«الكابتن ماجد»... مسرحية تدخل البهجة لأطفال نزحوا من الرقة

ضمن «مشروع أمل» في مخيم عين عيسى

مدرس يشرح قصة «الكابتن ماجد» لأطفال مخيم للنازحين في عين عيسى ({الشرق الأوسط})
مدرس يشرح قصة «الكابتن ماجد» لأطفال مخيم للنازحين في عين عيسى ({الشرق الأوسط})
TT

«الكابتن ماجد»... مسرحية تدخل البهجة لأطفال نزحوا من الرقة

مدرس يشرح قصة «الكابتن ماجد» لأطفال مخيم للنازحين في عين عيسى ({الشرق الأوسط})
مدرس يشرح قصة «الكابتن ماجد» لأطفال مخيم للنازحين في عين عيسى ({الشرق الأوسط})

في ساحة «مشروع أمل» في مخيم عين عيسى على بعد خمسين كيلومتراً شمال غربي مدينة الرقة، وقف طفل ناظراً إلى كرة قدم وُضعت في منتصف الملعب وإلى جانبه لاعب ثانٍ يرافقهما حارس المرمى بكل ثقة، في انتظار صافرة البداية وأعينهم البريئة تشتعل حماسة ليبدأوا مباراتهم الكروية في وجه لاعبي الفريق الخصم الذين وقفوا في الجهة المقابلة.
بعد مرور دقيقة ركض لاعب ثالث وصاح بأعلى صوته: «مرر الكرة لي يا ماجد». يجيبه وليد الذي كان واقفاً خلف ماجد: «اتجه نحو المرمى لأقذفها لك»، في حين بدأ لاعبو الفريق الخصم الركض باتجاه ماجد وفريقه.
في هذا المشهد، افتتح أطفال «مشروع أمل» عرضهم المسرحي الأول في مخيم عين عيسى، الذي حمل عنوان «الكابتن ماجد»، معلناً البدء في مرحلة جديدة لأنشطة المركز. «رسالة مسرحية الكابتن ماجد إدخال الفرحة والبهجة ورسم الابتسامة على وجوه أطفال الرقة، فكرة المسرحية تقوم على الحركات والأنشطة؛ لأن أطفال الرقة وبعد الحرب التي دمرت مدينتهم وبسبب احتلال تنظيم داعش، حرموا من الطفولة واللعب والنشاط وهم في الجيل»، بحسب آمنة أحمد الحسن، مديرة مشروع أمل للطفولة.
وقدمت اليابان بالتعاون مع منظمة اليونيسيف 100 كتاب من نسخ قصة «الكابتن ماجد»، حيث تم توزيعها في مخيم عين عيسى، وقد تبرعت بها «دار شويشا» والأخيرة إحدى أكبر دور النشر في اليابان.
ويستضيف مخيم عين عيسى عددا كبيرا من الأطفال وأسرهم النازحين من الرقة بسبب القتال الأخير قبل طرد مقاتلي تنظيم داعش منتصف الشهر الماضي، ومنذ أبريل (نيسان) 2017 أجبر أكثر من ربع مليون شخص على الفرار من ديارهم بسبب الاشتباكات العسكرية، نصفهم من الأطفال، وتضيف آمنة: «(مشروع أمل) مساحة صديقة للطفل يهدف إلى تفريغ طاقاتهم من خلال اللعب والأنشطة، نعمل في مجال الدعم النفسي والاجتماعي للطفل، من خلال نشاطات ترفيهية وتقديم التوعية الصحية والمسرحيات لاكتساب مهارات الحركة وتنشيط الذاكرة».
يعمل «مشروع أمل» بدعم وتنسيق من منظمة «يونيسيف» على مساعدة الأطفال لمواجهة واقعهم بعد سنوات من العنف والتشريد، وفي الخيام المخصصة للمشروع، ينخرط الأطفال في أنشطة تعليمية وترفيهية منظمة ومراعية للسن كشكل من أشكال الدعم النفسي الاجتماعي، كما يتردد الأطفال على المراكز بدافع الغناء والرقص واللعب والرسم والقراءة.
وبحسب محمد حسين محمد، المشرف العام على «مشروع أمل» في مخيم عين عيسى، يتبع المركز لـ«جمعية البر والإحسان الخيرية»، بدعم وتمويل من منظمة «يونيسيف». وافتتح أول برنامج للمشروع داخل المخيم في الأول من شهر يوليو (تموز) الماضي. ويشرح محمد ماهية المشروع: «هو عبارة عن خمسة أقسام، قسم خاص بالخياطة والتطريز والنسيج، وقسم خاص بدعم وتمكين النساء، وقسم إدارة الحالة، وقسم خاص بالتوعية من الألغام والمخاطر، والقسم الخامس وهو الأكثر إقبالاً لأنه ترفيهي يشمل الأنشطة الحركية والرسم والموسيقى».
وبدأ «مشروع أمل» مرحلة جديدة من أنشطته تستمر ثلاثة أشهر حتى نهاية شهر يناير (كانون الثاني) من العام المقبل، يستهدف نحو 350 طفلا تتراوح أعمارهم بين 6 سنوات و18 سنة، يتردد الطفل إلى المشروع ثلاثة أيام كل أسبوع، ويحصل في كل يوم على ساعة ونصف الساعة من الترفيه. ويضيف محمد: «المركز غير تعليمي، نحن نعمل ضمن إطار الدعم النفسي والحركي للأطفال، كما نقوم بتوزيع القصص مجاناً على الأطفال، حيث يتم تدريبهم على الحركات والألعاب والغناء والموسيقى».
