مطالبة أممية بمحاكمة دولية لعناصر «داعش»

TT

مطالبة أممية بمحاكمة دولية لعناصر «داعش»

دعا تقرير أصدرته بعثة الأمم المتحدة في العراق ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أمس، إلى «محاكمة دولية» لعناصر تنظيم داعش عن الجرائم التي ارتكبوها في العراق. ورصد مجموعة من «الانتهاكات الخطيرة والممنهجة التي ترقى إلى مستوى الجرائم الدولية»، خلال معارك الموصل.
ويوثّق التقرير، الذي استند إلى إفادات مباشرة من شهود، عمليات اختطاف جماعي لمدنيين واستخدام آلاف الأشخاص دروعا بشرية والقصف المتعمد للمناطق السكنية المدنية والاستهداف العشوائي للمدنيين الذين كانوا يحاولون الفرار من المدينة.
ووفقا للتقرير، قُتل ما لا يقل عن 2521 مدنيا خلال العملية العسكرية، ووقع العدد الأكبر من الضحايا في أكثر الأحيان نتيجة الهجمات التي نفذها «داعش»، بما في ذلك إعدام 741 شخصاً، فيما تجاوز عدد المصابين 1600 شخص. ويشير التقرير كذلك إلى اكتشاف ما لا يقل عن 74 مقبرة جماعية في المناطق التي كان يسيطر عليها «داعش» في العراق. وأكد المفوض السامي لحقوق الإنسان، الأمير زيد بن رعد، أن «إعدام المدنيين والمعاناة التي لحقت بالأسر والتدمير غير المبرر للممتلكات أمور لا يمكن التسامح بشأنها أبدا في أي نزاع مسلح»، مشددا على «ضرورة محاسبة المسؤولين عن ارتكاب هذه الأعمال عن جرائمهم الشنيعة».
وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، يان كوبيس: «رغم أن التنظيم اعتبر الموصل بحد ذاتها عاصمته، فإنه سعى في الواقع إلى تدميرها نهائيا وعلى نحو متعمد»، مشيرا إلى أن «حكم (داعش) الإرهابي لم يستثن أحدا، وتسبب في معاناة لا يمكن وصفها للسكان العزل الذين لا ذنب لهم سوى أنهم عاشوا في المناطق الواقعة تحت سيطرته».
وأضاف: «لم تتوقف الأعمال الشريرة التي ارتكبها التنظيم عند مجرد قتل السكان وترهيبهم، فقد دمر بشكل مستهتر المعالم الثقافية والدينية، بما في ذلك الحدباء، المئذنة المائلة التي تعتبر من أبرز الرموز التاريخية لمدينة الموصل، متجاهلا كليا التاريخ والإسلام الذي تدعي هذه المنظمة الإرهابية اعتناقه زورا حتى الساعة».
وبحسب التقرير، استخدم التنظيم مكبرات الصوت في بعض مناطق الموصل الواقعة تحت سيطرته، نهاية العام الماضي، معلنا أن المقيمين في المناطق التي حررتها قوات الأمن العراقية يعتبرون «أهدافا شرعية» له، بسبب إخفاقهم في القتال ضد القوات الحكومية.
وأشار إلى أن «هذه الفتوى رافقتها حملة مستمرة من الهجمات نفذها التنظيم على شرق الموصل، واستهدفت المدنيين بشكل مباشر». ودعا المجتمع الدولي إلى «التحرك من أجل ضمان مساءلة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية مثل الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب».
وحض حكومتي العراق وإقليم كردستان العراق على «ضمان إخضاع الجرائم المرتكبة ذات الصلة بالنزاع المسلح لاختصاص المحاكم والهيئات القضائية الوطنية... وإدخال بعض التعديلات على التشريعات الوطنية من أجل منح الاختصاص فيما يتعلق بالجرائم الدولية، وقبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنسبة إلى الحالة المحددة التي يواجهها العراق».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.