غراهام بوتر مدرب حقق معجزات في السويد ولا تراه أندية إنجلترا

المدرب البريطاني قاد فريق أوسترسوند المغمور للدوري الأوروبي ويبحث عن فرصة في الدوري الممتاز

بوتر محمولاً من لاعبي فريق أوسترسوند بعد الفوز بكأس السويد
بوتر محمولاً من لاعبي فريق أوسترسوند بعد الفوز بكأس السويد
TT

غراهام بوتر مدرب حقق معجزات في السويد ولا تراه أندية إنجلترا

بوتر محمولاً من لاعبي فريق أوسترسوند بعد الفوز بكأس السويد
بوتر محمولاً من لاعبي فريق أوسترسوند بعد الفوز بكأس السويد

كان غرايم جونز يعرف أن هناك شيئاً غير معتاد في الظهير غراهام بوتر الذي تعاقد معه نادي بوستون يونايتد الذي كان يلعب في دوري الدرجة الثانية بإنجلترا آنذاك. كان ذلك في عام 2003 وكان هذا الشتاء، لأسباب مختلفة، يمثل أهمية كبيرة بالنسبة للرجلين، فقد كان جونز هدافاً قديراً في الدوريات الدنيا بإنجلترا، لكنه كان قد وصل لعامه الثالث والثلاثين، وكان يفكر في الخطوة القادمة له بعد اعتزال كرة القدم، في حين كان بوتر أصغر منه بخمس سنوات، ولعب في أعلى مستويين مع برمنغهام وستوك سيتي وساوثهامبتون ووست بروميتش ألبيون.
كان هناك شعور بخيبة الأمل في بوتر، نظراً لأنه على مدى عشر سنوات كلاعب محترف لكرة القدم نادراً ما شُوهد مع زميل له بالفريق.
يتذكر جونز ما حدث قائلاً: «كنت أعرف أنه شخص مختلف، وهذا ما جذبني إلى شخصيته. لقد كان مختلفاً كصبي وكرجل، وقد استمتعت بذلك لأنني كنت من نفس الفصيلة. لقد أحببت حسه الفكاهي وذكاءه، وحدث تواصل بيننا على هذا المستوى».
أصبح الرجلان صديقين مقربين للغاية من بعضهما البعض، لكن كل منهما ذهب في طريق مختلفة بعيداً عن الآخر، فسيكون جونز في كأس العالم بروسيا الصيف المقبل كمساعد للمدير الفني لمنتخب بلجيكا روبرتو مارتينيز، أما بوتر فقد سطعت نجوميته لدرجة يصعب فهمها، اعتماداً على الحقائق التي نعرفها وحدها، فعندما تولى منصب المدير الفني لنادي أوسترسوند السويدي في ديسمبر (كانون الأول) عام 2010 كان الفريق مهلهلاً، ويلعب في دوري الدرجة الرابعة، لكن بعد سبع سنوات من العمل تأهل الفريق للدوري الأوروبي، وتغلب على فرق عريقة مثل غلاطة سراي التركي وباوك اليوناني وهيرتا برلين الألماني.
هذا أمر مثير ومذهل في حد ذاته، لكن قصة بوتر تعد مثالاً لما يمكن أن يحدث عندما تحصل المواهب على الفرصة المناسبة في التوقيت المناسب والمكان المناسب. لقد شعر بوتر، وفقاً لجونز، بأن قدراته الفنية يساء فهمها، لذا اعتزل كرة القدم بعد عامين من لقائه بجونز. عمل بوتر كمدرب لتطوير كرة القدم في جامعتي هال وليدز متروبوليتان، وحصل على درجة الماجستير في القيادة والذكاء العاطفي من جامعة ليدز متروبوليتان.
ويأتي في قلب التجربة التدريبية في نادي أوسترسوند، رئيس النادي دانيال كيندبيرج، وهو قائد كتيبة سابق في الجيش، وغالباً ما يطلق تصريحات خيالية على ما يبدو، إذ يقول في الوقت الحالي إن أوسترسوند يمكنه الفوز بلقب الدوري الأوروبي هذا الموسم، ثم دوري أبطال أوروبا بعد ذلك! وكانت لكيندبيرج أولويات أقل تواضعاً من ذلك عندما طلب في صيف عام 2006 من الدوري الإنجليزي الممتاز أن يوفر ثلاثة مديرين فنيين من إنجلترا للعمل مع أكاديمية الشباب بنادي أوسترسوند السويدي.
وكان جونز، الذي كان يشرف على قيادة فريق ميدلسبره تحت سن 14 عاماً، أحد المديرين الفنيين الثلاثة الذين أرسلهم الدوري الإنجليزي الممتاز إلى السويد. وسرعان ما اكتسب جونز ثقة مسؤولي نادي أوسترسوند، وبدأ اللاعبون والمدربون الذين يعرفهم يتدفقون للعمل في هذه المنطقة التي تضم نحو 50 ألف نسمة. كان كيندبيرج يثق في حكمة جونز، لكنه تردد في عام 2009 عندما تم ترشيح بوتر لتولي منصب المدير الفني لأوسترسوند. يقول جونز: «التقى به دانيال ولم يكن متأكداً من قدرته على قيادة الفريق. لكن بعد هبوط الفريق في نهاية هذا الموسم، قال لي: ما رأيك الآن؟ وأجبته: قلت لك إن أفضل شخص لهذا المنصب هو غراهام بوتر».
كان جونز يخشى من رفض بوتر للجلوس مع كيندبيرج مرة أخرى، لكن لحسن الحظ تم التوصل إلى اتفاق سريع، وقضى بوتر فترة طويلة بين جدران النادي، وأنهى دراسته وأصبح أباً.
