غارات على ريف دير الزور... ودعوات لإنقاذ مدنييها

«داعش» يشن هجمات معاكسة شرق سوريا

شابان على دراجتهما وسط الدمار في دير الزور أمس  (أ.ف.ب)
شابان على دراجتهما وسط الدمار في دير الزور أمس (أ.ف.ب)
TT

غارات على ريف دير الزور... ودعوات لإنقاذ مدنييها

شابان على دراجتهما وسط الدمار في دير الزور أمس  (أ.ف.ب)
شابان على دراجتهما وسط الدمار في دير الزور أمس (أ.ف.ب)

واصل تنظيم داعش تصديه لقوات النظام وحلفائها كما لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في آخر القرى والمناطق الخاضعة لسيطرته في محافظة دير الزور شرق سوريا، في وقت ظهرت دعوات لإنقاذ المدنيين في دير الزور، ونقل عن قوات النظام قولها لمدنيين بأن يسلموا أنفسهم أو أن ستردم أحد الأحياء فوق رؤوسهم». واستمرت المعارك في البوكمال.
وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن تكثيف موسكو عمليات قصفها الجوي لمدينة البوكمال وباديتها، لافتا إلى «استماتة» التنظيم المتطرف لمنع قوات النظام من الوصول إلى معقله الأخير في سوريا. وقال «المرصد» إن مروحيات يرجح أنها روسية وأخرى مجهولة دخلت الأجواء السورية قادمة من الجهة الشرقية لسوريا كثفت عملياتها في الساعات الماضية مستهدفة مناطق في الريف الشرقي لدير الزور، وبشكل أخص مدينة البوكمال وباديتها، في وقت تواصلت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها وعناصر تنظيم داعش على محاور في بادية البوكمال الجنوبية الغربية.
إذ تسعى قوات النظام لتحقيق تقدم والاقتراب أكثر من البوكمال، عبر تقليص المسافة بينها وبين أطراف المدينة، عقب وصولها إلى أقل من 15 كلم، قادمة من محور المحطة الثانية (التي تو)، فيما يستميت التنظيم في التصدي لهذا التقدم. ويتزامن القتال العنيف بين الجانبين، مع استهدافات مدفعية وصاروخية من قبل قوات النظام لمناطق سيطرة «داعش» ومواقع تمركزه في محور البوكمال - المحطة الثانية، وسط هجمات معاكسة ينفذها التنظيم.
وبالتوازي مع معركة النظام ضد «داعش» تتواصل معركة «قوات سوريا الديمقراطية» ضد التنظيم. وأفاد المركز الإعلامي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» يوم أمس بسيطرتها على 4 قرى جديدة «انتقاماً للمجزرة التي ارتكبها (داعش) بحق المدنيين»، نهاية الأسبوع الماضي.
وأشار المركز إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية» أطلقت الأحد حملة على نقاط «داعش» في عدة قرى بريف دير الزور: «ما أدّى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين المقالتين ومرتزقة (داعش)، وبنتيجتها تمكنت قسد من تحرير 4 قرى أخرى وقتل 11 مرتزقاً خلال المعارك». وأوضح المركز أن «القرى التي حررتها قوات سوريا الديمقراطية هي قرية الخجة الواقعة جنوب غربي مدينة دير الزور، وقرى الحجنة وطيب الفال وسكر الواقعة جنوب شرقي دير الزور».
وينعكس احتدام القتال في أكثر من منطقة في محافظة دير الزور على أحوال المدنيين الهاربين من دوامة القتال والعنف. ويوم أمس، طالب مسؤول في مجلس دير الزور المدني، التابع للمعارضة السورية، الهلال الأحمر السوري والمنظمات الدولية حماية المدنيين العالقين في حويجة كاطع، شمال غربي مدينة دير الزور. وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة الأنباء الألمانية: «قامت قوات النظام السوري الاثنين باستخدام مكبرات الصوت في سيارات تابعة للهلال الأحمر السوري لتوجيه إنذار نهائي لكل الموجودين في حويجة كاطع بتسليم أنفسهم خلال ساعات أو سيردم الحويجة بهم».
وأكد المسؤول أن «قوات النظام بدأت بقصف الحويجة منذ صباح الجمعة الماضي بعد وصول المدنيين الذين نزحوا من أحياء دير الزور وعددهم 750 وأصيب عدد منهم بجروح، وهم يعيشون أوضاعاً سيئة جداً من حيث قلة الطعام والدواء» مشيرا إلى أن «قناصين من قوات النظام يتمركزون في مشفى القلب القريب من حي الحويقة، ويطلقون الرصاص بشكل مستمر على المدنيين العالقين الذين ترفض قوات سوريا الديمقراطية (قسد) السماح لهم بالعبور إلى قرية الحسينية التي تسيطر عليها».
وفي دير الزور أيضاً، قال مدير شبكة «فرات بوست» أحمد الرمضان إن طائرات حربية روسية شنت عدة غارات استهدفت بلدة الجلاء غرب مدينة البوكمال، حيث قصفت تلك الطائرات محيط مسجد الفريح وكازية الشحيان، كما قصفت سيارة تابعة لتنظيم داعش عند طريق الحاوي ومزرعة النخيل. وأكد الرمضان أن «قوات إيرانية بدأت بتمهيد ناري كثيف براجمات الصواريخ، وغارات مستمرة للقاذفات الاستراتيجية الروسية على المدينة البوكمال وريفها خلفت عددا كبيرا من الضحايا المدنيين ومن الدمار الواسع»، مشيرا إلى أن «عناصر الحرس الثوري الإيراني وعناصر (حزب الله) اللبناني يتقدمون من محور المحطة الثانية (تي 2) بريف دير الزور الجنوبي بتنسيق مباشر مع الجيش العراقي وميليشيات الحشد الشعبي العراقي، وأن الأخيرة عبرت الحدود، وسيطرت على قرية الهري شرق مدينة البوكمال»، وهو ما نفاه مدير «المرصد السوري» رامي عبد الرحمن.
إلى ذلك، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي ووزير الدفاع في النظام السوري العماد فهد جاسم الفريج بحثا في اتصال هاتفي «تعزيز التعاون». وقال حاتمي: «وقفت إيران حتى الآن إلى جانب (النظام) السوري وهي عازمة على الوقوف إلى جانبه في مراحل ما بعد الحرب». بدوره، نوه الفريج بـ«التنسيق المنقطع النظير».



​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».