«مكتبة الحلبي» تنظم يوماً مفتوحاً للتشجيع على القراءة

تعدّ «مكتبة الحلبي» واحدة من أقدم مكتبات بيروت، فهي تقع في منطقة (قصقص)، ويعود تاريخها إلى 60 سنة مضت. هذا المكان الذي يعتبره اللبنانيون نادياً للقراءة بكل ما للكلمة من معنى، كونه مفتوحاً أمام الجميع مجاناً، ويواكب هواة القراءة اليوم من خلال تنظيمه نشاطات مختلفة تصب في تشجيع هذه الهواية لاستقطاب أكبر عدد من أصحابها. ففي 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، تقيم «مكتبة الحلبي» يوماً مفتوحاً للقراءة بدءاً من الثانية حتى السابعة مساء. ويرافقه جلسات موزعة على أرجاء المكان، بحيث يرتشف الزبائن كوب شاي أو فنجان قهوة كضيافة مقدمة من أصحاب المكتبة.
فعبد الله الحلبي الذي يملك هذا المكان بعد أن ورثه عن أبيه حوّله من دكان سمانة إلى مكتبة؛ كونه شغوفا بتجميع الكتب وقراءتها منذ أيام شبابه. «لقد كان دكانا يقصده أهل الحي لشراء حاجياتهم من ناحية، والاطلاع على الصحف والمجلات المعروضة على رصيفه من ناحية ثانية». أخبرنا في حديث لـ«الشرق الأوسط». وتابع: «ابنتي لانا حققت لي حلمي عندما حوّلت هذا المكان إلى فسحة قراءة تستقطب هواة الكتاب من كل أنحاء لبنان. وهكذا صار منذ أكثر من سنة، وجهة معروفة في هذا المجال لا سيما أننا نملك كتبا نادرة قلما تجدونها في مكتبات أخرى». فحسب عبد الله الحلبي تحتوي المكتبة على نحو 18000 كتاب تتناول مختلف الموضوعات التاريخية والهندسية والفلسفية والدينية والجغرافية وغيرها. ويؤكّد أنّ أشخاصاً يأتونه من بلدات بعيدة كإهدن وزغرتا وصيدا وطرابلس من أجل الحصول على كتاب طالما بحثوا عنه ولم يجدوه في مكان آخر. «إنّنا نؤمن خدمة جديدة من نوعها في مكتبتنا، إذ نوصل الكتاب المطلوب من الزبون أينما كان مركز إقامته، ونرفقه مع حلوى وعلبة علكة بطعم المسكة للتذكير بتاريخنا كدكان سمانة». يروي لنا صاحب المكتبة.
وفي 12 الجاري أيضا سيتم استحداث زاوية خاصة بتوزيع الكتب مجانا، فيما ستذخر أقسامها الباقية من رفوف وطاولات بكتب مختلفة ليشتريها الزبون حسب رغبته، كما فرش الرصيف الملاصق لها الذي تظلله أشجار الـ«فيكوس» المغربية الأصل والتي زرعها صاحب المكتبة ووالده منذ زمن، بطاولات وكراسي يجلس عليها هواة القراءة يطالعون كتبهم وهم يرتشفون فنجان شاي أو قهوة. «لقد أردنا إقامة هذا النشاط في يوم عطلة (الأحد 12 نوفمبر) كي يتسنى للجميع زيارتنا والوقوف على أحدث إصداراتنا، وكذلك على الأقدم منها». تقول لانا الحلبي ابنة صاحب المكتبة والمشرفة على أعمالها وعلى إقامة النشاطات فيها. وتابعت: «نقوم بمبادرات مختلفة مرة كل شهر وهي تتنوع ما بين تقديم هدايا (بوكيش بوكس) وهو صندوق يحتوي كل مرة على أغراض مختلفة تتعلق بعاداتنا في لبنان كفنجاني قهوة وبن وحبات علكة بطعم المسكة وكذلك على الكتب». وتشارك لانا كما أخبرتنا في معارض مختلفة وبينها في مركز «بيال» الذي سيقام أواخر الشهر الحالي، كما أنّها لم تتوان أحيانا كثيرة عن حمل قسم من كتبها والتنقل فيها ما بين صيدا وبيروت ومناطق أخرى للترويج لمكتبتها من جهة، وتشجيع الناس على القراءة من جهة ثانية؛ كون هذه الهواية حسب رأيها تزودنا بالسعادة.
أجواء بيروت أيام زمان تطالعك في هذه المكتبة بدءا من ديكوراتها التي تذكرنا بأحلى بيوت العاصمة أيام زمان (شرشف الكروشيه اليدوي واللامبادير الزجاجي وكراسي القش)، إضافة إلى عبوات زجاجية مليئة بالحلوى والسكاكر كانت في الماضي تمتد إليها أيادي أطفال الحي لشراء ما يحبونه منها.
وإضافة إلى الكتب تحتوي المكتبة على أرشيف غني من صحف ومجلات قديمة اشتهرت في لبنان أيام زمان كـ«لسان الحال» و«الدبور» و«البيرق» وكذلك «الشبكة» و«الموعد» وغيرها. «لدينا أيضا عدد من المجلات المصورة القديمة كسلسلة سوبرمان والـ(مغامرون الخمسة) (بوليسية)، إضافة إلى كتب يعود تاريخها إلى الخمسينات والستينات». تشرح لانا الحلبي في سياق حديثها.
وفي اليوم المفتوح للقراءة الذي تنظمه «مكتبة الحلبي» تخصص زاوية للأطفال، بحيث تستضيف الكاتبة ميساء موسى لتروي على هؤلاء ما بين السادسة والسابعة مساء قصصا من تأليفها تحت عنوان «أنا والكون»، وهي سلسلة روايات علمية خاصة بالأطفال. وتحكي مثلا عن كيفية استخراج العسل، وحياكة الحرير، وغيرها من المواضيع التي يمكنها أن تغني ذاكرة الأطفال وتساهم في نموها.