صندوق النقد يتوقع نزول معدلات التضخم في مصر إلى الثلث بنهاية العام

قال إن الإصلاح تطلب بعض التضحيات

صندوق النقد يتوقع نزول معدلات التضخم في مصر إلى الثلث بنهاية العام
TT

صندوق النقد يتوقع نزول معدلات التضخم في مصر إلى الثلث بنهاية العام

صندوق النقد يتوقع نزول معدلات التضخم في مصر إلى الثلث بنهاية العام

توقع صندوق النقد الدولي أن تنخفض مستويات التضخم بقوة في مصر بنهاية العام الحالي، بعد أن تصاعدت بوتيرة متسارعة بسبب إصلاحات أوصت بها المؤسسة الدولية، وطبقتها البلاد منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وقال الصندوق، في بيان له أمس، إنه يتوقع أن ينخفض التضخم السنوي في مصر خلال الربع الأخير من 2017 إلى نحو 13 في المائة، وهو ثلث قيمة معدلات التضخم تقريباً التي بلغت منذ يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) الماضيين 32.1 في المائة.
وساهمت توصيات الصندوق بتحرير سعر الصرف في دفع البنك المركزي المصري لرفع حمايته تماماً عن العملة المحلية في نوفمبر 2016، وهو ما أفقد الجنيه أكثر من نصف قيمته، وقاد التضخم إلى الصعود بقوة.
لكن سياسة سعر الصرف الجديدة ساعدت البلاد على القضاء على السوق الموازية للعملة، التي كانت تؤثر بقوة على تدفق النقد الأجنبي للبلاد، وهو ما ركز عليه الصندوق في بيانه، مشيراً إلى أن «نظام سعر الصرف المرن... أنهى مشكلة النقص المزمن في العملة الأجنبية».
وأبرمت مصر اتفاقاً مع صندوق النقد في نوفمبر الماضي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار لدعم الإجراءات الإصلاحية.
وقام فريق الصندوق بزيارة إلى القاهرة في الفترة من 25 أكتوبر (تشرين الأول) إلى 9 نوفمبر 2017، لعقد مناقشات في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2017، وللقيام بالمراجعة الثانية لأداء برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يدعمه الصندوق.
وأشار الصندوق، في بيانه عن نهاية رحلة البعثة، إلى أن استكمال أعمال المراجعة يتيح حصول مصر على نحو ملياري دولار من مبلغ القرض، ليصل مجموع المبالغ المنصرفة في ظل البرنامج إلى نحو 6 مليارات دولار أميركي.
واعتبر الصندوق، بعد مرور عام على اتفاق القرض، أن «الإصلاحات التي تمت بالفعل بدأت تؤتي ثمارها المرجوة، من حيث استقرار الاقتصاد الكلي وعودة الثقة».
ولم تنكر المؤسسة الدولية الآثار الاجتماعية لارتفاع معدلات التضخم، المدفوع بتحرير سوق الصرف وإجراءات تقليص الدعم ورفع ضرائب الاستهلاك، حيث قالت في بيانها إن «عملية الإصلاح» تطلبت «بعض التضحيات على المدى القصير». ألا أنها ركزت على مؤشرات تعافي الاقتصاد الكلي: «تحسن النمو في مصر أثناء السنة المالية 2016 / 2017، حيث ارتفع إجمالي الناتج المحلي بمعدل 4.2 في المائة، مقارنة بالمعدل المتوقع من قبل الصندوق البالغ 3.5 في المائة».
وعزز الصندوق رؤيته الإيجابية لاقتصاد البلاد، بالإشارة أيضاً إلى «زيادة الصادرات غير النفطية، وعائدات السياحة»، وقد تعززت التنافسية السعرية للقطاعات السابقة بفضل انخفاض قيمة العملة المحلية.
وفي حين أشار الصندوق إلى ارتفاع استثمارات الحافظة والاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي الماضي، لم يتعرض لمقارنة واضحة للتغيرات التي طرأت على كلٍ من المجالين.
فبينما زاد صافي الاستثمارات المباشرة من نحو 7 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار، فإن صافي استثمارات المحفظة تحول من 12.8 دولار إلى نحو 16 مليار دولار، ويأتي التحول الكبير في المجال الأخير معتمداً بقوة على إقبال المستثمرين الأجانب على الاستثمار في الديون المصرية بعد رفع البنك المركزي للفائدة.
وأشار الصندوق، في بيانه، إلى أن العجز الكلي للموازنة خلال العام المالي الماضي ارتفع بأعلى من توقعاته «بسبب ارتفاع مدفوعات الفائدة عن المستوى المتوقع».
وتسعى البلاد لتجاوز مرحلة الاعتماد على الاستدانة الخارجية بشكل قوي، وتوفير تدفقات النقد الأجنبي من خلال جذب الاستثمارات، حيث أصدرت قبل أيام اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الذي يشمل حزمة كبيرة من الحوافز للمستثمرين، كما أطلقت وزارة الصناعة خريطة مفصلة للمشروعات التي تحتاجها البلاد في المحافظات المختلفة.
ولم يشر بيان الصندوق إلى الإجراءات التي يترقبها الشارع المصري لرفع أسعار المحروقات، في ظل التزام البلاد ببرنامج متدرج لتحرير دعم الوقود، لكنه أثنى على «المجهودات التي تهدف إلى تحسين جمع البيانات لتحسين توجيه الدعم بشكل كفء، وضمان وصوله إلى الفئات الأكثر احتياجاً».
وتعرض الصندوق، في بيانه، إلى التقدم الذي تُحدثه البلاد في برنامجي الدعم النقدي «تكافل وكرامة»، اللذين يغطيان في الوقت الحالي مليوني أسرة مستفيدة.
فيما اعتبر الصندوق أن «تخفيض معدلات البطالة، ولا سيما بين الشباب، وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، عاملين أساسيين لانطلاقة الاقتصاد المصري، كما يجسدان الحماية الاجتماعية في أقوى أشكالها وأكثرها استدامة».



