فنزويلا تمنح دائنيها الأمل في تجنب سيناريو الإفلاس

TT

فنزويلا تمنح دائنيها الأمل في تجنب سيناريو الإفلاس

أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولا مادورو، عن استعداد بلاده إعادة هيكلة ديونها المتفاقمة، وهي الخطوة التي طال انتظارها لوقف أزمة مالية يرجح الخبراء أن تكون بحجم أزمة الديون الأرجنتينية في 2001.
وفي خطاب متلفز الخميس الماضي قال مادورو إن شركة النفط التابعة للدولة «دي في إس إيه» ستدفع 1.1 مليار دولار من مستحقات الديون القائمة عليها في 2017، ثم ستعيد هيكلة باقي التزاماتها مع البنوك والمستثمرين.
وحسب صحيفة الـ«فاينانشيال تايمز» فلدى فنزويلا ديون متداولة بقيمة 63 مليار دولار، بالإضافة إلى 5 مليارات دولار لمقرضين دوليين مثل بنك «أميركان ديفلومنت» و17 ملياراً للصين و3 مليارات لروسيا.
وتعاني فنزويلا من ضغوط مالية متصاعدة أجبرتها على تقليص وارداتها بنسبة 80 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية. وتفاقمت أزمة البلد الذي يتمتع بأكبر احتياطي نفطي في العالم مع انخفاض أسعار البترول وتراجع الإنتاج، مما دفع باحتياطيها النقدي إلى الاقتراب من أدنى مستوياته في 20 عاماً عند 10 مليارات دولار.
وترجع وكالة «رويترز» الأزمة الفنزويلية إلى توسع الرئيس السابق هوجو شافيز في الاقتراض لتمويل الإنفاق الاجتماعي السخي.
وقالت وكالة «بلومبرغ» إن خطوة إعادة هيكلة الديون رُفضت طوال عقدين من الرئيسين السابق شافيز والحالي مادورو، لكن يبدو أن الأخير أدرك أن الديون أصبحت غير مستدامة في ظل انخفاض أسعار النفط والعقوبات المالية على البلاد.
وفسرت «فاينانشيال تايمز» هذا التوجه من مادورو بتخوفه من أن تتعثر بلاده، مما يدفع المقرضين إلى الاستيلاء على ناقلات النفط والأصول الفنزويلية في الخارج. ورغم التفاؤل النسبي من المراقبين بتصريحات مادورو الأخيرة فإن الكثيرين يرون أن عملية إعادة الهيكلة ستقابلها عقبات عدة، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على حكومة البلاد.
كانت أميركا قد حظرت على المؤسسات الأميركية في أغسطس (آب) الماضي شراء أي سندات فنزويلية جديدة، وهو ما سيصعب عميلة إعادة تمويل الديون القائمة من خلال طروحات سندات جديدة. كما أن نائب الرئيس، طارق العصامي، الذي يفترض أن يقوم بإعادة الهيكلة، يواجه اتهامات من الولايات المتحدة في قضية مخدرات وغسل أموال.
كانت إدارة الرئيس دونالد ترمب قد فرضت العقوبات على فنزويلا بعد أن تم نزع سلطات برلمان البلاد الذي تسيطر عليه المعارضة، وبينما تتهم الولايات المتحدة الرئيس الاشتراكي مادورو بترسيخ حكم ديكتاتوري في البلاد، فإنها لا تزال أكبر مستورد للنفط الفنزويلي، كما تقول الوكالة الألمانية.
واعتبرت الوكالة الألمانية أن تصريحات مادورو لا تزال غامضة، فهيكلة الديون من جانب واحد يمكن أن تعني عدم السداد، وبهذا سيمثل الأمر إحدى أكبر حالات إفلاس الدول في أميركا الجنوبية.
وترى «بلومبرغ» أن فنزويلا تعاني حالياً من أسوأ انهيار اقتصادي في التاريخ الحديث لأميركا اللاتينية، حيث سجل اقتصادها انكماشاً بنسبة 10 في المائة خلال العام الماضي، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتجاوز التضخم 2000 في المائة خلال العام المقبل.



بين الدمار والضغوط المالية... تداعيات اقتصادية كارثية تضرب لبنان وإسرائيل

دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
TT

بين الدمار والضغوط المالية... تداعيات اقتصادية كارثية تضرب لبنان وإسرائيل

دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)
دخان يتصاعد فوق جنوب لبنان بعد الغارات الإسرائيلية (رويترز)

شكَّل النزاع بين إسرائيل و«حزب الله» محطةً فاصلة؛ حملت في طيّاتها تداعيات اقتصادية وإنسانية عميقة على كلٍّ من لبنان وإسرائيل؛ إذ خلّفت الأعمال العدائية الممتدة لأكثر من عام آثاراً كارثية على البنى التحتية، ورفعت معدلات النزوح، وأدّت إلى شلل واسع في القطاعات الحيوية. وفي حين تحمل لبنان العبء الأكبر من الدمار والخسائر الاقتصادية، فإن إسرائيل لم تكن بمنأى عن الأضرار، خصوصاً مع مواجهتها تحديات اقتصادية ناتجة عن الحرب المتزامنة في غزة.

منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض صواريخ أطلقت من قطاع غزة (رويترز)

وفيما يلي استعراض لأبرز تكاليف هذا الصراع، الذي شهد تصعيداً حادّاً خلال الشهرين الماضيين، بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وفق «رويترز».

التأثير الاقتصادي

قدَّر البنك الدولي الأضرار والخسائر الأولية في لبنان بنحو 8.5 مليار دولار، وذلك في تقرير أصدره في 14 نوفمبر (تشرين الثاني). ومن المتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي اللبناني انكماشاً بنسبة 5.7 في المائة في عام 2024، مقارنةً بتوقعات النمو السابقة التي كانت تشير إلى 0.9 في المائة.

كما تكبّد القطاع الزراعي اللبناني خسائر فادحة، تجاوزت 1.1 مليار دولار، شملت تدمير المحاصيل والماشية، إضافة إلى نزوح المزارعين. وفي الوقت نفسه، عانى قطاع السياحة والضيافة -الذي يُعد من الركائز الأساسية للاقتصاد اللبناني- من خسائر مشابهة، ما يزيد من تعقيد التحديات الاقتصادية في البلاد.

أما في إسرائيل، فقد أدّت الحرب مع «حزب الله» إلى تفاقم التداعيات الاقتصادية الناجمة عن النزاع المستمر في غزة، ما زاد من الضغط على المالية العامة للدولة. وقد ارتفع العجز في الموازنة إلى نحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما دفع وكالات التصنيف الائتماني الكبرى إلى خفض تصنيف إسرائيل.

كما أسهمت الاضطرابات في سلاسل الإمداد في رفع معدل التضخم إلى 3.5 في المائة، متجاوزاً النطاق المستهدف للبنك المركزي الإسرائيلي (1-3 في المائة). وفي ظل هذه الظروف، أبقى البنك المركزي أسعار الفائدة مرتفعة بهدف مكافحة التضخم، وهو ما زاد من الأعباء المالية على الأسر، من خلال ارتفاع تكاليف الرهون العقارية.

ورغم هذه التحديات العميقة، أظهر الاقتصاد الإسرائيلي تعافياً نسبياً في الربع الثالث من العام؛ بعدما سجل نمواً بنسبة 3.8 في المائة على أساس سنوي، عقب انكماش في الربع الثاني، وفقاً للتقديرات الأولية للحكومة.

حطام سيارات في موقع متضرر جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

الدمار

في لبنان، تُقدر تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن بنحو 2.8 مليار دولار؛ حيث دُمّر أو تضرر أكثر من 99 ألف وحدة سكنية، وذلك وفقاً لتقرير البنك الدولي. وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، دُمر 262 مبنى على الأقل نتيجة الضربات الإسرائيلية، وفق مختبر جامعة بيروت الأميركية.

كما تسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية في أضرار جسيمة في القرى والبلدات في جنوب لبنان وسهل البقاع، وهما منطقتان تُهيمن عليهما جماعة «حزب الله». وقد أسفرت هذه الضربات عن تدمير واسع للمرافق والبنية التحتية، ما يزيد من تعقيد الأزمة الاقتصادية والإنسانية في تلك المناطق.

في المقابل، في إسرائيل، قُدِّرت الأضرار العقارية بنحو 1 مليار شيقل (ما يعادل 273 مليون دولار)، إذ دُمرت أو تضررت آلاف المنازل والمزارع والمنشآت التجارية جراء التصعيد العسكري. علاوة على ذلك، أُتلف نحو 55 ألف فدان من الغابات والمحميات الطبيعية والأراضي المفتوحة في شمال إسرائيل ومرتفعات الجولان.

النزوح

ونتيجة تصاعد العمليات العسكرية، نزح نحو 886 ألف شخص داخل لبنان بحلول نوفمبر 2023، وفقاً لتقارير المنظمة الدولية للهجرة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في حين فرّ أكثر من 540 ألف شخص إلى سوريا هرباً من النزاع. وفي إسرائيل، تم إجلاء نحو 60 ألف شخص من المناطق الشمالية.

الخسائر البشرية

وأسفرت العمليات العسكرية عن سقوط آلاف الضحايا في كلا الجانبين. ففي لبنان، قُتل ما لا يقل عن 3768 شخصاً، وأصيب أكثر من 15 ألفاً و699 منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية. تشمل هذه الأرقام المدنيين والمقاتلين على حد سواء؛ حيث كانت الغالبية نتيجة الهجمات الإسرائيلية التي اشتدت في سبتمبر (أيلول). أما في إسرائيل، فقد تسببت ضربات «حزب الله» في مقتل 45 مدنياً و73 جندياً، وفقاً لبيانات رسمية إسرائيلية.