة من متطلباتهم؛ مما يساعدهم على قضاء الوقت دون الشعور بأي تعب أو حتى الملل، كما أننا نحرص على أن تكون جميع المراكز التجارية بداخلها أحد المتاجر الغذائية الكبيرة والمعروفة ليكتمل مفهوم التسوق لديهم.
* تعد المسؤولية الاجتماعية من أبرز الخدمات التي تقدمها المراكز التجارية.. ما مدى ارتباطكم بها؟
- المسؤولية الاجتماعية بالنسبة لنا واجب وطني قبل كل شيء، وهي أحد أهم الأنشطة التي تحرص إدارة المركز على تفعيلها، فقد تفهمت «هامات» للدور الذي يقوم به «المركز التجاري» من إيصال الرسائل المباشرة للأسرة بأكملها، ولكثير من زواره.
فكان لـ«هامات» من خلال إدارتها للمراكز التجارية دور في خلق تعاون مع كثير من الجهات الحكومية والجمعيات الخيرية والعيادات الطبية، ومساعدتهم في تحقيق أهدافهم التي من خلالها ننمي فكر المجتمع وتوعيته.
وتسعى «هامات» إلى تقديم كل هذه الخدمات مجانا، بالإضافة إلى مواقع الفعالية، وتسخير طاقم مختص في الشركة لإدارة مثل هذه الفعاليات التي تبرز أهمية المراكز التجارية لخدمة المجتمع من منطلق تفعيل واجبها نحو المسؤولية الاجتماعية.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»