«درون» أميركية تقصف مواقع لـ«داعش» في الصومال

للمرة الأولى منذ سماح ترمب للجيش بتوسيع القتال

صوماليون يساعدون ضحية أصيب في تفجير سيارة بالعاصمة مقديشو أول من أمس (أ.ب)
صوماليون يساعدون ضحية أصيب في تفجير سيارة بالعاصمة مقديشو أول من أمس (أ.ب)
TT

«درون» أميركية تقصف مواقع لـ«داعش» في الصومال

صوماليون يساعدون ضحية أصيب في تفجير سيارة بالعاصمة مقديشو أول من أمس (أ.ب)
صوماليون يساعدون ضحية أصيب في تفجير سيارة بالعاصمة مقديشو أول من أمس (أ.ب)

أعلنت الولايات المتحدة أمس، رسميا، أنها شنت غارتين في الصومال ضد تنظيم داعش، مما أسفر عن مقتل عدة أشخاص، وهي المرة الأولى التي تستهدف فيها عناصر لداعش في الصومال، حيث تنشط حركة «الشباب» الموالية لـ«القاعدة».
وقالت القيادة العامة للقوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) في بيان من مقرها بمدينة شتوتجارت الألمانية، إن القوات الأميركية شنت بالتنسيق مع الحكومة الفيدرالية للصومال، غارتين منفصلتين ضد «داعش» في شمال شرقي الصومال، مما أسفر عن مقتل عدة إرهابيين.
وأوضحت أن الضربة الأولى وقعت في وقت نحو منتصف الليل، بينما وقعت الضربة الثانية في نحو الساعة 11 صباحا بالتوقيت المحلى للصومال. ولم تكشف «أفريكوم» المزيد عن الضربة ولا عدد القتلى، مكتفية بالقول: «نحن نقوم حاليا بتقييم نتائج هذه الغارات»، مؤكدة أن «القوات الأميركية ستواصل استخدام كل الإجراءات المأذون بها والملائمة لحماية الأميركيين وتعطيل التهديدات الإرهابية».
وأوضحت أن ذلك «يشمل إقامة شراكات مع بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال وقوات الأمن الوطني الصومالية؛ واستهداف الإرهابيين ومعسكرات تدريبهم وملاذات آمنة في جميع أنحاء الصومال والمنطقة وحول العالم». وكان أنتوني فالفو المتحدث باسم «أفريكوم»، قد أبلغ وكالة الصحافة الفرنسية أن «الطائرات من دون طيار التي شنت الضربتين قد حققت أهدافها. مضيفا: «لم يكن هناك مدنيون في مكان قريب»، مؤكداً أن الضربات هي الأولى ضد المتشددين في الصومال، حيث سمح الرئيس دونالد ترمب للبنتاغون في مارس (آذار) الماضي، بشن عمليات لمكافحة الإرهابيين، جوا أو برا، لدعم الحكومة الصومالية.
لكن مسؤولا بوزارة الدفاع الأميركية قال، إن شخصا واحدا لقي حتفه إثر الغارات الجوية الأميركية على أهداف تابعة لتنظيم داعش شمال الصومال، طبقا لما ما ذكرت إذاعة «صوت أميركا»؛ لكنه لم يكشف عن المزيد من التفاصيل.
من جانبه، قال جاما محمد قرشي، رئيس بلدة «قاندالا» إن ستة صواريخ «استهدفت قاعدة تابعة لمسلحي (داعش) في قرية (بوقا) التي تبعد 60 كيلومترا جنوب البلدة الواقعة في إقليم البون لاند (أرض اللبان)، الذي يتمتع بالحكم شبه الذاتي في شمال شرقي الصومال.
