«عرض ثلاثي» من ترمب لبوتين عن سوريا: إبعاد إيران من الجنوب وتنسيق بعد «داعش»

عرض من 3 نقاط تتعلق بالأزمة السورية، نقله الأميركيون إلى الروس، كي يعلنه الرئيسان دونالد ترمب وفلاديمير بوتين خلال لقاء قمة على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا المحيط الهادئ (أبيك) في دانانغ في فيتنام. العرض كان بمثابة «شروط» أميركية للموافقة على عقد قمة بين ترمب وبوتين في خضم سلسلة من الأزمات الدولية المتعلقة بإيران وكوريا الشمالية والتوجه الأميركي لتعزيز العلاقات مع الصين. لكن بوتين، المهتم بلقاء قمة مع نظيره الأميركي، كان عليه الموافقة على هذا «العرض الثلاثي» ليعلَن كإنجاز، كما حصل لدى لقاء الرئيسين في هامبورغ في يوليو (تموز) الماضي عندما أعلنا اتفاق «خفض التصعيد» في جنوب غربي سوريا. ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية عن مسؤولين في واشنطن أن إدارة ترمب مهتمة بـ«صفقة» من 3 مبادئ، هي: تمديد اتفاق «منع الصدام» شرق سوريا، وتعزيز «خفض التصعيد»، وإطلاق مفاوضات سياسية في جنيف برعاية دولية لتنفيذ القرار 2254.
وحسب معلومات متوفرة لـ«الشرق الأوسط»، فإن واشنطن باتت مهتمة بالتفكير في مرحلة ما بعد «داعش» وترتيب وضع وجود قواتها العسكرية شرق نهر الفرات مع قرب تلاشي التتظيم، لذلك فإن الجيش الأميركي سعى إلى تمديد اتفاق «منع الصدام» مع الجيش الروسي وحلفائه في الأجواء والأراضي السورية. الاتفاق كان قد أُنجز في عمان في منتصف العام الجاري، وتضمن سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية التي يدعمها التحالف الدولي بقيادة أميركا على مناطق شرق نهر الفرات، مقابل سيطرة قوات النظام وحلفائها على غرب النهر باستثناءات قليلة، تضمنت توغل الطرف الأول إلى الضفة الأخرى للوصول إلى مدينة الطبقة، وتوغُّل الطرف الثاني إلى الطرف الثاني للوصول إلى الميادين والبوكمال.
واشنطن، حسب المعلومات، تراقب تصريحات إيرانية ومن مسؤولين في دمشق حول نيات للتقدم إلى مدينة الرقة التي سيطرت عليها «قوات سوريا الديمقراطية»، لذلك فإنها تسعى إلى تمديد ولاية «منع الصدام» بين الجيشين في مرحلة ما بعد «داعش» خصوصاً أن الجانب الروسي بدأ يتحدث عن وجود «غير شرعي» للقوات الأميركية في سوريا، إضافة إلى رغبة لتوسيع هامش التنسيق بين الجيشين.
النقطة الثانية في «العرض الأميركي»، تتعلق بـ«خفض التصعيد» خصوصاً ما يتعلق باتفاق جنوب غربي سوريا. هذا الاتفاق أُنجز برعاية ثلاثية «أميركية - روسية – أردنية» وتضمن ابتعاد «القوات غير السورية» في إشارة إلى «حركة النجباء» التي تدعمها إيران و«حزب الله» من حدود الأردن وخط فك الاشتباك في الجولان المحتل. لكن، حسب المعلومات، فإن واشنطن تعتقد أن روسيا لم تعمل جدياً للضغط على إيران لتنفيذ بنود «خفض التصعيد»، كما أن تغيراً ملموساً لم يظهر بعد زيارة بوتين الأخيرة لطهران. وكان مسؤول غربي قد قال: «اتفاق خفض التصعيد في جنوب غربي سوريا، كان اختباراً لنفوذ روسيا على إيران... وإلى الآن يبدو أن إيران إما غير راغبة وإما غير قادرة على إبعاد ميليشيات إيران عن حدود الأردن والجولان»، لافتاً إلى أن الإسرائيليين نقلوا إلى موسكو أكثر من مرة «رسائل تحذير بأنهم سيتصرفون إذا لم ينفّذ الروس بنود الاتفاق».
النقطة الثالثة تتعلق بالمفاوضات السياسية، إذ إن إدارة ترمب مهتمة بالاتفاق على مفاوضات جنيف بعد الانتهاء من «داعش»، بحيث يجري تركيز مسار آستانة على إجراءات بناء الثقة والأمور العسكرية لـ«خفض التصعيد» بما في ذلك احتمال توقيع اتفاق جديد في جنوب دمشق، مع ترك الأمور السياسية إلى مفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة. ولوحظ أن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس أكد، بعد وزير الخارجية ريكس تيلرسون، أهمية دعم مفاوضات جنيف وجهود المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.
وفي حال حصل التفاهم، تتوقع واشنطن ودول غربية أن توافق موسكو على تمديد ولاية القرار 2165 الخاص بإيصال المساعدات الإنسانية «عبر الحدود» من الأردن وتركيا إلى مناطق «خفض التصعيد» جنوب سوريا وشمالها، إضافة إلى تفاهم وسط بين مسودتي الدول الغربية وروسيا لتمديد آلية تحقيق استخدام السلاح الكيماوي والتكييف بين اتجاه دول غربية لوحت بالانتقال إلى المرحلة الثالثة من «الملف الكيماوي»، وهي المحاسبة بعدما جرى تجاوز مرحلتي «تأكيد استخدام» السلاح الكيماوي و«تأكيد الطرف المستخدم» من جهة، واتجاه موسكو إلى «نسف» ولاية آلية التحقيق بالكيماوي وخلاصات تقرير اللجنة السابق.
من جهته، يواصل دي ميستورا مشاوراته، إذ يلتقي مسؤولين فرنسيين في باريس قبل لقائه مسؤولين روسيين في جنيف الأسبوع المقبل بالتزامن مع مشاورات نائبه السفير رمزي عز الدين رمزي، لضمان نجاح مؤتمر المعارضة السورية الموسع في 22 و23 الشهر الجاري، لتوفير الأرضية لاستئناف مفاوضات جنيف في 28 من الشهر. وكان الأمل أن يحضر الجولة الثامنة من المفاوضات مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد إلى جانب نظيره الروسي، لتوفير غطاء من الطرفين لمفاوضات جنيف وإعطاء دينامية لها.
ولا شك أن إشارات السير في هذا السيناريو ستظهر في حال عُقدت قمة بين ترمب وبوتين ولم يكتفِ الجانبان بالمصافحة السريعة التي حصلت، مساء أمس، قبل التقاط الصورة الجماعية لقادة قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا - المحيط الهادئ.