دمشق لحظة الغروب

مساء، عند مغيب الشمس
ورائحة الياسمين والليمون،
تفوح وتعطر نسائم الليل
والصقيع نفحات سماوية
تحت قبب الخانات التركية
في أسواق شعبية مسقوفة
تغص بالباعة والسواح
يشترون الساعات القديمة
السجاد والأنتيكا
كشاش الحمام
مثل قائد الأوركسترا
بين رائحة التوابل
والبخور والتمور
دمشق القديمة
تلتقط أنفاسها
وتزفر آلامها
تحاول أن تصمد
وتبقى شامخة
ومتواضعة
جميلة ومتقشفة
بحاراتها الضيقة والملتوية
تضيع فيها
وترتاح في مقاهيها
وتألف لياليها
أجواء السمر
ورذاذ الذكريات
وثرثرة الشباب
يعبرها الغزاة
وفي النهاية
لا يبقى فيها سوى أهلها الطيبين
سكانها المحليين
من باب توما
حتى تمثال صلاح الدين
بقربه
أطفال يأكلون غزل البنات
وفي كل تكية حكاية
وفي كل زاوية قطعة أثرية
حجر بازلتي
أو جرة فخار مكسورة
أو قطعة حلي برونزية
رومانية
تركية
سريانية
آرامية
إنها سورية
لوحة فسيفسائية
أجمل ما فيها
سكينتها وتراثها
القديم المتواضع
الذي لا يموت
وها أنا اليوم
أكتشف مدينتي من جديد
وأنحني أمام عظمتها
وأراها بعيون تبحث عن الجمال
وكلما تأملت فيها أكثر
شعرت بالفخر...
والأسف.
- شاعرة سورية