مؤشرات جديدة على انخفاض الإصابات بالفشل الكلوي

يوافق شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي «شهر التثقيف بمرض السكري» NDAM في الولايات المتحدة. وبهذه المناسبة أعلنت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية CDC أن ثمة نحو 30 مليون شخص بالولايات المتحدة مُصابون بالفعل بمرض السكري Diabetes، ما يشكل نحو 9.5 في المائة (تسعة فاصلة خمسة) من السكان. كما أن هناك 84 مليون شخص آخرين مُصابون بحالة «ما قبل السكري (أو مقدمات السكري)» Prediabetes؛ وهؤلاء الأشخاص، أي الذين لم يصلوا بعد إلى مرحلة مرض السكري، هم عُرضة بشكل أكبر للإصابة الفعلية بمرض السكري وأمراض القلب والسكتة الدماغية.
مؤشرات مشجعة
وتضمن تقرير الوفيات والمراضة الأسبوعي Mortality and Morbidity Weekly Report للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية، الصادر في الثالث من الشهر الحالي، أخباراً مشجعة جداً لنتائج جهود المتابعة العلاجية لمرض السكري في خفض معدلات حصول التداعيات والمضاعفات المرضية لدى مرضى السكري، وعلى وجه الخصوص حصول الفشل الكلوي.
وقالت المراكز إن النوع الثاني من مرض السكري يُمكن الوقاية من الإصابة به عبر إجراء المرء لتغيرات في سلوكيات نمط عيشه للحياة اليومية، كخفض وزن الجسم، والحرص على تناول وجبات الطعام الصحية، وزيادة مقدار ممارسته للنشاط الرياضي اليومي. والمرضى المُصابون فعلياً بمرض السكري يُمكنهم أيضاً القيام بعدد من الخطوات التي تُسهم في السيطرة على هذا المرض، وتُسهم أيضاً في منع حصول مضاعفاته وتداعياته المحتملة.
وفي نشرتها الخاصة بشهر التثقيف بمرض السكري، قالت المؤسسة القومية لمرض السكري والجهاز الهضمي والكلى National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases إن مرض السكري يُشكل تحدياً في التعامل اليومي معه لدى المُصابين به، ويبقى المريض بالسكري هو العضو الأهم في فريق المعالجة القريبة المدى والبعيدة المدى، بالتعاون مع الطبيب واختصاصي التغذية والممرضين وأفراد الأسرة.
الفشل الكلوي
يمثل الفشل الكلوي أحد أبرز المضاعفات المحتملة للإصابة بمرض السكري، وأفاد تقرير المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية في دراسته الحديثة بأنه خلال عام 2014 تم تشخيص إصابة 120 ألف شخص بالفشل الكلوي، وهو المرحلة النهائية لمرض الكلى ESRD، بما يتطلب إما البدء بإجراء الغسيل الكلوي Renal Dialysis أو الخضوع لعملية زراعة الكلية Renal Transplantation. ومن بين هؤلاء الـ120 ألف شخص، كان مرض السكري هو السبب في حصول الفشل الكلوي لدى 44 في المائة منهم.
وأضاف التقرير أنه رغم ارتفاع حالات الفشل الكلوي المتطلبة للبدء في إجراء غسيل الكلى منذ عام 1980، فإن حالات الفشل الكلوي بسبب مرض السكري انخفضت منذ منتصف التسعينيات الماضية. وبمراجعة نظام بيانات الكلى بالولايات المتحدة للفترة ما بين عام 2000 و2014، تمت ملاحظة انخفاض بنسبة 33 في المائة في حالات الفشل الكلوي الناجمة عن مرض السكري. وأن من المتوقع استمرار هذا التحسن في معدلات الإصابة بالفشل الكلوي لدى مرض السكري مع الاستمرار في زيادة التثقيف بعوامل خطورة حصول الفشل الكلوي لدى مرضى السكري، وإجراء التدخلات العلاجية للحيلولة دون حصول ذلك التدهور في عمل الكلية.