وسرعان ما قاد بوتر نادي أوسترسوند للترقي ثلاث مرات متتالية، كما يحمل الفريق الآن لقب الكأس المحلي، ويقدم كرة قدم جميلة تتسم بالمرونة والسرعة. ومن المهم أيضاً أن نلقي الضوء على الموارد التي اعتمد عليها بوتر لتحقيق تلك الإنجازات في ضوء الإمكانات المحدودة نسبياً، حيث يعتمد بشكل أساسي على إعادة الروح والثقة إلى لاعبين ينظر البعض إليهم على أنهم قد انتهوا تماماً من الناحية الكروية، لكنه بفضل «ذكائه العاطفي» ينجح في إعادة هؤلاء اللاعبين إلى مستواهم من جديد ويساعدهم على تقديم أفضل ما لديهم.
على سبيل المثال، كان قائد الفريق الحالي بنادي أوسترسوند، بروا نوري، قد وضع على القائمة السوداء للأندية السويدية، بعد ارتكابه عدداً من المخالفات، لكنه أصبح الآن المحرك الأساسي للفريق في الدوري الأوروبي، ووصف بوتر بأنه «واحد من أفضل الرجال الذين قابلتهم في حياتي». وهناك قصص نجاح أخرى، مثل جناح الفريق كورتيس إدواردز، الذي اعترف بنفسه بأنه «لم يتصرف بشكل صحيح» عندما جاء من ميدلسبره. وكان إدواردز يحمل كل الصفات السيئة التي يمكن أن تعيق لاعب كرة القدم عن استكمال مسيرته - الحانات والكحوليات والقمار والفتيات - لكن بوتر جعله الآن، وهو في الثالثة والعشرين من عمره، لاعباً رائعاً يعتمد عليه الفريق بشكل كبير، وقد سجل هدفاً جميلاً في مباراة الفريق أمام أتلتيك بلباو الإسباني في الدوري الأوروبي الشهر الماضي، التي انتهت بالتعادل بهدفين لكل فريق.
وتكمن الفكرة في أنه كما أن اللاعبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عاماً ما زال يتعين عليهم تعلم الكثير في كرة القدم، فإنهم أيضاً ليسوا مكتملين من الناحية الشخصية والسلوكيات، ويجب أن يتعلموا المزيد أيضاً في هذه الناحية. يبدو هذا واضحاً بما فيه الكفاية، لكن النهج الذي يتبعه بوتر هو في الحقيقة أبعد ما يكون عن القاعدة المتبعة في إنجلترا، التي تدمر المواهب الشابة في هذه الفئة العمرية في كثير من الأحيان، ولا تصبر عليهم، وتعمل على تقويمهم. وخير مثال على ذلك الجناح جيمي هوبكوت، البالغ من العمر 25 عاماً، الذي استغنى عنه نادي يورك سيتي عام 2010 لكي يصبح أحد الأعمدة الرئيسية لنادي أوسترسوند، وكان أبرز لاعبي الفريق في مباراته أمام غلاطة سراي التركي في الدور التمهيدي الثاني المؤهل للدوري الأوروبي. وكان هوبكوت يلعب في نادي تادكاستر البيون عندما رأى بوتر ما لم يره الآخرون، وقرر ضمه للفريق السويدي.
ونتيجة لذلك، كان إدواردز محقاً تماماً عندما قال إن أوسترسوند يعد بمثابة نافذة رائعة لتلميع وعرض اللاعبين في أفضل صورة، مضيفاً: «سيكون من الرائع أن أعود للعب في إنجلترا، لكن إذا لم يحدث ذلك فلن أشعر بأنني فشلت. أنا سعيد في المكان الذي ألعب به الآن، لكني أريد أن أتطور وأتقدم للأمام، سواء هناك أو في أي مكان آخر». ولا يعد إدواردز هو اللاعب الوحيد الذي جذب الانتباه في صفوف النادي السويدي. ومن المتوقع أن تنهال العروض على لاعبي الفريق بعد نهاية مسيرته في البطولة الأوروبية، لكن السؤال الأكثر تعقيداً الآن يتعلق بقدرة الفريق على الاحتفاظ بخدمات بوتر نفسه.
وقد جذب بوتر أنظار العديد من الأندية، كما تردد اسمه في قائمة الترشيحات للعمل في أندية إيفرتون ووستهام وسندرلاند في الآونة الأخيرة بعد رحيل المديرين الفنيين لهذه الفرق. يقول جونز: «أعرف يقيناً أنه يمكنه العمل في أعلى المستويات، لكن المشكلة تكمن في أنه حصل على هذا الأمن الوظيفي في أوسترسوند: يسمح له بالعمل بحرية، ودانيال يثق به، ولا يمكنك حقاً أن تدرك مدى أهمية هذه الأشياء».
وهنا يبرز القول المأثور للمدير الفني الأسطوري لنادي مانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون بأنه يتعين على المدير الفني أن يختار رئيس النادي وليس النادي. ولذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل يكون بوتر قادراً على العمل وتحقيق إنجازات في «ملعب سندرلاند» الذي تسيطر عليه الفوضى، على سبيل المثال؟ قد يشعر بوتر بالرغبة في خوض تجربة جديدة عند خروج أوسترسوند من الدوري الأوروبي؛ ولن يحدث هذا قبل العام الجديد في حال هزيمة نادي زوريا لوهانسك الأوكراني على ملعب «جامتكرافت أرينا» في 23 نوفمبر (تشرين الثاني)، وبعد فشل الفريق في التأهل للنسخة المقبلة من الدوري الأوروبي، بعدما احتل الفريق المركز الخامس في الدوري السويدي الممتاز في عام 2017.
يقول جونز: «أتحدث إلى غراهام طوال الوقت، فلدينا دائماً قضايا نتحدث عنها في كرة القدم، فضلاً عن المزاح سوياً كأصدقاء». ولذا فإن السؤال الآن يكمن فيما إذا كان أي من الأندية الإنجليزية ستثق في قدرات بوتر، ولو حدث ذلك، هل سيثق بوتر حقاً في تلك الأندية؟


