الملك محمد السادس: لا حل لقضية الصحراء خارج سيادة المغرب الكاملة عليها

العاهل المغربي لدى إلقائه خطاباً بمناسبة الذكرى الـ42 لـ {المسيرة الخضراء} (ماب)
العاهل المغربي لدى إلقائه خطاباً بمناسبة الذكرى الـ42 لـ {المسيرة الخضراء} (ماب)
TT

الملك محمد السادس: لا حل لقضية الصحراء خارج سيادة المغرب الكاملة عليها

العاهل المغربي لدى إلقائه خطاباً بمناسبة الذكرى الـ42 لـ {المسيرة الخضراء} (ماب)
العاهل المغربي لدى إلقائه خطاباً بمناسبة الذكرى الـ42 لـ {المسيرة الخضراء} (ماب)

جدد العاهل المغربي الملك محمد السادس التأكيد على الموقف الراسخ والثابت لبلاده بخصوص قضية الصحراء، مبرزاً أنه لا حل لهذه القضية خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، وخارج مبادرة الحكم الذاتي.
وقال العاهل المغربي في خطاب وجهه الليلة قبل الماضية إلى الشعب المغربي، بمناسبة الذكرى الـ42 للمسيرة الخضراء التي استرجعت بلاده من خلالها الصحراء من الاستعمار الإسباني: «لا لأي حل لقضية الصحراء خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، ومبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها».
وذكر الملك محمد السادس، أن المغرب يظل ملتزماً بالانخراط «في الدينامية الحالية، التي أرادها معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وبالتعاون مع مبعوثه الشخصي»، موضحاً أن هذا الالتزام يأتي «في إطار احترام المبادئ والمرجعيات الثابتة، التي يرتكز عليها الموقف المغربي»، وشدد على أن لا تسوية لقضية الصحراء خارج السيادة الكاملة للمغرب على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي، وأن المشكل لا يكمن في الوصول إلى حل لهذه القضية، وإنما في المسار الذي يؤدي إليه، موضحاً أنه يتعين على جميع الأطراف، التي بادرت إلى اختلاق هذا النزاع، أن تتحمل مسؤوليتها كاملة من أجل إيجاد حل نهائي له، وذلك في إشارة إلى الجزائر، التي تدعم جبهة البوليساريو الداعية إلى انفصال الصحراء عن المغرب.
وشدد الملك محمد السادس على ضرورة الالتزام التام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيئة الدولية الوحيدة المكلفة رعاية مسار التسوية. كما جدد العاهل المغربي في هذا الإطار التأكيد على «الرفض القاطع لأي تجاوز، أو محاولة للمس بالحقوق المشروعة للمغرب، وبمصالحه العليا، ولأي مقترحات متجاوزة للانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة، أو إقحام مواضيع أخرى تتم معالجتها من طرف المؤسسات المختصة».
في غضون ذلك، قال العاهل المغربي: إن الصحراء ستظل مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مهما كلف ذلك من تضحيات، مؤكداً على العهد الموصول الذي يجمع العرش بالشعب، حول وحدة الوطن، وفي مقدمتها الصحراء المغربية. وخاطب الملك محمد السادس شعبه قائلاً: «منذ توليت العرش عاهدت الله وعاهدتك على بذل كل الجهود من أجل الدفاع عن وحدتنا الترابية، وتمكين أبناء الصحراء من ظروف العيش الحر الكريم... وقد كان نهجنا الثابت هو التكامل والانسجام بين العمل الخارجي للدفاع عن حقوقنا المشروعة، والجهود التنموية الداخلية، في إطار التضامن والإجماع الوطني».
وأبرز الملك محمد السادس، أن المغرب لن يقف مكتوف الأيدي في انتظار إيجاد الحل المنشود، بل سيواصل عمله من أجل النهوض بتنمية الأقاليم الجنوبية، وضمان الحرية والكرامة لأهلها. وفي هذا الإطار، أكد أن المملكة ستواصل تطبيق النموذج التنموي الخاص بهذه الأقاليم، بموازاة مع تفعيل الجهوية المتقدمة، بما يتيح لسكان المنطقة التدبير الديمقراطي لشؤونهم، والمساهمة في تنمية منطقتهم.
وأوضح الملك محمد السادس، أن النموذج التنموي الجديد الخاص بالأقاليم الجنوبية (الصحراء) لا يمكن اختزاله في الجانب الاقتصادي، وإنما هو مشروع مجتمعي متكامل، يهدف للارتقاء بالإنسان وصيانة كرامته، ويجعله في صلب عملية التنمية.
وأكد العاهل المغربي عزم بلاده على مواصلة تطبيق هذا النموذج التنموي من أجل النهوض بتنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة، وضمان الحرية والكرامة لأهلها.
وأبرز ملك المغرب، أن «المشاريع التي أطلقناها، وتلك التي ستتبعها، ستجعل من الصحراء المغربية قطباً اقتصادياً مندمجاً، يؤهلها للقيام بدورها كصلة وصل بين المغرب وعمقه الأفريقي، وكمحور للعلاقات بين دول المنطقة».
وأضاف الملك محمد السادس، أنه إلى جانب بعده الاقتصادي، فإن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية يعطي مكانة خاصة للحفاظ على التراث الثقافي والحضاري الصحراوي، لمكانته في قلوب ووجدان أهل المنطقة، مبرزاً حرصه على العناية بالثقافة الحسانية، والتعريف بها من خلال توفير البنيات والمرافق الثقافية، وتشجيع المبادرات والمظاهرات الفنية، وتكريم أهل الفن والثقافة والإبداع: «وذلك على غرار كل مكونات الهوية المغربية الموحدة؛ إذ لا فرق عندنا بين التراث والخصوصيات الثقافية واللغوية بكل جهات المغرب، سواء بالصحراء وسوس، أو بالريف والأطلس، أو بالجهة الشرقية».
وشدد الملك محمد السادس بهذا الخصوص على القول: «إن العناية بالموروث الثقافي المحلي لا تعني أبداً التشجيع على التعصب والانغلاق، ولا يمكن أن تكون دافعاً للتطرف أو الانفصال، وإنما تجسد اعتزازنا بتعدد وتنوع روافد الهوية الوطنية، في ظل المغرب الموحد للجهات». وأكد الملك محمد السادس في هذا السياق، أن «مسؤوليتنا الجماعية تتمثل في صيانة هذا الرصيد الثقافي والحضاري الوطني، والحفاظ على مقوماته، وتعزيز التواصل والتلاقح بين مكوناته، في انفتاح على القيم والحضارات الكونية، وعلى عالم المعرفة والتواصل».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».