والهدف الرئيسي لمجموعة الأنشطة لمشروع أمل: «إخراج الأطفال من دائرة الحرب، وتهيئتهم للعودة إلى المدرسة، وللحياة الطبيعية بعد أن حُرموا منها طيلة ثلاثة سنوات من حكم تنظيم داعش المتطرف، لأن مرحلة بناء الطفل وتعليمه بدأت الآن»، والكلام لمشرف المشروع محمد الحسين.
في خيمة ثانية ضمن «مشروع أمل»، تجلس سعدية (35 سنة) المنحدرة من مدينة الرقة، إلى جانب نسوة أخريات قررن تعلم فنون الخياطة والنسيج، ونقلت إنها تريد التعلم والتدريب وقضاء وقتها في شيء مفيد، مضيفة: «في المخيم لا يوجد شيء أعمله أو أنجزه، قبل النزوح كنت أحلم أكون خياطة، أما اليوم فأسعى إلى أن أتدرب وأكتسب مهارة جديدة تعيل أسرتي».
وتقول المشرفة على قسم التطريز والنسيج، بسمة العليان: إن «40 سيدة وفتاة مشاركة في أنشطة القسم، كل منهن تقضي ساعتين وقتهن، تتعلق جميع الأعمال التي يقومن بها بالنسج والتطريز والخياطة والحياكة، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي للنساء المشاركات داخل القسم».
في حين تقدم ثلاث اختصاصيات اجتماعية في القسم الدعم النفسي للنساء، وتزيد بسمة: «خاصة بعد ما تعرضن له من مشاهدة وحشية وأعمال إجرامية قام بها عناصر تنظيم داعش، إضافة إلى توعيتهنّ بظاهرة الزواج المبكر التي انتشرت بالمخيم مؤخراً».
في حين خصصت خيمة ثالثة لإعطاء دروس توعوية عن أخطار الألغام والابتعاد عن مخلفات الحرب، وتحولت الخيمة إلى معرض للرسوم والإشارات والأجسام التي تشبه الألغام، حيث يقف المدرس إسماعيل رشيد، المنحدر من مدينة الرقة، في وسط الخيمة ويمسك بيده صورة كبيرة كتب في أعلاها «حملة الوقاية من المخلفات المتفجرة»، يقف طفل ينظر إلى شاخصة رسمت عليها جمجمة ودهنت باللون الأحمر، ورجل يقود عربة يدوية لنقل بقايا صواريخ وقذائف، وتحذر صورة ثانية من العبث بالأجسام الغريبة، وضرورة تركها مكانها كي لا تنفجر.
تعتمد إدارة المشروع في توعية الأطفال من خلال الصور الملونة لإيصال الرسائل المراد تعليمها، وتم تعليق الكثير منها في الخيمة، ويعزو المدرس إسماعيل: «إن الأطفال وبهذا الجيل، لا يفهمون المصطلحات العلمية بالشكل التقليدي عبر الدروس والكتب التعليمية؛ لذلك نعتمد إلى الصورة لأنها تصل بشكل أسرع إلى ذهنية الطفل، وتبقى عالقة في ذاكرته»، منوهاً «أن الصور تشرح الغاية بشكل تفصيلي عن خطورة هذه المخلفات وضرورة الابتعاد عنها والحذر منها».
وقامت منظمة اليونيسيف بتوزيع الآلاف من نسخ مجلة «مشوار» الخاصة بالتوعية من مخاطر المخلفات المتفجرة، داخل المخيم عبر «مركز أمل»، وفي ريف الرقة للحذر والتوعية قبل عودة الأهالي إلى مدينتهم التي عمد عناصر التنظيم لزرع الآلاف من الألغام والمفخخات المتفجرة.
ويضيف المدرس إسماعيل: «كل صورة تشرح جانبا محددا، لمساعدة الطفل على حفظ أكثر النقاط التي من المحتمل أن يكون فيها ألغام، فالصورة تساعد الطفل كيف يتصرف في حال وجد لغماً، ويتبّع التعليمات الإرشادية للابتعاد عنها».
وفي الختام، يقول مشرف المشروع محمد الحسين: «إننا نعمل على إعادة الثقة وزرع روح الحياة في أنفس المشاركين بالمشروع عبر ما يقدمه من دعم وتوعية، في محاولة لتخليصهم من الخوف والرعب الذي تركه تنظيم داعش المتشدد، وإعادة روح الطفولة إلى الأولاد».



مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

هيمن كل من الحرب في غزة، وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين، بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر، إذ شاعت نبرة غير متفائلة حيال مستقبل هذين الملفين سواء في عهدة الجمهوري دونالد ترمب، أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس اللذين يصعب توقع الفائز منهما.