لاغارد: عملية خفض التضخم تسير على المسار الصحيح

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

لاغارد: عملية خفض التضخم تسير على المسار الصحيح

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن قرار مجلس الإدارة بخفض أسعار الفائدة الرئيسية الثلاثة للمركزي الأوروبي بمقدار 25 نقطة أساس، يستند إلى التقييم المحدث لآفاق التضخم، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. وأشارت، في المؤتمر الصحافي عقب إصدار القرار، إلى أن عملية خفض التضخم تسير وفق المسار المخطط لها.

ويتوقع موظفو البنك أن يكون متوسط التضخم الرئيسي 2.4 في المائة خلال 2024، و2.1 في المائة خلال 2025، و1.9 في المائة خلال 2026، و2.1 في المائة خلال 2027، عندما يبدأ العمل بنظام تداول الانبعاثات الموسّع في الاتحاد الأوروبي. وبالنسبة للتضخم، الذي يستثني الطاقة والطعام، يتوقع الموظفون متوسطاً يبلغ 2.9 في المائة خلال 2024، و2.3 في المائة خلال 2025، و1.9 في المائة في كل من 2026 و2027.

وأضافت لاغارد: «يشير معظم مقاييس التضخم الأساسي إلى أن التضخم سيستقر حول هدفنا متوسط المدى البالغ 2 في المائة بشكل مستدام. وعلى الرغم من انخفاض التضخم المحلي قليلاً، فإنه لا يزال مرتفعاً. ويرجع ذلك، في الغالب، إلى أن الأجور والأسعار في بعض القطاعات لا تزال تتكيف مع الزيادة السابقة في التضخم بتأخير ملحوظ».

وتابعت: «جرى تسهيل شروط التمويل، حيث أصبح الاقتراض الجديد أقل تكلفة للشركات والأُسر تدريجياً نتيجة خفض الفائدة الأخير. لكن هذه الشروط لا تزال مشددة؛ لأن سياستنا النقدية تظل تقييدية، والفوائد المرتفعة السابقة لا تزال تؤثر على رصيد الائتمان القائم».

