مصر تواجه ضغوط سداد فاتورة الديون الباهظة

تأجيل مستحقات ودائع الخليج فرصة لالتقاط الأنفاس

ارتفاع تكاليف المعيشة في مصر بعد زيادة سعر صرف الدولار (رويترز)
ارتفاع تكاليف المعيشة في مصر بعد زيادة سعر صرف الدولار (رويترز)
TT

مصر تواجه ضغوط سداد فاتورة الديون الباهظة

ارتفاع تكاليف المعيشة في مصر بعد زيادة سعر صرف الدولار (رويترز)
ارتفاع تكاليف المعيشة في مصر بعد زيادة سعر صرف الدولار (رويترز)

استطاعت مصر أن تؤجل جزءا من المديونيات المنتظرة في 2018؛ مما سيتيح للبلاد فرصة لتخفيف الاختناقات المالية التي أثارت قلق المراقين بشأن العام المقبل، لكن ما زال أمام البلاد تحديات مالية في العام الجديد مع تراجع شهية المستثمرين الأجانب تجاه الاستثمار في الديون السيادية قصيرة الأجل.
وكانت السعودية والإمارات قد وافقتا مؤخرا على تأجيل المستحقات المتعلقة بودائعهما لدى البنك المركزي المصري خلال 2018، وهناك ترقب لخطوة مماثلة من الكويت. وتقدر إجمالي المستحقات المتعلقة بودائع البلدان الثلاث بقيمة 6.2 مليار دولار.
«بافتراض اتخاذ الكويت موقفا مماثلا للسعودية والإمارات فمن المتوقع أن تهبط مستحقات الديون السيادية المصرية في 2018 من ما يقدر بـ14 مليار دولار إلى 7 مليارات دولار، بقيمة 3.8 مليار دولار خلال النصف الأول من العام و2.3 مليار خلال النصف الثاني» كما قال نعمان خالد، محلل الاقتصاد الكلي بشركة «سي آي إست مانجمنت» لـ«الشرق الأوسط».
وكان احتياطي النقد الأجنبي في البلاد قد بدأ في التدهور تدريجيا منذ اندلاع ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 في ظل تأثير عدم الاستقرار السياسي على الاقتصاد، واعتمدت البلاد على القروض والمساعدات الثنائية، وبخاصة من بلدان الخليج حتى استطاعت البلاد أن تضع دستورا جديدا في 2014.
وعادت احتياطات النقد الأجنبي عند مستويات 2010 تقريبا خلال العام الحالي، متجاوزة مستوى الـ36 مليار دولار، كما استقرت العملة المحلية وتراجع سوق الصرف الموازي، وإن كان الفضل في ذلك يعود بشكل جزئي لتوسع البلاد في الاستدانة من الخارج.
واعتمدت مصر على قروض من مؤسسات دولية، مثل صندوق النقد والبنك الدوليين لسد فجوة التمويل الأجنبي، كما ساعدها التعويم القوي للعملة المحلية في نوفمبر (تشرين الثاني) مع رفع أسعار الفائدة بقوة على جذب المستثمرين الأجانب لسوق الديون السيادية قصيرة الأجل المعروفة بأذون الخزانة.
إلا أن ثمة تغيرات بدأت تظهر في سوق الدين السيادي، حيث تقول وكالة «بلومبيرغ» في تقرير لها عن مصر الشهر الماضي «بعد نحو عام ومشتريات بقيمة 18 مليار دولار، وجّه بعض المستثمرين كل ما يستطيعون توجيهه (للاستثمار) في مصر».
وأشارت «بلومبيرغ» في تقريرها إلى أنه رغم أن تدفقات المستثمرين الأجانب إلى السوق المصرية ما زالت تنمو، لكن نموها كان بسرعة أبطأ «في متوسط 2 في المائة كل أسبوع منذ منتصف أغسطس (آب) منخفضا عن 8 في المائة».
وتُظهر المؤشرات الأخيرة لأذون الخزانة تراجع الاستثمارات الجديدة للأجانب منذ يوليو (تموز) الماضي، وقت أن كانت التدفقات الجديدة عند مستوى 3.5 مليار دولار، لتصل في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 إلى 916 مليون دولار.
«الموجة الأولى من المستثمرين دخلت السوق في نوفمبر الماضي لجني المكاسب السريعة من ارتفاع الفائدة والتعويم، هؤلاء هم المستثمرون الأكثر استعدادا لتحمل المخاطر بحثا عن الربح، جذب مستثمرين جدد كان يتطلب تقليل المخاطر، وهذا لم يحدث»، كما يقول محلل «سي آي إست مانجمنت».
ورفع البنك المركزي المصري أسعار العائد على الإيداع والإقراض بنسبة 7 في المائة منذ نوفمبر 2016، وهو ما انعكس على عائد الديون السيادية المصرية.
ويضيف نعمان خالد «إحدى آليات الجذب الممكنة للمستثمرين تحسين التصنيف الائتماني للبلاد، لكن التعليق الأخير لـ(موديز) عن مصر يظهر أن مثل هذه الخطوة ليست متوقعة في المستقبل القريب من وكالات التصنيف الثلاث».
وقالت «موديز» في تقريرها الأخير عن مصر: إن الوضع التمويلي للحكومة «شديد الضعف» يمثل قيدا على اقتصاد البلاد في مواجهة الإصلاحات القائمة والتنوع الاقتصادي الذي تتمتع به البلاد.
وساهم اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي للحصول على قرض، لدعم الإصلاحات التي توقف التدهور المالي، في تعزيز الثقة في اقتصاد البلاد، لكن مؤشرات الدين العام، الذي تتوقع الحكومة أن يبلغ 94.9 في المائة من الناتج الإجمالي في العام المالي المقبل، تثير المخاوف.
ومن أحد المؤشرات الإيجابية المتعلقة بأعباء الديون المصرية، اتجاه العائد على أذون الخزانة التي يتراوح بين 9 أشهر وعام للتراجع إلى ما يتراوح بين 17.5 في المائة و18.5 في المائة مقابل 20 - 22 في المائة بعد التعويم في نوفمبر الماضي.
«العائد على أذون الخزانة كان ينخفض خلال الفترة الأخيرة؛ لأن الحكومة كانت تشتري ديونا بأكثر مما تطلب لسد فجوة العملة الصعبة»، كما يوضح نعمان خالد.
إلا أن الاقتصاد ما زال أمام اختبار صعب؛ لأن التدفقات التي دخلت إليه من النقد الأجنبي خلال الأشهر الأخيرة كان جزءا كبيرا منها صورة الاستثمارات الساخنة في أذون الخزانة «المشكلة أنه إذا تعافى الجنيه أمام الدولار خلال الفترة المقبلة فقد يتخارج الكثير من المستثمرين الأجانب من الأذون المصرية؛ مما سيشكل ضغطا ماليا على مصر»، كما يضيف خالد.



