مذكرة من عرب إسرائيل إلى لندن لشرح الظلم في ذكرى وعد بلفور

TT

مذكرة من عرب إسرائيل إلى لندن لشرح الظلم في ذكرى وعد بلفور

في ذكرى مرور مائة عام على وعد بلفور، بعث النائب يوسف جبارين، رئيس لجنة العلاقات الدولية في القائمة المشتركة، (تحالف سياسي يضم أربعة أحزاب عربية في إسرائيل)، برسالة إلى السفير البريطاني في إسرائيل، ديفيد كواري، شرح فيها فداحة الخطأ التاريخي الذي ارتكبته بريطانيا في منحها «وعد بلفور» الظلم الذي سببته للفلسطينيين، مطالباً، باسم المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، أن تعترف بريطانيا بدولة فلسطين من أجل تحقيق الحلم الفلسطيني بالاستقلال الوطني.
وقالت المذكرة: إن تصريح بلفور تحدث عن «وطن قومي» لليهود على أرض فلسطين بشكل حصري، وذلك في وقت كان اليهود فيه في البلاد قلة قليلة من السكان ونسبتهم أقل من أصابع اليد الواحدة. أما بالنسبة للعرب الفلسطينيين في البلاد، أصحاب البلاد الأصليين، فقد أشار إليهم تصريح بلفور بوصفهم بسكان «غير يهود» وأقلية يضمن لهم «الحقوق المدنية والدينية».
وأكدت المذكرة، أنه بعد قرن كامل على تصريح بلفور، يعود التاريخ في ظل حكومة نتنياهو الرابعة، 100 سنة إلى الوراء، ويكرر نفسه من خلال جوهر الخطاب السياسي الطاغي على الحكومة في إسرائيل. ففي هذه الأيام، تواصل حكومة نتنياهو تطبيق مشروعها الكولونيالي بإقامة دولة واحدة قومية صهيونية لليهود على كل أرض فلسطين تاريخية، والإبقاء على نوع من الإدارة الذاتية المحدودة للشعب الفلسطيني في المدن الرئيسية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأشارت إلى أن مخطط حكومة نتنياهو الذي يتماهى مع تصريح بلفور يحمل صبغة دستورية في هذه الأيام؛ إذ تعمل الكنيست على تشريع قانون أساس «إسرائيل - الدولة القومية للشعب اليهودي»، وهذا القانون يعرّف إسرائيل على أنها «الدولة القومية للشعب اليهودي»، ويمنح حق تقرير المصير بشكل حصري للشعب اليهودي، وذلك دون تعريف ما هي حدود دولة إسرائيل. بل إن حكومة نتنياهو التي تشرّع هذا القانون ترفض فكرة إقامة دولة فلسطينية، وتطرح مشروع ضم مناطق «ج» إلى إسرائيل، وقامت بتشريع قانون خاص لشرعنة الاستيطان؛ مما يؤكد أن حدود إسرائيل حسب قانون القومية هي ليست حدود ما قبل 1967، بل إن «الحق الحصري بتقرير المصير للشعب اليهودي» بحسب هذا القانون هو في كل فلسطين التاريخية، التي تعتبرها حكومة نتنياهو «أرض إسرائيل».
وأوضح جبارين، أن قرار التقسيم من العام 1947 نصّ على إقامة دولتين تتناصفان أرض فلسطين التاريخية، إلا أنه وحتى يومنا هذا لم تقُم الدولة الفلسطينية، بينما قامت إسرائيل على 78 في المائة من أرض فلسطين. ولم يسعف القانون الدولي الفلسطينيين حتى يومنا هذا، رغم أن الحق الأول من المعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان هو حق الشعوب في تقرير مصيرها. كما وتتناقض سياسات إسرائيل تجاه مواطنيها الفلسطينيين مع المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان؛ إذ يعاني الفلسطينيون فيها من تمييز ممنهج في القانون الإسرائيلي وفي الممارسات اليومية.
وأكد، أن الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم يعانون اليوم من انتهاكات صارخة لحقوقهم الأساسية، وتحديداً الحق في تقرير المصير والسيادة الوطنية، والحق بالمساواة والإنصاف التاريخي. فالمواطنون الفلسطينيون في دولة إسرائيل يعانون من التمييز وسياسات الإقصاء، ويتم التعامل معهم كمواطنين من درجة ثانية أو ثالثة. أما الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، فلا تزال إسرائيل تسلبهم الحق في تقرير مصيرهم من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة كما تملي الشرعية الدولية، أما اللاجئون الفلسطينيون في الأراضي المحتلة والشتات فلا تزال إسرائيل تسلب حقهم بالعودة إلى وطنهم.
وفي ختام رسالته دعا بريطانيا إلى الاعتراف بهذا الظلم التاريخي الذي سببه تصريح بلفور والسياسات البريطانية للفلسطينيين في أماكن تواجدهم كافة، وإلى الاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية، إضافة إلى ممارسة الضغط على إسرائيل لتغيير سياسات التمييز ضد مواطنيها الفلسطينيين وإلى إيجاد حل عادل ودائم للّاجئين الفلسطينيين



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».