دو فريج: تطاول إيران على السيادة شكل طعنة للحريري

النائب عن «المستقبل» قال إن الخروج عن التسويات دفع رئيس الحكومة للاستقالة

النائب اللبناني نبيل دو فريج
النائب اللبناني نبيل دو فريج
TT

دو فريج: تطاول إيران على السيادة شكل طعنة للحريري

النائب اللبناني نبيل دو فريج
النائب اللبناني نبيل دو فريج

رأى عضو كتلة المستقبل في البرلمان اللبناني، النائب نبيل دو فريج، أن المواقف الإيرانية والتدخلات بالشأن السياسي اللبناني والتطاول على السيادة، إضافة إلى محاولات التطبيع مع سوريا من قبل حلفائهم في لبنان والزيارات التي قام بها بعض الوزراء إلى دمشق «شكّلت طعنة في ظهر الرئيس سعد الحريري وخروجاً عن التسوية وكل التفاهمات».
وقال دو فريج، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنه «نتيجة تفاقم هذه الأوضاع وخروجها عن مسارها، طفح كيل رئيس الحكومة فكانت الاستقالة»، مشيراً إلى أنه «وككل مواطن لبناني فوجئت بهذه الاستقالة ولكن ثقتي كبيرة جدا بالرئيس الحريري وبشخصه فهو من يفسر ما حصل ويطرق إليه في الوقت المناسب».
وعن تفاقم الأوضاع التي دفعت الحريري للاستقالة، أوضح دو فريج: «التفاهم الذي حصل في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 والذي أدى إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتأليف حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، كان ذا منحى إيجابي على المستوى الداخلي، حيث أدى إلى نتائج ملموسة وواضحة من خلال التعيينات الدبلوماسية والمناقلات القضائية وإقرار سلسلة الرتب والرواتب والموازنة العامة». أما في الشق الخارجي «فالتفاهم الذي أرسي بين الطرفين كان يؤكد على ضرورة تحييد لبنان عن التدخلات الخارجية بالأمور اللبنانية، وللأسف فذلك لم يحصل رغم أن هذا البند موجود في ورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله»، مشيراً إلى أن «التفاهم الذي سبق وجرى بين مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري والوزير جبران باسيل، شدد على ضرورة تفعيل المؤسسات والالتزام بعدم التدخلات الخارجية وخصوصا من إيران، وهنا كان الاتكال على رئيس الجمهورية وفريقه من خلال الالتزام باحترام السيادة اللبنانية عبر التفاهم الذي حصل بينهم وبين حزب الله».
وأضاف دو فريج: «عوض الالتزام بهذا التفاهم والتشدد على عدم التدخلات الخارجية واحترام السيادة اللبنانية كاملة، فالأمور تفاقمت وزادت التدخلات وحصلت معمعة لا مثيل لها وتطاول على السيادة بدءًا من كلام الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى المستشار علي أكبر ولايتي الذي أكد بأن إيران ومحور الممانعة انتصروا من العراق إلى سوريا فلبنان».
وأشار دو فريج إلى: «إننا منذ فترة نلاحظ بأن الرئيس الحريري متضايق من شيء ما، وذلك بدا جلياً عليه، على الرغم من الأجواء الإيجابية التي كانت سائدة في تلك المرحلة»، إضافة إلى الزيارات الخارجية والإنجازات الداخلية، واتسام حركته خلال الأشهر الماضية «بحراك سياسي واقتصادي بلغ مراحل متقدمة». وأشار إلى أن الحريري «كان يقوم بدور وزير الخارجية بالدفاع عن لبنان وسيادته واستقلاله وإيجاد كل الوسائل من أجل دعمه على كل المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية والمالية، وقد حقق خطوات كبيرة في هذا المضمار، بينما كان وزير الخارجية جبران باسيل يقوم بدور وزير المغتربين».
وعن توقعاته للمسار السياسي الداخلي بعد الاستقالة، رأى دو فريج، أن «الأزمة طويلة وصعبة ولنقرأ بوضوح ما تطرق إليه الوزيران السعوديان عادل الجبير وثامر السبهان عن الحكومة اللبنانية».
ويشكك دو فريج بإمكانية تشكيل أي حكومة من خلال ما يتم تداوله من سيناريوهات، قائلاً: «لا حكومة إلا بموافقة الرئيس سعد الحريري، وإن كنت لا أحبذ أن يقال إن فلاناً من الرؤساء هو الأقوى في طائفته ومن يحق له أن يكون رئيسا»، لكنه استطرد: «بصراحة الرئيس الحريري هو الأقوى في طائفته ويحق له أن يكون رئيسا، وبالتالي لا تشكل أي حكومة إلا بموافقته».
وأكد النائب دو فريج، أنه لا يتخوف من الوضع المالي، لكنه أعرب عن مخاوفه «على المستوى الاقتصادي» وعن مصير الانتخابات، قال إنها «من الناحية الدستورية قائمة وحكومة تصريف الأعمال قادرة أيضا على إجراء هذا الاستحقاق وفق الآليات الدستورية المتبعة، وإنما تبقى اللعبة مفتوحة في هذه المرحلة المفصلية على شتى الاحتمالات».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.