رامي عياش يطرب جمهور مهرجان الموسيقى العربية في ليلته الثالثة

محمد الحلو أحيا حفل «سيد درويش» والموسيقى العراقية تشدو في القاهرة والإسكندرية

المطرب اللبناني رامي عياش والمطربة المصرية أجفان
المطرب اللبناني رامي عياش والمطربة المصرية أجفان
TT

رامي عياش يطرب جمهور مهرجان الموسيقى العربية في ليلته الثالثة

المطرب اللبناني رامي عياش والمطربة المصرية أجفان
المطرب اللبناني رامي عياش والمطربة المصرية أجفان

بصوته الجبلي أسر النجم اللبناني رامي عياش، قلوب جمهور الليلة الثالثة من ليالي مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية الـ26. استهل عياش الحفل بأغنية حماسية «الله عليكي يا مصر» التي تفاعل معها الجمهور بقوة، وفي كلمته للجمهور عبّر عن سعادته بالمشاركة في مهرجان الموسيقى العربية قائلاً: «مصر هي قلب الوطن العربي..سعيد بوقوفي على خشبة هذا المسرح العريق، ونأمل أن يكون هذا المهرجان حلقة تواصل بين مختلف الأجيال العربية، وأشكر مصر على التقدير الذي تمنحني إياه منذ عشرين عاماً». وعقب الحفل نشر عياش صورة له عبر حسابه على «تويتر»، معلقاً: «دار الأوبرا المصرية.. ليلة عمر.. مصر».
وكان عياش قد أجرى بروفة «جنرال» قبيل حفله بساعات قليلة، في دار الأوبرا، وسط تهافت المعجبين والمعجبات من الشباب على التقاط الصور التذكارية معه، وصاحبت عياش الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو مصطفى محمود حيث قدم مجموعة منتقاة من أغنياته باللهجتين المصرية واللبنانية، منها، «أنت.. أنت»، و«خليني معاك»، و«حبيتك أنا»، و«بالعكس» التي شاركته في أدائها المطربة المصرية أجفان، و«ليلي يا عين»، و«في يوم وليلة»، و«طال السهر»، و«سوا»، و«ما بدي شي»، و«يا مسهر عيني»، و«الناس الرايقة»، و«مبروك»، إلى جانب أغنية للفنانة الجزائرية الراحلة وردة، وحرص على تقديم أغنية «سواح» تحية لروح العندليب عبد الحليم حافظ.
وكان الحفل الثالث للمهرجان قد بدأ بفاصل غنائي لأشهر الأغاني الطربية المصرية «على خده يا ناس» و«يا ليلة ما جاني الغالي» التي تغنى بها المطرب ياسر سليمان، بينما غنت المطربة أجفان «زوروني كل سنة مرة» و«كلمات».
كما جمع الحفل العازفين العراقيين الشقيقين فرات وقصي قدوري اللذين تحاورا موسيقيا بآلتي القانون والتشيللو، مع فرقتهما الموسيقية محيين أمسية «غزل عشتار»، تضمنت مجموعة من مؤلفات فرات قدوري التي تحمل الطابع الموسيقي العراقي المطعم بالشكل الغربي كان منها رحيل، والغيمة الوردية، ونور عيوني وفلفل وبهار إلى جانب بانوراما لمجموعة من أشهر الأعمال التراثية منها «زوروني كل سنة مرة» و«طالعة من بيت أبوها». ثمّ ألقى الشاعر الكبير جمال بخيت قصيدة «هور يا أبو الهوارة» قدم بعدها النجم رامي عياش.
كما أقيمت ثلاث حفلات ضمن فعاليات المهرجان، ومنها حفل الموسيقار العراقي الدكتور سالم عبد الكريم على مسرح معهد الموسيقى العربية بالقاهرة، الذي قُدمت فيه مجموعة من التقاسيم والألحان الشرقية على آلة العود، بينما أقيم بالتزامن على مسرح الجمهورية حفل لأوركسترا وزارة الشباب بقيادة المايسترو محمد قطامش، وفي مسرح سيد درويش «أوبرا الإسكندرية» أقيم حفل ساهر شارك فيه المطرب أحمد سعد، والمطربة رحاب مطاوع، والنجم محمد الحلو الذي قدم فاصلاً غنائياً بمصاحبة فرقة الحفني بقيادة المايسترو إيهاب عبد الحميد، قدم فيه مجموعة من أروع أغانيه، ومنها، «أهيم شوقا» و«عراف» وأغاني المسلسلات التي طلبها منه الجمهور تحديدا مقدمة «ليالي الحلمية».



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.