وبعد التفجير الدامي الذي أسفر عن مقتل 358 شخصا على الأقل في منتصف الشهر الماضي في العاصمة الصومالية مقديشو، أعلنت واشنطن أنها على استعداد لزيادة دعمها للحكومة الصومالية. في أعقاب أكثر الهجمات دموية في تاريخ البلاد، ولدى الجيش الأميركي قوة من 400 عسكري على الأرض، تشارك في تقديم المشورة والتدريب للقوات الحكومية والدعم اللوجيستي. ويجمع تنظيم داعش أتباعا في المنطقة؛ لكن خبراء يقولون إن «حجم قوته غير واضح، وإنه لا يزال لاعبا صغيرا بالمقارنة بحركة الشباب». وسيطرت جماعة موالية للتنظيم خلال الشهر الماضي على بلدة ساحلية صغيرة في منطقة بلاد بنط شبه المستقلة في الصومال، وهي أول بلدة تسيطر عليها منذ ظهورها قبل عام. وتشن الولايات المتحدة بين الحين والآخر، ضربات ضد متشددي حركة «الشباب» في الصومال، الذين لهم وجود قوي في مناطق في جنوب ووسط البلاد، وينفذون هجمات بالأسلحة والقنابل.
إلى ذلك، طالبت البعثة الأميركية إلى الصومال موظفيها غير الأساسيين في مقديشو بمغادرة العاصمة الصومالية حتى إشعار آخر، وذلك بسبب تهديد أمني «معين». وخصت التوجيهات التي صدرت لموظفي البعثة الأميركية أمس بالذكر مطار مقديشو الدولي كمصدر للقلق، ولكنها لم توضح طبيعة التهديد. وأعلن الجيش الأميركي أول من أمس أنه شن هجمات جوية على أهداف مشتبه بها لتنظيم داعش في الصومال، مما أسفر عن مقتل عدد كبير من «الإرهابيين» في هجومين جويين بطائرات من دون طيار. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إن هذا الطلب جزء من خطة أميركية لزيادة الدور العسكري الأميركي في الصومال. ومن مقديشو، نقلت وكالة الأخبار الألمانية أن تعليمات صدرت لموظفي البعثة الأميركية يوم السبت بأن مطار مقديشو الدولي صار «مصدرا للقلق»، ولم توضح التعليمات تفاصيل ذلك. مطار مقديشو الدولي كمصدر للقلق، ولكنها لم توضح طبيعة التهديد. وأعلن البنتاغون شن هجمات جوية على أهداف مشتبه بها لتنظيم داعش في الصومال، مما أسفر عن مقتل عدد كبير من «الإرهابيين». وأن الهجمات قامت بها طائرات «درون» (من دون طيار).
وأضافت «واشنطن بوست» أن تصعيد البنتاغون لعملياته في الصومال هو جزء من خطة جديدة ضد الإرهاب في أفريقيا. وفي الصيف الماضي، كثف البنتاغون عملياته في الصومال، بناء على أوامر من الرئيس دونالد ترمب. في ذلك الوقت، أعلن ترمب أنه فوض الجنرالات الأميركيين للقيام بالعمليات العسكرية «التي يرونها مناسبة»، دون استئذان البيت الأبيض، كما كان الحال في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. في ذلك الوقت، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن تنظيم الشباب في الصومال، مثل تنظيم داعش في سوريا والعراق، «يتقهقر». وقالت إنه، بعد طرد متطرفي الشباب من العاصمة مقديشو في عام 2011، «فقدوا السيطرة على أكثر مدن وريف الصومال»، وأضافت الصحيفة: «لكنهم يحتفظون بوجود قوي في جنوب ووسط البلاد. ويظلون يشنون هجمات، من وقت لآخر». وإنهم «يسعون للإطاحة بالحكومة، ولطرد قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي». في ذلك الوقت، أعلن البنتاغون ضربة أخرى بطائرة «درون»، وقال إنها قتلت 8 من المتشددين.
كانت تلك أول ضربة منذ أن خفف الرئيس ترمب، في شهر مارس قواعد الحرب ضد الإرهاب هناك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.