وبدا تحفظ رسمي مصري بشأن شخص الرئيس الأميركي المفضل لدى الدولة المصرية، فيما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الرهان على رجل أو سيدة البيت الأبيض المقبل كان من بين أسئلة وجهها برلمانيون مصريون إلى مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، داخل مجلس النواب قبل أيام، إلا أنه لم يرد بشكل حاسم».

ويختار الأميركيون رئيسهم الـ47 بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب، في نهاية حملة ترافقت مع توتر إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط، يراه محللون عاملاً مهماً في الترتيبات المستقبلية لحسابات مصر.

ولا يرى دبلوماسيون مصريون، ومن بينهم محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق «خياراً مفضلاً للمصالح المصرية» بين أي من هاريس أو ترمب.

ويرى العرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «جوانب إيجابية وسلبية لدى كلا المرشحين، بشأن معادلة العلاقات مع مصر وحرب غزة».

فيما لا يكترث المفكر السياسي والدبلوماسي المصري السابق مصطفى الفقي، بالفروق الضئيلة بين حظوظ ترمب وهاريس، ويرى أنهما «وجهان لعملة واحدة في السياسة الأميركية، وهو الدعم المطلق لإسرائيل»، وفق وصفه لـ«الشرق الأوسط».

وإلى جانب الاقتناع بالدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، فإن هناك تبايناً آخر في ترجيحات البعض، إذ يعتقد رئيس حزب «الوفد» (ليبرالي) عبد السند يمامة أن «نجاح هاريس بسياساتها المعتدلة يصب في صالح السياسة الخارجية المصرية في ملف غزة».

في المقابل، يرجح رئيس حزب «التجمع» المصري (يسار) سيد عبد العال «اهتمام ترمب الأكبر بسرعة إنهاء الحرب في غزة»، موضحاً أن «مصالح مصر هي ما يحدد العلاقة مع الرئيس الأميركي المقبل».

وبالنسبة لوكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، فإن هناك انعكاسات خطيرة لفوز ترمب على «مصالح مصر فيما يخص ملف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء».

ويعيد رشاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التذكير «بمشروع المرشح الجمهوري القديم لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وهذا ضد مصر»، علماً بأن صهر ترمب وكبير مستشاريه السابق اقترح في مارس (آذار) إجلاء النازحين الفلسطينيين في غزة إلى صحراء النقب جنوب إسرائيل أو إلى مصر.

في المقابل، تبدو نبرة الثقة من برلمانيين مصريين في قدرة الدبلوماسية المصرية على التعامل مع أي مرشح فائز، خصوصاً في ملف حرب غزة.

ويقول وكيل لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري أيمن محسب، لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة ستتعاطى بإيجابية مع أي فائز ينجح في وقف الحرب في غزة والتصعيد في المنطقة».

بينما يلفت عضو مجلس الشيوخ إيهاب الهرميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «التواصل الدوري من مصر الرسمية مع أطراف في المعسكرين الحاكمين بأميركا، بشأن غزة وجهود الوساطة المصرية - القطرية».

وخلال الشهر الماضي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماعين منفصلين وفدين من مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، ضما أعضاء من المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، حيث تمت مناقشة جهود تجنب توسيع دائرة الصراع في المنطقة.

وبشأن نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، يراهن متابعون على مساندة ترمب لمصر حال فوزه، بعدما أبدى اهتماماً لافتاً بالقضية في ولايته الأولى، واستضاف مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، كما سبق أن حذّر الإثيوبيين عام 2020 من «تفجير مصر للسد، بعد أن ضاقت بها السبل لإيجاد حل سياسي للمشكلة».

لكنّ رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، يقول: «مصر لا تُعوّل على أحد، تتحرك من منطلق أنها دولة أفريقية مهمة في قارتها، وتحرص على مصالحها»، فيما يُذكّر وكيل الاستخبارات السابق بأن «ترمب لم يُحدث خرقاً في الملف» رغم اهتمامه به.

ومن بين رسائل دبلوماسية متعددة حملها آخر اتصال بين مصر وإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، أعاد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد الماضي، التأكيد لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على أن «مصر لن تسمح لأي طرف بتهديد أمنها المائي».

سؤال وجّهه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري للمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي

شعبياً، بدا أن المصريين لا يلقون اهتماماً كبيراً بالسباق الأميركي، وهو ما كشفته محدودية الردود على سؤال بشأن توقعات المرشح الأميركي الفائز، ضمن استطلاع أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع للحكومة المصرية.

وبدت تباينات الآراء في الاستطلاع الذي نشر عبر «السوشيال ميديا»، إذ رأى أحد المعلقين أن هاريس الأقرب، في مقابل آخر رجح فوز ترمب. لكن المثير للاهتمام هو توقع أحد المستطلعين «فوز نتنياهو»، أو على حد قول أحد المصريين باللهجة العامية المصرية: «شالوا بايدن وجابوا ترمب أو هاريس... كده كده اتفقوا على حماية إسرائيل».