ثقة المستهلك الفرنسي تتراجع لأدنى مستوى في 5 أشهر

متسوقة في متجر «كارفور» في مونتيسون بالقرب من باريس (رويترز)
متسوقة في متجر «كارفور» في مونتيسون بالقرب من باريس (رويترز)
TT

ثقة المستهلك الفرنسي تتراجع لأدنى مستوى في 5 أشهر

متسوقة في متجر «كارفور» في مونتيسون بالقرب من باريس (رويترز)
متسوقة في متجر «كارفور» في مونتيسون بالقرب من باريس (رويترز)

تراجعت ثقة المستهلك الفرنسي في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أدنى مستوياتها منذ 5 أشهر؛ إذ عبّرت الأسر عن قلقها إزاء آفاق الاقتصاد وسوق العمل، في ظل اقتراب أزمة سياسية، وفقاً لاستطلاع أجراه المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية.

وأظهرت البيانات أن مؤشر ثقة المستهلك انخفض إلى 90 نقطة، مقارنة بـ93 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وهو ما يقل كثيراً عن المتوسط طويل الأجل، البالغ 100 نقطة، وأدنى مستوى له منذ يونيو (حزيران)، عندما شهدت المعنويات تراجعاً بعد إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون عن انتخابات تشريعية مبكرة.

وكان خبراء الاقتصاد، الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقّعوا أن تصل ثقة الأسر في نوفمبر إلى 93 نقطة.

وفي سياق متصل، شدد حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف من تهديداته بدعم اقتراح حجب الثقة للإطاحة بالحكومة الفرنسية التي يقودها ائتلاف الأقلية، في حال لم تُنفذ مطالبه في النسخة النهائية لمشروع قانون الموازنة الجاري مناقشته في البرلمان.

وقد أحدثت هذه الأزمة السياسية اضطراباً في الأسواق المالية، ما دفع بتكلفة المخاطر على السندات الفرنسية إلى الارتفاع.

وأشار الاستطلاع إلى أن قلق المستهلكين بشأن الوضع الاقتصادي العام بلغ مستويات لم تشهدها البلاد منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما كانت الأسر لا تزال تعاني تأثيرات صدمة التضخم.

وارتفعت مخاوف البطالة أيضاً إلى أعلى مستوياتها منذ مايو (أيار) 2021، عندما ضربت جائحة «كورونا» ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا.

على صعيد آخر، هبطت الأسهم الفرنسية إلى أدنى مستوياتها في أكثر من 3 أشهر، الأربعاء، تحت ضغط مخاوف المستثمرين بشأن الحكومة الجديدة وموازنتها المقبلة، في حين أبقت المخاوف بشأن تأثير الرسوم الجمركية التي اقترحها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على السيارات الأوروبية أسهم القطاع تحت الضغط.

وانخفض المؤشر القياسي الفرنسي بأكثر من 1 في المائة، ما يجعله من بين الأسوأ أداءً في المنطقة. وهبطت أسهم البنوك الكبرى مثل «بي إن بي باريبا» و«سوسيتيه جنرال» و«كريدي أغريكول» بنسب تتراوح بين 2 و3.4 في المائة.

كما تعرّضت السندات الفرنسية لضغوط، ما دفع علاوة الاقتراض طويلة الأجل التي يتعيّن على الحكومة دفعها إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2012.

وفي تحليلها، كتبت شركة «دي دبليو إس» لإدارة الأصول: «من المتوقع أن تستمر المخاطر العالية المحيطة بالموازنة الفرنسية لعام 2025 خلال الأسابيع المقبلة».