النفط الصخري... المعلوم المجهول في 2018

TT

النفط الصخري... المعلوم المجهول في 2018

لا أحد يمتلك كرة بلورية سحرية يستطيع الكشف بها عن مستقبل أسواق النفط، ولو ادعى أحد هذا، فلا يوجد شيء يدحضه أكثر من شركات النفط الصخري التي لا يستطيع أحد التنبؤ بحجم إنتاجها على الإطلاق.
ويحاول كثير من المحللين بناء تحليلات عميقة حول حجم الزيادة المتوقعة لهذه الشركات هذا العام والعام المقبل، ولكن أغلب المحاولات حتى الآن لم تكن ناجحة بما يكفي.
ويرى محللون، مثل إد مورس في «سيتي بنك»، أن النفط الصخري سينمو بنحو 800 ألف برميل في العام المقبل، نظراً لأن المنتجين زادوا من تحوطهم بعد وصول سعر نفط غرب تكساس إلى 52 دولاراً للبرميل.
وارتفعت أسعار نفط غرب تكساس بواقع 3 دولارات إضافية في الأيام الأخيرة، ما سيعني قدرة المنتجين على التحوط بصورة أكبر، وهو ما يعني بيع جزء من إنتاجهم في العام المقبل بأسعار متفق عليها اليوم.
ويؤيد مصرف «بي إن بي باريبا» الفرنسي هذا الطرح في تقرير صادر الخميس الماضي، قائلاً إن الوضع الحالي يشجع على التحوط، ما يجعل احتمالية استمرار الأسعار الحالية لنفط برنت فوق 60 دولاراً في العام المقبل مجالاً للشك.
ويرى المصرف الفرنسي أن أسعار نفط غرب تكساس في العام المقبل وفي العام الحالي سوف تبلغ في المتوسط 50 دولاراً حتى بعد أن رفع البنك من توقعاته لها بنحو 5 دولارات في العام المقبل.
أما أكبر المصارف الأميركية «غولدمان ساكس»، فهو يرى كثيراً من الشكوك حول النفط الصخري، ولكنه لا يزال يتوقع له أن ينمو بنحو 800 أو 900 ألف برميل في العام المقبل، مع إعلان بعض الشركات الأميركية خططها الاستثمارية للعام المالي المقبل.
وقال المصرف في تقرير صدر أمس (الاثنين)، إنه بناء على شركات النفط الأميركية التي أعلنت عن خططها حتى الآن للربع الثالث من العام الحالي، فمن المتوقع أن يزداد الإنفاق الرأسمالي من قبلها بنحو 15 في المائة في العام المقبل مقارنة بالعام الحالي.
ولكن البنك أوضح أنه فيما إذا استمرت الشركات في العام المقبل على حجم استثماراتها نفسه في العام الحالي، فإن هذا سيعني أن الإنتاج الأميركي سيكون أقل من توقعات البنك البالغة 800 أو 900 ألف برميل يومياً.
وفي تصريحات في إعلانات نتائج الأرباح للربع الثالث في الآونة الأخيرة، أشار مسؤولون تنفيذيون في شركات النفط الصخري إلى أنهم يتوقعون زيادة الإيرادات والإنتاج.
وتوقع ما لا يقل عن 7 من أكبر شركات النفط الصخري الأميركي، ومن بينها «نوبل إنرجي» و«ديفون إنرجي»، زيادة الإنتاج بنسبة 10 في المائة أو أكثر خلال الربع الحالي في الحوض الواقع غرب تكساس ونيو مكسيكو.
وعززت «إي أو جي» إنتاجها في الربع الثالث بنسبة 8 في المائة وحققت ربحاً بلغ 100 مليون دولار، مقارنة بخسائر في الفترة ذاتها من العام الماضي، بدعم من عدة عوامل من بينها ارتفاع أسعار النفط. وقال الرئيس التنفيذي بيل توماس، إن الشركة تهدف إلى زيادة إنتاجها من النفط الصخري الأميركي بنسبة 20 في المائة هذا العام مقارنة مع السنة الماضية.
وتتوقع «نوبل إنرجي» ارتفاع إنتاجها من النفط الصخري في الربع الأخير 15 في المائة إلى ما لا يقل عن 102 ألف برميل يومياً.
وتخطط شركة «بايونير»، وهي إحدى الشركات الكبرى المنتجة للنفط الصخري، لزيادة إنتاجها بما لا يقل عن 16 ألف برميل يومياً خلال الربع الحالي. وقد يجلب العام المقبل مكاسب مشابهة.
وقال الرئيس التنفيذي لـ«أكسيدنتال بتروليوم كورب» فيكي هولوب: «نحن مبتهجون لمسار نمو الإنتاج في الأرباع المقبلة». وتتوقع الشركة زيادة إنتاجها من تكساس بأكثر من 80 ألف برميل يومياً بنهاية 2018 ليتجاوز 200 ألف برميل يومياً. ويزيد المنتجون خارج تكساس إمداداتهم أيضاً.
ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الصخري الأميركي إلى 6.1 مليون برميل يومياً هذا الشهر، بزيادة 35 في المائة عن المستويات المسجلة قبل عام وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية. ويبلغ منتجو النفط الصخري الأميركي المستثمرين الذين نفد صبرهم انتظاراً لتحسن العائد، أن بإمكانهم الاستمرار في زيادة إنتاج النفط بقوة في الوقت الذي سيواصلون فيه جني المال لصالح المساهمين.
ودفع المستثمرون كبار الشركات المنتجة للنفط الصخري الأميركي إلى التركيز على العائدات بدلاً من زيادة الإنتاج في إجراء ينذر بتباطؤ نمو الإمدادات الذي نتج عن ثورة النفط الصخري في أكبر بلد مستهلك للخام في العالم.
وارتفع حجم المخزونات في الآبار التي جرى حفرها ولكن لم تكتمل، وهي مخزون للإنتاج المستقبلي، 42.6 في المائة على أساس سنوي ليسجل أعلى مستوى على الإطلاق. وبينما انخفض عدد منصات الحفر النفطية في الولايات المتحدة في الأشهر الماضية، فإن كفاءة كل منصة من تلك المنصات قفزت بشدة في السنة الأخيرة.



هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أشار مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية مؤجلة حالياً بسبب تباطؤ التقدم في محاربة التضخم والاقتصاد الأميركي القوي، لكن محضر اجتماع البنك المركزي في ديسمبر (كانون الأول) قد يظهر مدى توافق هذه الرؤية بين صانعي السياسات الذين يواجهون بيئة اقتصادية غير مؤكدة مع قدوم إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وبعد خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع 17-18 ديسمبر، قال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن صانعي السياسات قد يكونون الآن «حذرين» بشأن تخفيضات إضافية، وأشار إلى أن بعض المسؤولين بدأوا في اتخاذ قراراتهم المقبلة، كما لو كانوا «يقدون في ليلة ضبابية أو يدخلون غرفة مظلمة مليئة بالأثاث» بسبب الغموض بشأن تأثير مقترحات التعريفات والضرائب والسياسات الأخرى لترمب.

ومن المتوقع أن يساعد محضر الاجتماع، الذي سيتم نشره في الساعة 18:00 (بتوقيت غرينتش)، يوم الأربعاء، في توضيح كيفية تعامل صانعي السياسات مع تخفيضات الفائدة المستقبلية. وأظهرت التوقعات الصادرة بعد اجتماع ديسمبر أن المسؤولين يتوقعون خفضاً بمقدار نصف نقطة مئوية هذا العام، مقارنة مع نقطة مئوية كاملة في سبتمبر (أيلول).

وقال محللون من «سيتي بنك»: «من المرجح أن يعكس المحضر وجهة النظر المتشددة نسبياً بالكامل». وأضافوا أن هذا قد يتضمن مناقشة المخاوف من أن التضخم قد يظل مرتفعاً إذا لم تبقَ أسعار الفائدة مرتفعة بما فيه الكفاية، وربما يتناول المحضر أيضاً أن معدل الفائدة المطلوب لإعادة التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة قد ارتفع.

«سيكون هذا جزءاً من مبررات اللجنة التي تخطط الآن لتقليل وتيرة تخفيضات الفائدة»، كما كتب فريق «سيتي بنك».

وخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في آخر ثلاثة اجتماعات له في عام 2024، ليصبح النطاق المرجعي للفائدة الآن بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة.

ومنذ ذلك الحين، بقيت البيانات الاقتصادية مستقرة عبر عدة مجالات مهمة، مع استمرار النمو فوق 2 في المائة، وبقاء معدل البطالة في نطاق منخفض يصل إلى 4 في المائة، بينما سجل مؤشر الأسعار المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي يُعرف بمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، مؤخراً 2.4 في المائة.

وقال مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» الذين تحدثوا علناً منذ الاجتماع الأخير، إنه لا يوجد سبب للاستعجال في تخفيضات إضافية حتى يتضح أن هناك تغييراً في البيانات، مثل انخفاض واضح في التوظيف وارتفاع في البطالة، أو انخفاض مجدد في التضخم نحو هدف 2 في المائة.

على سبيل المثال، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين، الأسبوع الماضي، إنه يعتقد أنه يجب على «الفيدرالي» الحفاظ على ظروف الائتمان مشددة حتى تكون هناك «ثقة حقيقية في أن التضخم قد انخفض بشكل مستقر إلى هدف 2 في المائة... ثانياً، سيكون هناك ضعف كبير في جانب الطلب في الاقتصاد».

وسيُظهر تقرير الوظائف الجديد يوم الجمعة كيف تغيّر التوظيف والأجور في ديسمبر. كما أظهر مسح منفصل لسوق العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي صدر يوم الثلاثاء، صورة عامة من الاستقرار -أو على الأقل التغير البطيء. وكانت هناك زيادة صغيرة في فرص العمل، وهو ما يُعد علامة على استمرار القوة الاقتصادية، لكن كان هناك انخفاض طفيف في التوظيف وعدد العمال الذين استقالوا طواعية، وهو ما يُعد علامات على بيئة توظيف أضعف.

ومن المحتمل أن يظهر محضر الاجتماع أيضاً مناقشات مفصلة بين مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» حول موعد إيقاف جهودهم الحالية لتقليص حجم ميزانية البنك المركزي. وبعد خفض نحو 2 تريليون دولار من حيازاتهم من السندات منذ صيف 2022، من المتوقع على نطاق واسع أن يُنهي المسؤولون هذه الجهود في وقت ما من عام 2025.

ويتوقع بعض مراقبي «الفيدرالي» أن يوفر المحضر معلومات جديدة حول نهاية ما يُعرف بتشديد السياسة النقدية الكمي.