ويتوقع الموظفون، الآن، تعافياً اقتصادياً أبطأ من التوقعات السابقة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وعلى الرغم من تسارع النمو، خلال الربع الثالث من هذا العام، تشير المؤشرات إلى تباطؤه خلال الربع الحالي. ويتوقع الموظفون أن ينمو الاقتصاد بنسبة 0.7 في المائة خلال 2024، و1.1 في المائة خلال 2025، و1.4 في المائة خلال 2026، و1.3 في المائة خلال 2027.

وقالت لاغارد: «نحن ملتزمون بضمان استقرار التضخم بشكل مستدام عند هدفنا متوسط المدى البالغ 2 في المائة. سنتبع نهجاً يعتمد على البيانات ويعتمد على الاجتماع تلو الآخر لتحديد السياسة النقدية المناسبة. بشكل خاص، ستكون قراراتنا بشأن الفائدة مبنية على تقييمنا لآفاق التضخم في ضوء البيانات الاقتصادية والمالية الواردة، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. نحن لا نلتزم مسبقاً بمسار معين للفائدة».

النشاط الاقتصادي

نما الاقتصاد بنسبة 0.4 في المائة، خلال الربع الثالث، متجاوزاً التوقعات. وكان النمو مدفوعاً أساساً بزيادة الاستهلاك، جزئياً نتيجة العوامل الفريدة التي عزّزت السياحة في الصيف، وبناء الشركات للمخزونات. لكن أحدث المعلومات يشير إلى فقدان الاقتصاد الزخمَ. وتشير الاستطلاعات إلى أن التصنيع لا يزال في حالة انكماش، وأن نمو الخدمات يتباطأ. وتُحجم الشركات عن زيادة الإنفاق على الاستثمار في ظل الطلب الضعيف وآفاق غير مؤكَّدة. كما أن الصادرات ضعيفة، مع مواجهة بعض الصناعات الأوروبية صعوبة في الحفاظ على قدرتها التنافسية.

ووفق لاغارد، لا تزال سوق العمل مرنة، حيث نما التوظيف بنسبة 0.2 في المائة خلال الربع الثالث، متجاوزاً التوقعات. وظلَّ معدل البطالة عند أدنى مستوى تاريخي له بنسبة 6.3 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي الوقت نفسه، لا يزال الطلب على العمل في تراجع، حيث انخفض معدل الوظائف الشاغرة إلى 2.5 في المائة خلال الربع الثالث، وهو أقل بمقدار 0.8 نقطة مئوية من ذروته. وتشير الاستطلاعات أيضاً إلى تقليص خلق الوظائف في الربع الحالي.

تقييم المخاطر

أشارت لاغارد إلى أن المخاطر الاقتصادية تظل مائلة نحو الجانب السلبي، حيث يمكن أن تؤثر الاحتكاكات التجارية والتوترات الجيوسياسية على نمو منطقة اليورو، وتقلل من الصادرات وتضعف الاقتصاد العالمي. كما قد يعوق تراجع الثقة تعافي الاستهلاك والاستثمار. في المقابل، قد يتحسن النمو إذا أسهمت الظروف المالية الميسَّرة وانخفاض التضخم في تسريع التعافي المحلي.

وأضافت: «قد يرتفع التضخم إذا زادت الأجور أو الأرباح أكثر من المتوقع، كما أن التوترات الجيوسياسية قد تدفع أسعار الطاقة والشحن إلى الارتفاع، وتؤثر سلباً على التجارة العالمية. علاوة على ذلك، قد تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بشكل أكبر. في المقابل، قد ينخفض التضخم إذا أدى انخفاض الثقة والمخاوف الجيوسياسية إلى إبطاء تعافي الاستهلاك والاستثمار، أو إذا كانت السياسة النقدية تعوق الطلب أكثر من المتوقع، أو إذا تفاقم الوضع الاقتصادي عالمياً. كما يمكن أن تزيد التوترات التجارية من عدم اليقين بشأن آفاق التضخم في منطقة اليورو».