وأشار التقرير إلى أن حالة الفشل الكلوي ومتطلبات معالجتها هي بالفعل مُكلفة وتتسبب برفع احتمالات حصول الوفاة المبكرة، والأسباب المُحتملة لهذا الانخفاض في معدلات حصول الفشل الكلوي لدى مرضى السكري يشتمل على سببين رئيسيين، الأول هو نجاح المتابعة العلاجية في خفض عوامل خطورة Risk Factors الإصابة بالفشل الكلوي لدى مرضى السكري، والتي من أهمها ارتفاع نسبة السكر في الدم Hyperglycemia وارتفاع ضغط الدم. والثاني المعالجة الأفضل لحالات تدهور وظائف الكلى والتي تتضمن تناول المرضى للأدوية من فئة مثبطات الأنزيم المُحول للأنجيوتنسين Angiotensin - Converting Enzyme Inhibitors أو للأدوية من فئة حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين Angiotensin - Receptor Blockers، وهي الأدوية التي تبطئ من التدهور في عمل الكلية، إضافة إلى المساهمة في خفض الارتفاع في ضغط الدم، وهما ما بالمحصلة يُؤخر حصول المرحلة النهائية لمرض الكلى ويُبقي على قدرات كافية في الكليتين كيما يُؤديان قدراً، حتى لو كان منخفضاً، من الدور الوظيفي المطلوب منهما.
ولكن التقرير أشار إلى نقطة أخرى مهمة، وهي أن الانخفاض في معدلات الإصابة بالفشل الكلوي نتيجة لمرض السكري هو عُرضة للارتفاع إذا ما زاد عدد المُصابين بمرض السكري. والإحصائيات الحالية لعام 2017 تفيد بأن واحداً من بين كل ثلاثة مرضى بالسكري لديهم بالفعل ضعف مزمن في عمل الكلى Chronic Kidney Disease، وأن غالبية هؤلاء لا يعلمون أن ذلك لديهم. ولذا فإن الكشف المُبكّر وتلقي المعالجة الأفضل لحالات الضعف المزمن في عمل الكلى لدى مريض السكري، بإمكانه أن يُبطئ من تطور هذه الحالة ويمنع وصولها إلى حالة الفشل الكلوي، كما يقي من حصول تداعيات ذلك الفشل الكلوي على القلب والأوعية الدموية. ومعلوم أن الفشل الكلوي بحد ذاته عامل يرفع من احتمالات حصول تضيقات الشرايين القلبية، بكل تداعيات ذلك على القلب والأوعية الدموية.
تحاليل مهمة
ولذا فإن إجراء تحليل كمية بروتين الألبيومين في البول Urine Albumin، الذي هو أحد المؤشرات المبكرة لحصول تلف في عمل الكلية نتيجة مرض السكري، هو أحد التحاليل المهمة التي يُنصح بها مرضى السكري. ولذا أيضاً، فإن تلقي المعالجة بأدوية من فئة مثبطات الأنزيم المُحول للأنجيوتنسين أو من فئة حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين تتطلبه حالة مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. ولذا أيضاً، فالتعامل العلاجي الفعّال لتحسين مستوى نسبة سكر الغلوكوز في الدم، وخفض الارتفاعات في ضغط الدم، هما وسيلتان علاجيتان لمنع أو تأخير حصول الفشل الكلوي لدى مرضى السكري البالغين. وكوسيلة وقائية على مستوى عموم الناس، فإن الجهد الفعّال لمنع الإصابة بالسمنة وزيادة ممارسة النشاط البدني الرياضي اليومي، مع تطبيق عناصر الوقاية من الإصابة بمرض السكري لدى فئات الناس الأعلى عُرضة للإصابة به، هو بالمحصلة يُقلل من الإصابات بمرض السكري، ويُقلل بالتالي من الإصابات بالفشل الكلوي نتيجة لمرض السكري.
* استشارية في الباطنية