قضايا التنمية في أفريقيا تهيمن على أشغال منتدى ميدايز بطنجة

رئيس الاتحاد الأفريقي متفائل بنزع فتيل النزاعات في القارة قبل 2020

TT

قضايا التنمية في أفريقيا تهيمن على أشغال منتدى ميدايز بطنجة

عبر ألفا كوندي، رئيس غينيا والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، عن تفاؤله بنجاح أفريقيا في تحقيق طموحها بالتوصل لنزع فتيل النزاعات الإقليمية، وإخماد بؤر التوتر في أفق 2020. وقال كوندي، الذي كان يتحدث في افتتاح أشغال منتدى ميدايز مساء أول من أمس في طنجة، إنه واثق من فعالية الآليات التي وضعها الأفارقة من أجل بناء السلام والأمن، رغم استمرار بعض التوترات، مشيرا على الخصوص إلى العمليات الإرهابية الأخيرة في مقديشو، وتداعيات النزاع الليبي، وتدهور الوضع في توغو، وحالة عدم الاستقرار في جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، بالإضافة إلى تهديدات جماعة بوكو حرام الإرهابية.
وقال كوندي، ضيف شرف الدورة الحالية لميدايز، إن الاتحاد الأفريقي نجح في إخراس الأسلحة خلال السنوات الثلاثة الماضية، ونوه بالارتياح الدولي الذي تصادفه آليات حفظ السلام والأمن التي وضعها الأفارقة، خاصة مبادرة مجموعة الخمسة في منطقة الساحل، التي تبنتها القوى العظمى، ومن بينها أميركا التي أصبحت تمولها. كما أبرز كوندي أن أفريقيا لن تقبل أي تدخل خارجي في مشاكلها، معتبرا أن الأفارقة أعلم من غيرهم بمشاكلهم، ويتوفرون على المؤهلات والكفاءات الضرورية لتأخذ أفريقيا بزمام مصيرها.
وأوضح كوندي أن كل التجارب السابقة للتدخل في مشاكل أفريقيا وفرض حلول من الخارج انتهت بنتائج كارثية، وذكر في هذا الصدد بتدخل الناتو في ليبيا خلال الربيع العربي وتداعياته على غرب أفريقيا، وتدخلات صندوق النقد الدولي، التي أدت إلى تعميق هوة التخلف الاقتصادي والاجتماعي للدول الأفريقية.
وهيمنت قضايا الأمن والتنمية في أفريقيا على أشغال الدورة العاشرة لمنتدى ميدايز، والتي تعرف هذه السنة مشاركة 3000 شخص، ويتضمن برنامجها الممتد على أربعة أيام 150 متحدثا رفيع المستوى، ضمنهم مسؤولون سياسيون واقتصاديون وخبراء من مختلف أنحاء العالم.
من جانبه، قال إبراهيم الفاسي الفهري، رئيس المنتدى، إن أفضل هدية بمناسبة عيد الميلاد العاشر للمنتدى هي حضور رئيس الاتحاد الأفريقي كضيف شرف، خصوصا أن هذه الدورة تتزامن مع عودة المغرب إلى الاتحاد اﻹفريقي. وبدوره، نوه بيير كلافر ماغانغا موسافو، نائب رئيس جمهورية الغابون، في كلمته خلال حفل افتتاح المنتدى، بالرؤية الجديدة للعاهل المغربي الملك محمد السادس للعلاقات الأفريقية - الأفريقية، وبين أفريقيا وباقي العالم، ودور المغرب فيها، التي اعتبرها مبادرة جريئة وحاسمة من أجل علاقات شراكة أكثر توازنا وإنصافا. وأوضح موسافو أن التوجه الجديد الذي أعطاه الملك محمد السادس للدبلوماسية المغربية في أفريقيا أعطى نفسا جديدا للعلاقات التاريخية التي تربط المغرب بأفريقيا، وارتقت بها إلى مستوى شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد، ترتكز على الرؤية الواضحة للعاهل المغربي في مجال التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية الشاملة والمندمجة لأفريقيا.
وقال موسافو إن أفريقيا بحاجة إلى مقاربة اندماجية وتكاملية وشمولية في مجال التنمية الاقتصادية لأنها لا يمكن أن تكتفي بواقع وجود جزر معزولة للرفاهية، وسط محيط من البؤس والفقر، وإلا فإن الهاربين من البؤس سيكتسحون جزر الرفاهية المجاورة لهم.
من جهته، شدد بيرتي أهيرن، الوزير الأول الآيرلندي الأسبق، على ضرورة توفير الأمن، مشددا على أن الاستثمار والتنمية يتبعان الأمن. كما دعا إلى إعادة النظر في أولويات أوروبا وأفريقيا بخصوص علاقاتهما وهندسة شراكتهما المستقبلية بشكل يأخذ مصالح الطرفين بالاعتبار. وقال أهيرن إن نظرة أوروبا إلى الهجرة يجب أن تتغير، لأنها محتاجة إلى العمالة الأفريقية بسبب شيخوخة سكانها. وأوصى بأن على أوروبا أن تساعد أكثر الدول الأفريقية في مجالات التربية والتعليم والتكوين من أجل توفير عمالة ذات كفاءة وقادرة على الاندماج في بلدان الاستقبال في حال هجرتها.
ورد الكثير من المسؤولين والخبراء الأفارقة بأن إشكالية الهجرة التي تضعها أوروبا في الواجهة إشكالية مغلوطة، مشيرين إلى أن هجرة الأفارقة إلى أوروبا ضعيفة جدا، وتقدر بعشرات الآلاف، في حين أن الهجرة الداخلية بين الدول الأفريقية تقدر بالملايين. كما شددوا على إيلاء الأهمية القصوى لتنمية أفريقيا وخلق فرص العمل والعيش الكريم للشباب كصمام أمان لاستقرار دول أفريقيا، والحيلولة دون خوض أبنائها لمغامرة الهجرة. وقال مبارك لو، المستشار الخاص للرئيس السنغالي، إن بوابة التنمية في أفريقيا تمر عبر تشجيع الروح الريادية وتغيير سلوك الشباب عبر التربية والتكوين، مشددا على دور القطاع الخاص في إنجاز النهضة الاقتصادية لأفريقيا. كما أشار لو إلى التجربة المغربية التي طورت قطاعا خاصا مستقلا عن الدولة، والذي تمكن من التوسع في أفريقيا، خاصة القطاع البنكي المغربي الذي أصبحت بعض بنوكه اليوم تحتل المرتبة الأولى في أفريقيا.
وعلى مدى أربعة أيام سيناقش منتدى ميدايز بطنجة القضايا السياسية والاقتصادية الكبرى في العالم من خلال أربعة محاور كبرى، محور الاقتصاد والأعمال، ومحور الطاقة والتنمية المستدامة، ومحور الصحة، ومحور التوترات السياسية الدولية. واختار المنتدى وضع دورته العاشرة تحت شعار «من انعدام الثقة إلى التحديات.. عصر الاضطرابات الكبرى».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.