مقالات ذات صلة

رانييري مدرب روما عن سعود عبد الحميد: سريع… وسيتحسن كثيراً

رياضة سعودية رانييري يحفز سعود بعد هدفه (أ.ف.ب)

رانييري مدرب روما عن سعود عبد الحميد: سريع… وسيتحسن كثيراً

قال كلاوديو رانييري مدرب روما المنافس في الدوري الإيطالي لكرة القدم إن لاعب الفريق السعودي سعود عبد الحميد يتطور بشكل لافت والذي توج بتسجيله هدفه الأول.

نواف العقيّل (الرياض)
رياضة عربية فرحة لاعبي منتخب لبنان بأحد الهدفين في مرمى منتخب الكويت (الشرق الأوسط)

تحضيرات «خليجي 26»: الكويت تخسر من لبنان ودياً   

حقق منتخب لبنان فوزاً مثيراً على نظيره الكويتي 2-1 في المباراة الودية على ملعب «النادي الأهلي القطري»، ضمن استعدادات منتخب الكويت لبطولة «خليجي 26».

صفات سلامة (بيروت)
رياضة عربية الدكتور جورج كلاس وزير الشباب والرياضة اللبناني (الشرق الأوسط)

وزير الرياضة اللبناني: استضافة مونديال 2034 تجسيد للقيم السعودية «الثلاث» 

وجّه وزير الشباب والرياضة اللبناني، الدكتور جورج كلاس، تهنئة حارة إلى السعودية بعد نجاحها في الفوز بحق استضافة وتنظيم بطولة كأس العالم 2034.

فاتن أبي فرج (بيروت)
رياضة عالمية جود بلينغهام (رويترز)

بلينغهام يعزّز فرص الريال لانتزاع الصدارة من برشلونة

منح تراجع برشلونة متصدر دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم الفرصة لريال مدريد لانتزاع قمة الترتيب؛ إذ ستتاح الفرصة لحامل اللقب لصدارة المسابقة لأول مرة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية مدينة مراكش المغربية ستستضيف حفل توزيع جوائز الأفضل في أفريقيا (كاف)

«كاف» يعلن القوائم النهائية المرشحة لجوائزه لعام 2024

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، الخميس، القوائم النهائية للمرشحين للحصول على جوائزه لعام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.