الصومال: مقتل 81 من «الشباب» في قصف أميركي لليوم الثاني

TT

الصومال: مقتل 81 من «الشباب» في قصف أميركي لليوم الثاني

جدد الجيش الأميركي أمس، قصف مواقع لحركة الشباب في الصومال، لليوم الثاني على التوالي، وأعلنت الحكومة هناك مقتل 81 عنصراً من ميليشيات في عملية عسكرية نفذها الجيش بالتعاون مع ما وصفتها بـ«القوات الصديقة» في مدينة جيلب التابعة لمحافظة جوبا الوسطى، جنوب البلاد.
وقال وزير الإعلام الصومالي عبد الرحمن يريسو في بيان، أمس، إن العملية العسكرية التي نفذتها قوات الجيش في مناطق تابعة لمحافظات شبيلي الوسطى والسفلى، بالإضافة إلى جوبا الوسطى «حققت الهدف المنشود من تقويض شوكة الإرهابيين»، مشيراً إلى تدمير عربات قتالية ومستودعات لتخزين مواد التفجير التي تملكها العناصر الإرهابية.
من جهته، أعلن الجنرال عمر طيري قائد كتيبة «12 أبريل» التابعة للجيش الصومالي، أن طائرة دون طيار قصفت أمس، موقعاً لحركة الشباب في منطقة بصرة التابعة لإقليم شبيلي الوسطى، مشيراً إلى أن الغارة استهدفت قياديين من ميليشيا الشباب كانوا يجتمعون هناك.
وقالت وكالة الأنباء الصومالية إن حصيلة القتلى من عناصر الشباب جراء القصف الجوي تصل إلى 13 شخصاً.
من جهته، قال الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو، إن «البلاد في حالة حرب ضد الميليشيات الإرهابية منذ 10 أعوام»، داعياً الشعب للوقوف بجانب قواته المسلحة الساعية إلى تحرير المناطق القليلة المتبقية من قبضة الإرهابيين.
وحث فرماجو لدى افتتاحه مؤتمراً محلياً في العاصمة مقديشو على تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، والعمل على تضافر الجهود والوحدة، ونبذ التفرق والانقسام أمام قتال مسلحي حركة الشباب الذين يهددون أمن المواطنين الصوماليين، على حد قوله.
إلى ذلك، أعلن رئيس الحكومة الإثيوبية الوزراء هايلي ماريام دسالين، «استعادة السلام والاستقرار بصورة كاملة في المناطق الحدودية بين إقليمي أوروميا والصومال».
وقال دسالين خلال مؤتمر صحافي عقده أول من أمس، إن «الصراع في المناطق الحدودية بين الطرفين، ليس حول ترسيم الحدود، ولكن سببه الرئيسي وجود تنظيم مجموعات غير قانونية تمارس عمليات تهريب غير مشروعة بما في ذلك القات».
ولفت إلى أن هذه الجماعات لم تحرض على الصراعات فحسب، بل شكلت أيضاً تحالفاً مع «الجماعات الإرهابية» للقيام بأعمال كارثية أدت إلى مقتل الأبرياء وتشريد مئات الآلاف، مشيراً إلى أن معظم المتورطين قيد الاعتقال حالياً.
وأوضح دسالين أن «القوات الإثيوبية تسيطر على السلام والأمن في المناطق الحدودية بين إقليمي أوروميا والصومال»، مشيراً إلى أنه تم تشكيل لجنة لإعادة تأهيل المواطنين في أقرب وقت ممكن.
وكان وزير الخارجية الإثيوبي ورقنة جبيهو أعرب عن أمله لدى لقائه مع وفد أرض الصومال الزائر لإثيوبيا بقيادة الرئيس محمد سيلانيو، في أن تشهد أرض الصومال انتخابات حرة ونزيهة وسلمية في الوقت الذي تستعد فيه البلاد لعقد الانتخابات الرئاسية الثالثة التي ستجرى غداً، مشيراً إلى استعداد حكومته لدعم التطورات الديمقراطية والاقتصادية المثالية في أرض الصومال.
من جانبه، أكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن «الخطر قائم في الصومال» رغم العمليات العسكرية الموسعة التي تشنها القوات هناك بدعم من قوات الاتحاد الأفريقي (أميصوم) وتحت غطاء من الغارات الجوية الأميركية.
وأضاف المرصد في تقريره أمس، أن «احتمالات انتقال عناصر من تنظيم داعش إلى الصومال أمر غير مستبعد في ظل الحالة الأمنية التي تشهدها في الآونة الأخيرة».
وكان المرصد اعتبر أن إقدام حركة الشباب على إعدام 4 أشخاص بتهمة التجسس يعد عودة من الحركة لأسلوب كانت تتبعه وتحوّلت عنه منذ فترة، لافتاً إلى أن الحركة كانت تتبع أسلوب المحاكمات في المناطق الخاضعة لسيطرتها من باب استعراض القوة وإظهار السيطرة وتملّك زمام الأمور في تلك المناطق.
وكان تقرير صادر عن الأمم المتحدة كشف النقاب عن ظهور جماعة متشددة موالية لتنظيم داعش يبلغ قوامها نحو 200 عنصر على الأقل، فيما أشار محللون إلى أن الضربات الأميركية الأخيرة على ولاية البونت لاند (أرض اللبان) بشمال البلاد تؤكد وجود خطر مقبل من هذه المنطقة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.