الولادة

منذ أكثر من شهر وتحديداً مع تسلم تركي آل الشيخ لرئاسة هيئة الرياضة في السعودية ومعظم المقالات تدور إما حول قراراته الجريئة وغير المسبوقة أو عن تعليقاته التي تشبه أيضاً قراراته.
وخلال مؤتمره الصحافي الأخير كانت هناك حزمة قرارات بات من المكرر أن نقول عنها إنها تاريخية، ولكن برأيكم بأي عين نرى السماح للعوائل والسيدات بدخول الملاعب سوى أنه قرار تاريخي طال انتظاره، وبأي عين نرى إنشاء صناديق لدعم الأندية من المحبين والمشجعين سوى أنها خطوة نحو مساعدة الأندية التي تعاني جميعها من ديون تبدأ بثلاثمائة مليون ريال وتنتهي عند أرقام صغيرة ولكنها قد تكون مؤثرة لأصحابها.
وبأي عين نرى التغييرات في البنى التحتية للملاعب وتحويلها لأماكن ترفيه حقيقية تعمل على مدار الساعة، أي 24 ساعة في اليوم، وفيها المطاعم والمحال التجارية، وبالتالي تتحول الأمور من مجرد زيارة للملعب لمشاهدة مباراة (دون التمكن حتى من شراء وجبة أو عصائر أو أكلات خفيفة كما يحدث في كل ملاعب الدنيا) لتصبح الزيارة ترفيهية ومناسبة للتسوق وقضاء وقت ممتع صحبة الأهل أو الأصدقاء وحتى جلب الصغار الذين سيتمكنون من ممارسة ألعابهم أو قضاء أوقات فراغهم في المحلات التي تناسب أعمارهم وتكون ضمن حرم الملعب نفسه.
شخصياً أجد في تجربة الذهاب للمباريات الأوروبية مناسبة للسياحة وقضاء وقت لا ينسى في الملعب، إنْ كان في الغرف المحجوزة سلفاً أو على المدرجات المرقمة وشراء المنتجات الرياضية كما في ملعب سانتياغو بيرنابيو في برشلونة، أو زيارة المتحف كما في ملعب أولد ترافورد في مانشستر، أو التسوق كما في البيرنابيو بمدريد، أو التمتع بالحدائق والمتنزهات وخيارات المطاعم المتنقلة والثابتة في ملعب ميونيخ الأولمبي، أو السهرات العائلية في المحلات الموجودة في ملعب تشيلسي، وهي مقصد للقاطنين في المنطقة وحتى للسياح خارج أيام المباريات.
الملاعب ليست أماكن جامدة وكتلاً إسمنتية باردة نستخدمها فقط خلال المباريات، بل هي أماكن جاذبة للسياحة والترفيه والمال، وأحد المرافق الحيوية في أي مدينة توجد فيها، وأعتقد أن تحويلها في السعودية إلى أن تكون جزءاً من الحياة اليومية للمواطنين هو جزء من «رؤية 2030» التي تستحق أن نطلق عليها لقب (الولادة) الجديدة للسعودية الحديثة بشبابها وطموحاتها وإبداعاتها.